المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسارعة إلى الله قبل الندم - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٣٨

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌لو أن الله هداني

- ‌المسارعة إلى الله قبل الندم

- ‌الدعوة إلى الإنابة والرجوع إلى الله تعالى

- ‌تصوير المعرضين عن التوبة وتحسرهم بعد الموت

- ‌حقيقة الهداية ومعناها

- ‌التصور الخاطئ لمعنى الهداية

- ‌جعل الله المرء مختاراً للخير والشر؛ لقيام الحجة عليه

- ‌علم الله بمآل المرء إلى شقي أو سعيد هو علم سابق لا سائق

- ‌الأسئلة

- ‌حكم مناوبة السماع بين الأشرطة الإسلامية وأشرطة الأغاني

- ‌أهمية عرض الشريط الإسلامي على الناس

- ‌كتاب فقه السنة محاسنه والمآخذ عليه

- ‌جواز العمرة أكثر من مرة في الشهر

- ‌حكم طواف الوداع للعمرة

- ‌حكم صلاة الوتر عند أذان الفجر

- ‌جواز الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء خطبة الجمعة

- ‌جواز السؤال والاستعاذة أثناء الخطبة

- ‌جواز التأمين عند دعاء الإمام في الخطبة

- ‌حكم مصافحة أم زوجة الأب

- ‌حكم ذهاب المرأة مع أجنبي ومعه زوجته

- ‌حكم المذي وما يترتب عليه

- ‌كيفية صلاة المريض

- ‌ضرورة الالتزام بغض البصر

- ‌التوبة من المعاصي مهما عظمت

- ‌معنى تبديل السيئات حسنات يوم القيامة

- ‌ضرورة الصبر وتحمل التبعات في الدعوة إلى الله

- ‌الوتر أول الليل لمن لم يقم آخره

- ‌حكم الحك الكثير في الصلاة

- ‌حكم الركعتين بعد أذان المغرب

- ‌حكم من ترك الصلاة عمداً ثم تاب

- ‌الشيخ وزيارته للمناطق

- ‌حكم صلاة المرأة مكشوفة القدمين

- ‌حكم تسريح شعر المرأة للخلف

- ‌وضع (السحاب) في ملابس المرأة

- ‌حكم من أخذ شيئاً بغير حق

- ‌حكم تقبيل يد أم الزوجة

- ‌من وكل شخصاً في شراء شيء فباع له من نفسه

- ‌ضرورة الحرص على الأبناء وأماكن ذهابهم

- ‌حكم العلوم الدنيوية وكيفية استغلالها

- ‌حكم حلق اللحية بدعوى أن الله جميل يحب الجمال

- ‌حكم من مر بآية سجدة وهو في سيارة

- ‌مدح الزوج في وجهه ولعنه إذا غاب

- ‌عدم جواز منع الزوجة من زيارة أهلها

- ‌حكم تفضيل الآباء لبعض أبنائهم

- ‌الحقوق المشتركة بين الزوجين

- ‌الضرب للزوجات متى يلجأ إليه

- ‌حكم دفع الزكاة للمجاهدين

- ‌صيام المرأة وزوجها شاهد، وصيام شهر غير رمضان

- ‌الاستقامة هي لزوم العمل بالعلم

- ‌حكم النظر إلى زوجة الأخ

الفصل: ‌المسارعة إلى الله قبل الندم

‌المسارعة إلى الله قبل الندم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة في الله! يقول الله عز وجل: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة:13] ويقول عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس:99] ويقول عز وجل: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:56].

اتصل بي شابٌ مؤمنٌ هداه الله ووفقه إلى الصراط المستقيم، وقال لي: إنه دعا أحد إخوانه في الله إلى الإيمان، وإلى الهداية والالتزام، فتعلل بهذه التعللات، واستشهد بهذه الآيات، وقال: إن الله لم يهده.

فيقول لي الأخ: كيف أصنع به؟ وبماذا أجيب عليه؟ الإجابة على مثل هذا الذي يقول: إذا هداني الله اهتديت لو أن الله هداني لكنت مثلك أو أحسن منك؛ لكن لم يهدني الله إلى الآن.

الجواب جاء في القرآن الكريم -وكأنه يعالج مثل هذه المشكلة، ويجيب على هذا التساؤل- في آخر سورة الزمر، يقول عز وجل:{وَاتَّبِعُوا} هذا أمر لكم أيها المكلفون {أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر:55] وأحسن ما أنزل هو كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم {مِنْ قَبْلِ} أي: فليس هناك مجال للتأخير أبداً، إن من يماطل أو يؤجل التوبة، لحظة واحدة خاسر؛ لأن التأجيل ليس من صالحه، التأجيل يعرضك لقضيتين خطيرتين: إما مفاجأتك بالقضاء والقدر على غير موعد، فتخسر خسارة كبيرة، وتندم ندامة لا تعوض، ولا تقوم لها الدنيا كلها، وإذا سلمت من الموت ولم تتب؛ فإنك تخسر خلال فترة التأجيل وقتاً ذهبياً من عمرك كان بإمكانك أن تستغله، وأن تملأه بالعمل الصالح، فالذي يماطل بالتوبة خاسر على الجانبين، ماذا يكسب عندما يظل بدون توبة؟ يكسب نوماً كثيراً، وأكلاً كثيراً، وشهوات كثيرة، ودنيا؟!! لا.

بل إنه يخسر كل شيء، يقول الله عز وجل:{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ} يعني: ماذا يضرهم {لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً} [النساء:39] يعني: ماذا ينقصهم ويضرهم لو أنهم ساروا على الخط الصحيح، والتزموا الإيمان بالله وباليوم الآخر، والإنفاق في سبيل الله ما الذي يضرهم؟! لا شيء، بل لهم لا عليهم، فالإنسان لا ينبغي له أن يؤجل التوبة {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} [الزمر:55] يعني: الموت، وسماه الله عذاباً لأنهم في دائرة العذاب الموت للكافر والفاجر والعاصي هو الانتقال من العذاب الأدنى إلى العذاب الأكبر، الذي قال الله فيه:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة:21] فالعذاب الأدنى ما يناله الفاجر والعاصي من شقاء وضلال وقلق في هذه الدار، فإذا مات قال الله تعالى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [الزمر:54] من يستطيع أن ينصرك في تلك اللحظات؟ إذا مت ولقيت الله أيها العبد! ووجهك أسود، وصحفك سوداء، وعملك سيئ فمن ينصرك؟! هل المال ينصر في تلك اللحظات؟! الولد ينصر؟! هل المنصب والجاه، والملك والإدارة، والوزارة والإمارة؛ تنصر؟! لا.

لا ناصر أبداً إلا الله.

والله تعالى لا ينصر الكافر؛ لأنه قال: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47] نصرهم في الدنيا والآخرة، أما الفجرة فلا ينصرهم الله، بل يخذلهم ويتخلى عنهم أحوج ما يكونون إليه.

ص: 2