المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من علامات قرب الساعة أن يفيض المال فلا يقبله أحد - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٤١

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة اليوم الآخر: علامات الساعة المستمرة [الحلقة الثالثة]

- ‌الساعة آتية لا ريب فيها

- ‌إقسام الله عز وجل بمخلوقاته على قيام الساعة

- ‌تساؤل الكافرين عن كيفية البعث

- ‌صفة المتقين في الدنيا وابتعادهم عن معاصي الله

- ‌صفة الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين

- ‌الدنيا سجن المؤمن، والآخرة فيها جنته

- ‌بعض علامات الساعة

- ‌من علامات الساعة وقوع الخسف والقذف والمسخ

- ‌من علامات قرب الساعة أن يفيض المال فلا يقبله أحد

- ‌الأسئلة

- ‌شروط التوبة الصحيحة

- ‌حكم السب واللعن ومجالسة أهله

- ‌حكم الغناء في الإسلام

- ‌حكم إدراك الركوع والإمام راكع

- ‌حكم تحية المسجد وقت النهي

- ‌واجب الزوج تجاه زوجته وتربيتها على ترك الحرام

- ‌وقت وجوب الحجاب الشرعي على البنت

- ‌حكم الكلام والإمام يخطب

- ‌حكم الوضوء عند معاودة الجماع

- ‌حكم قضاء السنة القبلية بعد الصلاة

- ‌حكم الاستعانة بالجن ونماذج من ألفاظ العوام الشركية

- ‌حكم الظهار

- ‌كشف المرأة وجهها عند زوج أختها

- ‌حكم خلوة المرأة بالأجنبي ولو كان عفيفاً

- ‌حكم السفر إلى بلاد الكفار

- ‌حكم الذهاب للجهاد بغير إذن الوالدين

- ‌حكم الصلاة في البيت وترك الجماعة بسبب المشاحنة

- ‌حكم من لا يعرف اتجاه القبلة

- ‌حكم التوكيل في إمامة المسجد

- ‌حكم التوسل بالرسل والصالحين والقرآن

- ‌حكم تعليم الإسلام للمرأة الأجنبية من قبل الرجل

- ‌حكم الدخان

- ‌التوبة النصوح والاستمرار على الطاعة

- ‌علامة قبول التوبة عدم العودة إلى الذنب

الفصل: ‌من علامات قرب الساعة أن يفيض المال فلا يقبله أحد

‌من علامات قرب الساعة أن يفيض المال فلا يقبله أحد

ومن علامات قرب الساعة المنتظرة أو التي تسير الآن ونحن فيها: كثرة المال حتى أن الرجل ليعطى الزكاة فلا يقبلها، ويردها ويقول: هذه قليلة، ويبحث صاحب المال عن فقيرٍ يقبل صدقته فلا يجد، وقد قال صلى الله عليه وسلم لـ عوف بن مالك والحديث في صحيح البخاري وكان آنذاك في غزوة خيبر:(اعدد ستاً بين يدي الساعة -أي: عد ست علامات قبل الساعة- ذكر منها: استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار ويظل ساخطاً) وهذا الكلام لا نتصوره الآن؛ لأنك لو أعطيت شخصاً فلوساً لا يردها، بدليل أننا في الماضي قبل ثلاثين أو أربعين سنة ما كنا نتصور أن أحد يُعطى كسرة عيش ويردها أبداً، بل الذي يُعطى كسرة عيش يعتبر وجد كنزاً كبيراً، كان إذا هب ضيف وأعطوه كسرة وهو ضيف ولا أحد يأخذ كسرة إلا الضيف ثم قسمها نصفين وأكل منها نصفاً والباقي وضعه في جيبه، ليذهب به لأطفاله، فإذا دخلوا نظروا إلى يديه، أمعه شيء؟ وكانوا إذا ذبحوا الذبيحة لا يضعونها على الصحن المفطح ويقولون: كُلْ كيف شئت، لا.

الذبيحة الواحدة للقرية كلها، يمكن فيها مائة رجل، وتوضع الذبيحة في إناء مطبوخة ويوضع المرق وقليل من العيش والعصيد بجانبه ويقوم الكبار ليأكلوا، وكانوا يقدرون الطعام على قدر الموجودين، وعلى قدر أهل البيت والجيران، فإذا أكلوا لقمتين لقمتين قام الكبير، فقاموا كلهم، لماذا؟ حتى يقولون له: عاد فوق البطن لحية، أي أن الشخص يستحي أن يأكل ولا يدع للذي بعده، فيقومون قبل أن يشبعوا، وتأتي المجموعة الثانية يأكلون قليلاً ثم يقومون، وتأتي المجموعة الثالثة كذلك، فإذا أكملوا وبقي شيء لأهل البيت، وبقي شيء يوصل للجيران من المرق والعيش، أما اللحم فلا يأتي إلا وهم مجتمعون كلهم، وأتوا بالمقسم فيقطع اللحم بالشفرة، ثم يجمع قليلاً وينفخ يده ويقول: الزم بعضها -ليس فيها إلا عظم- فيقول الآخر: اسلم! وهكذا، والقسم لا يعلم صاحبه هو جميل أم قبيح، يأخذ الشخص قسمه ويأكله، ولكن لا يأكله كله، يأكل جزءاً بسيطاً، والباقي يضعه بين ثوبه وجلده ويذهب به لأهله، وإذا بقي معه قطعة من الشحم فهذه كرامة ما بعدها كرامة، الذي نسميها اليوم (زفر) أو زهومة، لكن في الماضي كانت عندهم مثل العطر، إذا قام في الصباح يقول: شم! ما هذا؟ قال: على كرامة البارحة أبشرك، على شحم ولحم.

قال: الله يهنيك! وإذا بقي معه قطعة من هذا الشحم فإنه يحتفظ به ويضعه في شنطته لماذا؟ من أجل أن يكون دهاناً لأقدامه المتشققة من البرد والتعب والحفى والشوك والحجارة، لا يوجد أحذية ولا جوارب، ولا نوم إلى الساعة الثامنة، ثم تغسل بالمغسلة بالماء الحار وتلبس الحذاء وتذهب لتداوم على طاولة وكرسي دوار وتركب سيارة، بل تقوم قبل نصف الليل تشد على الثور وتذهب إلى البئر لتعمل، وتذهب لجمع الحطب، وتكد وتكدح والذي لا يكد فإنه يموت، لا يقعد شخص في البيت أبداً، كل شخص في البيت له وظيفة، من الطفل الصغير إلى الرجل الكبير، والمرأة تذهب لتحتطب وتستقي، والبنت تذهب لترعى، والصغير يقعد مع البهائم، كل شخص لديه عمل، والذي ليس معه عمل يطردونه يقولون: اذهب! لي فيك خير، فقط تأكل وتنام بعده، فكلٍ يقوم بدور.

ما كنا نتصور ولا كنا نصدق أن أحداً يعطى رغيفاً ويقول: لا أريده، الآن يأتيك فقير فتفتح له الباب وتقول: هذا قرص، وهذا أرز، وهذا لحم، وهذا إدام، فيقول: شكراً أريد أموالاً، فهو تاجر يريد رصيداً، لا يريد أكلاً، تقول: أعطيك أرزاً يقول: لا.

أعطني عشرة ريالات أو خمسة ريالات، ومستقبلاً ومن علامات الساعة أن يفيض المال حتى تعطيه منه فيقول: شكراً.

وهذا قد وقع -أيها الإخوة! - ولكنه ربما يتكرر، فقد ذكروا في التاريخ أنه في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كانت الزكاة تخرج ولا يوجد من يقبلها، وكان يقول:[اجعلوا هذا حيث ترون من الفقراء، فما يبرح حتى يرجع بماله] يبحث عمن يأخذ فلا يجد، فيرجع بالزكاة لا يجد لها أحداً يأخذها، وهذا سيكون في هذا الزمان أو في الأزمنة المقبلة والله تعالى أعلم.

ص: 10