المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من ظلمات النفاق في أرض المحشر - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٥٧

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌تأملات قرآنية في سورة الأنعام [1]

- ‌ضرورة التدبر لمعاني آيات القرآن

- ‌سورة الأنعام وما تحتويه من معالم عقدية سامية

- ‌الاهتمام ببناء العقيدة بناءً صحيحاً وقوياً

- ‌معالجة سورة الأنعام لقضايا العقيدة الأساسية

- ‌توحيد الربوبية في سورة الأنعام

- ‌توحيد الألوهية في سورة الأنعام

- ‌قضية الأسماء والصفات وتبسيطها للناس

- ‌معرفة الله بآياته وأسمائه وصفاته

- ‌ما تهدف إليه سورة الأنعام

- ‌بين نور الإيمان وظلمات الكفر

- ‌من ظلمات النفاق في أرض المحشر

- ‌مواضع التماس الإيمان في الدنيا

- ‌العلم بالله يورث الخشية والتأدب مع الله عز وجل

- ‌أدب عيسى عليه السلام مع ربه وخشيته منه

- ‌أدب يوسف عليه السلام مع ربه وتواضعه له

- ‌أدب موسى عليه السلام مع ربه وافتقاره إليه

- ‌أدب أيوب عليه السلام مع ربه وحياؤه منه

- ‌أدب النبي صلى الله عليه وسلم مع ربه وتحمله لأذى قومه

- ‌عظمة سورة الأنعام ومكانتها

- ‌كن مع الله كما يحب؛ يكن الله معك كما تحب

- ‌خبر وتعليق

- ‌الأسئلة

- ‌أهل الكلام وخوضهم في الأسماء والصفات بغير علم

- ‌مخالطة الناس ودعوتهم إلى الهداية والصبر عليهم ونصحهم

- ‌أهمية العلم ومكانته في مواجهة أهل البدع والخرافات

- ‌الحجاب ستر وعفاف وعبادة

الفصل: ‌من ظلمات النفاق في أرض المحشر

‌من ظلمات النفاق في أرض المحشر

فهؤلاء الذين لم يكن لديهم نور الإيمان، وكانوا يعيشون في الظلمات، يقولون وهم يرون أصحاب الأنوار الربانية يمشون على الصراط:{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد:13].

يقول المفسرون: {انظرونا} [الحديد:13] لها معنيان: أي انظروا إلينا؛ لكي تنعكس أنوار وجوهكم علينا فنرى الطريق.

وقيل: {انظرونا} [الحديد:13] يعني: انتظروننا، كشخص عنده نور وهو ماشٍ بسيارته، وأنت ليس عندك نور وتطارده، وتمشي على نوره، وفرَّ وتركك، فتقول: على مهلك، دعنا نرى الطريق معك، فيقول لك: إي نعم هذا في الدنيا.

يقولون: فررتم وتركتمونا، انتظرونا نقتبس من نوركم.

{قِيلَ} [الحديد:13] هنا فعلٌ ماضٍ مبني للمجهول بنى الله الفعل للمجهول لماذا؟ قال العلماء: لجهالة المخاطَبين، هؤلاء المنافقون مجهولون عند الله، ولذا لا يستحقون أن يقول الله لهم إلا هكذا، ولا يستحقون أن تقول لهم الملائكة إلا هكذا، ولا يستحقون أن يقول لهم المؤمنون إلا هكذا، وإنما (قيل) من القائل؟! مجهول، {قِيلَ ارْجِعُوا} [الحديد:13] ابحثوا لكم عن نور من الوراء، {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ} [الحديد:13] اذهبوا إلى الدنيا، هذا نورنا تزودنا به من دار العمل، ارجعوا وراءكم، ابحثوا لكم عن نور، يقول العلماء: إن في هذا نوعاً من التهكم بأهل النار والمنافقين؛ لأنهم يحوِّلونهم إلى المستحيل، {ارْجِعُوا} [الحديد:13] وهم يعلمون أن الرجعة مستحيلة.

وقيل: إن في هذا لفت نظرهم إلى النار؛ لأن النار من ورائهم، يقولون: ابحثوا لكم عن نور من النار، والنار ليس فيها نور، نار الدنيا فيها نور؛ لكن نار الآخرة لا نور فيها؛ لأنها مظلمة؛ أوقد الله عليها ثلاثة آلاف سنة، ألف سنة حتى احمرَّت، ثم ألف سنة حتى ابيضَّت، ثم ألف سنة حتى اسودَّت، فهي سوداء مظلمة كالليل البهيم، نعوذ بالله وإياكم من النار.

{قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:13] يفصل الله بين أهل النور وهم المؤمنون -جعلنا الله وإياكم منهم- وبين أهل الظلمة -نعوذ بالله وإياكم منهم- وأنت هل تريد النور، أو الظلمة؟! لا بد أن تعلم من الآن، بعض الناس يقول: أريد أن أكون مع المؤمنين؛ لكن لا أعمل، مثلاً: شخص بنى عمارة وقال: أريد أن أدخل الكهرباء، ماذا يتطلب الموضوع منه؟! شخص يريد الكهرباء ولم يضعه في المخطط، عندما جاء المخطط الكهربائي قال: لا، لا نريد، وقال للمقاول: انتبه! نحن لا نريد الكهرباء، ثم لما اكتملت العمارة قالوا له: أدخل الكهرباء.

قال: لا.

ودخل في العمارة، هل يستأجرها أحد منه، أو يسكن فيها، لا يريد كهرباء من أساسها؛ لكن نحن حينما نضع مخطط العمارة هناك لوحة اسمها: المخطط الكهربائي، ثم نختار أحسن مخطط، وأحسن منفذ، وإذا انتهى نختار أحسن أسلاك، ومفاتيح، و (أفياش)، وإذا انتهينا ذهبنا لنقدِّم الطلب: هات ملفاً، اعمل، ادفع، قل حاضر، تفضل، خذ.

ارتفعت التسعيرة لا يهم، بسيط، هي كهرباء، لا نقدر أن نعيش من غير كهرباء لماذا وهي نور الدنيا، ونور ستين سنة.

إذاً: نور القبر ما رأيك فيه؟!

ص: 12