المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مشهد الصدق من قصة كعب رضي الله عنه - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٦٧

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌آثار الصدق

- ‌أهمية مرافقة العمل للدعاء

- ‌أهمية الأكل الحلال في استجابة الدعاء

- ‌مدح الصدق وأهله في القرآن الكريم

- ‌حكم الكذب بحجة الضرورة

- ‌قصة كعب بن مالك رضي الله عنه

- ‌نبذة مختصرة عن راوي الحديث ابن شهاب الزهري

- ‌تخلف كعب رضي الله عنه عن غزوة تبوك

- ‌مشهد الصدق من قصة كعب رضي الله عنه

- ‌مشهد المعاناة من قصة كعب رضي الله عنه

- ‌مشهد الفرج من قصة كعب رضي الله عنه

- ‌الأسئلة

- ‌حكم هجر الأخ لأخيه بسبب رفضه إعارته حاجة من حاجاته

- ‌حكم حديث: (من سأل بوجه الله فهو ملعون)

- ‌قبول الله لتوبة الكاذب

- ‌حكم استخدام كلمة: ليس موجوداً

- ‌الواجب على من تكشف زوجة أخيه أمامه

- ‌حكم دخول الطلاب في السكن الجامعي على بعضهم البعض دون إذن

- ‌كتب نافعة

- ‌توضيح قول القائل: بأن الناس يصلون خمس ركعات بعد صلاة العشاء

- ‌حكم الطرف الكاذبة

- ‌حكم الكذب بحجة الضرورة

- ‌حكم الكذب خوفاً من الرياء

- ‌حكم كتابة الخطبة من الشريط وإلقاءها على الناس

- ‌كفارة الكذب

- ‌أقسام الأيمان

- ‌حكم أخذ الموظف لمال لا يستحقه

- ‌حكم أخذ الفقير للمال الربا

- ‌بيان معنى الكذب الجائز والتورية

- ‌حكم من صدم حيواناً بغير قصد

- ‌حكم الكذب خوفاً من عواقب الصدق

- ‌حكم رد السلام بقول: هلا هلا

الفصل: ‌مشهد الصدق من قصة كعب رضي الله عنه

‌مشهد الصدق من قصة كعب رضي الله عنه

قال كعب: فلما بلغني أنه قفل راجعاً من تبوك -جاءت الأزمة الشديدة الآن، ماذا يقول كعب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ - حضرني همي، وطفقت أتذكر الكذب، وأقول: بماذا أخرج من سخطه غداًَ؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل: إن رسول الله قد أظل قادماً زاح عني الباطل، وعرفتُ أني لن أخرج منه أبداً بشيء من الكذب، فأجمعتُ وعزمتُ على صدقه مهما كانت النتائج، وأصبح رسول الله قادماً، وكان إذا قدم من سفرٍ بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل جاءه المخلفون من الأعراب -المنافقون الذين جاءوا يعتذرون- فطفقوا يقدمون الأعذار، ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فقَبِل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم، وبايعهم، واستغفر لهم، فسلموا من سخط الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن ماذا حصل؟ نزل قول الله عز وجل فيهم:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة:80]، هذه أول المصيبة، فما العمل الآن؟! {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة:94].

يقول: (أما أنا فلما سلمتُ عليه تَبَسَّم تَبَسُّم المُغْضَب -أي: المعاتب- لماذا يا كعب تتخلف عن الجهاد؟ -ثم قال: تعال، فجئتُ أمشي حتى جلستُ بين يديه، قال: ما خلَّفك يا كعب؟! ألم تكن قد ابتعت ظهراً؟ -اشتريت لك ظهراً، أي: جملاً- قلتُ: بلى.

ثم قلت: إني والله لو جلستُ عند غيرك من أهل الدنيا لرأيتُ أني سأخرج من سخطه بعذر -يقول: سألفق له، وهو رجل قدير على الكلام- ولقد أعطيت جدلاً -عندي إمكانية- ولكن والله لقد علمتُ لئن حدثتُك اليوم بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك عليَّ في الدنيا أو في الآخرة -يقول: لا أستطيع الكذب- والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفتُ عنك، فقال صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، قم حتى يقضي الله فيك -لا يستطيع رسول الله أن يستغفر له؛ لأنه ليس له عذر، كيف يستغفر له؟! فقال: الحكم فيك لله تبارك وتعالى قال: فقمتُ وخرجتُ وقام رجال من بني سلمة واتبعوني، وقالوا: والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا -لا يوجد لك أي ذنب- ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله بما اعتذر به المتخلفون، ولقد كان كافيك استغفار النبي صلى الله عليه وسلم -فلو استغفر لك الرسول فقد انتهى عذرك وقُبِل، وما عليك شيء- يقول: فما زالوا بي يؤنبونني حتى أردتُ أن أرجع فأُكذب نفسي -فيقولون له: ارجع؛ لأنه الآن أصبح في مصيبة، فما دام أنه لم يستغفر له، لم يبقَ إلا سخط الله وعذاب الله-، يقول: هل بقي معي أحدٌ غيري؟ -أي: هل قال هذا الكلام أحدٌ غيري؟ - قالوا: نعم.

رجلان، قلتُ: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع وهلال بن أمية، فذكروا لي رجلين قد شهدا بدراً -انظروا كيف يكون الزملاء الصالحون، يقول: ذكروا لي اثنين من أهل بدر، صادقين- فقلتُ: والله إنَّ لي فيهما أسوة -أنا معهم، مصيري مصيرهم- فمضيتُ حينما ذكروهما لي).

ص: 9