المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المستقبل الثقافي والاجتماعي للعالم الإسلامي - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ١٢

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌العالم الإسلامي في ظل الوفاق الدولي

- ‌أهمية دراسة مستقبل العالم الإسلامي

- ‌اتفاق طرفي الصراع في العالم

- ‌حقيقة زعيمي الوفاق الدولي

- ‌دراسات أمريكية للصحوة الإسلامية

- ‌وثائق تدل على طبيعة الوفاق الدولي

- ‌أحوال الاتحاد السوفيتي في ظل الوفاق الدولي

- ‌تهويل الصحوة الإسلامية

- ‌عناوين الصحف والتهويل من الصحوة الإسلامية

- ‌الأفلام الأمريكية ودورها في التهويل

- ‌مستقبل العالم الإسلامي في ضوء الوفاق الدولي

- ‌المستقبل من الناحية السياسية والاقتصادية

- ‌خطر المؤسسات الربوية على الاقتصاد

- ‌المستقبل الثقافي والاجتماعي للعالم الإسلامي

- ‌تجنب أخطار الوفاق الدولي

- ‌إزالة أسباب الفرقة

- ‌توحيد قلوب الشباب

- ‌التقوى والضراعة إلى الله

- ‌إشراك جميع الناس في المعركة

- ‌الأسئلة

- ‌تنبؤات بالمستقبل وحقيقة البروستيريكا

- ‌علاقة الجهاد الأفغاني بسقوط الشيوعية

- ‌حتمية المواجهة والمستقبل في أفغانستان

- ‌طريق القوة

- ‌دور العلماء في المواجهة

- ‌حال الدعوة في الاتحاد السوفيتي

- ‌التعليق على قرار أن القدس عاصمة لليهود

- ‌هجرة اليهود

- ‌حلم إسرائيل في السيطرة من النيل إلى الفرات

- ‌توجيه الصحوة

- ‌أثر الوحدة اليمنية على جنوب اليمن

- ‌الحداثة وتفجير اللغة

- ‌هجرة المسلمين إلى فلسطين

- ‌الجهاد المنظم في فلسطين

- ‌الإعلام الإسلامي

- ‌عداوة منظمة الذكرى لليهود الروس

- ‌مذهب المجاهدين في روسيا

- ‌اللجوء إلى المنظمات الدولية

- ‌سياسة الوفاق الدولي

الفصل: ‌المستقبل الثقافي والاجتماعي للعالم الإسلامي

‌المستقبل الثقافي والاجتماعي للعالم الإسلامي

كما قلت: من الموافقات الطيبة أن تكون هذه المحاضرة في الاتصالات فإن ثورة الاتصالات العالمية هذه ستهدد العالم الإسلامي في ثقافته ودينه ولغته وأحواله الاجتماعية بما لا يكاد يخطر لنا على البال، والبث التلفزيوني المباشر أصبح وشيكاً، بل بُث وكما تعلمون أن بعض الدول بدأت تلتقطه، ويعملون على أنه في خلال فترة يسيرة جداً يستكمل تغطية العالم كله، وخطر ذلك على العقيدة كالشمس لا يخفى على أحد، لا سيما إذا علمنا أن النصرانية في الفاتيكان بدأت تستعيد قوتها، وأنها أطلقت ثلاثة أقمار صناعية، لتغطي العالم كله لأن كل قمر يغطي ثلث الكرة الأرضية، وكلها تبث التنصير على المسلمين، وتريد أن تنصر العالم ولا سيما العالم الإسلامي، وهذا غير الإباحية وغير الانحلال ووالله الذي لا إله غيره -ونحن في هذا الشهر المفضل- إن ما في إعلامنا من البلايا ليكفي خزياً وعاراً أن تربى الأمة عليه، والحمد لله أنها تتربى على مصادر أخرى، وإلا لو تربت على ما يعرض فقط في التلفزيون لرأينا العجب العجاب من الإباحية، فكيف إذا استقبلنا خلاعات الشرق والغرب بهذه الوسائل المتقدمة المتطورة؟! وهذا قريب، ولن يمضي أكثر من سنتين تقريباً إلا ويصبح هذا أمراً واقعاً.

أمور أخرى أخطر، وهي غير البث التلفزيوني المباشر، ونحن عندنا الآن جمارك في المطار ورقابة المطبوعات، والمطبوعة التي لا تناسب الأخلاق والقيم، أو ما يسمى كذلك، فهي لا تدخل، وفي المستقبل القريب عن طريق الكمبيوتر، وعن طريق الاشتراك في تلكسات متطورة لن يستطيع أحد أن يراقب أية مطبوعة، لأنك تأخذ الجهاز وتشتريه، وترسل الشيك لكي تشترك في أي فرع من أي بنك وفي أي مكان من مراكز الإنتاج الثقافية -كما تسمى- أو السينمائية، فتأتيك المطبوعة ملونة جاهزة في بيتك.

ويقال: أنه بعد سنوات قليلة لن يحتاج الناس أن يشتروا صحيفة أو يشتركوا فيها، أو -يأتي عبر البريد، لأنها سوف تنتقل عن طريق الأقمار الصناعية وعن طريق هذه الأجهزة، فـ جريدة الشرق الأوسط -مثلاً- تطبع في لندن وجدة وفي الظهران، والأهرام وغيرها تطبع في أي مكان في العالم، وهذا الذي يُعمل الآن بشكل كبير سيصبح فردياً، وسوف يصبح الفرد الواحد في بيته وبجهاز ثمنه ضئيل جداً أن يشترك في أية مطبوعة في العالم وتظهر أمامه كاملة أمامه، إن كانت دعاية سياسية مغرضة فهي موجودة، أو دعاية ضد الإسلام وتحطيم للعقيدة فهي موجودة أمامه، أو كانت خلاعة ودعارة وانحطاط فهي موجودة، وتعلمون لو فتح هذا المجال، فإن الذين سيشتركون في بنوك المعلومات الثقافية، وبنوك المعلومات السياسية التي تعطيك أخبار العالم، يمكن أن يكونوا (10%) أو (1%)، أما أكثر الناس فسيحرص على الاشتراك في المجلات الخليعة والأفلام الخليعة ويفرح بذلك؛ لأنه لا جمارك تراقب ولا مراقب إعلامي عليها فالجهاز عنده والمطبوعة تصله.

ومن المشكلات العظيمة في ظل هذا الوفاق التي سوف تكون: ازدياد النشاط السياحي -كما يسمى- والإباحي بالمعنى الصحيح، ولا سيما مع القفزة المتوقعة في عالم الطيران فالعالم يتحرك بسرعة مذهلة، ونحن متخلفون جداً بل حتى في تفكيرنا، واعذروني لأن هذه الموضوعات يجب أن نكون فيها صرحاء، ويجب أن نقول كلمة الحق، وهذا هو الميثاق الذي أخذه الله سبحانه وتعالى على الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه، وإلا فلا خير فينا إن لم نقلها، ولا خير في من يهمه الأمر إن لم يسمعها، العالم يعيش في تحرك مذهل وبسرعة مذهلة، ونحن -وأخص طلبة العلم- جامدين بالمعنى الكامل، واسمحوا لي لو استطردت قليلاً، دروس الحرم -ونحن مقبلون عليها- دروس علمية، اسمع ما سجل عام 1405 أو 6 أو 7 أو 8 أو 9 أو 10، الموضوع والكلام فيها واحد.

أنا وأنتم معي نرى نفس المجلس عند العلماء يسأل: ما رأيك يا شيخ في عدد ركعات التراويح؟ فيعيد الكلام الذي قاله قبل 10 سنين أو 20 سنة هي نفس القضية وسؤال آخر: ما رأيك يا شيخ في تحريك الإصبع؟ وما رأيك يا شيخ في كذا؟ ما رأيك يا شيخ في الجماعة الفلانية؟ كلام مكرر، فأضعنا أوقات العلماء، وأضعنا أوقاتنا في قضايا مكررة، بل ربما نتشاجر ونختلف ونتضارب عليها، والعالم يتغير كما قلت أحياناً بالدقيقة، وهناك أشياء تحصل قد تهدد أصل عقيدتنا وأصل ديننا، فنحن المستهدفون من تحرك هذا العالم كله ولا سيما بلدنا هذه؛ لأنها هي منبع النور والخير والأصالة، وهي المؤهلة لأن تقود العالم الإسلامي، وكل المؤهلات موجودة فيها، ونضيع أوقاتنا وأوقات علمائنا في غفلة عن هذا الواقع الذي يتلاحق من حولنا بأحداث رهيبة جداً.

فنقول: الثورة في عالم الطيران هي سباق محموم بين شركات الطيران، كما هو بين شركة الإرباص الفرنسية وشركة البوينج الأمريكية على هذه المرحلة القادمة، سباق قد تختصر فيه المسافات إلى النصف خلال السنوات القليلة القادمة، حيث قد تقطع المسافة بين جدة ونيويورك في 5 ساعات تقريباً، وقد تقطع إذا استمرت أو نجحت الدراسات إلى مدينة الدعارة بانكوك قد تكون مثلاً ثلاث ساعات ونصف أو حول ذلك، بمعنى أننا في ظل هذه الشهوات المحمومة عند شبابنا مع الأسف، وهذه الرغبات التي لا تشبع من الانهماك في الملذات، والجواز مفتوح إلى دول العالم ما عدا إسرائيل أو غيرها، والفلوس موجودة، سوف يكون لهذا نتائجه الخطيرة، وسوف نسمع من يقول -وقد قيل-: الحل عندنا أن نجعل جدة العروس، وكأنها العروس، أي: لا بد أن تكون متبرجة لكل أحد، قالوا: نجعل جدة مدينة سياحية -وقد قرأنا ذلك- فنستقطب أبناءنا فيها، وجدة أفضل من بانكوك كما نُشر، جدة أفضل ألف مرة من بانكوك! وبعد هذا الحل لدرء الفساد الخارجي أن نستقدم الفساد ونستورده! وننشئ مدناً ساحلية أو غير ساحلية ويكون فيها ما ترون من ألوان الفساد والاختلاط، وما سيأتي في المستقبل سيكون أدهى، ولا سيما مع ضعف الدعوة، وانشغالنا نحن طلبة العلم بأشياء بعيدة عن هذا الواقع، ومع ضعف -إن لم نقل حرب- هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومع غيرها من الأمور.

ص: 14