المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكفار يلجئون إلى الله - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٧٠

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌مفهوم العبادة

- ‌الحاجة إلى العبادة

- ‌حاجة العبد إلى الله حاجة فطرية ذاتية

- ‌الكفار يلجئون إلى الله

- ‌الاختلاف في العبودية عند البشر

- ‌سبب الضلال

- ‌المعبودات الباطلة مظاهرها وأشكالها

- ‌شمولية العبادة

- ‌شمولية مفهوم العبادة في الإسلام وأدلته

- ‌عبودية العلماء لله

- ‌عبودية التاجر

- ‌عبودية المعلم والمتعلم

- ‌عبودية المرأة

- ‌البدعة وخطرها

- ‌بدء الانحراف

- ‌خطر الصوفية

- ‌أهمية تحقيق العبودية

- ‌حالة أهل الكفر والبدعة

- ‌الأسئلة

- ‌جواز ارتباط اسم الإيمان بأي مسمىً من مسميات الشريعة

- ‌كيفية التخلص من عبادة الشهوة

- ‌الرفاهية من أسباب قسوة القلوب

- ‌السلف والتصوف

- ‌معرفة الله أساس الخشية

- ‌متى يكون الحب والكره عبادة

- ‌تعارض عبودية الله وعبودية الهوى وفائدة الرفقة الصالحة

- ‌متى يكون الخوف عبادة

- ‌حكم من يقول: (ساعة لقلبي وساعة لربي)

- ‌واجبنا أمام وجود النظريات الإلحادية في المناهج

- ‌كيف نعبد الله طوال اليوم

- ‌الانحراف وأسبابه

- ‌اختصار كتب السلف، وهل ابن القيم صوفي

- ‌الخشوع في الصلاة

- ‌كتاب الإيمان حقيقيته وأركانه

- ‌ترجمة علوم اليونان (فائدتها- وخطرها)

- ‌حقيقة حب الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌الكفار يلجئون إلى الله

‌الكفار يلجئون إلى الله

وهذا الافتقار الذاتي إلى عبادة الله من فطريته وضروريته في النفس الإنسانية، أنه لا يمكن أن ينكره منكر، ولا يكابر فيه مكابر، حتى الكفار الذين جحدوا آيات الله، وعاندوا أنبياء الله، وردوا ما جاءوا به من أمر الله، واستكبروا على عبودية الله، فإنك في وقت الشدة تراهم يذعنون لله تبارك وتعالى بالعبودية، ويظهرون الافتقار والحاجة إليه، في ذلك الوقت (وقت الضرورة) الذي تنتفي فيه كل البهارج وكل ما يكون على القلب من الكبر والعتو.

إذاً: كما ذكر الله عنهم في القرآن حاكياً حالهم بأنهم إذا ركبوا في الفلك وأحاط بهم الموج من كل مكان، حينئذٍ ينسون آلهتهم، ويعلمون أن تلك الآلهه {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} [النجم:23] فهم الذين اختلقوها واخترعوها، وهم أول من يعلم أنها لا تغني ولا تنفع ولا تضر؛ فيدعون الله تعالى بتضرع وبكاء.

وهنا سأذكر أمثلة من العالم الحاضر، الذي يعيش الآن في أعتى درجات التكبر عن عبادة الله وعن الإذعان والإعلان بالعبودية لله، بل عن الإقرار لله تعالى بالألوهية، بل بوجوده تبارك وتعالى؛ فهم ينكرون أن يكون الله موجوداً، فضلاً على أن يتقربوا إليه بالعبادة، أو يخضعوا له.

هذا العالم المتجبر المتكبر، وإنَّ أعتى وأكبر من يمثل ذلك هي: الشيوعية الملحدة، وأعتى دول الشيوعية في العالم هي: الاتحاد السوفيتي، وإن أعتى طواغيت هذه الدولة هو: استالين عندما اجتاحت جيوش هتلر أراضي بلاده -أثناء الحرب العالمية الثانية- وكانت بلاده تحرم الأديان تحريماً قاطعاً، بل وحظرتها حظراً باتاً وأقفلت دور العبادة من أي ملة؛ فعند ذلك لم يكن لديه أية حيلة ولا أي منقذ، وهنالك يأمر هذا الطاغوت اللعين أن تفتح أبواب الكنائس، وأن يتضرع الناس بدعاءِ الله، وأن يطلبوا من الله التأييد على هتلر وعلى جنوده النازيين!! فهذا الإقرار الذي ذكره الله تبارك وتعالى عن الأمم الخالية يتمثل أمامنا في أعتى طاغوت من طواغيت أعتى دولة شيوعية ملحدة تنكر وجود الله.

! وأذكر أنني قرأت في مذكرات شدشد أنه هو وإيزنهاور عندما كانا يتوليان قيادة جيوش الحلفاء في الحرب العالمية نفسها، أنهما كانا على إحدى البوارج في البحر، وكان الموقف في أشد ما يكون من الحرج، وكانت جيوش النازية ما تزال في عنفوان وقمة انتصاراتها واجتياحها لـ أوروبا؛ وعندئذٍ عملا قداساً على ظهر البارجة وأخذا يبتهلان إلى الله! وهما الرجلان اللذان لم يعرفا الله عز وجل من قبل؛ فهؤلاء عتاة الشرق والغرب في عالمنا المتمرد على الله يلجئون وقت الشدة إلى الله، ويعترفون أنه لا ملجأ ولا منجىً منه إلا إليه، وأنه هو الذي يغيث الملهوف، وينقذ المكروب ويكشف الغم.

فالعبودية ضرورة فطرية، فطر الله تبارك وتعالى عليها كل واحد.

ص: 4