المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العقل في الدية - دروس للشيخ صالح بن حميد - جـ ٦٩

[صالح بن حميد]

فهرس الكتاب

- ‌الوقائع والمتغيرات وضوابط النظر فيها في اجتهاد الفقهاء

- ‌بيان الترابط بين الدين والحياة

- ‌تصحيح ضبط العنوان

- ‌شمولية الشريعة وعمومها

- ‌معنى الاجتهاد

- ‌مصادر التشريع

- ‌تعريف عام لبعض مصادر التشريع

- ‌المصلحة المرسلة وضوابط الأخذ بها

- ‌الاستحسان تعريفه وأقسامه

- ‌سد الذرائع والاحتياط

- ‌العرف

- ‌إشارات في العرف

- ‌تأكيد العلماء على اعتبار العرف

- ‌التفسير العلمي والفقهي لاعتبار العرف

- ‌الضوابط العامة في النظر إلى المتغيرات

- ‌الأصل في النصوص الثبات والدوام

- ‌اعتقاد دوام الشريعة ومواكبتها للجديد

- ‌عدم تبرير الواقع

- ‌مجالات الاجتهاد

- ‌أهلية المجتهد

- ‌أمثلة من اجتهادات الفقهاء

- ‌حكم اللقطة

- ‌العقل في الدية

- ‌السياسة الشرعية وتحري صلاح الناس

- ‌التسعير

- ‌المنع من الادخار

- ‌أحكام اجتهادية من غير نص

- ‌الأسئلة

- ‌حدود الأمر المتغير

- ‌أحكام الرخص

- ‌علاقة القضية الإعلامية بالضوابط الشرعية للمتغيرات

- ‌أهمية المجامع الفقهية ودور الإفتاء

الفصل: ‌العقل في الدية

‌العقل في الدية

جاء في الشريعة بأن من قتل خطأً فإن عليه الدية تسلم لورثة القتيل، فحفظ الشرع بهذا حق هؤلاء الورثة ورد للمقتول ما أمكن من اعتبار، ومن أجل خطأ القاتل وما يتضمنه من نوع عذر وعدم تحميله المسئولية كاملة، جاء الشرع بأن تتحمل عقيلة القاتل هذه الدية، ومثل ذلك شبه العمد بتفاصيل ونسب معلومة في كتب الأحكام، ومن المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالدية على العاقلة، وتوجه الحق عليها لما تحمله من حق النصرة والعصبة لصاحبهم الظالم.

وجاء عمر رضي الله عنه وكأنه تمعن معقول النص، ولم يقف على لفظه، فرأى أن المسئولية يشارك فيها من تكون به النصرة والمعونة، وليس مجرد القرابة النسبية والميراث، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله موضحاً هذا التوجه: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة، وهم الذين ينصرونه ويعينونه، وكانت العاقلة على عهده هم عصبته، فلما كان في زمن عمر جعلها على أهل الديوان، لهذا اختلف فيها الفقهاء فيقال -والكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أصل ذلك أن العقالة هل هم محددون بالشرع، أو هم من ينصره ويعينه من غير تعيين؟

إذاً: المجتهد ينظر في العقالة: إما نظراً لغوياً، أو نظراً عرفياً، بالنظر اللغوي في لغة العرب أو العرفي وهو أن نعود إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كما قلنا في العدالة، فالعدالة والعاقلة هذان لفظان موجودان، لكن ما الذي يدخل تحتهما؟

فشيخ الإسلام ابن تيمية يقول مؤصلاً في الموضوع: أصل ذلك أن العاقلة هل هم محددون بالشرع، أو هم من ينصره ويعينه من غير تعيين؟

فمن قال بالأول لم يعدل عن الأقارب؛ لأنها العاقلة على عهده، ومن قال بالثاني جعل العاقلة في كل زمان ومكان من ينصر الرجل ويعينه في ذلك الزمان والمكان.

فلما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما ينصره ويعينه أقاربه كانوا هم العاقلة، إذ لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ديوان ولا عطاء، فلما وضع عمر رضي الله عنه الديوان كان معلوماً أن جند كل مدينة ينصر بعضه بعضاً ويعين بعضه بعضاً، وإن لم يكونوا أقارب، فكانوا هم العاقلة.

قال شيخ الإسلام: وهذا أصح القولين، وأنها تختلف باختلاف الأحوال، وإلا فرجل سكن المغرب وهناك من ينصره ويعينه كيف تكون عاقلته من بالمشرق في مملكة أخرى، ولعل أخباره قد انقطعت عنه، والميراث يمكن حفظه للغائب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في المرأة القاتلة أن عقلها على عصبتها، وأن ميراثها لزوجها وبنيها، قال: فالوارث غير العاقل.

ص: 23