الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اخْتَلَفَ صَاحِبُ الطَّعَامِ وَالْمَلَّاحِ فِي مِقْدَارِهِ، فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مُسَلَّمًا لَهُ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ فَارِغَةً بِحُكْمِ الْحَالِ، إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ.
قَالَ الْفَضْلِيُّ رحمه الله: إلَّا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فَارِغَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ.
كَمَا فِي آخِرِ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَا تَطِيبُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِخِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا كَبِنَاءٍ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
اخْتَلَفَا فِي الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ وَالْغَلَقِ وَالْمِيزَابِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إلَّا فِي اللَّبِنِ الْمَوْضُوعِ وَالْبَابِ وَالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَالْجِذْعِ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا
الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ:
النَّاظِرُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ، وَالْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا، وَالسُّلْطَانُ إذَا أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْغَازِي ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا.
هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَذَكَرَهَا الْوَلْوَالِجِيُّ، وَذَكَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضِينَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْقَاضِي، فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى بِالتَّلْفِيقِ أَرْبَعًا وَزِدْتُ عَلَيْهَا مَسَائِلَ:
الْأُولَى: الْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
الثَّانِيَةُ: الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ ابْنِهِ، ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا.
الثَّالِثَةُ: إذَا مَاتَ الْوَارِثُ مُجَهِّلًا مَا أَوْدَعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ.
الرَّابِعَةُ: إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ.
الْخَامِسَةُ: إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ.
السَّادِسَةُ: إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجَهِّلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَهُ مَحْجُورًا.
وَهَذِهِ الثَّلَاثُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْخَلَّاطِيِّ فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى عَشْرًا وَقُيِّدَ بِتَجْهِيلِ الْغَلَّةِ لِأَنَّ النَّاظِرَ.
إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ لَا يَعْلَمُهَا فَإِنْ بَيَّنَهَا وَقَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتُهَا.
فَلَا تَجْهِيلَ إنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ عَلَى مَقَالَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ
أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا فَلَا تَجْهِيلَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ:
وَالْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّجْهِيلِ إذَا لَمْ يُعَرِّفْ الْوَارِثَ الْوَدِيعَةَ، أَمَّا إذَا عَرَّفَ الْوَارِثُ الْوَدِيعَةَ وَالْمُودِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْتُهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ؛ إنْ فَسَّرَهَا وَقَالَ هِيَ كَذَا وَكَذَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ (انْتَهَى) .
وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ التَّجْهِيلَ، وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ مَاتَ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ.
فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ جِدَارَ غَيْرِهِ لِوَضْعِ جُذُوعِهِ وَوَضَعَهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُعِيرُ الْجِدَارَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهَا، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ وَقْتَ الْبَيْعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
إذَا تَعَدَّى الْأَمِينُ ثُمَّ أَزَالَهُ يَزُولُ الضَّمَانُ؛ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْحِفْظِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ بِالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ وَالشَّرِيكِ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً.
وَالْمُودِعُ وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ، وَهِيَ فِي الْفُصُولِ إلَّا الْأَخِيرَةَ فَهِيَ فِي الْمَبْسُوطِ.
الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ وَلَا تُرْهَنُ.
وَالْمُسْتَأْجَرُ يُؤَجَّرُ وَيُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ وَالْعَارِيَّةُ تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ، قِيلَ يُودَعُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْعَارِيَّةُ؛ إذْ تَصِحُّ إعَارَتُهُمَا وَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْإِيدَاعِ، وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يُسَلِّمُهَا إلَى غَيْرِ عِيَالِهِ وَإِنَّمَا جَازَتْ الْإِعَارَةُ لِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ لِلْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْإِيدَاعِ؛ فَإِنْ قِيلَ إذَا أَعَارَ فَقَدْ أَوْدَعَ، قُلْنَا ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ.
وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ لَا يُودَعُ وَلَا يُعَارُ وَلَا يُؤَجَّرُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَيَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْإِجَارَةَ دُونَ الْإِعَارَةِ كَمَا فِي وَصَايَا الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ
الْوَكِيلُ
بِقَبْضِ الدَّيْنِ مُودَعٌ.
فَلَا يَمْلِكُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَا، إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا، وَلَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ، فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهَا.
فَلَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُسَقَّفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّونَ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ إلَّا بِالشَّرْطِ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ إذَا سَمَّى لَهُ أَجْرًا لِيَأْتِيَ بِهَا جَازَ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ إلَّا إذَا وَقَّتَ لَهُ وَقْتًا
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ جَعَلَ لِلْكَفِيلِ أَجْرًا لَمْ يَصِحَّ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْوَدِيعَةَ بِأَجْرٍ مَضْمُونَةٌ.
وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ صَحَّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهَنَ.
كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحَقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ؛ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْوَكِيلِ وَالنَّاظِرُ إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَيَاةِ مُسْتَحِقِّهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِإلَّا فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَدَفَعَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقِيَضِ الْعَيْنِ.
وَالْفَرْقُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
الْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ.
إلَّا إذَا كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ خَالَفَتْ الظَّاهِرَ، وَكَذَا الْمُتَوَلِّي الْأَمِينُ إذَا خَلَطَ بَعْضَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِبَعْضٍ أَوْ الْأَمَانَةَ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ، فَالْمُودَعُ إذَا خَلَطَهَا بِمَالِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ ضَمِنَهَا وَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَهَا فَرَدَّهُ، وَخَلَطَهُ بِهَا ضَمِنَهَا
وَالْعَامِلُ إذَا سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا وَخَلَطَ الْأَمْوَالَ ثُمَّ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا لِأَرْبَابِهَا، وَلَا تَجْزِيهِمْ عَنْ الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلًا بِالْأَخْذِ وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ أَوْقَافٍ مُخْتَلِفَةٍ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَالسِّمْسَارُ إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَأَثْمَانَ مَا بَاعَهُ ضَمِنَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِذْنِ بِالْخَلْطِ وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ ضَمِنَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَا يَضْمَنُ الْأَمِينُ بِالْخَلْطِ، وَالْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ، أَوْ مَالَ رَجُلٍ بِمَالِ آخَرَ، وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ مَالَ الْوَقْفِ بِمَالِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ يَضْمَنُ.
وَلَوْ أَتْلَفَ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَهُ لَمْ يَبْرَأْ.
وَحِيلَةُ بَرَاءَتِهِ إنْفَاقُهُ فِي التَّعْمِيرِ أَوْ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُنَصِّبَ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَيَبْرَأُ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ الْأَمِينُ إذَا هَلَكَتْ الْأَمَانَةُ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا
فَهَلَكَتْ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ.
الرَّقِيقُ إذَا اكْتَسَبَ وَاشْتَرَى شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ
أَوْدَعَهُ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِكَوْنِهِ مَالَ الْمَوْلَى، مَعَ أَنَّ لِلْعَبْدِ يَدًا مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ شَيْئًا وَغَابَ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي شَيْءٍ كَإِذْنِهِ أَمَانَةً وَضَمَانًا وَرُجُوعًا وَعَدَمَ رُجُوعٍ وَخَرَجَتْ عَنْهُ مَسْأَلَتَانِ:
الْمُودَعُ إذَا أَذِنَ إنْسَانًا فِي دَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُودِعِ فَدَفَعَهَا لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ الدَّافِعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
الثَّانِيَةُ: حَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ؛ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ آذَنَ أَحَدُهُمَا مُسْتَأْجِرَهُ بِالْعِمَارَةِ فَعَمَّرَ، لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الشَّرِيكِ السَّاكِتِ، وَلَوْ عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ، كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. لَا يَجُوزُ لِلْمُودِعِ الْمَنْعُ بَعْدَ الطَّلَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:
لَوْ كَانَتْ سَيْفًا فَطَلَبَهُ لِيَضْرِبَ بِهِ ظُلْمًا.
أَوْ كَانَتْ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بِمَالٍ لِغَيْرِهِ أَوْ قَبْضٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
الْمُودَعُ إذَا أَزَالَ التَّعَدِّيَ زَالَ الضَّمَانُ إلَّا إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ مُوَقَّتًا فَتَعَدَّى بَعْدَهُ ثُمَّ أَزَالَهُ لَمْ يَزُلْ الضَّمَانُ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
الْمُودَعُ إذَا جَحَدَهَا ضَمِنَهَا إلَّا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ النَّقْلِ كَمَا فِي الْأَجْنَاسِ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ بِأَجْرٍ فَمَضْمُونَةٌ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَتَقَدَّمَتْ
لِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَارِيَّةَ مَتَى شَاءَ إلَّا فِي مَسَائِلَ:
لَوْ اسْتَعَارَ أَمَةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَصَارَ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا، لَهُ الرُّجُوعُ لَا الرَّدُّ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَى الْفِطَامِ، وَلَوْ رَجَعَ فِي فَرَسِ الْغَازِي قَبْلَ الْمُدَّةِ فِي مَكَانٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ.
وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِيمَا إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حَتَّى يَحْصُدَهُ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَتُتْرَكْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إلَّا فِي عَارِيَّةِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، تَحْلِيفُ الْأَمِينِ عِنْدَ دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ الْهَلَاكِ؛ قِيلَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ، وَقِيلَ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ، وَلَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِيَمِينِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَصِيِّ وَحَلَفَ لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ، كَذَا فِي وَدِيعَةِ الْمَبْسُوطِ لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدِ رَبِّهَا لَمْ يَبْرَأْ سَوَاءٌ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا أَوْ لَا، هُوَ الصَّحِيحُ.
وَاخْتَلَفَ
الْإِفْتَاءُ فِيمَا إذَا رَدَّهَا إلَى بَيْتِ مَالِكِهَا أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ إلَى الْوَارِثِ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ إنْ كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا وَإِلَّا فَلَا.
إلَّا إذَا دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ، وَلَوْ قَضَى الْمُودَعُ بِهَا دَيْنَ الْمُودِعِ