الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْقُنْيَةِ: وَإِنْ تَعَمَّدَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الْعِبَادَةَ بِبَعْضِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِعْلًا لَا تَتِمُّ الْعِبَادَةُ بِدُونِهِ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ أَسَاءَ (انْتَهَى)
قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَذْكُورَ كَوْنُ طَوَافِ الرُّكْنِ يَتَأَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ، فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ فِي بَعْضِ الْأَرْكَانِ، أَيْ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَرْكَانِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَأَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ، فَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ كَمَا تَرَى، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ فِي خِلَالِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ، فَفِي اسْتِفَادَتِهِ مِنْهُ نَظَرٌ قَدْ أَسَاءَ
التَّاسِعُ فِي مَحَلِّهَا:
مَحَلُّهَا الْقَلْبُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَدَّمْنَا حَقِيقَتَهَا، وَهُنَا أَصْلَانِ:
الْأَوَّلُ أَنَّهُ
لَا يَكْفِي التَّلَفُّظُ بِاللِّسَانِ دُونَهُ
وَفِي الْقُنْيَةِ، وَالْمُجْتَبَى، وَمَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُحْضِرَ قَلْبَهُ لِيَنْوِيَ بِقَلْبِهِ، أَوْ يَشُكُّ فِي النِّيَّةِ يَكْفِيهِ التَّكَلُّمُ بِلِسَانِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا (انْتَهَى) .
ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَلَا يُؤَاخَذُ بِالنِّيَّةِ حَالَ سَهْوِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيمَا يَسْهُو مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَا ثَوَابًا (انْتَهَى) .
وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ اللِّسَانُ، وَالْقَلْبُ فَالْمُعْتَبَرُ مَا فِي الْقَلْبِ، وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ الْيَمِينُ لَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِ الْيَمِينِ بِلَا قَصْدٍ
إنْ عُقِدَتْ الْكَفَّارَةُ، أَوْ قَصَدَ الْحَلِفَ عَلَى شَيْءٍ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهِ، هَذَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ فَيَقَعُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً
وَمِنْ فُرُوعِهِ، لَوْ قَصَدَ بِلَفْظٍ غَيْرَ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ
وَإِنَّمَا قَصَدَ مَعْنًى آخَرَ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ لَمْ يُقْبَلْ قَضَاءً وَيُدَيَّنُ وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ: قَصَدْت بِهِ عَنْ عَمَلِ كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً، وَقَدْ حَكَى فِي الْبَسِيطِ أَنَّ بَعْضَ الْوُعَّاظِ طَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ، فَقَالَ مُتَضَجِّرًا مِنْهُمْ: طَلَّقْتُكُمْ ثَلَاثًا، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ فِيهِمْ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَفْتَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ (انْتَهَى)
قُلْت يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْعِتْقِ.
رَجُلٌ قَالَ: عَبِيدُ أَهْلِ بَلْخِي أَحْرَارٌ، وَقَالَ: عَبِيدُ أَهْلِ بَغْدَادَ أَحْرَارٌ وَلَمْ يَنْوِ عَبْدَهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، وَقَالَ: كُلُّ عَبِيدِ أَهْلِ بَلْخِي، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبِيدِ أَهْلِ بَغْدَادَ أَحْرَارٌ، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الْأَرْضِ، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: لَا يُعْتَقُ عَبْدُهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: يُعْتَقُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الطَّلَاقِ، وَبِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَخَذَ عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ، وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ أَخَذَ شَدَّادٌ.
، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله،
وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ وَعَبْدُهُ فِي السِّكَّةِ، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ حُرٌّ، وَهُوَ فِيهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ،
وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ حُرٌّ وَعَبِيدُهُ فِيهَا يُعْتَقُ عَبِيدُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: وَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ لَا يُعْتَقُ عَبِيدُهُ فِي قَوْلِهِمْ (انْتَهَى) .
فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْوَاعِظَ إذَا كَانَ فِي دَارٍ طَلُقَتْ، وَإِنْ كَانَ فِي الْجَامِعِ، أَوْ السِّكَّةِ فَعَلَى الْخِلَافِ، وَالْأَوْلَى تَخْرِيجُهَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَسَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ قَالُوا حَنِثَ، وَإِنْ نَوَاهُمْ دُونَهُ دُيِّنَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً (انْتَهَى) .
فَعِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الْوَاعِظِ يَحِقُّ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ يَعْلَمُ أَنَّ زَيْدًا فِيهِمْ، أَوْ لَا
وَتَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا فُرُوعٌ لَوْ قَالَ لَهَا: يَا طَالِقُ، وَهُوَ اسْمُهَا وَلَمْ يَقْصِدْ
الطَّلَاقَ قَالُوا: لَا يَقَعُ كَيَا حُرُّ، وَهُوَ اسْمُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفَرَّقَ الْمَحْبُوبِيُّ فِي التَّلْقِيحِ بَيْنَ الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ، وَبَيْنَ الْعِتْقِ فَيَقَعُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ.
وَلَوْ نَجَّزَ الطَّلَاقَ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ التَّعْلِيقَ عَلَى كَذَا لَمْ يُقْبَلُ
قَضَاءً وَيَدِينُ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت غَيْرَك فُلَانَةَ لَمْ يُقْبَلْ كَذَلِكَ، وَفِي الْكَنْزِ لَوْ قَالَتْ: تَزَوَّجْتَ عَلَيَّ، فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الْمُحَلِّفَةُ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُنَا، وَفِي الْمَبْسُوطِ: وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَصَحُّ عِنْدِي وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلَكَ امْرَأَةٌ غَيْرُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ هَذِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكَنْزِ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.
وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَائِلًا: لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ نَصٌّ فِي الْعُمُومِ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ أَلَكَ امْرَأَةٌ غَيْرُ هَذِهِ؟ اشْتَمَلَ عَلَى الصَّارِفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: غَيْرُ هَذِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَهَا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ دُخُولِ الزَّوْجَةِ الْمُخَاطَبَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْكَنْزِ غَيْرَ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَقَيَّدُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ كَمَا فِي يَمِينِ الْفَوْرِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُقَالُ: تَغَدَّ مَعِي؛ فَقَالَ: إنْ
تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ مَثَلًا حَيْثُ يَتَقَيَّدُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، أَوْ جَعَلَ الْمُرَادَ مِنْهُ إنْ تَغَدَّيْت مَعَك لِيَحْصُلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا: تَزَوَّجْت عَلَيَّ امْرَأَةً، فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ، فَلَا تَطْلُقُ الْمُخَاطَبَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْفَرْقِ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ. وَفِي الْكَنْزِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، عَتَقَ عَبْدُهُ الْقِنُّ وَأُمَّهَاتُ، أَوْلَادِهِ وَمُدَبِّرُوهُ، وَفِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ: وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ دِينَ، وَكَذَا لَوْ نَوَى غَيْرَ الْمُدَبِّرِ، وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت السُّودَ دُونَ الْبِيضِ، أَوْ عَكْسَهُ لَا يَدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَخْصِيصُ الْعَامِّ وَالثَّانِيَ تَخْصِيصُ الْوَصْفِ،
وَلَا عُمُومَ لِغَيْرِ اللَّفْظِ، فَلَا تَعْمَلُ فِيهِ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ
وَلَوْ نَوَى النِّسَاءَ دُونَ الرِّجَالِ لَمْ يُدَيَّنْ وَفِي الْكَنْزِ: إنْ لَبِسْت، أَوْ أَكَلْت، أَوْ شَرِبْتُ وَنَوَى مُعَيَّنًا لَمْ يُصَدَّقْ أَصْلًا وَلَوْ زَادَ ثَوْبًا، أَوْ طَعَامًا، أَوْ شَرَابًا دُيِّنَ، وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ نَوَى جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ فِي لَا يَأْكُلُ طَعَامًا وَجَمِيعَ مِيَاهِ الْعَالَمِ فِي: لَا يُشْرِبُ شَرَابًا
يُصَدَّقُ قَضَاءً (انْتَهَى)
وَفِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ يُصَدَّقُ دَيَّانَةً لَا قَضَاءً وَقِيلَ قَضَاءً أَيْضًا.