المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عدم الركون إلى الكفار - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٣٧

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌فاستقم كما أمرت [1]

- ‌حقيقة الإنسان الذي أمر بالاستقامة

- ‌حقيقة الاستقامة وأهميتها وما يخل بها

- ‌الاستقامة طريق النجاة من عذاب الله

- ‌حقيقة الاستقامة

- ‌الاستقامة لا تكون إلا على هدي الله ورسوله

- ‌البدع وانتشارها مخالف للاستقامة

- ‌الاستقامة على دين الله يعترضها الابتلاء

- ‌الاستقامة قد تؤدي إلى الاعتداء

- ‌معنى الطغيان المضاد للاستقامة

- ‌من معاني الطغيان مجاوزة الحد في العبادة

- ‌من معاني الطغيان التعدي على حدود الله وخلقه

- ‌مظاهر الاستقامة في سورة هود

- ‌عدم الركون إلى الكفار

- ‌إقامة الصلاة

- ‌لزوم الصبر

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌من مظاهر الاستقامة لزوم الصبر

- ‌من مظاهر الاستقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الأسئلة

- ‌آخر أخبار الجزائر

- ‌الفرق بين محبة العاطفة ومحبة المتابعة

- ‌أسباب الانحراف عن الدين

- ‌دورنا تجاه الشرك بالله وانتشار الأضرحة

- ‌نصيحة في كيفية دعوة الناس إلى الله عز وجل

- ‌أخبار المجاهدين في إرتيريا

- ‌أخبار الإصلاحات الحكومية في السودان

- ‌نوع الاستقامة التي أمر الله بها نبيه

- ‌حكم زيارة النساء للقبور

- ‌أحوال المسلمين في الفلبين

- ‌تعدد وسائل الدعوة إلى الله عز وجل

الفصل: ‌عدم الركون إلى الكفار

‌عدم الركون إلى الكفار

قال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود:113]، وهذا أيضاً مظهر من مظاهر الاستقامة؛ لأن الأمة الإسلامية مطالبة بأن تكون لها شخصية مستقلة عن أن تذوب في شخصية الكفار، ولذلك يقول الله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال:73] يعني: إذا لم تعترفوا بهذا المبدأ بحيث يكون الكافر هو ولي الكافر، وبالمفهوم يكون المؤمن ولي المؤمن، ولا يكون ولياً لكافر، إن لم تفعلوا ذلك تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، والفتنة معناها: الانحراف عن الدين، والفساد الكبير لا يعلم مقداره إلا الله عز وجل.

فالركون إلى الكافرين أمر خطير جداً، ولذلك تجدون أن الله تعالى يهدد رسوله عليه الصلاة والسلام لو ركن إلى الكفار ولو كان شيئاً قليلاً.

أولاً: الركون القليل غير مقبول، أياً كان هذا الركون.

ثانياً: الركون حتى لو كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فكر بالركون إلى الكفار، وإنما فكر أن يجذبهم إلى الحق بطريق اللين، فالله تعالى قال له:{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء:74 - 75] يعني: عذاباً مضاعفاً في الحياة الدنيا، وعذاباً مضاعفاً في الحياة الآخرة أي: مكرراً، وأنت محمد خير البشر، عليه الصلاة والسلام.

إذاً: الركون إلى الكفار، والميل إليهم، وعشق أخلاقهم وسلوكهم، أو تقليدهم في أي أمر من الأمور لا يجوز في شرع الله عز وجل، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقول:(خالفوا المشركين) وكان يحرص دائماً على مخالفتهم، ومن ذلك حينما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة -يعني: مهاجراً من مكة- وجد اليهود يصومون يوم السبت فسألهم لماذا؟ قالوا: إنه يوم عظيم نجى الله فيه موسى ومن معه، وأهلك فرعون وجنوده، فقال:(نحن أحق بموسى منكم) وأمر المسلمين بصيام يوم عاشوراء، ثم أمر المسلمين بمخالفتهم فقال:(خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده) وقال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع).

إذاً: المسألة مسألة مخالفة حتى في أمور العبادات، فدين الإسلام جاء لا ليوافق هؤلاء، وإنما ليخالفهم في كل أمر من الأمور، والذين يعشقون أخلاق الكفار، ويطمئنون إليهم، ولربما يستقدمونهم إلى بلاد المسلمين، ويكثرون سوادهم، لا سيما في جزيرة العرب التي يقول عنها الرسول صلى الله عليه وسلم:(لا يجتمع في جزيرة العرب دينان)، (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) يعتبر هذا الأمر أمراً خطيراً نسأل الله العافية والسلامة.

وعلى هذا: فإن الركون أمر محرم، وهو جانب مضاد لجوانب الاستقامة التي يقول الله عنها:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود:112].

ص: 14