الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صبر أسماء عند مقتل ابنها عبد الله بن الزبير
وتسمع الأم الصابرة ذات السبع والتسعين سنة، العمياء البصيرة، وتذهب إلى ولدها المصلوب كالطود الشامخ، وتقترب منه، وهي لا ترى وتدعو له، وإذ بقاتله يأتي إليها في هوان، ويقول: يا أمَّه! إن الخليفة أوصاني بكِ خيراً، فتصيح به:[[لست لك بأم، إنما أم هذا المصلوب، وعند الله تجتمع الخصوم]]، ويتقدم ابن عمر مخاطباً عبد الله المصلوب: السلام عليك يا أبا خبيب! السلام عليك يا أبا خبيب، والله ما علمتك إلا صوَّاماً قوَّاماً وصولاً للرحم، أما وقد قال الناس: إنك شرُّ هذه الأمة، أما والله لأمةٌ أنت شرُّها لأمة خير كلها -ثم الْتفت إلى أصحابه قائلاً-: أما آن لهذا الفارس أن يترجل، ويتقدم ابن عمر إلى أسماء معزياً مواسياً، ثم يقول لها: اتقي الله واصبري، فقالت -بلسان الصابرة المؤمنة الواثقة بموعود الله-:[[يا ابن عمر! وماذا يمنعني من الصبر وقد أُهِدي رأس يحيى بن زكريا إلى بَغِيٍ من بغايا بني إسرائيل؟!]] أرأيتنَّ ما أعظم الأم المربية! وما أعظم الابن المربَّى! لم تلطم خدّاً، ولم تشق جيباً، ولم تنُح، وإنما سلَّمت الأمر لله، فلله الأمر من قبل ومن بعد:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} [البقرة:155 - 156].