المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهمية الحديث عن الإيمان - دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح - جـ ١٢٢

[علي بن عمر بادحدح]

فهرس الكتاب

- ‌الإيمان مفهوماً وتأثيراً

- ‌أهمية الحديث عن الإيمان

- ‌حقيقة الإيمان وأثره على حياة المؤمن

- ‌لا يقتصر الإيمان على القول باللسان ولا العمل ولا التصديق

- ‌أمثلة في بيان حقيقة الإيمان وأثره على الحياة

- ‌الإيمان هو الذي غير حياة الصحابة وليس الماديات

- ‌الإنسان بلا إيمان كالجسد بلا روح

- ‌الإيمان هو النور الذي يضيء طريق الحياة

- ‌الإيمان تغيير جذري يتناول جميع جوانب الإنسان

- ‌صور من تغيير الإيمان الجذرية

- ‌أثر الإيمان على سحرة فرعون

- ‌تغيير الإيمان في حياة الطفيل بن عمرو الدوسي

- ‌أبو ذر خامس خمسة في الإسلام

- ‌ربعي بن عامر واعتزازه بإيمانه

- ‌مؤمن آل فرعون وصدعه بالحق

- ‌امرأة فرعون مثل عظيم في الإيمان

- ‌ظاهرة ضعف آثار الإيمان في حياة الناس

- ‌لا تكفي العبادة لإثبات قوة الإيمان دون التضحية بالدنيا

- ‌الحرص على الحياة والخوف من الموت محك اختبار لقوة الإيمان

- ‌الصحابة يثبتون إيمانهم وعدم حرصهم على الحياة

- ‌الحرص على متاع الحياة الدنيا محك اختبار لقوة الإيمان

- ‌مراقبة الله سبحانه وتعالى محك اختبار لقوة الإيمان

- ‌تذكرة وعبرة

- ‌الأسئلة

- ‌الوسائل المعينة على زيادة الإيمان

- ‌كلمة توجيهية لمن يقعون في الذنوب والمعاصي

- ‌بيان مرتبة إنكار المنكر بالقلب

- ‌علاقة الهموم والغموم بضعف الإيمان

الفصل: ‌أهمية الحديث عن الإيمان

‌أهمية الحديث عن الإيمان

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، نحمده جل وعلا على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، حمداً كما يحب ربنا ويرضى، هو أهل الحمد والثناء لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، ونصلي ونسلم على خير خلق الله، وخاتم رسل الله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى من اتبع سنته واقتفى أثره وسار على هداه، وعلينا وعلى سائر عباد الله الصالحين والدعاة، ونحمد الله جل وعلا أن هيأ لنا هذا اللقاء الطيب المبارك الذي نصل فيه ما سلف من هذه الدروس والمواعظ العامة، وأسأله جل وعلا أن يكتب لنا بها أجراً، وأن يرزقنا من ورائها نفعاً، وأن يجعل لنا فيها خيراً، وكما جمعنا في هذا البيت من بيوته أن يجمعنا في مستقر رحمته، ودار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، ونسأله جل وعلا مزيد التوفيق والتسديد، والهداية والإلهام إلى الطاعة، هو جل وعلا الهادي والموفق سبحانه وتعالى.

وبعد: أيها الإخوة الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وهذا هو درسنا الخامس بعد المائة الأولى ليوم الجمعة، الثاني من شهر جمادى الأولى عام (1415هـ).

وعنوان هذا المجلس: الإيمان مفهوماً وتأثيراً.

ولعلنا نتفق جميعاً على أن أهم شيء في هذه الحياة كلها، وأهم شيء في هذا الوجود كله، والأمر الذي قامت لأجله السماوات والأرض، وخلقت لأجله الجنة والنار، والثواب والعقاب، هو أمر الإيمان، وحقيقة التوحيد، ومضمون شهادة أن لا إله إلا الله، إذ إن الله جل وعلا إنما خلق الخلق لعبادته وتوحيده سبحانه وتعالى، وإنما جعل هذه الحياة كلها ابتلاءً واختباراً، لتعقبها بعد ذلك حياة أخرى فيها حساب، وبعد ذلك إما ثواب وإما عقاب، وكل ذلك أساسه ومداره على الإيمان.

ولعلنا أيضاً نتساءل: ما الداعي إلى أن نتحدث في مثل هذا الموضوع؟ وربما قال كثير منا: إنه أمر متفق عليه ولا خلاف فيه، والعلم به حاصل، إلا أنني أقول: إن أمر الإيمان لما كانت له هذه الأهمية العظمى وجب أن يكون هو الأمر الذي لا يفتر الذاكر عن ذكره، ولا يغفل المعلم عن تعليمه، ولا يتناسى الناس أمره، ولا يجعلون مجلساً من مجالسهم يمر دون تذكرة به أو دعاء إليه أو تعريف به؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم -وهم أعلم الأمة، وأزكاها نفوساً، وأطهرها قلوباً، وأعظمها إيماناً، وأكثرها عبادة- كان أحدهم ينادي صاحبه ويقول له: تعال بنا نؤمن ساعة.

وإن القلوب تغشاها الغفلة، ويضرب عليها الران، وتتكاثر عليها ظلمات المعاصي، فتحتاج دائماً وأبداً في كل ظرف وحال، وفي كل بلد ومكان، وفي كل عصر وأوان، وفي كل حالة من حالات الإنسان؛ إلى أن يتذكر حقيقة الإيمان التي تجلو صدأ قلبه، والتي تربطه في هذه الحياة الدنيا بالحياة الأخرى، والتي تشد حبل صلته بخالقه ومولاه سبحانه وتعالى.

ولذلك جاء مثل هذا الحديث التذكيري الذي أسأل الله جل وعلا أن يجعله حياة لقلوبنا، وأن يجعله تقوية لإيماننا، وزاداً لنا في حياتنا، وقد جعلت الموضوع متعلقاً بمفهوم الإيمان وتأثيره؛ لأن الفهم أساس العمل، ولأن التأثير ثمرة العمل، وعمل بلا فهم كبناء بلا أساس، وعمل بلا أثر كشجر بلا ثمر، إذ عندما يعمل العامل من غير حسن فهم، وكمال تصور، ودقة في العلم، وشمول فيه يخبط خبط عشواء، ويقع في الضلال والانحراف، وتتلقفه الشبهات، ويأخذ في سبل الشياطين إلا من رحم الله، ولأنه إذا فهم ثم لم يعمل العمل الذي يترك بصماته وآثاره في حياته وسلوكه، وفي أقواله وأفعاله، فكأنه إنما أتى بظاهر من القول وظاهر من العمل لم تخلص حقيقته إلى قلبه وسلوكه.

ص: 2