الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ عُتْبَةُ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ:«الْمُؤْمِنُ لَا يَنْتَصِرُ لِنَفْسِهِ، يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ فَهُوَ مُلْجَمٌ»
بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُعَرِّضَ أَحَدٌ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى السُّلْطَانِ
أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْخَلِيلِ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ أَبَا حَامِدٍ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ، يُرَى مِنْهُ الْفِسْقُ وَالدَّعَارَةُ، وَيُنْهَى فَلَا يَنْتَهِي، يَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ:«إِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَارْفَعْهُ»
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يُسْتَعَانُ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ بِالْمُنْكَرِ بِالسُّلْطَانِ؟ قَالَ: " لَا، يَأْخُذُونَ مِنْهُ الشَّيْءَ وَيَسْتَتِيبُونَهُ. ثُمَّ قَالَ: جَارٌ لَنَا حَبَسَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَمَاتَ فِي السِّجْنِ. ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ حَكَى أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ؟ فَذَكَرْتُ لَهُ قِصَّةَ ابْنِ عُيَيْنَةَ "
فَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ خَلَّادٍ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَجَاءَ الْفَضْلُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَنَا:«لَا تُجَالِسُوهُ، حَبَسَ رَجُلًا فِي السِّجْنِ، مَا يُؤْمِنُكَ أَنْ يَقَعَ السِّجْنُ عَلَيْهِ، قُمْ، فَأَخْرِجْهُ»
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَكُونُ لَنَا الْجَارُ يَضْرِبُ بِالطُّنْبُورِ وَالطَّبْلِ؟ قَالَ: " انْهِهِ، قُلْتُ: أَذْهَبُ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَلَمْ يَنْتَهِ، يُجْزِئُنِي نَهْيِي لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَنْهَاهُ "
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ بَخْتَانَ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَوْمِ يُؤْذُونَهُ بِالْغِنَاءِ؟ فَقَالَ:" تَقَدَّمْ إِلَيْهِمْ، وَانْهِهِمْ، وَأَجْمِعْ عَلَيْهِمْ، قُلْتُ: السُّلْطَانُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: لَا تُضَيِّعِ الْمَسْجِدَ "
وَأَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى النَّاقِدُ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ، حَدَّثَهُمْ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ،: إِذَا أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ فَلَمْ يَنْتَهِ مَا أَصْنَعُ؟ قَالَ: " دَعْهُ، قَدْ أَمَرْتَهُ، وَقَدْ أَنْكَرْتَ عَلَيْهِ بِلِسَانِكَ وَجَوَارِحِكَ، لَا تَخْرُجْ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَا تَرْفَعْهُ لِلسُّلْطَانِ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ، كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ إِذَا تَلَاحَى قَوْمٌ قَالُوا: مَهْلًا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ، مَهْلًا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ "
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ: الرَّجُلُ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، فَتَرَى لَهُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنْ يَسْكُتَ وَلَا يَتَكَلَّمَ؟ قَالَ: " إِذَا رَأَى الْمُنْكَرَ فَلْيُغَيِّرْ بِمَا أَمْكَنَهُ، قُلْتُ لَهُ: فَإِنْ أَمَرَهُ وَنَهَاهُ وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، تَرَى أَنَّهُ يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِالسُّلْطَانِ؟
⦗ص: 32⦘
قَالَ: أَمَّا السُّلْطَانُ فَمَا أَرَى ذَلِكَ "
قَالَ: وَسَأَلْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ بَعْضَ إِخْوَانِكَ لَهُ جِيرَانٌ يُؤْذُونَهُ بِشُرْبِ الْأَنْبِذَةِ، وَضَرْبِ الْعِيدَانِ، وَارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ، وَبَيَّنْتُ لَهُ أَمْرَ النِّسَاءِ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" يَعِظُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، قُلْتُ لَهُ: قَدْ فَعَلَ فَلَمْ يَنْتَهُوا؟ فَقَالَ: أَمَّا السُّلْطَانُ فَلَا، إِذَا رَفْعَهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهِ، أَمَا عَلِمْتَ قِصَّةَ عُتْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؟ "
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطِّيبِ، قَالَ: كَانَ لِي جَارٌ يُؤْذِينِي، يَضْرِبُ الطَّنَابِيرَ وَالْعِيدَانَ، فَأَتَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، فَقَالَ لِي:«انْهِهِ» ، فَقُلْتُ: قَدْ نَهَيْتُهُ، فَعَادَ، فَقَالَ: هَذَا عَلَيْكَ:
⦗ص: 33⦘
فَقُلْتُ: السُّلْطَانَ؟ قَالَ: «لَا إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَنْهَاهُ»
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ صَالِحًا ابْنَكَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَيُخْبِرُوهُ بِقِصَّةِ شَمْخَصَةَ، أَنَّهُ شَتَمَكَ وَقَدْ أَشْهَدُوا عَلَيْهِ - وَكَانَ قَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ - فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«قُلْ لَهُمْ لَا تَعَرَّضُوا لَهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى السُّلْطَانِ»
وَبَلَغَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ قَرَابَةً لَهُ حَبَسَ رَجُلًا فِي السِّجْنِ، فَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ، وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" رَأَيْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ رَقَّ لَهَا قَلْبِي، أَوْ قَالَ: رَقَقْتُ لَهَا. قَالَتْ: ابْنِي حُبِسَ بِسَبَبِكَ، حَبَسَهُ شَمْخَصَةُ وَأَصْحَابُهُ. فَقَالَ: لَوْ تَكَلَّمْتُمْ فِي أَمْرِهِ؟ قُلْتُ: قَدْ سَأَلَ أَصْحَابُنَا أَنْ أَذْهَبَ إِلَى فُلَانٍ، قَالَ: فَلَا تَذْهَبْ تُكَلِّمُ مَنْ يُكَلِّمُهُ عَلَى شَرْطِ، أَلَّا يَحْبِسَ مِنْهُمْ أَحَدًا "
أنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ كَعْبٍ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ دُخَيْنٍ كَاتَبِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: إِنَّ لَنَا جِيرَانًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَأَنَا دَاعٍ، لَهُمُ الشُّرَطَ، فَيَأْخُذُونَهُمْ،
⦗ص: 34⦘
قَالَ: لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ عِظْهُمْ وَتَهَدَّدْهُمْ، قَالَ: فَفَعَلْ، فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَجَاءَ دُخَيْنٌ، فَقَالَ: إِنِّي نَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، وَإِنِّي دَاعٍ لَهُمُ الشُّرَطَ، فَقَالَ عُقْبَةُ: " وَيْحَكَ، لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ سَتَرَ مُؤْمِنًا فَكَأَنَّمَا اسْتَحْيَا مَوْؤُدَةً مِنْ قَبْرِهَا»
وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ شَرِيكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: صَلَّيْتُ عِنْدَ الْمَقَامِ عِشَاءَ الْآخِرَةِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عِنْدَ الْمَقَامِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا سُفْيَانُ، بِأَيِّ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّ أَنْ يُحْبَسَ ابْنِي بِسَبَبِكَ؟ وَكَانَ أَرَى مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: فَرَأَيْتُ سُفْيَانَ قَدْ قَامَ إِلَى الْمَقَامِ، فَإِذَا الْوَالِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: لِمَ تَحْبِسُ رَجُلًا بِسَبَبِي؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْأَمِيرُ: أَوْ قَالَ الْوَالِي - شَكَّ الْمَرْوَزِيُّ -: هَذَا اللَّيْلُ، وَبَابُ السِّجْنِ مُغْلَقٌ، قَالَ سُفْيَانُ: " لَا أَبْرَحُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى تُخْرِجَهُ، قَالَ:«فَأَرْسَلَ وَجِيءَ بِالْمَفَاتِيحِ، وَفَتَحَ بَابَ السِّجْنِ، وَجِيءَ بِابْنِهَا، حَتَّى دُفِعَ إِلَيْهَا.»