المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أخذ تصورات خاطئة عن أقوام من البشر - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ١١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌آيات يخطئ فهمها الكثيرون

- ‌أهمية تدبر القرآن

- ‌العلوم التي يحتاجها المفسر

- ‌أسباب الضلال في فهم القرآن

- ‌الزيغ في العقيدة

- ‌اتباع الهوى

- ‌أخذ بعض القرآن وترك بعضه

- ‌الهزيمة النفسية أمام الغرب الكافر

- ‌أمثلة على الفهم الخاطئ المؤدي إلى العمل الخاطئ

- ‌قوله تعالى: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)

- ‌قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)

- ‌قوله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)

- ‌قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)

- ‌قوله تعالى: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً)

- ‌قوله تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)

- ‌من نتائج الفهم الخاطئ للقرآن

- ‌أخذ تصورات خاطئة عن أقوام من البشر

- ‌يوقع في حبائل أهل الهوى

- ‌قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا)

- ‌الشعور بتناقض القرآن

- ‌اعتقاد مخالفة القرآن للوقائع

- ‌فقدان المعايير الصحيحة للحكم على الناس

- ‌اتهام الأنبياء بما لا يتصوره مسلم

- ‌إخضاع الآيات القرآنية لمخترعات الكفار

الفصل: ‌أخذ تصورات خاطئة عن أقوام من البشر

‌أخذ تصورات خاطئة عن أقوام من البشر

كذلك -أيها الإخوة- عدم فهم بعض الآيات فهماً صحيحاً يؤدي إلى أخذ تصورات خاطئة عن أقوامٍ من البشر، مثال: يقول الله عز وجل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة:82] كثيرٌ من المسلمين الآن يقولون: الآية هذه تقول أن النصارى يحبوننا لأن الله قال: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة:82].

وهذه الآية -للأسف- يستخدمها المبشرون استخداماً رهيباً في الكلام مع المسلمين لإزالة الحواجز التي ترسخت بفعل العقيدة الإسلامية الصحيحة، يأتي بعض المبشرين الآن ويقولون للمسلمين وهم يخاطبونهم: نحن وإياكم شيء واحد، نحن نحبكم ونودكم، وما نقول هذا الكلام من عندنا، لا.

إن قرآنكم يقول هذا، لأن الله يقول:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة:82] فإذاً نحن وإياكم أصحاب، ونحن وإياكم شيء واحد، ونحن بيننا علاقات وجسور قوية ومتينة من المحبة والمودة- يضحكون على المسلمين- وكذلك بعض المسلمين يلين للنصارى كثيراً ويشاركهم في معتقداتهم، ولا ينكر عليهم، بل لا يكلف نفسه حتى بالنصح لهم، لماذا؟ لأنه رأى الآية:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة:82].

فأين منشأ الخطأ؟ الخطأ أن هذا الرجل الذي فهم هذا الفهم لم يتأمل قول الله كاملاً، وإذا كنت تريد معرفة الرد، فانظر إلى تكملة الآيات التي بعدها:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة:82] من أين أتت هذه المودة؟ {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة:82].

فإذاً أول شيء أنتج هذه المودة عدم الاستكبار، وهو الاستكبار الذي يمنع قبول الحق.

ثانياً: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ} [المائدة:83] رسولنا صلى الله عليه وسلم: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة:83] هل النصارى الآن يفعلون هذا: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة:83]؟ ليس هذا فقط، ليس فقط لا يستكبرون، وإذا سمعوا ما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم ترى أعينهم تفيض من الدمع، لا، وإنما أيضاً:{يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة:83] يعني: دخلوا في الإسلام: {وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} [المائدة:84] هذه تكملة الآيات: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ} [المائدة:85].

إذاً- أيها الإخوة- هذا الصنف من الناس هم أقرب مودة للذين آمنوا، يعني: الآيات هي التي تحكي هذا: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة:82].

إذاً هو صنف معين من النصارى عرفوا الحق وآمنوا به، ليس عندهم استكبار، هؤلاء أقرب الناس، وسيدخلون بعد ذلك في الإسلام، هؤلاء هم أقرب مودة للذين آمنوا، وإلا فإن واقع النصارى اليوم والواقع السابق أيضاً الواقع الأسود والحملات الصليبية التي خاضت فيها خيول النصارى في دماء المسلمين إلى ركبها في فلسطين وغيرها عندما دخلوها وقتلوا المسلمين، وما حدث في الأندلس المفقود عندما دخله الأسبان النصارى، وما يحدث اليوم من النصارى ضد المسلمين في أنحاء العالم، إنه أمر يهز الإنسان المسلم هزاً.

وأفيدك -يا أخي- بأن هؤلاء لا يزالون في عداوة شديدة للإسلام والمسلمين، وأن حالهم أبداً لا يقارن ولا يقارب شيئاً مطلقاً من الأحوال التي ذكرها الله عن صفات هؤلاء النصارى.

إذاً لا بد أن يعرف المسلم عدوه، وألا يخلط الأمور، وألا يلبس عليه وألا يفهم خطأً.

ص: 17