المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهمية التربية في توافق الوسط الإسلامي وانسجامه - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ١٨١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌حاجتنا إلى التربية الإسلامية

- ‌التربية طريقنا إلى المجتمع الإسلامي

- ‌التربية الإسلامية طريقة الأولين

- ‌التربية هي منهج الأنبياء عليهم السلام

- ‌التربية الإسلامية هي نهج الصحابة رضي الله عنهم

- ‌حاجة الإسلام إلى شخصيات عظيمة

- ‌أهمية التربية في اكتساب التصورات الواجب حملها

- ‌أهمية التربية في توجيه طاقات المسلم

- ‌أهمية التربية في إزالة الأخلاق الرديئة

- ‌أهمية التربية في التخلص من رواسب الماضي

- ‌أهمية التربية في مواجهة الشبهات

- ‌أهمية التربية في توجيه المشاعر والأحاسيس إلى طريقها الصحيح

- ‌التربية منهج لإعداد الشخصيات المدافعة عن الإسلام

- ‌التربية الصادقة عند ربعي بن عامر في مواجهة رستم

- ‌موقف حذيفة بن محصن مع رستم

- ‌موقف المغيرة مع رستم

- ‌أهمية التربية الإسلامية في تهذيب الغرائز

- ‌التربية طريق إلى تكامل الشخصية

- ‌أهمية التربية في حفظ رأس المال البشري

- ‌أهمية التربية في توافق الوسط الإسلامي وانسجامه

- ‌الحاجة إلى التربية لأحداث التنويع في الكفاءات

- ‌البون الشاسع بين من تلقى التربية وغيره

- ‌ضرورة التربية لمواجهة المحن والفتن

- ‌من دواعي التربية: شدة الأعداء علينا

- ‌أهمية التربية في التعامل مع الجاهلية

- ‌أهمية التربية في إعداد الكوادر الإدارية والقيادية

- ‌أهمية التربية في إنشاء المجتمع الإسلامي

- ‌منكرات الحل السياسي للوصول إلى المجتمع الإسلامي

- ‌مزالق العنف تجاه المنكرات

- ‌الحاجة المطلقة إلى التربية الإسلامية

الفصل: ‌أهمية التربية في توافق الوسط الإسلامي وانسجامه

‌أهمية التربية في توافق الوسط الإسلامي وانسجامه

خامس عشر: إن التربية مهمة لإيجاد التوافق والانسجام داخل الوسط الإسلامي المجتمع شخصيات مختلفة، وطباع متباينة، في كثيرٍ منها تناقض، ما الذي يوحد بينهم، ويشذب هذه الأمور التي شذت في نفوسهم، والتي تسبب الفرقة والاختلاف، وعدم التلاقي والارتقاء النفسي؟ إن الذين تصهرهم بوتقة التربية فيصبحون جسداً واحداً هم الذين يحصل بينهم هذا التلاحم، وتأمل معي المحبة التي حصلت في نفوس الصحابة بفعل تلك التربية النبوية التي صهرت شخصياتهم حتى صاروا جسداً واحداً، قصة وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه: لما أصيب سعد يوم الخندق وحكم في بني قريظة قال: اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريشٍ شيئاً فأبقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك، وكان قد أصيب في معركة الخندق بجرحٍ في أكحله، رماه ابن العرقة المشرك بسهمٍ فقطع هذا العرق في الذراع فنزف الدم منه، ثم كاد الجرح أن يندمل ولم يرد سعد أن يفوته أجر الشهادة في سبيل الله؛ لأن الذي يموت من أثر الجراحة شهيد، فقال هذا الدعاء، والذي حصل أن الله قد قدَّر أنه لم تهجم قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الخندق أبداً (الآن نغزوهم ولا يغزونا) قالت عائشة -وراوية القصة في مسند الإمام أحمد وهو حديث حسن وبعضه عند البخاري - قالت (فانفجر كلمه -جرحه- وكان قد برأ، حتى ما يرى منه إلا مثل الخرص، ورجع إلى قبته التي ضربها له رسول الله صلى الله عليه وسلم الانتقال من سياق أحمد إلى سياق البخاري الآن: (فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمةً في المسجد ليعوده من قريب، وفي المسجد خيمة من بني غفار فلم يرعهم، إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا: يأهل الخيمة! ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ إذاً: كان جرح سعد يثغب جرحه دماً فمات فيها).

عودة إلى سياق الإمام أحمد: قالت عائشة: (فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر عند وفاته، قالت: فوالذي نفس محمدٍ بيده إني لأعرف-أميز- بكاء عمر من بكاء أبي بكر وأنا في حجرتي، وكانوا كما قال الله عز وجل:{رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29] قال علقمة: قلت: أي أمه، فكيف كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قالت: كانت عينيه لا تدمع، ولكن كان إذا وجد، فإنما هو آخذ بلحيته صلى الله عليه وسلم.

فإذاً الذي جعل عمر؛ وهو من أشد الناس في دين الله، وأقواهم شخصيةً تقريباً، جعله يبكي كالطفل على وفاة أخيه سعد، هي هذه الأخوة، وهذا هو الترابط الذي حصل في صفوف ذلك المجتمع، وكانوا كما أمر الله:{رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29] فقل لي بربك: ما هو الذي أنتج هذا الأمر؟ هل هو المسلكيات الفردية ليذهب كل إنسان فيفعل بنفسه ما يشاء، ثم يقول: لقد تربيت وارتقيت وعملت ووصلت؟ أم هي تربية جماعية نبوية فيها القدوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها المنهج كتاب الله وسنة نبيه؟!

ص: 20