المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التربية هي منهج الأنبياء عليهم السلام - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ١٨١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌حاجتنا إلى التربية الإسلامية

- ‌التربية طريقنا إلى المجتمع الإسلامي

- ‌التربية الإسلامية طريقة الأولين

- ‌التربية هي منهج الأنبياء عليهم السلام

- ‌التربية الإسلامية هي نهج الصحابة رضي الله عنهم

- ‌حاجة الإسلام إلى شخصيات عظيمة

- ‌أهمية التربية في اكتساب التصورات الواجب حملها

- ‌أهمية التربية في توجيه طاقات المسلم

- ‌أهمية التربية في إزالة الأخلاق الرديئة

- ‌أهمية التربية في التخلص من رواسب الماضي

- ‌أهمية التربية في مواجهة الشبهات

- ‌أهمية التربية في توجيه المشاعر والأحاسيس إلى طريقها الصحيح

- ‌التربية منهج لإعداد الشخصيات المدافعة عن الإسلام

- ‌التربية الصادقة عند ربعي بن عامر في مواجهة رستم

- ‌موقف حذيفة بن محصن مع رستم

- ‌موقف المغيرة مع رستم

- ‌أهمية التربية الإسلامية في تهذيب الغرائز

- ‌التربية طريق إلى تكامل الشخصية

- ‌أهمية التربية في حفظ رأس المال البشري

- ‌أهمية التربية في توافق الوسط الإسلامي وانسجامه

- ‌الحاجة إلى التربية لأحداث التنويع في الكفاءات

- ‌البون الشاسع بين من تلقى التربية وغيره

- ‌ضرورة التربية لمواجهة المحن والفتن

- ‌من دواعي التربية: شدة الأعداء علينا

- ‌أهمية التربية في التعامل مع الجاهلية

- ‌أهمية التربية في إعداد الكوادر الإدارية والقيادية

- ‌أهمية التربية في إنشاء المجتمع الإسلامي

- ‌منكرات الحل السياسي للوصول إلى المجتمع الإسلامي

- ‌مزالق العنف تجاه المنكرات

- ‌الحاجة المطلقة إلى التربية الإسلامية

الفصل: ‌التربية هي منهج الأنبياء عليهم السلام

‌التربية هي منهج الأنبياء عليهم السلام

ثانياً: إن التربية هي طريقة الأنبياء رضوان الله عليهم، فهذا موسى عليه السلام يختار من قومه سبعين رجلاً يختصهم بمزيدٍ من العناية.

وهذا عيسى عليه السلام له حواريون يعلمهم ويختصهم بمزيدٍ من القرب والإدناء.

وهذا محمدٌ صلى الله عليه وسلم أسلم معه أناسٌ كثيرون جداً، ولكن كانت معه طائفةٌ من المؤمنين تتلقى وتتربى دائماً، والتربية للجميع، فالمقل والمستكثر، ومنهم مقبلٌ ناهلٌ من هذا المعين الذي لا ينضب، ومنهم منشغلٌ في أمورٍ، أو بعيدٌ في قبيلة أو بلدٍ لا يستطيع أن يكون معه صلى الله عليه وسلم دائماً، ولكنه عليه الصلاة والسلام كان ينتهز كل طريقة في تربية أصحابه.

إننا نعلم أن عدد الصحابة رضوان الله عليهم يقارب مائة وأربعة وعشرين ألف صحابي -كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه الإصابة - من الذين حجوا معه صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، ولكن كان من هذا العدد الكبير طائفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تتلقى التربية أولاً بأول، كانوا معه من القديم عندما كان في مكة، وهاجروا معه، والتف معه الأنصار، وكان منهم من خرج معه في غزواته وشهد المشاهد كلها أو بعضها، واشتركوا في الجهود العظيمة في الدفاع عن الإسلام، ونشر الدعوة، وكان منهم العلماء، والقادة العسكريين، وأولو الحل والعقد والرأي في أول هذه الأمة.

وكان صلى الله عليه وسلم ينتهز المناسبات، فإذا جاء رجلٌ يسأله عن أحب الأعمال، يقول تارة لشخصٍ:(الإيمان بالله)، ويقول تارة لآخر:(بر الوالدين)، ويقول تارة لثالث:(الصلاة على وقتها)، وهكذا وهكذا، يعطي كل شخصٍ بحسبه، ويربي كل إنسان بما يحتاج إليه، وهذا يقول له: أوصني، فيقول:(لا تغضب)، وهذا يقول: الوصية، فيقول:(لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)، وهكذا يتعاهد كل واحدٍ من أصحابه بما يحتاج، وينتهز المناسبات والأحداث، فيمر على جدي أسك قد تركه أهله مما أصابه من الموت والعفن، فيعلمهم فيه مفهوماً مهماً، ويمثل لهم تمثيلاً بليغاً صلى الله عليه وسلم.

ولما وزع الغنائم في غزوة حنين، فنال مسلمة الفتح ما نالوه من الغنائم العظيمة مائةً مائةً من الإبل، وهؤلاء الأنصار لم تجف سيوفهم بعد من دماء الكفار لما فتحوا مكة، ولما قاتلوا في حنين، فلم يأخذوا شيئاً، فينتهز عليه الصلاة والسلام هذا التأثر الذي حصل من بعضهم ليجمعهم ويلقي فيهم موعظةً بليغة، يعلمهم ويذكرهم وينصحهم ويعظهم، حتى بكوا من التأثر، ورجعوا معه قائلين: رضينا برسول حظاً وقسماً.

وهكذا كان مع أصحابه؛ يعلم جاهلهم، ويرشد من يحتاج إلى إرشاد، ويثبت من يحتاج إلى تثبيت، يأتيه خباب وهو مستظلٌ بظل الكعبة، فيقول:[ألا تدعو لنا، ألا تستنصر لنا]، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو عليه من أخبار السابقين، وما ينبغي أن يكون عليه هؤلاء الناس من الثبات والصلابة في المواقف، فكانت تربيته عليه الصلاة والسلام مثالاً يحتذى لكل أحدٍ من الناس يريد أن يسلك النهج النبوي في التربية الإسلامية.

ص: 4