المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرامهرمزي يصف حال الأئمة في رحلتهم للطلب - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌طالب العلم والرحلة

- ‌رحلة موسى عليه السلام في طلب العلم

- ‌قصص واقعية لأئمة رحلوا في طلب العلم

- ‌رحلة جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس

- ‌رحلة بعض التابعين في طلب العلم

- ‌رحلة ابن فروخ إلى الأعمش

- ‌رحلة الإمام أحمد في الطلب

- ‌رحلة بقي بن مخلد إلى الإمام أحمد

- ‌رحلة الإمام أبي حاتم الرازي

- ‌علماء تعرضوا في رحلتهم للأذى

- ‌ابن السمعاني وأسره في رحلته

- ‌خيثمة بن سليمان وأسر الروم له

- ‌مكابدة الأئمة لأمراض في رحلاتهم

- ‌أبو الوقت الهروي يرحل مشياً هو ووالده

- ‌رحلة السمعاني

- ‌الرامهرمزي يصف حال الأئمة في رحلتهم للطلب

- ‌وصف الرامهرمزي حال الأئمة في رحلتهم للطلب

- ‌فوائد الرحلة في طلب العلم

- ‌آداب الرحلة في طلب العلم وموانعه

- ‌الإخلاص لله تعالى

- ‌من آداب الرحلة: استئذان الأبوين في السفر

- ‌من آداب الرحلة: التماس الرفيق قبل الطريق

- ‌من آداب الرحلة: اغتنام الفرصة في السماع من المشايخ

- ‌الرحلة في طلب العلم في عصرنا الحاضر

- ‌بعض معوقات الرحلة في هذا الزمن

- ‌الاقتصار في الطلب على المشهورين من العلماء

- ‌التدرج في الطلب

- ‌السفر لطلب العلم في جامعة شرعية

- ‌السفر إلى بلاد الكفار لطلب العلم

- ‌السفر القصير في طلب العلم

- ‌الأسئلة

- ‌كيفية تحصيل العلم الشرعي

الفصل: ‌الرامهرمزي يصف حال الأئمة في رحلتهم للطلب

‌الرامهرمزي يصف حال الأئمة في رحلتهم للطلب

هذه طائفة من سير المحدثين الذين رحلوا في طلب الحديث، وقلنا أيها الإخوة في أول الأمر إن الدافع والداعي للرحلة في طلب الحديث كان موجوداً في البداية بخلاف ما هو عليه الآن، لكن لقيا العلماء وطلب العلم لا زال الدافع إليه موجوداً في عصرنا ولا شك، أما هؤلاء المحدثين فلا بد من ذكرهم والتعويل على سيرهم لأن لهم حق علينا، لا يوجد حديث في الكتب إلا وهم الذين نقلوه، وهم الذين رووه؛ ولذلك كان لا بد من ذكر حالهم.

وقد قال الحافظ الرامهرموزي في شأن أهل الحديث: يرحلون من بلاد إلى بلاد خائضين في العلم كل واد، شعث الرءوس، خلقان الثياب، خمص البطون، ذبل الشفاة، شحب الألوان، نحل الأبدان، قد جعلوا لهم هماً واحداً، ورضوا بالعلم دليلاً ورائداً، لا يقطعهم عنه جوع ولا ظمأ، ولا يملهم منه صيف ولا شتاء، مائزين الأثر صحيحه من سقيمه، وقويه من ضعيفه بألباب حازمة، وآراء ثاقبة، وقلوب للحق واعية، فلو رأيتهم في ليلهم وقد انتصبوا النسخ ما سمعوا -في الصباح يسمعون وفي الليل ينسخون- وتصحيح ما جمعوا، هاجرين الفرش الوطي، والمضجع الشهي، غشيهم النعاس فأنامهم، وتساقطت من أكفهم أقلامهم فانتبهوا مذعورين، قد أوجع الكد أصلابهم، وتيه السهر ألبابهم، فتمطوا ليريحوا الأبدان، وتحولوا عن مرقدهم ليفقدوا النوم من مكان إلى مكان، ودلكوا بأيديهم عيونهم ثم عادوا إلى الكتابة حرصاً عليها وميلاً إليها، لعلمهم أنهم حراس الإسلام وخزان الملك العلام، فلما قضوا من بعض ما راموا أوطارهم انصرفوا قاصدين ديارهم، فلزموا المساجد، وعمروا المشاهد، لابسين ثوب الخضوع، مسالمين ومسلمين.

فنلاحظ من حال هؤلاء أنهم بالرغم من عدم وجود طائرة ولا قطارات ولا سيارات، ما في من وسائل المواصلات الحديثة هذه، لكنهم ساروا مشياً وركوباً وعلى الرواحل الأسفار الشاسعة والسنوات الطويلة، هجروا الأهل والأولاد والبلدان لأجل حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بعضهم يخرج من بلده فلا يرجع إلا وقد كبر ولده وشب، ولقوا مصاعب وربما وقع بعضهم في الأسر كما ذكرنا، وكانت الرحلات تأخذ من عمرهم السنين الطوال، هذا يدل على علو همتهم وصبرهم وتحملهم رضي الله تعالى عنهم.

ص: 16