المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بعض معوقات الرحلة في هذا الزمن - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌طالب العلم والرحلة

- ‌رحلة موسى عليه السلام في طلب العلم

- ‌قصص واقعية لأئمة رحلوا في طلب العلم

- ‌رحلة جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس

- ‌رحلة بعض التابعين في طلب العلم

- ‌رحلة ابن فروخ إلى الأعمش

- ‌رحلة الإمام أحمد في الطلب

- ‌رحلة بقي بن مخلد إلى الإمام أحمد

- ‌رحلة الإمام أبي حاتم الرازي

- ‌علماء تعرضوا في رحلتهم للأذى

- ‌ابن السمعاني وأسره في رحلته

- ‌خيثمة بن سليمان وأسر الروم له

- ‌مكابدة الأئمة لأمراض في رحلاتهم

- ‌أبو الوقت الهروي يرحل مشياً هو ووالده

- ‌رحلة السمعاني

- ‌الرامهرمزي يصف حال الأئمة في رحلتهم للطلب

- ‌وصف الرامهرمزي حال الأئمة في رحلتهم للطلب

- ‌فوائد الرحلة في طلب العلم

- ‌آداب الرحلة في طلب العلم وموانعه

- ‌الإخلاص لله تعالى

- ‌من آداب الرحلة: استئذان الأبوين في السفر

- ‌من آداب الرحلة: التماس الرفيق قبل الطريق

- ‌من آداب الرحلة: اغتنام الفرصة في السماع من المشايخ

- ‌الرحلة في طلب العلم في عصرنا الحاضر

- ‌بعض معوقات الرحلة في هذا الزمن

- ‌الاقتصار في الطلب على المشهورين من العلماء

- ‌التدرج في الطلب

- ‌السفر لطلب العلم في جامعة شرعية

- ‌السفر إلى بلاد الكفار لطلب العلم

- ‌السفر القصير في طلب العلم

- ‌الأسئلة

- ‌كيفية تحصيل العلم الشرعي

الفصل: ‌بعض معوقات الرحلة في هذا الزمن

‌بعض معوقات الرحلة في هذا الزمن

من الأمور والعوائق الموجودة في هذا الزمان عدم التفرغ للرحلة، كان أحدهم ربما يتاجر سنة يكسب قوت سنة تالية فيذهب طيلة السنة التالية مسافراً، تنتهي الأموال فيرجع ينزل السوق يبيع ويشتري ويتكسب قوت سنة ويسافر وهكذا، لكن الآن هل يستطيع أحد أن يفعل هذا بسهولة؟

‌الجواب

لا.

هناك عوائق كثيرة تحول دونك ودون الكسب، لم تعد التجارة سهلة كالسابق، وكذا الأوضاع لم تعد كما كانت مثل الأيام الماضية، كذلك الآن أنت موظف مثلاً لو جئت تأخذ إجازة كم يعطوك إجازة لتسافر مثلاً؟ تستطيع تسافر ستة أشهر أو سنة أو سنين كما فعل العلماء القدامى؟ هذا صعب جداً، كذلك لو كنت طالباً في مدرسة أو جامعة تستطيع أن تترك المدرسة وتمشي أو تترك الجامعة وتمشي؟ وهذا يفوت عليك أشياء وربما حرمت من الدراسة وفصلت من الجامعة ونحو ذلك.

بالإضافة إلى ذلك: الثغرات الموجودة الآن كثيرة، والمجتمع يحتاج إلى طاقات كثيرة في الدعوة إلى الله وتعليم الناس، وإنكار المنكر، والتربية، وبر الوالدين، وصلة الرحم، الآن أصبحت العوائل من ضيق الأمور المادية يحتاج البيت أن يكون فيه أكثر من واحد يعمل، في كثير من البلدان يعمل الزوج وتعمل الزوجة، وربما يعمل الزوج دواماً إضافياً، ولابد أن يكون في البيت أحياناً أكثر من رجلين حتى يستطاع الوفاء بحاجات أهل البيت.

ثم إن الأمور قد تشعبت في هذا الزمان، حتى الحاجات المآكل والمشارب والملابس والبيوت، مطالب الحياة الدنيا الآن في هذا الزمان تعقدت وزادت وتشابكت الأمور وليست كما كانت في الماضي في سهولة عيشهم وفي يسر أمورهم، كانت الأمور ميسرة كثيراً، حتى الآن السفر هل هو مثلما كان؟ كان سابقاً يركب ويمشي ولا يوقفه أحد على هذه الراحلة أو مشياً اللهم إلا قاطع طريق، أما الآن فيحتاج إلى تأشيرات وجواز سفر، ويحتاج إلى تصديق وأختام وأشياء، وفي الحدود وفي المطارات، فإذاً تعقيد الأمور في هذا الزمان لا شك أنه من العوائق في قضية الرحلة في طلب العلم، وهذا أمر ينبغي أن يحسب له حسابه.

صحيح أنه عندما نسمع سيرة العلماء والسلف الماضين نتحمس، ونقول: نريد أن نفعل مثلهم، لكن ينبغي أن يكون عندنا حكمة وتعقل في وزن الأمور.

لذلك نقول الآن مراعاة للظروف الموجودة أولاً: يا أخي المسلم، ينبغي عليك أن تحصل العلم الذي في بلدك أولاً هذا شيء مهم جداً وقد يكفيك عناءً كثيراً، قال الخطيب البغدادي رحمه الله في كتابه الجامع: المقصود في الرحلة في الحديث أمران: أحدهما: تحصيل علوم الإسناد وقدم السماع، والثاني: لقاء الحفاظ والمذاكرة لهم والاستفادة منهم، فإذا كان الأمران موجودين في بلد الطالب ومعدومين في غيره فلا فائدة في الرحلة.

وقال بعض أهل العلم: ينبغي للرجل أن يقتصر على علم بلده وعلم عالمه، فلقد رأيتني أقتصر على علم سعيد بن عبد العزيز فما أفتقر معه إلى أحد.

فالأصل إذاً للطالب أن يأخذ العلم عن أهل بلده فلا يذهب إلى البعيد وعنده قريب؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما.

وكذلك أهل العلم -حتى المعاصرين مثل الشيخ الشنقيطي والشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمهما الله وغيرهم من أهل العلم- متى رحلوا؟ بعد أن أنهوا طلب العلم، حصلوا العلم عن العلماء الذين في بلدانهم.

الرحلة إذاً ليست مطلوبة لذاتها وليست لشهوة؛ فإن السفر قطعة من عذاب، وليس من مصلحة أن يترك أسرته وأولاده ويمشي إلا لشيء أعظم.

ص: 25