المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أثر النصيحة في المجتمع الإسلامي - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٥٢

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌مقومات النصيحة الناجحة [2، 3]

- ‌تعريف النصيحة

- ‌أثر النصيحة في المجتمع الإسلامي

- ‌حكم النصيحة

- ‌مجالات النصيحة

- ‌النصيحة في الأمور الشرعية وتعديها إلى غيرها

- ‌النصيحة في الأمور الدنيوية

- ‌الرد على من يقول: إن النصيحة تدخل في الحريات الشخصية

- ‌سبب عدم قبول الناس النصيحة

- ‌الفرق بين النصيحة والتشهير

- ‌شروط الناصح

- ‌اختيار الوسيلة المناسبة للنصيحة

- ‌شروط النصيحة

- ‌من شروط النصيحة: أن تكون مبنية على الدليل

- ‌من شروط النصيحة: الإيجاز

- ‌من شروط النصيحة: الوضوح

- ‌من شروط النصيحة: أن تكون بعيدة عن سوء الظن

- ‌من شروط النصيحة: أن تكون خالية من ألفاظ التفسيق والتجهيل

- ‌من شروط النصيحة: الحكمة عند طرح النصيحة

- ‌من شروط النصيحة: مراعاة الأسلوب الحسن

- ‌النصيحة بين التملق والتشهير

- ‌النصيحة بين التدرج وعدمه

- ‌النصيحة بين التلميح والتصريح

- ‌النصيحة بين التعميم والتخصيص

- ‌أمور تساعد على تقبل النصيحة

- ‌ذكر إيجابيات الشخص المنصوح

- ‌ذكر نقاط الاتفاق

- ‌معرفة الناس في مراتبهم وطبقاتهم

- ‌نقد الفكرة دون التعرض لقائلها

- ‌اقتران النصيحة بالموعظة

- ‌هل يشترط في النصيحة أن تكون شفوية

- ‌آداب المنصوح وواجباته

- ‌البحث عن الناصح

- ‌طلب النصيحة

- ‌تقبل النصيحة

- ‌الدعاء للناصح في ظهر الغيب

- ‌الأسئلة

- ‌حكم التشقير

- ‌تجميل ما تشوه من الإنسان

- ‌وضع اليد على الصدر لمن يصلي قاعداً

- ‌حكم قول كفارة المجلس في الهاتف

- ‌حكم الصفرة والكدرة

الفصل: ‌أثر النصيحة في المجتمع الإسلامي

‌أثر النصيحة في المجتمع الإسلامي

أثر النصيحة في المجتمع الإسلامي أثر عظيم جداً، أولاً: تسقط الواجب عن القائم بالنصيحة، فإن النصيحة واجبة، فإذا قام الإنسان بها فقد سقط الواجب عنه.

ثانياً: فيها تحقيق معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزء من النصيحة.

ثالثاً: تنظيف المجتمع من المحرمات والمنكرات والسلبيات والموبقات، هذه كلها من نتائج النصيحة.

رابعاً: القيام بحقوق الأخوة الإسلامية لا يتحقق إلا إذا قمنا بواجب النصيحة.

خامساً: النصيحة تعبر عن تكامل المجتمع المسلم، فهي مظهر من مظاهر المجتمع المسلم، الآن عندما نقول: إن المجتمع المسلم مجتمع عظيم، وعندما نقارن بين المجتمع المسلم والمجتمعات الأخرى، تبرز النصيحة معلماً بارزاً من معالم المجتمع الإسلامي، دلونا على أي مجتمع يطبق النصيحة؟ بالعكس تلقى المجتمعات الأخرى غير الإسلامية مجتمعات أنانية، لا أحد ينصح أحداً، ولا أحد يعلم أحداً، وإذا علم أحد مصلحة في أمرٍ كتمها وأخفاها وصار انتهازياً ينتفع هو منها ويخفيها عن الآخرين، ولا أحد يصلح خطأ الآخر ودعوى الحرية الشخصية تسير في تلك المجتمعات، ولا أحد ينكر على أحد أي شيء؛ لأن كل شخص حر في نفسه، ولهذا استشرى الفساد وعم في المجتمعات الأخرى.

أما المجتمع الإسلامي فمن أهم ميزاته وعناصر تكوينه وبروزه وثباته واستمراريته: النصيحة، تصور الآن لو طبقنا النصيحة تطبيقاً صحيحاً، هل يكون هناك منكر في المجتمع؟ لو طبقنا النصيحة تطبيقاً صحيحاً هل يتخلف المسلمون؟ لا يمكن، فما وقع الآن من تقصير وإهمال في النصيحة أدى إلى هذا التخلف الذي عليه المسلمون.

النصيحة لا تنطلق إلا بشعور بالمسئولية، أي: متى فرط المسلمون بالنصيحة؟ لما فقدوا الشعور بالمسئولية، وعندما تشعر بالمسئولية عن أفراد المجتمع، وتشعر بالمسئولية عن حقوق الله التي فرضها عليك، عندئذ تقوم وتنصح، لكن إذا لم يكن عندك شعور بالمسئولية فلن تنصح، ولذلك الناس الذين لا يشتغلون بالدعوة ولا بالنصح، مسئوليتهم وشعورهم بالمسئولية ميتان، لذلك لا يقومون بحقوق النصيحة.

وانظر معي إلى هذا الحديث العظيم الصحيح عن جرير بن عبد الله قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم) رواه البخاري، وزاد مسلم في صحيحه:(على السمع والطاعة فيما استطعت، والنصح لكل مسلم) فبايع صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله، وكان من سادات قومه، كان ملكاً متوجاً فيهم -كبيراً فيهم- جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فبايعه على السمع والطاعة، وهذا شيء عظيم جداً، والصلاة والزكاة من أركان الدين، والنصح لكل مسلم، اشترط الرسول صلى الله عليه وسلم في البيعة النصح، لأهميته، وقرنه بالسمع والطاعة، والصلاة والزكاة دلالة على عظم النصح.

ولذلك كان جرير بن عبد الله قد انتصح نصحاً عظيماً من هذه البيعة، فقام بواجب النصيحة على أتم وجه، فكان يكثر النصح كما أشار شراح السير في ترجمة جرير بن عبد الله راوي هذا الحديث، أنه كان يكثر النصح جداً، ويبذل النصيحة لكل أحد، حتى في البيع والشراء، حتى قيل: إن غلامه اشترى له فرساً بثلاثمائة درهم، فذهب جرير بن عبد الله إلى البائع، وقال له: إن فرسك خير من ثلاثمائة فجعل يزيده حتى بلغ به ثمانمائة درهم.

ووقع في صحيح البخاري -أيضاً- وخطب جرير، وهو جزء من الحديث، فقال:(أما بعد: فإني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: أبايعك على الإسلام؟ فشرط عليّ النصح لكل مسلم، فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم ثم استغفر الله ونزل).

ص: 3