المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إخلاص الطبيب ومراقبته لله - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٥٥

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌وصايا للأطباء والطبيبات

- ‌تقوى الطبيب لله سبحانه وتعالى

- ‌الإخلاص لله سبحانه وتعالى

- ‌حاجة الطبيب للفقه والعلم

- ‌تعلم أحكام الصلاة والوضوء والنجاسة

- ‌عدم إكراه المريض على الطعام والشراب

- ‌تلقين المحتضر الشهادة

- ‌دراسة الطب النبوي

- ‌عدم نفي ما وصفه النبي عليه الصلاة والسلام من أمراض

- ‌عدم إنكار أثر الرقية الشرعية في الشفاء

- ‌فقه جراحات التجميل

- ‌قواعد شرعية مهمة

- ‌الهدف هو رد الصحة المفقودة ما أمكن

- ‌علاج من ليس مريضاً

- ‌عدم تجريب العلاجات

- ‌الطبيب من شهداء الله في أرضه

- ‌الطبيب داعية إلى الله

- ‌إخلاص الطبيب ومراقبته لله

- ‌الطبيب آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر

- ‌الطبيب صاحب أمانة

- ‌الطبيب صاحب خلق حسن

- ‌الطبيب صاحب عقيدة صحيحة

- ‌الحذر من الوقوع في علاقات عاطفية مع المرضى

- ‌تجنب تجريح الطبيب لزملائه

- ‌حسن اختيار التخصص الطبي

- ‌الأسئلة

- ‌انتقاد الطب النبوي

- ‌حكم النظر إلى وجه الممرضة أو الدكتورة

- ‌حكم لبس العدسات الملونة للتجميل

- ‌حكم إجراء عمليات قيصرية بدون حاجة

- ‌دخول المسجد بجهاز النداء

- ‌حكم الهبة من قبل المخرف

- ‌حكم لمس عورة المرأة للطفل

- ‌موت مريض نتيجة خطأ من الطبيب

- ‌حكم إلزام المريض بعدم الإنجاب لأمراض وراثيه

- ‌حكم إخبار بعض الأطباء بنوعية المولود أثناء الحمل

- ‌حكم الأذان في أذن المولود

- ‌حكم إسقاط الجنين

- ‌إخلال النساء بواجبات المنزل

- ‌خلوة في المصعد

- ‌حكم استخدام حبوب منع الحمل

- ‌خارج المستشفى متحجبة وداخله كاشفة

- ‌كيفية التوفيق بين علم الطب وعلم الشرع

الفصل: ‌إخلاص الطبيب ومراقبته لله

‌إخلاص الطبيب ومراقبته لله

الطبيب الداعية والمخلص لا يحتاج إلى قسم المهنة؛ ليردعه عن الإخلال بوظيفته ومهمته؛ لأن مراقبة الله هي الضمان، لقد جرت العادة منذ عهد أبقراط أن يبدأ الطبيب حياته المهنية بترديد قَسم يلتزم بآدابه في ممارسة الطب، ونحن نعلم أن قضية السلوك المهني لا تحل بقَسم، وإنما الذي يحلها فعلاً هي مراقبة الله عز وجل، فإذا كان القَسم غير شرعي؛ لا يجوز له أن يقسم أصلاً، ولكن نؤكد على أن مراقبة الله (والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس) هذا هو الضمان الحقيقي لقيام الطبيب بمهمته على الوجه الصحيح.

الطبيب المخلص يعمل لمصلحة المسلمين وإن تعارض ذلك مع مصلحته الشخصية، فمثلاً: الطبيب يسعى لمنع الأمراض، وإن نتج عن ذلك قلة المرضى وبالتالي قلة المراجعين لأصحاب العيادات الخاصة، وشعاره هو:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:268] فبعض الأطباء يشعرون بالسرور إذا انتشرت الأمراض في البلد؛ لأن الناس سيراجعونهم ويأخذون الأموال، لكن الطبيب المخلص يشعر بالألم إذا انتشر المرض بين الناس، ولو كان ذلك لا يجر عليهم منافع.

كذلك من الإخلاص ألا ينزلق الطبيب المسلم وراء الغرور المهني عند نجاحه في بعض الأعمال؛ لأن ذلك يحبط الأعمال ويزيل الأجر.

عن أبي رمثة قال: (انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أبي: أرني هذا الذي بظهرك) أي: خاتم النبوة، خاتم النبوة كان مجموعة عظام على هيئة حلقة بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل فيه أوصاف أخرى (فإني رجل طبيب) طبعاً هذا ما فهم أن هذا خاتم نبوة وليس بعلة ولا مرض، وإنما رأى هذا فقال: أنا طبيب دعني أكشف عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في غاية الحكمة والتوضيح:(الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها) حديث صحيح.

لما رأى أبو رمثة خاتم النبوة وكان ناتئاً، فظنه ورم تولد من الفضلات ونحو ذلك، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجه من هذا إلى غيره، يعني: أن يقول: ليس هذا علاجٌ بل كلامك يفتقر إلى العلاج، حيث سميت نفسك طبيباً والله هو الطبيب، وإنما أنت رفيق ترفق بالمريض وتتلطف به، فهذا من الأسلوب الحكيم البديع، وذلك لأن الطبيب الحقيقي هو العالم بحقيقة الداء والدواء والقادر على الصحة والشفاء، والذي يملك ذلك هو الله عز وجل، ففي حالة طلب الشفاء يذكر المسلم نفسه أن الله هو الطبيب المداوي الحقيقي.

وكذلك فإن الطبيب من إخلاصه أنه لا يستغل طبه لامتيازات ومنافع شخصية، كأن يحصل على تخفيضات من المحلات، أو أن يأخذ شيئاً ليس من حقه، أو يعتدي على حق غيره، أو يستغل قضية أن الناس يخافون من الطبيب ويخشونه، أو أنه يقول: إذا عالجتك تنشر إعلاناً في الجريدة فيها دعاية لنفسه، أو تقول: اشكر الدكتور فلاناً كما يفعل بعض الناس، لو جاءت من المريض فذلك من عاجل بشرى المؤمن، لكن أن الطبيب يشترط عليه أنه يشكره خطابياً أو يكتب في الجريدة، فليس هذا من الإخلاص في شيء.

ص: 18