المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: ينبغي أن تكون هذه العلاقة علاقة هداية وتعليم - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٧٨

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌قواعد في علاقة الداعية بالمدعو

- ‌عهد الله إلى أنبيائه ورسله بالتبليغ

- ‌الدعوة أمر واجب على كل مسلم

- ‌عناصر المحاضرة

- ‌أولاً: ينبغي أن تكون هذه العلاقة خالصة لوجه الله عز وجل

- ‌أمور تقدح في إخلاص الداعية

- ‌ثانياً: إشعار الداعية للمدعو بالحرص عليه

- ‌ثالثاً: ينبغي أن تكون هذه العلاقة علاقة هداية وتعليم

- ‌رابعاً: تكون العلاقة قائمة على تحبيب الخير

- ‌خامساً: تكون العلاقة قائمة على الإشفاق والرحمة

- ‌سادساً: لا بد أن تكون هذه العلاقة قائمة على مراعاة الأولويات

- ‌سابعاً: أن تكون العلاقة قائمة على الرفق

- ‌رفق الرسول صلى الله عليه وسلم بالناس

- ‌ومن أمور الرفق: الرفق في التعرف على المدعو

- ‌أمور تنافي الرفق

- ‌ثامناً: لا بد أن تكون العلاقة قائمة على التدرج

- ‌تاسعاً: أن تكون العلاقة قائمة على الحكمة

- ‌الحكمة في مراعاة الأحوال والمواقف

- ‌ومن الحكمة كذلك: الحكمة في التعرف على المدعو

- ‌من الحكمة تقدير رغبة المدعو

- ‌عاشراً: مراعاة الأحوال

- ‌حادي عشر: من علاقة الداعية بالمدعو أن يصبر عليه

- ‌ثاني عشر: أن تكون العلاقة قائمة على مراعاة المصالح والمفاسد

- ‌ثالث عشر: أن تكون العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل والمحافظة على المشاعر

- ‌رابع عشر: أن تكون العلاقة محتفظة بدرجة من الجدية والوقار

- ‌خامس عشر: أن تكون العلاقة ذات نفع متعد لأقرباء المدعو وأصدقائه

- ‌سادس عشر: أن تكون العلاقة قائمة على نفع المدعو وخدمته وليس انتظار النفع منه

- ‌سابع عشر: أن تكون العلاقة بعيدة عن العواطف الهوجاء

الفصل: ‌ثالثا: ينبغي أن تكون هذه العلاقة علاقة هداية وتعليم

‌ثالثاً: ينبغي أن تكون هذه العلاقة علاقة هداية وتعليم

إن الداعية الحريص على المدعو يقتدي بحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم الداعية العظيم الذي يقول الله في شأنه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] وهذا إبراهيم عليه السلام لما جاءته الملائكة يبشرونه بإسحاق وهم في طريقهم إلى قوم لوط لإهلاكهم، ما نسي إبراهيم قوم لوط:{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} [هود:74] يجادل الملائكة في قوم لوط، لو فيهم كذا مسلمين تهلكونهم {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود:75] صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم تسليماً كثيراً.

وهذا الحرص يقتضي أن يحس الداعية أنه ينبغي أن يحاول في هذا الرجل أو هذه المرأة إذا كانت امرأة تدعو امرأة أخرى مثلاً أن تهتدي إلى الحق، وأن تبصر الحق مثلما أبصره هذا الداعية.

ثم تكون هذه العلاقة فيها تعليم؛ لأن الحرص معناه أنك ينبغي أن تثقفه وتزوده وتبصره وتقدم له المفهومات الإسلامية والتصورات الدينية التي يحتاجها هذا المدعو، ولذلك فإننا نذكر هؤلاء الناس الذين يشتغلون في الدعوة، ولكن إذا تأملت في علاقتهم بالمدعوين، وجدت علاقة استئناس وقصص وسوالف، ويظنون أنهم يقومون بالدعوة، ولو سألت هذا المدعو: ماذا استفدت من هذا الشخص الذي جلس معك؟ لما استطاع أن يأتي إلا بأمور يسيرة جداً لا تكاد تذكر، ذلك أن هذا الداعية يخدع نفسه، فيظن أنه يدعو، والحقيقة أنه يقيم علاقات اجتماعية فقط، يتداخل مع الناس، لكن في النهاية ماذا استفاد الناس؟ لا شيء.

ولأجل ذلك ينبغي أن يعد كل داعية في نفسه قبل أن يذهب إلى المدعو، ماذا يريد أن يقول له؟ ما هو المفهوم الذي سيوضحه؟ وما هو التصور الذي سيقدمه؟ وما هي الأحكام التي سيبينها؟ فإذا رجع من عنده حاسب نفسه، فقال في نفسه: يا ترى ماذا أفدته؟ ماذا قدمت له؟ هل قمت بما كنت أفكر القيام به قبل أن أزوره؟ وهكذا.

ثم على الداعية أن يتأمل ماهي هذه التصورات التي من المهم أن ينقلها إلى هذا المدعو، مثلاً: لا بد أن يكلمه عن الإيمان وأركانه، وأن يشرح له شيئاً عن الإسلام وأركانه، ومعنى الشهادتين والتوحيد وأنواعه، والمفهوم الواسع للعبادة واليوم الآخر، وتفصيلات اليوم الآخر والقيامة وما فيها، وتغيير العادات القبيحة والطباع السيئة، واتباع السنة وترك البدع، وترك تقليد الآباء والأجداد على الباطل، يذكره بعظمة الله ومراقبته، يذكره بحاجته إلى الهداية، ثم يبين له مفهوم العمل الصالح، ما هي أركان العمل الصالح، وأهمية التفقه في الدين، ويبين له أشياء عن أعمال القلوب، وصنائع المعروف، وشعب الإيمان، وحب الخير وبغض الشر، والورع وترك الشبهات، ويبين له كيد أعداء الإسلام وسعيهم لهدم هذا الدين، وهذا الضياع والتيه الذي تعيش فيه الأمم اليوم من أصحاب الحضارات الكفرية، وكيف يتخبطون، حتى لا يفتن هذا المدعو بها، ويزول إعجابه بهؤلاء الكفرة أو الفسقة المجرمين المخربين.

وهكذا يستمر في التفكير: ماذا يقدم؟ ما هي التصورات اللازمة أن تعطى لهذا المدعو؟

ص: 8