المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌8 - موقفهم من الصحابة: - الإباضية في ميزان أهل السنة

[عبد الله بن مسعود السني]

الفصل: ‌8 - موقفهم من الصحابة:

‌8 - موقفهم من الصحابة:

قال السالمي في تحفة الأعيان (1): "وأهل عمان هم أهل الطريق القويم، وأهل الصراط المستقيم، الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ودعا العرب والعجم إليه، وجاهدهم عليه، حتى دخلوا فيه رغبا ورهبا، وعليه لقي ربه صلى الله عليه وسلم، وعليه مضى الخليفتان الراضيان المرضيان حتى لقيا ربهما.

وعليه مضى عثمان بن عفان في صدر خلافته حتى غير وبدل فقاموا عليه وعاتبوه فتوبوه، فرجع إلى تغييره، ثم عاتبوه فتوبوه، ثم عاد إلى تغييره وأعذروا إلى الله فيه حتى عذروا بين الخاص والعام، وطلبوا الاعتزال عن أمرهم فأبى فاجتمعوا عليه وحاصروه حتى قتل في داره، ثم اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقدموه وبايعوه على القيام بأمر الله ومضى على ذلك ما شاء الله من الزمان، وقاتل أهل الفتنة القائمين لقتاله المتسترين عند العوام بطلب دم عثمان، حتى قتل منهم ألوفا وهزم صفوفا، ثم رجع القهقرى، وحكم الرجال على حكم أمضاه الله ليس لأحد أن يحكم فيه برأيه فعاتبوه فلم يعتبهم وخاصموه فخصموه فكانت

(1) تحفة الأعيان للسالمي (1/ 76).

ص: 26

لهم الحجة عليه فهم أن يرجع إليهم ويترك ما صالح عليه البغاة من التحكيم في حكم الله، فقامت عليه رؤساء قومه فأطاعهم، وعصى المسلمين فاعتزلوه بعد أن خلع نفسه بتحكيم الرجال في إمامته وهو يظن أن الأمر باق في يده وهيهات. . . فقد أعطى العهود والمواثيق على قبول حكم الرجلين فصارت الإمامة يلعب بها الحكمان إن قدموه أو عزلوه فاعتزله المسلمون عند ذلك وقدموا على أنفسهم إماما وهو عبد الله بن وهب الراسبي فسار إليهم علي فقاتلهم بالنهروان حتى قتل جامعتهم الذين هنالك، وهم قدر أربعة آلاف رجل لم ينج منهم إلا اليسير وهم يرون أن الموت هو النجاة، وهو الرواح إلى الجنة، فبقي من بقي منهم في الأمصار والنواحي، وهم خلق كثير فبقوا متمسكين بما وجدوا عليه أسلافهم، عاضين على وصية النبي صلى الله عليه وسلم في اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، فنصبوا على ذلك الأئمة وأذهبوا في رضا الله الأنفس. . . " ا. هـ المراد نقله منه.

وقال السالمي في تحفة الأعيان (1): في ذكر قدوم ابن بطوطة على عمان وما شاهده من أحوال الإباضية فيها: " أما رضاهم عن ابن ملجم فالله أعلم به، وهو قاتل علي ومن صح معه خبره واستحق معه الولاية فهو حقيق بالرضا، ومن لم يبلغه خبره ولا شهر عنه بما يستحق به الولاية

(1) تحفة الأعيان للسالمي (1/ 369 - 371).

ص: 27

فمذهبهم الوقوف على المجهول، وعلي قتل أهل النهروان فقيل: إن ابن ملجم قتله ببعض من قتل، ويوجد في آثارنا عن مشايخنا أنه لم يقتله إلا بعد أن أقام عليه الحجة وأظهر له خطأه في قتلهم وطلبه الرجوع فلم يرجع، وابن ملجم إنما قتل نفسا واحدة وعلي قد قتل بمن معه أربعة آلاف نفس مؤمنة في موقف واحد إلا قليلا منهم ممن نجا منهم، فلا شك أن جرمه أعظم من جرم ابن ملجم، فعلام يلام الأقل جرما ويترك الأكثر جرما، ليس هذا من الإنصاف في شيء".

كتاب (بيان الشرع) للشيخ العلامة القاضي محمد بن إبراهيم الكندي:

وهو من علماء النصف الثاني من القرن الخامس وعاش إلى أوائل القرن السادس قال عنه المؤرخ سيف بن حمود البطاشي (1): " كان من أشهر علماء زمانه، ومن كبار المؤلفين في عصره، ولو لم يكن له من المؤلفات إلا كتاب بيان الشرع لكفى، وهو عند أصحابنا المشارقة أشهر من نار على علم وتبلغ أجزاؤه اثنان وسبعون جزءا، وكان مرجعًا لمن جاء بعده من الفقهاء والمؤلفين، ولا يزد عليه في عدد الأجزاء إلا قاموس الشريعة، إلا أن المؤلفين من العلماء الذين جاؤوا بعد تأليف بيان الشرع كلهم عيال عليه، يستمدون منه، ويعترفون.

(1) إتحاف الأعيان في تأريخ بعض علماء عمان (1/ 236).

ص: 28

وقال في اللمعة المرضية: "وإنه لكتاب ظاهر البركة، عم نفعه الآفاق، ومنه استمد أهل الوفاق. . . " أ. هـ (1).

وفي هذا الكتاب (2) سيرة لبعض الخوارج يدعى أبو الفضل عيسى بن نوري الخارجي، معروضة على اثنين من كبار علماء الإباضية وهما أبو عبد الله محمد بن محبوب وأبو سعيد محمد بن سعيد الكدمي.

قال الخارجي في سيرته: "ونبرأ من عدو الله إبليس – لعنه الله – وأتباعه من الفراعنة وغيرهم من أئمة الكفر، وأتباع أهل الطاغوت من لدن آدم إلى يوما هذا

وبرئنا بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – من أهل القبلة الذين هم من أهل القبلة، عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، وجميع من رضي بحكومة الحكمين، وترك حكم الله إلى حكومة عبد الملك بن مروان وعبيد الله بن زياد والحجاج بن يوسف وأبي جعفر والمهدي وهارون وعبد الله بن هارون، وأتباعهم وأشياعهم، ومن تولاهم على كفرهم وجورهم من أهل البدع

(1) وقد ذكر البطاشي تسعة من علمائهم قرظوا هذا الكتاب بقصائد شعرية أوردها من ص (238) إلى ص (245)، وقد طبعته وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان سنة 1407هـ 1984م.

(2)

بيان الشرع (3/ 277 - 293).

ص: 29

وأصحاب الهوى، لقول الله تعالى:{ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [سورة القصص الآية 50].

قال أبو عبد الله محمد بن محبوب – رحمهم الله: "نوافقهم على هذا والبراءة ممن سماه".

قال أبو سعيد محمد بن سعيد – رضي الله عنه: "نوافقهم على البراءة ممن سمى على الشريطة بما سماهم من الكفر"أ. هـ (1).

ثم قال الخارجي: "وبرئنا من المعتزلة بما وقفوا -أي لم يبرئوا ولم يتولوا- عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وغيره من أهل القبلة وأهل الكفر

قال أبو عبد الله -أي محمد بن محبوب-: "أما البراءة فنوافقهم. . "(2).

ثم قال الخارجي في آخر السيرة: "هذا دين الله، ودين ملائكته، وأنبيائه، ودين أوليائه، إليه ندعو، وبه نرضى، وعليه نحيا، وعليه نموت، ولا حكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين. . . " أ. هـ (3)

هذا موقفهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم فانظر كيف تبرءوا من أربعة من المبشرين بالجنة (عثمان وعلي

(1) بيان الشرع (3/ 280 - 281).

(2)

بيان الشرع (3/ 284 - 285).

(3)

من بيان الشرع (3/ 293).

ص: 30

وطلحة والزبير) وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ونبرأ إلى الله ممن تبرأ منهم.

ص: 31