المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تكفير إمامهم ابن إباض لعثمان رضي الله عنه - الإباضية في ميزان أهل السنة

[عبد الله بن مسعود السني]

الفصل: ‌تكفير إمامهم ابن إباض لعثمان رضي الله عنه

‌تكفير إمامهم ابن إباض لعثمان رضي الله عنه

-

وهذه رسالته التي وجهها إلى عبد الملك بن مروان من شرح العقيدة، وأصلها في كتاب السير العمانية القديمة:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد، من عبد الله بن إباض، إلى عبد الملك بن مروان، سلام عليك

ثم قال في هذه الرسالة: "وأما ما ذكرت من عثمان، والذي عرضت من شأن الأئمة، فإن الله ليس ينكر على أحد شهادته في كتابه ما أنزله على رسوله، أنه من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون، والكافرون، والفاسقون، ثم إني لم أذكر لك شيئا من شأن عثمان والأئمة إلا والله يعلم أنه الحق

وأخبرك من خبر عثمان والذي طعنا عليه فيه، وأبين شأنه الذي أتى عثمان، لقد كان ما ذكرت من قدم في الإسلام وعمل به، ولكن الله لم يجر العباد من الفتنة والردة عن الإسلام ثم أحدث أمورا لم يعمل بها صاحباه قبله، وعهد الناس يومئذ بنبيهم حديث، فلما رأى المؤمنون ما أحدث أتوه، فكلموه، وذكروه بآيات الله، وسنة من كان قبله من المؤمنين، وقال الله تعالى:{ومن أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها إنا من المجرمون منتقمون} ، فسفه عليهم أن ذكروه بآيات الله، وأخذهم

ص: 32

بالجبروت، وظلم منهم من شاء الله، وسجن من شاء الله منهم، ونفاهم في أطراف الأرض نفيا، وإني أبين لك يا عبد الملك بن مروان، الذي أنكر المؤمنون على عثمان، وفارقناه عليه فيما استحل من المعاصي".

ثم أخذ يسرد بعض ما افتراه من الكذب على ذي النورين عثمان بن عفان –رضي الله عنه– ويستشهد بآيات الوعيد فيه، وينزلها عليه، مثل قوله تعالى:{ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين، لهم في الدنيا خزي، ولهم في الآخرة عذاب عظيم} قال: "فكان عثمان أول من منع مساجد الله

"!!. وقوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ما عليك من حسابهم من شيء، وما من حسابك عليهم من شيء فتطرهم فتكون من الظالمين} قال: " فكان أول رجل من هذه الأمة طردهم. . " إلى أن قال عن عثمان –رضي الله عنه: "وبدل كلام الله، وبدل القول، واتبع الهوى. . "

وقوله تعالى: {قل أرأيتم ما أنزل الله من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا، قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون، وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة} ، {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله، فقد ضل ضلالا مبينا} ، ثم عدد آيات أنزلها الله تعالى في الكافرين

ص: 33

وينزلها هو على الخليفة الراشد، والقانت الزاهد عثمان – رضي الله عنه وأرضاه - ثم قال بعد ذلك: " فلو أردنا أن نخبر بكثير من مظالم عثمان لم نحصها إلا ما شاء الله، وكل ما عددت عليك من عمل عثمان يكفر الرجل أن يعمل ببعض هذا، وكان من عمل عثمان أنه كان يحكم بغير ما أنزل الله، وخالف سنة نبي الله. . وقد قال الله:{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى، ويتبع غير سبيل المؤمنين، نوله ما تولى ونصله جهنم، وساءت مصيرا} وقال: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} ، وقال:{ألا لعنة الله على الظالمين، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا} ، وقال:{لا ينال عهدي الظالمين} ، وقال:{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار، وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون} ، وقال:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} ، وقال:{وكذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون} كل هذه الآيات تشهد على عثمان، وإنما شهدنا عليه بما شهدت عليه هذه الآيات:{والله يشهد بما أنزل إليك، أنزله بعلمه، والملائكة يشهدون، وكفى بالله شهيدا} .

ثم قال عبد الله بن إباض: " فلما رأى المؤمنون الذي نزل به عثمان من معصية الله تبرؤوا منه، والمؤمنون شهداء الله، ناظرون أعمال الناس

فعلم المؤمنون أن طاعة عثمان على ذلك طاعة إبليس. . " ثم ذكر

ص: 34

مقتل عثمان، وأنهم قتلوه، ونزل عليه قول الله تعالى:{وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم، وطعنوا في دينكم، فقاتلوا أئمة الكفر، إنهم لا أيمان لهم، لعلهم ينتهون} ، ثم قال: " وقد يعمل الإنسان بالإسلام زمانا ثم يرتد عنه، وقال الله:{إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى، الشيطان سول لهم، وأملى لهم} .

ثم ذكر علي بن أبي طالب –رضي الله عنه– بقريب مما قال في ذي النورين عثمان بن عفان، ونزل فيه آيات من مثل التي سردها في شأن عثمان، ثم ذكر معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – بمثل ذلك، ثم قال: " فمن يتول عثمان ومن معه (1) فإنا نشهد الله، وملائكته، وكتبه، ورسله، بأنا منهم براء، ولهم أعداء، بأيدينا، وألسنتنا، وقلوبنا، نعيش على ذلك ما عشنا ونموت عليه إذا متنا، ونبعث عليه إذا بعثنا، نحاسب بذلك عند الله

"، ثم أغلظ القول في عثمان ومحبيه، وتعرض لذكر الخوارج، فأثنى عليهم، وذكرهم بخير ذكر، وعظمهم، وقال بعد ذلك: " فهذا خبر الخوارج، نشهد الله، والملائكة أنا لمن عاداهم أعداء، وأنا لمن والاهم أولياء، بأيدينا، وألسنتنا، وقلوبنا، على ذلك نعيش ما عشنا،

(1) ويقصد بمن معه علي بن أبي طالب ومعاوية ومن تولاهم كما يدل عليه السياق.

ص: 35

ونموت على ذلك إذا متنا

" ثم قال: " أدعوكم إلى كتاب الله،. . ونبرأ ممن برئ الله منه ورسوله، ونتولى من تولاه الله. . ".

وهذا الكتاب قرظه مجموعة من كبراء الإباضية وهم:

1 -

إبراهيم بن سعيد العبري.

2 -

أحمد بن حمد الخليلي (مفتي عمان).

3 -

سالم بن حمود السيابي.

4 -

محمد بن شامس البطاشي.

قال الخليلي: فقد أتاح لي القدر السعيد فرصة ذهبية للإطلاع على السفر المسمى "العقود الفضية في أصول الإباضية " لمؤلفه العلامة الجليل أخينا الصالح الشيخ سالم بن حمد الحارثي، فوجدته وأيم الحق كتابا جامعا تنشرح به القلوب، وتثلج له الصدور، قد كشف من حقائق المذهب ما أرخى عليه الزمن ستوره، وأبرز من خباياه ما لم يصل إلى أدمغة الجم الغفير من طلاب الحقيقة. . ا. هـ (1).

(1) السير والجوابات لعلماء وأئمّة عمان 2/ 325 ـ 345 تحقيق الأستاذة الدكتورة سيدة إسماعيل كاشف، ط وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان، والجواهر المنتقاة 156 ـ 162، وإزالة الوعثاء عن أتباع أبي الشعثاء 86 ـ 101.

ص: 36

قال أبو الحسن الأشعري: "والإباضية يقولون: إن جميع ما افترض الله سبحانه على خلقه إيمان، وإن كل كبيرة فهي كفر نعمة، لا كفر شرك، وإن مرتكبي الكبائر في النار خالدون فيها"(1).

(1) انظر: مقالات الإسلاميين (1/ 189).

ص: 37