المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌3- مصدر التلقي عندهم:

الإباضِيَّة ارتباطها بجابر بن زيد - أحد التابعين - مع أنه قد تبرأ منهم (1) . الإباضِيَّة فرق متعددة فمنهم الحَفصيَّة واليزيدية، والحارِثِيَّة، وغيرها، وأشد هذه الفرق انحرافاً طائفة اليزيدية، وإمامهم يزيد بن أنيسة زعم أن الله سيبعث رسولاً من العَجَم، ويَنزِل عليه كتاباً من السماء، ومن ثم ترَك شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وقد تبرأ أكثر الإباضِّية من هذه الفرقة ومنهم من توقَّف فيها (2) .

‌3- مصدر التلقِّي عندهم:

وإذا أردنا أن نتَحدَّث عن مصدر التَلقِّي عندهم، فإنَّ لمسند الربيع بن حبيب مكانةً عظيمةً في قلوبهم، فهو مصدر التلقِّي عندهم بعد القرآن، حيث إنه أصح كتاب عندهم بعد القرآن ومؤلفه الربيع بن حبيب البصري، وقد اعتنوا بهذا المسند فشُرِح عدة شروح، كما رُتِّب على الأبواب الفقهية، فجاء في أربعة أجزاء صغيره ضمن مجلد واحد، ويُفتقد هذا المسند ((المنحول)) للربيع لمقدمة توضح تراجم رواته، وتوثيق نسبة للربيع، بينما تَفتخِر الإباضِيَّة

(1) - انظر تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر 2/ 38.

(2)

- للمزيد من معرفة الإباضية: انظر مقالات الإسلاميين 1/ 167 الملل والنحل 1/ 134 ودراسة عن الفرق لأحمد جلي وغيرها كثير.

ص: 8

بأَنَّ هذا المُسنَد يعود إلى أبي الشعثاء جابر بن زيد والذي تبرأ منهم - كما سبق ذكره.

كما أن هذا المسند مليء بأخبار منقطعة، وأحاديث لا خِطام لها ولا زِمام وأخبار موضوعه (1) ومأخذ ثالث وهو أن هذا المسند يعُج بالمخالفات والمزالق العقدية المتنوعة ومنها ما يلي:

أ- تعطيل الصِّفات الإلهِيَّة ونسبة هذا التعطيل إلى صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ما جاء في مسندهم من الزعم بأن الله في كل مكان ونسبة ذلك لعمر ونفي رؤية الله في اليوم

(1) ومن هذه الأخبار الموضوعة والموجودة في هذه المسند ج1 / ص 13 ما نسبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: ((إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني، وهذا موضوع مختلق على النبي صلى الله عليه وسلم كما بين ذلك أئمة الحديث وصيارفته، كما أن القران يكذب هذا الحديث ويرده كما قال سبحانه ((وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) انظر كشف الخفاء 1 /89، ولعل هذا الخبر الموضوع يؤكد وقوع الخوارج في وضع الأحاديث

وإن كانوا أقل كذباً من غيرهم كالرافضة ونحوهم وكما روى الخطيب البغدادي في - الكفاية بسنده - عن شيخ من الخوارج وهو يقول: إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حديثاً، انظر الكفاية ص 163.

ص: 9

الآخر ونسبته لإبن عباس، ونَفيِ اليد وتَأويلِها بالقدرة ونفي الإستواء على العرش، ونفي العين والنفس، وغيرها من الصفات (1) .

ب- تعطيل السُنَّة النبوِّية احتجاجاً بحديث جاء في المسند الربيع ((إنَّكم ستَختلفُون من بعدي فما جاءكم عنِّي فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعنِّي وما خالفه فليس عنِّي)) وهو حديث كذب موضوع.

ج - نفي المسح على الخُفَّين وإنكاره (2) .

ويتَضَّمن المسند شيئا من التأويلات المتعسِّفة، ولعلهم يستدلون بحديث رووه في مسندهم مرفوعاً ((ما من كلمة إلا ولها وجهان فاحملوا الكلام على أحسن الوجوه (3) فمن تلك التأويلات المتكلفة قول أبي عبيدة - أحد شيوخ الربيع - عن معنى حديث ((من يحمل السلاح فليس منا)) : يريد حمله إلى أرض العدو (4) .

(1) - انظر المسند المذكور 3/23-37.

(2)

- انظر المسند المذكور 1/27.

(3)

انظر المسند المذكور3/40.

(4)

- انظر المسند المذكور2/20.

ص: 10

وقد انعكست هذه المزالق على الإباضِيَّة فتجدهم يحتجٌّون بأخبار موضوعة، ويجهلون الأحاديث الصحيحة، ويمتَطُون التأويل المُتعَسِّف، فَيحرِّفون الكَلِم عن مواضع، وأذكر على ذلك مثالاً لأحد شيوخهم المعاصرين في عُمان وهو سالم بن حمود السمائلي فتجده يحتج بحديث ((خذو شطر دينكم عن هذه الحميراء)) (1) وهو كذب مختلق كما بيّن ذلك ابن القيم رحمة الله في ((المنار المنيف)) . وانظر إلى جهله - أو تجاهله - بالأحاديث الصحيحة التي تخالف مذهبه وكيف يتأولها تأويلاً بعيداً غير سائغ، فيقول السمائلي:(وحديث من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وسرق - على فرض صحته - وإن زنى وإن سرق ثم تاب، فالزنى والسرقة لا يمنعان من دخول الجنة للتائب فإن التائب من الذنب كما لا ذنب له)(2) . أرأيت أخي القارئ ما يفعله الشيخ العلَاّمة الجليل سالم - كما جاء على غلاف كتابه!! مع أن حديث من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق أخرجه الشيخان:

(1) - انظر كتابه إزالة الوعثاء ص 63.

(2)

- انظر كتابه أصدق المناهج في تمييز الإباضية عن الخوارج ص 34.

ص: 11

البخاري ومسلم (1) وانظر إلى كثافة فهمه وفساد كلامه.

ويتفنَّن الفقيه سالم في ذكر أنواع من التأويل الفاسد عند ايراد أحاديث مذهبه فمن ذلك قوله عن حديث ((يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)) أي لا يدخلها أبداً (2) .

وقوله عن حديث: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنَّة، إذا مات غير مقترف لإثم دخل الجنَّة)(3) . وليس التأويل الفاسد وقفاً على هذا الشيخ، بل نجد أن الكثير من الإباضِّية إذا أعيتهم النصوص وأشرقت عليهم بأنوارها، شهروا أمامها ذاك التأويل المظلم (4) . ورحم الله ابن أبي العز الحنفي عندما يقول عن هذا التأويل: وهذا الذي أفسد علينا الدنيا والدين، وهكذا فعلت اليهود والنَّصارى في التَّوراة والإنجيل، وحذَّرنا الله أن نفعل مثلهم،

(1) - انظر ما ذكره ابن رجب عن معنى هذا الحديث وما في معناه في رسالة " كلمة الإخلاص ".

(2)

- انظر كتابه أصدق المناهج ص 35، 36،

(3)

- انظر كتابه أصدق المناهج ص 35، 36،

(4)

- انظر إلى ما جاء في كتاب بدابة الإمداد على غاية المراد لسليمان الكندي الإباضي حيث أوّل الميزان بالعدل ص 57، وكذا أول الصراط ص 58 وغير ذلك.

ص: 12