المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتابة المقادير في ضوء الكتاب والسنة - دروس للشيخ ياسر برهامي - جـ ٨

[ياسر برهامي]

فهرس الكتاب

- ‌الإيمان بالقدر وأثره في السلوك

- ‌الطمأنينة والسعادة في الإيمان بالله عموماً والقدر خصوصاً

- ‌طريقة الكتاب والسنة في الإيضاح والتبيين

- ‌مسألة القضاء والقدر

- ‌مراتب الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله السابق على وجود المخلوقات

- ‌المرتبة الثانية: الكتابة

- ‌المرتبة الثالثة: الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة

- ‌المرتبة الرابعة: الإيمان بالخلق والبعث

- ‌الأدلة من الكتاب والسنة على مراتب الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌التوقعات الجوية تحتمل الصدق والكذب

- ‌سعة علم الله تعالى فيما يتعلق بالجنين

- ‌مظاهر كذب الكهنة والعرافين

- ‌القرآن يدعو إلى التفكر في مخلوقات الله وأماكن عيشها

- ‌العقائد الفكرية الباطلة

- ‌الاستنساخ وأطفال الأنابيب هل يعدان خلقاً

- ‌علم الله محيط بما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون

- ‌استحضار علم الله ومراقبته ثمرة من ثمار الخوف والتقوى

- ‌كتابة المقادير في ضوء الكتاب والسنة

- ‌خمسة أمراض يشقى بهن الفرد والمجتمع

- ‌الحث على طلب الرزق الحلال والإجمال في الطلب

- ‌عدم صحة الاحتجاج بالقدر على المصيبة إلا بعد التوبة النصوح

- ‌ثمرة الإيمان بأن السعادة والشقاوة مكتوبتان

- ‌المبادرة إلى التوبة قبل الموت

الفصل: ‌كتابة المقادير في ضوء الكتاب والسنة

‌كتابة المقادير في ضوء الكتاب والسنة

المرتبة الثانية من مراتب الإيمان بالقضاء والقدر: مرتبة كتابة المقادير، وقد ذكر الله عز وجل هذه المرتبة في الآية التي ذكرنا:((وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)).

وقال عز وجل: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:21 - 22].

وقال عز وجل: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس:12] أي: بين فيه كل ما يقع في هذا الوجود.

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب، فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة).

وفي الحديث الآخر: (يا أبا هريرة! جف القلم بما أنت لاق)، فهذا الأمر عظيم الأهمية، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)، وهذا المعنى العظيم من أهم معاني الإيمان بالقضاء والقدر، فقد بينه القرآن، وبين ثمرته العظيمة وارتباطها بالاعتقاد، قال عز وجل:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحديد:22 - 24]، وهذه آيات عظيمة البيان، فهناك أمراض خطيرة تعالج بهذه الآيات الكريمة:((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا)) أي: من قبل أن نخلقها، فالكتاب: هو اللوح المحفوظ كما ذكرنا، والضمير في (نبرأها) يعود على الأرض أو على النفوس أو على المصيبة، أو كما رجح ابن كثير رحمه الله: في أنه يعود على الخليقة، أي: من قبل أن يخلق الله هذه الخليقة كلها من الأرض والنفوس والمصيبة، فإنها موجودة في اللوح المحفوظ وهو معنى صحيح، وقوله تعالى:((إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) أي: سهل على الله، فقد أمر الله القلم أن يكتب فكتب في تلك الساعة، وجرى في تلك الساعة بما هو كائن، وجف على ذلك، وطويت الصحف وجفت، ورفعت الأقلام، فلا زيادة في هذا الكتاب.

وثمرة هذا قوله تعالى: ((لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ))، فلماذا تحزن على شيء فاتك؟ فلو استحضرت أنه مكتوب عليك من قبل، وأنه كان لابد أن يحصل هذا الأمر قبل خلق السماوات والأرض، وقبل أن توجد أنت على وجه الأرض، وقبل خلق الأرض نفسها، وأن هذا سوف يقع في اللحظة الفلانية، فلن تأسى على نفسك ولن تحزن.

ص: 19