الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ السَّادِسُ وَالسِّتُّونَ: فِي أَمْثَالِ الْقُرْآنِ
أَفْرَدَهُ بالتصنيف الإمام أبو الْحَسَنُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَاّ الْعَالِمُونَ}
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى خَمْسَةٍ أَوْجُهٍ: حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَمُحْكَمٍ وَمُتَشَابِهٍ وَأَمْثَالٍ فَاعْمَلُوا بِالْحَلَالِ وَاجْتَنِبُوا الْحَرَامَ وَاتَّبِعُوا الْمُحْكَمَ وَآمِنُوا بِالْمُتَشَابِهِ وَاعْتَبِرُوا بِالْأَمْثَالِ"
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: مِنْ أَعْظَمِ عِلْمِ الْقُرْآنِ عِلْمُ أَمْثَالِهِ وَالنَّاسُ فِي غَفْلَةٍ عَنْهُ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْأَمْثَالِ وَإِغْفَالِهِمُ الْمُمَثَّلَاتِ وَالْمَثَلُ بِلَا مُمَثَّلٍ كَالْفَرَسِ بِلَا لِجَامٍ وَالنَّاقَةِ بِلَا زِمَامٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدْ عَدَّهُ الشَّافِعِيُّ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ مَعْرِفَتُهُ مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: ثُمَّ مُعْرِفَةُ مَا ضُرِبَ فِيهِ مِنَ الْأَمْثَالِ الدَّوَالِّ عَلَى طَاعَتِهِ الْمُبَيِّنَةِ لِاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ
وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: إِنَّمَا ضَرَبَ اللَّهُ الْأَمْثَالَ فِي الْقُرْآنِ تَذْكِيرًا وَوَعْظًا فَمَا اشْتَمَلَ منها على تفاوت في ثَوَابٍ أَوْ عَلَى إِحْبَاطِ عَمَلٍ أَوْ عَلَى مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ
وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَرْبُ الْأَمْثَالِ فِي الْقُرْآنِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ: التَّذْكِيرُ وَالْوَعْظُ وَالْحَثُّ وَالزَّجْرُ وَالِاعْتِبَارُ وَالتَّقْرِيرُ وَتَقْرِيبُ الْمُرَادِ لِلْعَقْلِ وَتَصْوِيرُهُ بِصُورَةِ الْمَحْسُوسِ فَإِنَّ الْأَمْثَالَ تُصَوِّرُ الْمَعَانِيَ بِصُورَةِ الْأَشْخَاصِ لِأَنَّهَا أَثْبَتُ فِي الْأَذْهَانِ لِاسْتِعَانَةِ الذِّهْنِ فِيهَا بِالْحَوَاسِّ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْغَرَضُ مِنَ الْمَثَلِ تَشْبِيهُ الْخَفِيِّ بِالْجَلِيِّ والغائب بالشاهد وَتَأْتِي أَمْثَالُ الْقُرْآنِ مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيَانِ تَفَاوُتِ الْأَجْرِ وَعَلَى الْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَعَلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَعَلَى تَفْخِيمِ الْأَمْرِ أَوْ تَحْقِيرِهِ وَعَلَى تَحْقِيقِ أَمْرٍ أَوْ إِبْطَالِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ} فامتن علينا بذلك لما تضمنته من الفوائد.
وقال الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ: وَمِنْ حَكَمَتِهِ تَعْلِيمُ الْبَيَانِ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هذه الشريعة
وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: التَّمْثِيلُ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ لِكَشْفِ الْمَعَانِي وَإِدْنَاءِ الْمُتَوَهِّمِ مِنَ الشاهد فإن كان المتمثل لَهُ عَظِيمًا كَانَ الْمُتَمَثَّلُ بِهِ مِثْلَهُ وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا كَانَ المتمثل بِهِ كَذَلِكَ
وَقَالَ الْأَصْبَهَانِيُّ: لِضَرْبِ الْعَرَبِ الْأَمْثَالَ وَاسْتِحْضَارِ الْعُلَمَاءِ النَّظَائِرَ شَأْنٌ لَيْسَ بِالْخَفِيِّ فِي إِبْرَازِ خَفِيَّاتِ الدَّقَائِقِ وَرَفْعِ الْأَسْتَارِ عَنِ الْحَقَائِقِ تُرِيكَ الْمُتَخَيَّلَ فِي صُورَةِ الْمُتَحَقَّقِ وَالْمُتَوَهَّمِ فِي مَعْرِضِ الْمُتَيَقَّنِ وَالْغَائِبِ كَأَنَّهُ مُشَاهَدٌ وَفِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ تَبْكِيتٌ لِلْخَصْمِ الشَّدِيدِ الْخُصُومَةِ وَقَمْعٌ لِسَوْرَةِ الْجَامِحِ الْأَبِيِّ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ مَا لَا يؤثر في وَصْفُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ أَكْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وفي سَائِرِ كُتُبِهِ الْأَمْثَالَ وَمِنْ سُوَرِ الْإِنْجِيلِ سُوَرَةٌ تُسَمَّى سُورَةَ الْأَمْثَالِ وَفَشَتْ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْحُكَمَاءِ.
فَصْلٌ: أَمْثَالُ الْقُرْآنِ قِسْمَانِ:
ظَاهِرٌ مُصَرَّحٌ بِهِ وَكَامِنٌ لَا ذِكْرَ لِلْمَثَلِ فِيهِ فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً} الْآيَاتُ ضَرَبَ فِيهَا لِلْمُنَافِقِينَ مَثَلَيْنِ مَثَلًا بِالنَّارِ وَمَثَلًا بِالْمَطَرِ
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَعْتَزُّونَ بِالْإِسْلَامِ فَيُنَاكِحُهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَيُوَارِثُونَهُمْ وَيُقَاسِمُونَهُمُ الْفَيْءَ فَلَمَّا مَاتُوا سَلَبَهُمُ اللَّهُ الْعِزَّ كَمَا سُلِبَ صَاحِبُ النَّارِ ضَوْءَهُ {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ} بقول فِي عَذَابٍ {أَوْ كَصَيِّبٍ} هُوَ الْمَطَرُ ضُرِبَ مَثَلُهُ فِي الْقُرْآنِ {فِيهِ ظُلُمَاتٌ} يَقُولُ: ابْتِلَاءٌ {وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} تَخْوِيفٌ {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} يَقُولُ يَكَادُ مُحَكْمُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُنَافِقِينَ {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} يَقُولُ كُلَّمَا أَصَابَ الْمُنَافِقُونَ فِي الْإِسْلَامِ عِزًّا اطْمَأَنُّوا فَإِنْ أَصَابَ الْإِسْلَامَ نَكْبَةٌ قَامُوا لِيَرْجِعُوا إِلَى الْكُفْرِ كَقَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} الْآيَةَ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} الْآيَةَ؛ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ احْتَمَلَتْ مِنْهُ الْقُلُوبُ عَلَى قَدْرِ يَقِينِهَا وَشَكِّهَا فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَهُوَ الشَّكُّ {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} وَهُوَ الْيَقِينُ كَمَا يَجْعَلُ الْحُلِيُّ فِي النَّارِ فَيُؤْخَذُ خَالَصُهُ وَيُتْرَكُ خَبَثُهُ فِي النَّارِ كَذَلِكَ يَقْبَلُ اللَّهُ الْيَقِينَ وَيَتْرُكُ الشَّكَّ.
وَأَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ.
وَأَخْرَجَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَمْثَالٍ ضَرَبَهَا اللَّهُ فِي مَثَلٍ وَاحِدٍ يَقُولُ: كَمَا اضْمَحَلَّ هَذَا الزَّبَدُ فَصَارَ جُفَاءً لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا تُرْجَى بَرَكَتُهُ كَذَلِكَ يَضْمَحِلُّ الْبَاطِلُ عَنْ أَهْلِهِ وَكَمَا مَكَثَ هَذَا الْمَاءُ فِي الْأَرْضِ فَأَمْرَعَتْ وَرَبَتْ بَرَكَتُهُ وَأَخْرَجَتْ نَبَاتَهَا وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ حِينَ أُدْخِلَ النَّارَ فَأُذْهِبَ خَبَثُهُ كَذَلِكَ يَبْقَى الْحَقُّ لِأَهْلِهِ، وَكَمَا اضْمَحَلَّ خبث هذا الذهب حِينَ أُدْخِلَ فِي النَّارِ كَذَلِكَ يَضْمَحِلُّ الْبَاطِلُ عَنْ أَهْلِهِ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} الْآيَةَ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ يَقُولُ هُوَ طَيِّبٌ وَعَمَلُهُ طَيِّبُ كَمَا أَنَّ الْبَلَدَ الطَّيِّبَ ثَمَرُهَا طَيِّبٌ وَالَّذِي خَبُثَ ضُرِبَ مَثَلًا لِلْكَافِرِ كَالْبَلَدِ السَّبِخَةِ الْمَالِحَةِ وَالْكَافِرُ هُوَ الْخَبِيثُ وَعَمَلُهُ خَبِيثٌ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} ألآية.
أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عمر بن الخطاب يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِيمَنْ تَرَوْنَ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} ؟ قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ فَغَضِبَ عمر وقال قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ: يَا بن أخي قل ولا تحقر نفسك قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ضُرِبَتْ مَثَلًا لَعَمَلٍ قَالَ عُمَرُ: أَيُّ عَمَلٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ
وَأَمَّا الْكَامِنَةُ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُضَارِبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْفَضْلِ فَقُلْتُ: إِنَّكَ تُخْرِجُ أَمْثَالَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مِنَ الْقُرْآنِ فَهَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ" خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا"؟ قَالَ: نَعَمْ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} وقوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ قَالَ نَعَمْ فِي مَوْضِعَيْنِ: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ "فِي كِتَابِ اللَّهِ احْذَرْ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ"؟ قَالَ: نَعَمْ {وَمَا نَقَمُوا إِلَاّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ "لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعَيَانِ"؟ قَالَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِي "الْحَرَكَاتِ الْبَرَكَاتُ"؟ قَالَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ "كَمَا تَدِينُ تُدَانُ"؟ قَالَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ قَوْلَهُمْ: "حِينَ تَقْلِي ندري: قَالَ: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ "لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ"؟ قَالَ: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَاّ كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ مَنْ "أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ"؟ قَالَ: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَاّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ قَوْلَهُمْ: "لَا تَلِدُ الْحَيَّةُ إِلَّا حَيَّةً"؟ قال: قوله تَعَالَى: {وَلا يَلِدُوا إِلَاّ فَاجِراً كَفَّاراً}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ: "لِلْحِيطَانِ آذَانٌ"؟ قَالَ: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ: "الْجَاهِلُ مَرْزُوقٌ وَالْعَالِمُ مَحْرُومٌ" قَالَ: {مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً}
قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ "الْحَلَالُ لَا يَأْتِيكَ إِلَّا قُوتًا وَالْحَرَامُ لَا يَأْتِيكَ إِلَّا جُزَافًا"؟ قَالَ: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ.}
فَائِدَةٌ
عَقَدَ جَعْفَرُ بْنُ شَمْسٍ الْخِلَافَةِ فِي كِتَابِ الْآدَابِ بَابًا فِي أَلْفَاظٍ مِنَ الْقُرْآنِ جَارِيَةٍ مَجْرَى الْمَثَلِ وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الْبَدِيعِيُّ الْمُسَمَّى بِإِرْسَالِ الْمَثَلِ وَأَوْرَدَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى:
{لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}
{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ}
{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ}
{قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ}
{أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}
{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}
{وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَاّ بِأَهْلِهِ}
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}
{مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَاّ الْبَلاغُ}
{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}
{هَلْ جَزَاءُ الأِحْسَانِ إِلَاّ الأِحْسَانُ}
{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً}
{آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ}
{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}
{وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}
{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ}
{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}
{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا}