الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التضامن والوحدة بين أجزائها. يقول عليه الصلاة والسلام: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمي". وأقدس واجبات الإعلام، ومسؤوليته العظمى تكمن في السهر على إشاعة روح الترابط والتماسك للمحافظة على كيان الأمة وحمايتها من الأخطار.
وكما تنضم خلايا الجسم لتكوين الجسد الحي، فإن الأفراد ينضمون بعضهم إلى بعض ليكونوا الأمة. والسر في هذا الانضمام هو تولد روح التضامن والتكامل التي تؤدي إلى الترابط والتماسك، فالمجتمع الإسلامي ينشأ من حمل فرد مثلا أعلى إلى آخر وهذا هو التبليغ.
والرابطة التي تربط الأمة هي العقيدة الواحدة والهدف الواحد، والمثل الأعلى الواحد، والكتاب الواحد والسنة الواحدة، والثقافة الواحدة والقيم الواحدة والشريعة الواحدة.
والتبليغ وهو الإعلام واجب مقدس لإشاعة روح الترابط والتضامن في الأمة الإسلامية، وكتمان هذا البلاغ من كبائر الذنوب.
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} 2 ولا يكون البلاغ إكراها {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ} 3 وإنما يكون إقناعاً وترغيباً، وأما من يعرضون عن البلاغ المبين فهم الذين لا يعلمون أو الذين لم يبذل الجهد الكافي لإقناعهم {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ} 4.
1 الشورى: 52-53.
2 البقرة: 159.
3 البقرة: 256.
4 الأنبياء: 24.
مسؤولية الإعلام ومستقبله
…
مسؤولية الإعلام الإسلامي ومستقبله:
ومما يؤسف له أن الإعلام في البلاد الإسلامية كان مسرحاً للقوى الاستعمارية
والمؤامرات الصهيونية والأفكار الشيوعية التي اصطنعت أقلاماً ووجوها تنشر المبادئ الهدامة والقيم غير الإسلامية. وحسبنا في هذا الصدد كلمات صدرت عن المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة الذي عقد في صفر سنة 1396هـ. بالمدينة المنورة، فقد ورد في قرارات المؤتمر.
" ويندد المؤتمر بالهوة السحيقة التي تردى إليها إعلامنا ولا يزال يتردى، فبدلاً من أن يكون منارة إشعاع، ومنبر دعوة إلى الخير، صار صوت إفساد وسوط عذاب وسكت القادة فأقروا بسكوتهم، أو جاوزوا ذلك فشجعوا وحموا، وخفت صوت الدعاة وسط ضجيج الإعلام الفاسد ولم يعد الأمر يحتمل السكوت ".
ونأمل أن ينهض الإعلام بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقه وأن تعود الصحافة الإسلامية إلى سابق مجدهَا، فقد لمعت والحمد لله صحف فذة من أمثال المنار للشيخ محمد رشيد رضا ووادي ميزاب للعلامة الجزائري عبد الحميد بن باديس، وقد قامت الصحافة بدور خطير في قيادة الرأي العام الجزائري لمقاومة الاستعمار بفضل صحيفة البيان وصحيفة الشريعة.
وقد أصدر الحزب الإسلامي في أفغانستان مجلة إسلامية اسمها " الموقف " وأصدرت جمعية أفغانستان الإسلامية مجلة " صوت الجهاد " لتنطق بلسان المجاهدين هناك، وهاتان المجلتان صدرتا بعد الاحتلال الشيوعي الغاشم لأفغانستان المسلمة، وهذا دليل على قوة الصحوة الإسلامية، وقدرة الإعلام على المشاركة في الجهاد.
وإن واجب الإعلام أن يبين للأمة سبل التضامن، ويقيننا أن الركب واصل- بإذن الله تعالى- إلى هدفه المنشود، لجمع ما تشتت من شمل الأمة، ولإعادة بناء ما تهدم من بنيانها، ولفتح صفحات جديدة في تاريخ العالم، مؤكداً أن أمة محمد عليه الصلاة والسلام لن تموت ما وفت للرسالة، وما قامت بالدعوة، وما عملت بالأمر الإلهي بالوحدة والتضامن والتآلف والتعاضد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين.