الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إنّ
خالدَ بنَ زهير
اشتكَى فَلم يَعُدْه أبو ذؤَيب، فقال أبو ذؤيب في ذلك:
ألا ليَتَ شِعْري هل تنظَّرَ خالدٌ
…
عيادِى على الهِجران أم هو يائسُ؟
قوله: عيادى، مُراجَعتى. وخالد: ابنُ أخته.
فلو أنّني كنتُ السَّليمَ لَعُدْتَني
…
سريعًا ولَم تَحْبِسْكَ عَنِّي الكوادِسُ
السَّلِيم: اللَّسِيع. والكَوادِس: العَواطِس (1). يقول: لَا تَتَشَاءمُ ولا تَتَطيَّرُ.
وقال الراجز: "قَطَعْتُها ولا أَهابُ العُطَّسا (2) ".
وقد أَكْثَرَ الواشُون بَيْني وبَينَه
…
كما لم يَغِبْ عن غَيِّ ذُبْيانَ داحِسُ
قال أبو إسحاق: ويقال: ذُبْيان، وذَبْيان؛ وسُفْيان، وسَفْيان؛ بالضم والفَتح (3).
فإِنِّي على ما كنتَ تعْهَد بينَنا
…
وَليدَيْن حتى أنت أَشَمطُ عانِسُ
يقال: رجُلٌ عانِسٌ وامرأةٌ عانِس، إذا بلَغ سنًّا ولَم يتزوّج. يقول: فأنا على الّذي كنتَ تعْهد بيني وبينك من الوِداد ونحن غلامان حتّى أنت أَشْمط.
(1) فسر الكوادس هنا بالعواطس، لأن العرب كانت تتطير من العطامن. وفسر في اللسان الكوادس بأنها ما يتطير منه.
(2)
الرجز لرؤبة، كما في (بلوغ الأرب) في الكلام على مذهب العرب في العطاس.
(3)
الذي في كتب اللغة: بالضم والكسر في ذبيان، وبالتثليث في سفيان.
لشِانئه طُولُ الضَّراعةِ منهمُ
…
وداءٌ قد اعيا بالأطِبّاءِ ناجِسُ
لشِانئِه، أي لمبُغِضِه، كما قال الآخر (1):
* لشِانئكَ الضَّراعةُ والكلُولُ *
والشانيء: المبغِض، تقول: شَنِئه يَشْنَؤُه شَنْئًا وشَناءةً. وقولُه: ناجس: لا يكاد يُبرَأ [منه]؛ ومثلُه قولُ ساعدة:
* والشَّيبُ داءٌ نجيسٌ لا شِفاءَ (2) له *
وناجِسٌ ونَجِيسٌ واحد. والضَّراعة: التّصاغُر (3).
وقال مَعْقِل بنُ خُوَيلد لخالد بن زُهَير بنِ محرّث
أتاني ولمْ أشْعرْ به أنّ خالدًا
…
يُعَطِّفُ أبكارًا على أمّهاتِها (4)
يعطِّفُ طُولاها سنامًا وحارِكًا (5)
…
ومِثلُكِ أغْنَتْ (6) طِلْبَها عن بنَاتها
فلَم أرَ بِسْطًا مِثلَها وخَلِيّةً
…
بهَاءً إذا دفَّعتَ في ثَفِناتِها (7)
البِسْط: الناقةُ الَّتي تُخلَّى وولدَها لا تُعطَّف على غيرِه. والخَليّة: الَّتي تُعَطَّف على ولدٍ واحد وأخرى فتَدِرّان عليه جميعًا، فيتَخلَّى أهلُ البيت بواحدة، ويَرضَع الذي عُطِّفَتَا عليه الأخرى.
(1) هو ساعدة بن جؤية، وصدر البيت:"ألا قالت أمامة إذ رأتني".
(2)
تتمة البيت: "للمرء كان صحيحا صائب القحم".
(3)
كذا في الأصل. والمقام يقتضي أن يكون "الصغار".
(4)
في بعض شروح هذا الديوان ما نصه: "الناقة لا تعطف على ولدها، وإنما تعطف على ولد غيرها"؛ وإنما كان اتهمه بأنه صادق امرأة وابنتها.
(5)
الحارك: أعلى الكاهل.
(6)
كذا في السكري. والذي في الأصل: "أعيت"؛ وهو تحريف.
(7)
ثفنات البعير: مباركه وكركرته.
فأجابه خالد بنُ زُهَير بنِ محرّث
إذا ما رأيت نِسْوةً عند سَوْءةٍ
…
فإنّ نِساءَ مَعْقِلٍ أَخَواتُها
فكن مَعْقِلًا في قومكَ ابنَ خُوَيْلدٍ .. وَمسِّكْ بأَسبْابٍ أضاعَ رُعاتُها
ولا تَبْدُرَنَّ القومَ منّى بجَزرَةٍ (1)
…
طويلةِ حَدِّ الشَّوْكِ مُرٍّ جَناتُها
ولا تَبْعَث الأَفعْىَ تُداوِرُ رأسَها
…
ودَعْها إذا ما غيّبَتْها سَفاتُها (2)
وأَقْصِرْ ولا تَأخُذْكَ مِنِّي عَمايةٌ
…
ينفِّرُ شاءَ المُقْلعِين خَواتُها (3)
فقال أبو ذُؤَيبٍ يُصلِح بينهما
أَبلِغْ لَدَيْكَ مَعْقِلَ بنَ خُوَيْلدٍ
…
مَلائكَ يَهديها (4) إِليكَ (5) هُداتُها
مَلائك: رسائل، والواحد مَلأَكة (6).
على إثرِ أُخْرى قبلَ ذلك قد أَتتْ
…
إليكَ فجاءتْ مُقْشَعِرًّا شواتُها
وقد عَلِمَ الأَقوامُ أنَّكَ سيّدٌ
…
وأنّك مِن دارٍ شديدٍ حَصاتُها
(1) قال السكرى: الحزرة شجرة شديدة الحموضة.
(2)
السفا: التراب.
(3)
العماية: السحابة. وخواتها: صوتها. وفي رواية "المرتعين" مكان قوله: "المفلعين".
قال السكرى: وهي الأجود والمرتعون: الذين أرتعوا نعمهم. والمقلعون: الذين أصابهم القلع بالتحريك، وهو السحاب.
(4)
يهديها، أي يزفّها كما تهدى العروس.
(5)
في السكرى: "إليه"؛ وهو أجود.
(6)
في الأصل: "مألكة" والصواب ما أثبتنا لجمعه على ملائك. وملأكة: مقلوب مألكة. ويقال للرسالة مألكة ملأكة.
فلا تُتْبِع الأَفْعَىَ يَدَيْكَ تَنُوُشها
…
ودَعْها إذا ما غَيّبَتَها سَفاتهُا
وأَطفيءْ ولا تُوقدْ ولا تَكُ مِحْضأً
…
لنِار العُداة أنْ تَطير شكاتُها
ويرُوَى: "محضَبًا"(1)، قال الشاعر:
حَضَأْتُ له نارى فأَبْصَرَ ضوءها
…
وما كان لولا حَضْؤُه (2) النارَ يهْتَدِى
والمِحْضَأُ: العُود الذي تُقْدَحُ به النارُ.
فإنّ مِن القوْل الّتي لا شَوَى لها
…
إذا زَلَّ عن ظَهْرِ اللَّسان انفلاتُها
لا شَوى لها، يقول: هي مَقْتَلٌ تَقْتُل صاحَبها إنْ نَطَق بها، وإن هو حبَسَها سَلِمَ؛ وهذا مِن قولهِم:"رمَىَ الصيد فَأَشْواه" إذا لم يُصِب مَقْتَلَه؛ و "رماه فأقْصَدَه"، إذا أصاب منه مَقْتَلا؛ ثم كثُر هذا (3) على ألسنتهم قالوا إذا رماه ولم يَقتُلْه: أشواه. وأصلُ الشَّوَى: القَوائم، وهي غير مَقتَل.
ومَوْقِعُها ضَخْمٌ إذا هِيَ أُرْسِلَتْ
…
ولو كُفِتَتْ كانت يسيرًا كِفاتُها
كُفِتتْ: حُبِستْ وقُبِضَت، ويقال: اللهمّ اكفِتْه إليك، أي اقبِضْه.
ويقال: اِنكفِتْ في حاجتك، أي انقبِضْ فيها. قال أبو سعيد: وفي بعض الكتب يقال لبَقِيع الغَرْقَد: كَفْتَة، لأنَّهم يَدْفنون فيه المَوْتى.
ولمّا تَطِبْ نَفْسِي بإرسالِها لَكُم
…
وهل يَنْفَعَنْ نفسي إليكمْ أَناتهُا؟
(1) في الأصل: "محضئا"؛ وهو تحريف، والمحضب والمحضأ بمعنى واحد.
(2)
لعله "حَضْئى".
(3)
كذا في الأصل. وفي العبارة اقتضاب، والمراد واضح.
وقال أبو ذؤيب أيضًا
أمنْك البَرقُ أرْقُبُه فَهاجا
…
فبِتُّ إخالُه دُهْمًا خلاجا
أمِنْك، يقول: أمِنْ شِقِّكِ هذا البَرْقُ، أي أمِنْ ناحيَتِكِ. خلاجا، يقول: اخْتُلجَت عنها أولادها، فهي تحنُّ إلى أولادِها.
تَكَلَّلَ في الغِماد (1) فأرض لَيلَى
…
ثلاثًا لا أُبينُ له انفراجا
تكلَّل: تنطَّقَ. قال: ووجْهٌ آخر، تكلَّل: تبسَّم بالبرق مثلَ امرأةٍ تَضْحَكُ.
فما أَصحى هَمِيُّ الماءِ حتّى
…
كأن على نَواحِي الأرضِ ساجا
يقول: انصبّ الماءُ حتى كأنّ الأرضَ أُلبستْ سَاجًا من خُضْرَتها، أي طيْلَسانا من النَّبت.
وقال أبو ذؤيب في غارة مالك بنِ عَوْف على بني معاويةَ من هذَيل
أَدرَكَ أربابُ النَّعَمْ
…
بكلِّ محْلُوبٍ (2) أشَتمْ
* مُذَلَّقٍ مثلِ الزَّلَمْ *
الزُّلَم: القِدْح. ويُروَى: مَلْحُوب (3) أَشَمْ.
(1) برك الغماد؛ موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر.
(2)
كذا بالأصل، وهي غير واضحة المراد.
(3)
الملحوب: القليل اللحم.
وقال خالد بنُ زُهير لأبي ذُؤيب
يا قوِم ما بالُ أبي ذؤيب
…
كنتُ إذا أتوْتُه (1) من غيْبِ
يشَمُّ عِطفِي ويَمسُّ ثَوبي
…
كأنّنى قد ربْتُه (2) برَيْب
قال: المعروف في هذا أَرَبْتُه. وأرْبتُ غير متعدٍّ: إذا كان صاحبَ رِيبة.
(1) أتوته: لغة في أتيته.
(2)
هذه رواية لسان العرب (مادة ريب). وفي الأصل: "أربته".
تم شعر أبي ذؤيب
والحمد لله ربّ العالمين