المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته - رسائل الشيخ الحمد في العقيدة - جـ ٤

[محمد بن إبراهيم الحمد]

الفصل: ‌طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته

12_

زيادة الإيمان: فالعلم بأسماء الله وصفاته من أعظم أسباب زيادة الإيمان، وذلك لما يورثه في قلوب العابدين من المحبة، والإنابة، والإخبات، والتقديس، والتعظيم للباري جل وعلا [وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ] (محمد:17) .

13_

أن من أحصى تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله دخل الجنة، قال": =إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة+ (1) .

هذا وسيأتي معنى إحصائها عند الحديث عن قواعد في الأسماء.

وصلى الله وسلم علي نبينا محمد وآله وسلم.

‌طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته

(2)

أهل السنة والجماعة هم الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة النبي"والعمل بها ظاهراً وباطناً في القول والعمل والاعتقاد.

وطريقتهم في أسماء الله وصفاته كما يأتي:

1_

في الإثبات: يثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله"من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.

2_

في النفي: ينفون ما نفاه الله عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله"مع اعتقادهم ثبوت كمال ضده لله تعالى إذ إن كل ما نفاه الله عن نفسه فهو صفات نقص تنافي كماله الواجب؛ فجميع صفات النقص كالعجز والنوم والموت ممتنعة على الله تعالى لوجوب كماله، وما نفاه عن نفسه فالمراد به انتفاء تلك الصفة المنفية، وإثبات كمال ضدها؛ وذلك أن النفي المحض لا يدل على الكمال حتى يكون متضمناً لصفة ثبوتية يُحمد عليها كما في قوله تعالى:[لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ](البقرة: 255)، وقوله:[وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ](ق: 38) .

(1) رواه البخاري، كتاب الدعوات (6410) ، ومسلم كتاب الذكر والدعاء (2677) .

(2)

انظر التوحيد لابن مندة 2/102 ومنهاج السنة لابن تيمية 2/105 و109_111 و132 و192 و198 و554_556، وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية 3/35_40 و5/26 وانظر فتح ربِّ البرية بتخليص الحموية للشيخ محمد بن عثيمين 12_15.

ص: 6

فالله سبحانه وتعالى في آية الكرسي نفي عن نفسه (السنة والنوم) لكمال حياته وقيوميته، وفي الآية الثانية نفى نفسه (اللغوب) وهو التعب؛ لكمال قوته وقدرته، فالنفي هنا متضمن لصفة كمال.

أما النفي المحض فليس بكمال، وقد يكون سببه العجز أو الضعف كما قول الشاعر النجاشي يهجو بني العجلان:

قُبَيِّلَةٌ لا يغدرون بذمة ولا **** يظلمون الناس حبة خردل (1)

فنفى عنهم الظلم لا لمدحهم، ولكن لذمهم؛ لأنهم عاجزون عنه أصلاً.

وكذلك قول الآخر:

لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد **** ليسوا من الشر في شيء وإن هانا

فهو لا يمدحهم لقلة شرهم، ولكنه يذمهم لعجزهم، ولهذا قال في البيت الذي بعده:

فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا **** شنوا الإغارة فرسانا وركبانا

وقد يكون سبب النفي عدم القابلية فلا يقتضي مدحاً، كما لو قلت:(الجدار لا يظلم) .

ومن هنا يتبين لنا أن النفي المحض لا يدل على الكمال إلا إذا تضمن إثبات كمال الضد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ×: =وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتاً، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال؛ لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء فهو كما قيل: ليس بشيء، فضلاً عن أن يكون مدحاً أو كمالاً.

ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم، والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال+ (2) .

3_

التوقف: وذلك فيما لم يرد إثباته أو نفيه مما تنازع الناس فيه كالجسم مثلاً، والحيز، والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه فلا يثبتونه ولا ينفونه، لعدم ورود النص بذلك.

أما معناه فيستفصلون عنه، فإن أُريد به معنى باطل يُنَزَّهُ الله عنه رَدَّوه، وإن أُريد به معنىً حقٌّ لا يمتنع على الله قبلوه.

(1) البيت للنجاشي أحد بني الحارث بن كعب. انظر الحماسة الشجرية 452 والشعر والشعراء لابن قتيبة ص330_331.

(2)

مجموع الفتاوى 3/35.

ص: 7