الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو أن يفرد كل اسم على حِدَةٍ فنقول: يا حليم، أو يا غفور، أو يا عزيز وهكذا
…
ومن الأسماء ما لا يطلق عليه بمفرده، بل مقروناً بمقابله، كالمانع، والضار، والمنتقم، والمذل.
فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله؛ فإنه مقرون بالمعطي، والنافع والعَفُو والمعز؛ فهو المعطي المانع، الضار النافع، المنتقم العفو، المعز المذل؛ لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله؛ لأنه يراد به أن المنفرد بالربوبية، وتدبير الخلق، والتصرف فيهم عطاءً ومنعاً، ونفعاً وضراً، وعفواً وانتقاماً، وعزَّاً وذلاً.
وأما أن يُثنى عليه بمجرد المنع، والانتقام، والإضرار فلا يسوغ.
فهذه الأسماء المزدوجة تجرى الأسماء منها مجرى الاسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض؛ فهي وإن تعددت جارية مجرى الاسم الواحد، ولذلك لم تجىء مفردة، ولم تُطلق عليه إلا مقترنة؛ فلو قلت: يا مذل، يا ضار، يا مانع وأخبرت بذلك لم تكن مثنياً عليه ولا حامداً له حتى تذكر مقابلها. وصلى الله وسلم علي نبينا محمد وآله وسلم.
قواعد في صفات الله ـ تعالى
ـ (1)
القاعدة الأولى: صفات الله كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجه: كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعلو، والعظمة، وغير ذلك، وقد دل على هذا: السمعُ والعقلُ، والفطرة.
أما السمع فمنه قوله تعالى: [لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى](النحل: 60) .
والمثل الأعلى: الوصف الأعلى الكامل.
وأما العقل فوجهه: أن كل موجود حقيقةً لابد أن تكون له صفة: إما صفة كمال، وإما صفة نقص، والثاني باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة، فتعين الأول.
ثم إنه قد ثبت بالحسن والمشاهدة أن للمخلوق صفات كمال، ومُعْطي الكمال أولى به.
(1) انظر بدائع الفوائد 1/159_170، القواعد المثلى ص27_38، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي في توضيح العقيدة ص112_125، ودعوة التوحيد 14_19.
وأما الفطرة: فلأن النفوس السليمة مجبولة على محبة الله، وتعظيمه، وعبادته.
وهل تحب، وتعظم، وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟.
ثم إن الصفات منها ما هو كمال على الإطلاق كالصفات السابقة، فهذه ثابتة لله تعالى.
ومنها ما هو نقص على الإطلاق فهذه منفية عن الله، كالجهل، والعمى، والصمم.
ومنها ما هو كمال من وجه ونقص من وجه، فهذه يوصف الله بها في حال كمالها، ويمتنع وصفه بها في حال نقصها، بحيث يوصف الله بها وصفاً مقيداً مثل المكر، والكيد والمخادعة.
القاعدة الثانية: باب الصفات أوسع من باب الأسماء: وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة كما سبق في القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء، ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله، وأفعاله عز وجل لا منتهى لها.
قال تعالى: [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ](لقمان: 27) .
ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله المجيءَ والأخذَ، والإتيان، والإمساك، والبطش، فنصف الله بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا نسميه بها، فلا نقول: إن من أسمائه الجائي، والآتي، والباطش، والآخذ، والممسك، والنازل، والمريد، ونحو ذلك، وإن كنا نُخبر بذلك عنه، ونصفه به.
القاعدة الثالثة: صفات الله تنقسم إلى قسمين: ثبوتية وسلبية: فالثبوتية: هي ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله"وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، كالحياة، والعلم، والقدرة، والاستواء، واليدين، والوجه، فيجب إثباتها لله على الوجه اللائق به، وقد تقدم ذلك في الحديث عن طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته.
وأما السلبية أو المنفية: فهي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله"مثل الصمم، والنوم، وغير ذلك من صفات النقص، فيجب نفيها عن الله كما مر.
القاعدة الرابعة: الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال، فكلما كثرت وتنوعت دلالتها ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر: ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر من الصفات السلبية؛ فالقاعدة في ذلك الإثبات المفصل، والنفي المجمل؛ فالإثبات مقصود لذاته، أما النفي فلم يذكر غالباً إلا على الأحوال التالية:
أ_بيان عموم كماله كما في قوله تعالى: [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ](الشورى: 11)، وقوله [وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ] (الإخلاص: 4) .
ب_ نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون كما في قوله: [أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً](مريم:، 91 92) .
ج_ دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر كما في قوله: [وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ](الدخان: 38)، وقوله:[وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ](ق: 38) .
ثم إن النفي مع أنه مجمل بالنسبة للإثبات إلا أن فيه تفصيلاً وإجمالاً بالنسبة لنفسه.
فالإجمال في النفي أن ينفى عن الله عز وجل كل ما يضاد كماله من أنواع العيوب والنقائص، كما في قوله تعالى:[لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ](الشورى: 11) .
وقوله: [هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً](مريم: 65) .
وقوله: [سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون](الصافات: 180) .
وأما التفصيل في النفي فهو أن ينزه عن كل واحد من العيوب والنقائض بخصوصه، فينزه عن الولد، والصاحبة، والسِّنة، والنوم، وغير ذلك مما ينزه الله عنه.
القاعدة الخامسة: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية وفعلية:
أ_الذاتية: هي التي لم يزل الله ولا يزال متصفاً بها، وهي التي لا تنفك عنه سبحانه وتعالى كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والعزة، والحكمة، والوجه، واليدين.
ب_ الفعلية: وتسمى الصفات الاختيارية، وهي التي تتعلق بمشيئة الله، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها، وتتجدد حسب المشيئة كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا.
وقد تكون الصفة ذاتية وفعلية باعتبارين، كالكلام؛ فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية؛ لأن الله لم يزل ولا يزال متكلماً، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية؛ لأن الكلام يتعلق بمشيئته، يتكلم متى شاء بما شاء، وكل صفة تعلقت بمشيئته تعالى فإنها تابعة لحكمته، وقد تكون الحكمة معلومة لنا، وقد نعجز عن إدراكها، لكننا نعلم علم اليقين أنه سبحانه لا يشاء إلا وهو موافق لحكمته، كما يشير إليه قوله تعالى:[وَمَا تَشَاءُونَ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً](الإنسان: 30) .
القاعدة السادسة: الصفات الذاتية والفعلية تنقسم إلى قسمين:
عقلية، وخبرية:
أ_ عقلية: وهي التي يشترك في إثباتها الدليل الشرعي السمعي، والدليل العقلي، والفطرة السليمة.
وهي أغلب صفات الله تعالى مثل صفة السمع، والبصر، والقوة، والقدرة، وغيرها.
ب_ خبرية: وتسمى النقلية، والسمعية، وهي التي لا تعرف إلا عن طريق النص، فطريق معرفتها النص فقط، مع أن العقل السليم لا ينافيها، مثل صفة اليدين، والنزول إلى السماء الدنيا.
القاعدة السابعة: صفات الله توقيفية:
فلا نَصِفُ الله إلا بما وصف به نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله".
ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه:
أ_ التصريح بالصفة: كالعزة، والقوة، والرحمة، كما في قوله
تعالى: [فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً](النساء: 139)، وقوله:[إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ](الذاريات:58)، وقوله:[وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ](الأنعام:133) .
ب تضمن الاسم لها: كالعزيز والغفور، قال تعالى:[الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ](الملك: 2) ؛ فالعزيز متضمن لصفة العزة، والغفور متضمن لصفة المغفرة.
ج_ التصريح بفعل أو وصف دال عليها، كالاستواء على العرش، والمجىء قال تعالى:[الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى](طه: 5) .
وقال: [وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً](الفجر: 22) .
القاعدة الثامنة: المضافات إلى الله إن كانت أعياناً فهي من جملة المخلوقات، وإن كانت أوصافاً فهي من صفات الله:
وبيان ذلك أن المضافات إلى الله على نوعين:
أ_أعيان قائمة بذاتها مثل: عبد الله، ناقة الله، فهذه من جملة المخلوقات، وإضافتها إلى الله من باب إضافة المخلوق لخالقه، وقد تقتضي تشريفاً مثل: بيت الله، وناقة الله، وقد لا تقتضي تشريفاً مثل: أرض الله، سماء الله.
ب_ أن يكون المضاف أوصافاً غير قائمة بذاتها مثل: سَمْع الله، قدرة الله، بصر الله، فهذه الإضافة تقتضي أن هذه الصفة قائمة بالله، وأن الله متصف بها، وهذا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف.
القاعدة التاسعة: القول في بعض الصفات كالقول في بعض:
وهي قاعدة يُردُّ بها على من فرَّق بين الصفات فأثبت بعضها، ونفى بعضها، فيقال لمن فعل ذلك: أثبت الجميع، أو انفِ الجميع.
ومن أثبت بعض الصفات، ونفى بعضها، فهو مضطرب متناقض، وتناقض القول دليل على فساده وبطلانه.
القاعدة العاشرة: القول في الصفات كالقول في الذات:
وذلك أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل الصفات.
القاعدة الحادية عشرة: ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار، ومجهولة لنا باعتبار: