الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فباعتبار المعنى معلومة، وباعتبار الكيفية مجهولة؛ كالاستواء مثلاً، فمعناه معلوم لنا فهو بمعنى العلو، والارتفاع، والصعود، والاستقرار.
أما كيفيته فمجهولة؛ لأن الله أخبرنا بأنه استوى، ولم يخبرنا عن كيفية استوائه، وهكذا يقال في باقي الصفات.
القاعدة الثانية عشرة: في العلاقة بين الصفات والذات:
وخلاصة القول في هذه المسألة أن العلاقة بين الصفات والذات علاقة تلازم؛ فالإيمان بالذات يستلزم الإيمان بالصفات، وكذلك العكس؛ فلا يتصور وجود ذات مجردة عن الصفات في الخارج، كما لا يتحقق وجود صفة من الصفات في الخارج إلا وهي قائمة بالذات (1) .
القاعدة الثالثة عشرة: في علاقة الصفات بعضها ببعض من حيث الآثار والمعاني:
أما بالنسبة لبعضها فقد تكون مترادفة من حيث المعنى أو متقاربة.
مثل المحبة، والرحمة، والفرح، والتعجب، والضحك.
وهناك صفات متقابلة كالرفع والخفض، والظاهرية والباطنية، والنفع والضر، والقبض والبسط.
وهناك صفات متضادة من حيث معانيها، مثل الغضب والسخط مع الرضا، ومثل الكراهية مع الحب، وهكذا. . .
فاتصافه عز وجل بهذه الصفات المزدوجة المأخوذة من أسمائه المتقابلة، وبالصفات المتضادة في معناها على ما تقدم، والمترادفة باعتبار الذات، والمتباينة باعتبار ما بينها في الغالب دليل على الكمال الذي لا يشاركه فيه أحد؛ لدلالته على شمول القدرة الباهرة، الحكمة البالغة، والتفرد بشؤون الكون كله (2) .
وصلى الله وسلم علي نبينا محمد وآله وسلم.
ما ضد توحيد الأسماء والصفات
يضاد توحيد الأسماء، والصفات الإلحادُ فيها، ويدخل في الإلحاد التعطيلُ، والتمثيلُ، والتكييف، والتفويض، والتحريف، والتأويل.
1_
الإلحاد: الإلحاد في اللغة هو: الميل، ومنه اللحد في القبر، ومنه قول عمرو بن معدي كرب الزبيدي:
كم من أخ كان لي ماجدٍ **** ألحدته في يديَّ الثرى
(1) انظر الصفات الإلهية د. محمد أمان ص341.
(2)
انظر الصفات الإلهية ص347_349.
وقول جرير:
دعوت الملحدين أبا خبيب **** جماحاً هل شفيت من الجماح (1)
ويُقصد بالملحدين: المائلين عن الحق.
أما في الاصطلاح: فهو العدول عما يجب اعتقاده أو عمله (2) .
والإلحاد في أسماء الله هو: العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها.
أنواع الإلحاد في أسماء الله وصفاته (3) :
1_
أن ينكر شيئاً مما دلت عليه من الصفات كفعل المعطلة.
2_
أن يجعلها دالة على تشبيه الله بخلقه، كفعل أهل التمثيل.
3_
أن يُسمي الله بما لم يُسمِّ به نفسه؛ لأن أسماء الله توقيفية، كتسمية النصارى له =أباً+ وتسمية الفلاسفة إياه =علة فاعلة+ أو تسميته ب =مهندس الكون+ أو =العقل المدبر+ أو غير ذلك.
4_
أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام، كاشتقاق =اللات+ من =الإله+ والعُزَّى من =العزيز+.
5_
وصفه تعالى بما لا يليق به، وبما ينزه عنه، كقول اليهود: بأن الله تَعِبَ من خلق السماوات والأرض، واستراح يوم السبت، أو قولهم: إن الله فقير.
2_
التعطيل: التعطيل في اللغة: مأخوذ من العطل، الذي هو الخلو والفراغ والترك، ومنه قوله تعالى:[وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ](الحج: 45)، أي: أهملها أهلها، وتركوا وردها (4) .
وفي الاصطلاح: هو إنكار ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات، أو إنكار بعضه، وهو نوعان:
أ_تعطيل كلي: كتعطيل الجهمية الذين أنكروا الصفات، وغلاتهم ينكرون الأسماء أيضاً.
ب_ تعطيل جزئي: كتعطيل الأشعرية الذين ينكرون بعض الصفات دون بعض، وأول من عرف ذلك من هذه الأمة الجعد بن درهم (5) .
3_
التمثيل: هو: إثبات مثيل للشيء، وفي الاصطلاح: اعتقاد أن صفات الله مثل صفات المخلوقين، كأن يقول الشخص: لله يد كيدي.
(1) ديوان جرير ص74.
(2)
انظر فتح ربِّ البرية بتخليص الحموية، ص18.
(3)
انظر المرجع السابق، ص19.
(4)
شرح العقيدة الواسطية، للهراس ص67.
(5)
انظر فتح البرية، ص15_16.
4_
التكييف: حكاية كيفية الصفة كقول القائل: يد الله أو نزوله إلى الدنيا كذا وكذا، أو يده طويلة، أو غير ذلك، أو أن يسأل عن صفات الله بكيف.
5_
التفويض: هو الحكم بأن معاني نصوص الصفات مجهولة غير معقولة لا يعلمها إلا الله (1) .
أو هو إثبات الصفات وتفويض معناها وكيفيتها إلى الله عز وجل.
والحق أن الصفات معلومة معانيها، أما كيفيتها فيفوض علمها إلى الله عز وجل.
6_
التحريف: التحريف لغة: التغيير، وفي الاصطلاح: تغيير النص لفظاً أو معنى.
والتغيير اللفظي قد يتغير معه المعنى، وقد لا يتغير، فهذه ثلاثة أقسام:
أ_تحريف لفظي يتغير معه المعنى، كتحريف بعضهم قوله تعالى:[وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً](النساء: 164) إلى نصب لفظ الجلالة؛ ليكون التكليم من موسى عليه السلام.
ب_ تحريف لفظي لا يتغير معه المعنى، كفتح الدال من قوله تعالى:[الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ](الفاتحة: 2)، وذلك بأن يقول: =الحمدَ لله. . . + وهذا في الغالب لا يقع إلا من جاهل؛ إذ ليس فيه غرض مقصود لفاعله غالباً.
جـ_ تحريف معنوي: وهو صرف اللفظ عن ظاهره بلا دليل كتحريف معنى =اليدين+ المضافتين إلى الله إلى القوة والنعمة ونحو ذلك.
7_
التأويل: التأويل في اللغة يدور حول عدة معانٍ، منها الرجوع، والعاقبة، والمصير، والتفسير.
أما في الاصطلاح فيطلق على ثلاثة معانٍ، اثنان منهما صحيحان مقبولان معلومان عند السلف، والثالث مبتدع باطل.
وإليك بيان هذه المعاني:
المعنى الأول: التفسير، وهو إيضاح المعنى، وبيانه.
وهذا اصطلاح جمهور المفسرين كابن جرير وغيره، فتراهم يقولون: تأويل هذه الآية كذا وكذا، أي تفسيرها.
(1) انظر مذهب التفويض في نصوص عرض ونقد للشيخ أحمد القاضي ص567.