الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخي: إن شئت أن تقصم ظهر الشهوات؛ فلن تقصمها بسلاح أقوى من الصبر؛ فهو عدوها اللدود، فلا تكن أخي خوارًا ولا ضعيفًا، فاضرب الشهوات بعزيمة لا تلين، عندها أخي تجنى ثمار ذلك إيمانًا ويقيًنا تجده في قلبك ..
قال إبراهيم القصار: «أضعف الخلق من ضعف عن رد شهوته، وأقوى الخلق من قوى على ردها» .
فاصبر أخي وصابر، تنال النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة ..
قال تعالى: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا}
[الإنسان: 12].
قال أبو سليمان الداراني: «صبروا عن الشهوات» .
وقال يحيى بن معاذ: «حفت الجنة بالمكاره وأنت تكرهها، وحفت بالنار بالشهوات وأنت تطلبها، فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء إن صبر نفسه على مضض الدواء اكتسب بالصبر عافية، وإن جزعت نفسه مما يلقى طالت به علة الضنى» .
فاصبر أخي تجد في طاعة الله تعالى شغلاً عن معاصيه؛ لتكون بعدها أخي في مصاف المهتدين .. ومواكب التائبين .. وما ذلك ببعيد.
وقف أخي
!
وأنت يا أيها العاشق الولهان! أي داء هذا أخي الذي أفسد عليك دينك ودنياك؟ ! أليس هو ما تسمونه بـ (العشق) أو (الغرام)
داء الشباب .. وسرطان تلك العيدان الرطاب! كم من شاب أفسد نضار شبابه بهذا الداء الأسود ..
أخي الشاب: مساكين أولئك الشباب الذين وقفوا عند عشق الصور! وما دروا أن الله تعالى خلقهم لما هو أعظم من ذلك.
قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56 - 58].
أخي: إنها غاية الغايات، وإليها أخي يسعى الناجون .. لذلك صدق الحكماء عندما قالوا في العشق، هو:«شغل قلب فارغ! »
حقًا أخي إنه: قلب فارغ من معرفة ربه تعالى!
قلب فارغ من معرفة الغاية التي خلقه الله لأجلها!
قلب فارغ من معرفة ما ينفعه أو يضره!
قلب فارغ من معالي الأمور والهمم الرفيعة!
قال الإمام ابن الجوزي: «وهو أنه لا يتمكن العشق إلا مع واقف جامد؛ فأما أرباب صعود الهمم، فإنها كلما تخايلت ما توجبه المحبة فلاحت عيوبه لها إما بالفكر فيه أو بالمخالطة، تسلت أنفسهم، وتعلقت بمطلوب آخر ..
وعلى قدر النظر في العواقب يخف العشق عن قلب العاشق، وعلى قدر جمود الذهن يقوى القلق».
وما عاقل في الناس يحمد أمره
ويذكر إلا وهو في الحب أحمق
…
وما من فتى ذاق بؤس معيشة
من الناس إلا ذاقها حين يعشق
أخي الشاب: وها أنا أخبرك بضرر العشق في الدين والدنيا!
أما في الدين: «فيشغل القلب من معرفة الله تعالى، والخوف منه تعالى، فيقع العاشق في الحرام؛ فيخسر آخرته، ويتعرض لعقوبة ربه تعالى.
وأما ضرره في الدنيا: فإنه يورث الهم الدائم والفكر اللازم والوسواس والأرق وقلة المطعم وكثرة السهر ويتسلط على الجوارح فتنشأ الصفرة في البدن والرعدة في الأطراف واللجلجة في اللسان .. وربما خرج بصاحبه إلى الجنون
…
» ابن الجوزي/ بتصرف.
أخي: ما أظنك تزهد في معرفة دواء العشق وحاسم شروره!
أخي: إن أردت الوصفة الناجحة لداء العشق، فهي تتكون من عنصر واحد يشتمل على كل عناصر الدواء إن شاء الله ..
وهو: الإعراض عن النظر مع قوة شديدة في العزة على الغض وهجر المحبوب، فإن فعلت ذلك أخي تهاوت حصون العشق وأصبحت دكا!
واغضض الطرف تسترح من غرام
…
تكتسى فيه ثوب ذل وشين