المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التحذير من استعمال نعم الله في معصيته - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٥٠

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة الواقعة [3]

- ‌نار الدنيا تذكر بنار الآخرة

- ‌حكم التسبيح في الركوع والسجود

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلا أقسم بمواقع النجوم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون)

- ‌التحذير من استعمال نعم الله في معصيته

- ‌تفسير قوله تعالى: (فلولا إذا بلغت الحلقوم)

- ‌أصناف الناس عند الموت

- ‌الأسئلة

- ‌صحة حديث: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً

- ‌حكم تقبيل المرأة وهي حائض

- ‌حكم اتباع جنازة تحدث فيها بدع

- ‌الفرق بين اليمين المؤكدة ويمين اللغو

- ‌عدم ثبوت حديث: (خير أمتي في المدن)

- ‌حكم لبس المرأة للجيبة

- ‌تدليس الأعمش وسفيان

- ‌حكم إطلاق لفظة (عاقد القران)

- ‌الدعاء للميت بعد دفنه

- ‌صفة التيمم

- ‌حكم القراءة من المصحف في صلاة النافلة

- ‌استحباب صلاة الرجل للنافلة في بيته

- ‌استحباب صلاة المرأة في بيتها

- ‌حكم المتاجرة باللحوم المستوردة

- ‌الحث على سماع أشرطة الشيخ محمد حسان

- ‌صحة حديث: (أمتي هذه أمة مرحومة)

- ‌النساء من أعظم الفتن

- ‌حكم المرور من أمام المأمومين أثناء الصلاة

- ‌المعاصي سبب في زوال النعم

- ‌من شروط المسح على الخفين

- ‌حكم الإهلال من ميقات المدينة لغير أهلها

- ‌حكم قطرة الأنف للصائم

- ‌حكم عقد الزواج لمن حصل بينهما فاحشة قبل موعد العقد

- ‌ورود حديث الجساسة في صحيح مسلم

- ‌حكم إعطاء الطفل (البزازة) التي ليس فيها حليب

- ‌جواز العقيقة بشاة واحدة للذكر

- ‌قضاء الصوم عند الاستطاعة

- ‌حكم الزواج العرفي

- ‌ضعف حديث: حفظ القرآن

- ‌استحباب لبس القواعد للنقاب

- ‌حكم دفن الميت ليلاً

- ‌حكم من جامع امرأته وهي حائض

الفصل: ‌التحذير من استعمال نعم الله في معصيته

‌التحذير من استعمال نعم الله في معصيته

قال تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة:82] رزقكم هنا من العلماء من قال: شكركم، أي: تجعلون الشكر الذي ينبغي أن يقدم على نعم الله تجعلون مكان هذا الشكر تكذيباً، {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} [الواقعة:82] يعني: نصيبكم من نعم الله عليكم التكذيب، وكما في قصة الحديبية، عندما أصبحوا على إثر سماء فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال: قال ربكم: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله وبرحمته، فهذا مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا ونوء كذا فهذا كافر بي مؤمن بالكوكب) أي: النعم تأتي إليكم ويفترض أن تقدموا لها شكراً، لكنكم تقدمون لهذه النعم تكذيباً، فهل هذا يليق؟! بعض العلماء يجعل هذه الآية الكريمة أصلاً في أنه لا يستعان بنعم الله على معصية الله، فكثير من الناس يقع في هذا الجرم، فيستعين بنعم الله على معصية الله سبحانه وتعالى، فمثلاً: رجل ينعم الله عليه بأن يدخل بيته تلفوناً، فهذه النعمة من الله سبحانه يقلبها إلى نقمة ويجعل شكرها أنه يتصل بالفتيات والنساء للغزل، ولقبيح الكلام، وللهجر من القول، وآخر ينعم الله عليه بسيارة فيمشي بها مختالاً فخوراً متكبراً على الناس، فنصيبه من هذه النعمة التكبر والتعالي على الناس والغرور والتباهي، وآخر ينعم الله عليه بأن يأخذ مثلاً درجة أستاذ في الكلية فتجده يمشي وقد انتفخ وانتفش كأن ما على الأرض إلا هو، وكأنه سيخلد في الحياة الدنيا، وما شعر أن من تواضع لله رفعه، وأن الله ما زاد بعبد عفواً إلا عزاً، ولا يشعر بهذه المعاني أبداً إلا أنه يجعل حظه الثناء من الناس وحب الفخر وحب الظهور.

فهناك طائفة كبيرة من الناس بل هم أكثر الخلق يجعلون رزقهم أنهم يكذبون، ويستعينون بنعم الله سبحانه على معاصيه عز وجل، فربنا يذكرنا ويحذرنا من ذلك، فقال:{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} [الواقعة:82] أي: حظكم التكذيب مع نعم الله عليكم التي يفترض أن تقدموا بالشكر لله عليها، فهل يليق هذا بمؤمن عاقل؟ إنه يفترض إذا أنعم الله عليك نعمة أن تقدم شكراً لله عليها، فالنبي الكريم سليمان صلى الله عليه وسلم لما رأى عرش ملكة سبأ مستقراً عنده ما تباهى ولا تطاول بل قال:{هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل:40]، وكما قال لما أفهمه الله لغة النمل تبسم ضاحكاً من قولها وقال:{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل:19] ، فلا ينبغي أبداً أن تقدم على نعم الله كفراً وتكذيباً، إنما يجب أن تقدم لله شكراً وتواضعاً، قال تعالى:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7] .

ص: 7