المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا) - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٧٦

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة الجن

- ‌حقيقة الجن

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن

- ‌تفسير قوله تعالى: (يهدي إلى الرشد فآمنا به)

- ‌تفسير قوله: (وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنا لمسنا السماء

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون)

- ‌خلاف العلماء في دخول المؤمنين من الجن الجنة

- ‌تفسير قوله تعالى: (وألوا استقاموا على الطريقة

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعداً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنه لما قام عبد الله يدعوه

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الذبائح التي تذبح في الموالد

- ‌تأخير صلاة الفجر ساعة كاملة

- ‌حديث: (ثلاثة لا يهولهم الفزع)

- ‌حديث: (صلاة على إثر سواك أفضل من خمس وسبعين صلاة)

- ‌حديث: (لو يعلم الناس ما في السواك لبات مع الرجل في لحافه)

- ‌حديث: (أفواهكم طرق القرآن، فنظفوها)

- ‌الوضوء مع الغسل

- ‌حكم تأخير الصلاة عن وقتها لعذر

- ‌حكم العمل الزراعي مع مشاركة النساء

- ‌حكم العمل وقت صلاة الجمعة

- ‌تقبيل يد وقدم العالم أو الصالح

- ‌الطمأنينة ورجاء رحمة الله

- ‌زواج الإنس بالجن

- ‌تفسير قوله تعالى: (لن تراني)

- ‌حكم السفر بدون إذن الأب

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا)

‌تفسير قوله تعالى: (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا)

قال تعالى: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ} [الجن:25](إن) بمعنى (ما) أي: ما أدري أقريب ما توعدون، {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا * عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ} [الجن:25-26] أي: فلا يطلع {عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن:26-27] وفي هذه الآية إشكال يلزم أن نقف عندها وقفة حتى يتبين لنا المعنى ويرتفع الإشكال.

قال الله: (فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) أي: فإنه يطلعه على بعض العلم، فالله سبحانه يطلع بعض رسله على بعض الأمور الغيبية، كما قال تعالى:{غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم:2-3] ، وكما أخبر الرسول عن يأجوج ومأجوج، وقد جاء ذكرهم الله في كتابه، وكأشراط الساعة الكبرى والصغرى، فكلها أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل: خروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، فكل هذه أمور لم تحدث إلى الآن، وستحدث كما أخبرنا بها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ففي الآية دليل على أن الله يطلع أنبياءه على بعض الأمور الغيبية وليس كلها، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الساعة، قال الله:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات:42-43] ليس لك بها علم، {إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا} [النازعات:44] .

ما معنى (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) ؟ الرصد هم من الملائكة.

أي: إن الله سبحانه وتعالى يحيط هذا النبي الذي يطلعه على بعض الأشياء الغيبية بالملائكة من أمامه ومن خلفه، حرساً حتى يوحى إليه بهذا الأمر الغيبي، فلا تأخذه الشياطين من رسول الله.

(فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) أي: يحيطه بملائكة من أمامه ومن خلفه حتى لا تستطيع الشياطين إدخال شيء في هذه الغيبيات الذي يخبر بها الرسول، وكذلك حتى لا يستطيعون أخذ شيء من هذه الغيبيات التي يخبر بها الرسول عليه الصلاة والسلام، كما في الآية الأخرى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ} [فصلت:41-42]-أي: الشيطان على رأي بعض المفسرين- {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42] فمعنى الآية والله أعلم: أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يطلع بعض أنبيائه على بعض الأمور الغيبية، عززهم بملائكة تحرسهم عن اليمين والشمال، ومن الأمام ومن الخلف، ومن كل اتجاه، ثم يوحى إليه بهذا الأمر الغيبي فلا يستطيع الشيطان أن يدخل معه أمراً آخر، أو يأخذ منه خبراً وينشره بين الناس.

(فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا)، أي: رصداً من الملائكة، {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ} [الجن:28] من هو الذي يعلم؟ فيها أقول لأهل العلم: قيل: ليعلم هذا النبي أن إخوانه من الأنبياء قد أبلغوا رسالات ربهم.

وقيل: (لِيَعْلَمَ) .

أي: ربنا سبحانه وتعالى، وليس هذا منافياً لعلمه، إنما المراد بالعلم: علم ينبني عليه الثواب، والعقاب، كقوله:{لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة:94] ، فهو علم يترتب عليه الثواب والعقاب، وإلا فهو سبحانه يعلم كل شيء، وثم أقوال أخر.

{وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} [الجن:28] أي: عندهم، {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن:28] .

ص: 14