المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أثر الاعتقاد الصحيح والفاسد على عمل العبد - سلسلة التفسير لمصطفى العدوي - جـ ٨٧

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌تفسير سورة المطففين

- ‌سبب نزول سورة المطففين

- ‌تفسير قوله تعالى: (ويل للمطففين

- ‌نهي الله عن تطفيف المكاييل فيه رد على العلمانيين

- ‌أثر الاعتقاد الصحيح والفاسد على عمل العبد

- ‌كيفية قيام الناس يوم القيامة للحساب

- ‌مسألة: مشروعية القيام للقادم

- ‌تفسير قوله تعالى: (كلا إن كتاب الفجار

- ‌معنى الران

- ‌رؤية أهل الإيمان لربهم يوم القيامة

- ‌تفسير قوله تعالى: (كلا إن كتاب الأبرار

- ‌جزاء المؤمنين في الآخرة

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين أجرموا

- ‌سخرية المجرمين من المؤمنين في الدنيا

- ‌سخرية المؤمنين من المجرمين في الآخرة

- ‌الأسئلة

- ‌حكم وضع المال في البنك لغرض الربح

- ‌حكم صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌حكم جذب المصلي أحد المصلين من الصف ليصلي معه

- ‌حكم أحاديث مساواة المهدي لأبي بكر وعمر في الفضل

- ‌حكم لبس النظارة الشمسية بدون حاجة

- ‌حكم قنوت الفجر

- ‌حكم حديث أنس في وصف حال المدينة عند مقدم الرسول وعند وفاته

- ‌مقدار سترة المصلي

- ‌حكم رفع اليدين بالدعاء بعد أذكار الصلاة

- ‌حكم إلزام الزوج بنفقة الحج عن زوجته

- ‌حكم من حج وتكاليف حجه هبة من غيره

- ‌حكم التكافل الاجتماعي

- ‌مشروعية التوسط عند اتخاذ السترة للصلاة

- ‌القول في كتاب: إحياء علوم الدين

- ‌حكم زواج المرأة واحتجابها من أخيها من الرضاعة

- ‌الأشياء التي يجوز أن يراها والد الزوج من زوجة ابنه

- ‌حكم دخول العاقد على زوجته قبل إعلان البناء

- ‌حكم من هجر قريبته لارتكابها نوعاً من أنواع الشرك

- ‌ما الحكم في رجل تقدم لخطبة امرأة ووالده يعمل مدير بنك

الفصل: ‌أثر الاعتقاد الصحيح والفاسد على عمل العبد

‌أثر الاعتقاد الصحيح والفاسد على عمل العبد

{أَلا يَظُنُّ} [المطففين:4] أي: ألا يعتقد ويوقن، فالظن هنا بمعنى اليقين، ومواطن إتيان الظن بمعنى اليقين متعددة منها:{إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة:20] أي: أيقنت أني ملاقٍ حسابيه، {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة:46] أي: يوقنون أنهم ملاقو ربهم، وهنا يقول سبحانه:{أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ} [المطففين:4] أي: المطففون.

{أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين:4-5] الآية تفيد: أن الاعتقاد الصحيح يولد عملاً صحيحاً، وبالمقابل فإن الاعتقاد الفاسد يولد عملاً فاسداً، فإذا كان اعتقادك صحيحاً وأنك تعتقد تماماً أنك مبعوث ليوم عظيم فهذا الاعتقاد الصحيح يحملك على عمل صحيح وهو عدم تطفيف الكيل وعدم تطفيف الميزان، لكن إذا كنت لا تعتقد أن هناك بعثاً ما هو المانع لك من الغش؟ ما هو المانع لك من السرقة؟ لا مانع إذاًَ من الغش ولا من السرقة -إذا كنت لا تعتقد أن هناك بعثاً- إلا سطوة البشر، لكن إذا خلوت وابتعدت من أعين البشر ليس هناك أي مانع من أن تختلس، ولذلك مقولة إخواننا الذين يقولون: إن الأوروبيين أكثر أماناً من المسلمين هذه مقولة ضالة خاطئة، فهم وإن راقبوا البشر فلا يراقبون الله، فإذا تمكنوا من السرقة والاختلاس اختلسوا بلا شك ولا حرج عندهم في ذلك.

فالشاهد: أن الاعتقاد الصحيح يحملك على عمل صحيح، لذلك إذا اعتقدت اعتقاداً صحيحاً في الملائكة وأنهم يراقبونك عملت عملاً صالحاً حتى لا يروك على معصية الله.

في المقابل الاعتقاد الفاسد يولد عملاً فاسداً، ولذلك لما اعتقد بنو إسرائيل اعتقادات فاسدة، كاعتقادهم أن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودات قالوا: أذنبنا أم لم نذنب، ارتكبنا الكبائر أم لم نرتكب، فإننا معذبون سبعة أيام، وهي السبعة التي عبدنا فيها العجل، فهذا الاعتقاد الرديء السيئ حملهم على ماذا؟ على قتل الأنبياء وقتل الذين يأمرون القسط من الناس، فذبحوا يحيى وذبحوا زكريا عليهما السلام، قال الله سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران:21-22] إلى أن قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [آل عمران:24] فلذلك يقول العلماء: إن سلطان العلم والخشية من الله أقوى تأثيراً على القلب من سلطان السيوف، فإن السيوف على البدن تستطيع أن تتقيها بأي شيء، لكن الذي في القلب ثابت لا يتغير ولا يؤثر فيه إلا العلم والخشية من الله سبحانه وتعالى.

قال الله جل ذكره: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين:4-5] فلو علموا ذلك لضبطوا الموازين حق الضبط.

ص: 5