المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ شرطه في الكتاب: - سنن أبي داود - ت الأرنؤوط - مقدمة

[أبو داود]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الناشر

- ‌ترجمة الإمام أبي داود السجستاني

- ‌ اسمه ونسبه ومولده وبلده:

- ‌عصره، وسيرته العلمية، ورحلته وشيوخه:

- ‌ثناء أهل العلم عليه:

- ‌ مذهبه في الصفات:

- ‌ مذهبُه الفقهي:

- ‌ آثاره العلمية:

- ‌أ- تلامذته:

- ‌ب- مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌التعريف بكتاب السنن للإمام أبي داود السجستاني

- ‌ اسم الكتاب وموضوعه:

- ‌ شرطه في الكتاب:

- ‌ أهمية الكتاب، وتنويه أهل العلم بفضله ومزيته على غيره من الكتب التي من بابته:

- ‌ عناية العلماء بكتاب "السنن

- ‌فمن شروحه:

- ‌ الطبعات السابقة لكتاب "السنن

- ‌وصف النسخ المصوَّرة عن الأصول الخطية المعتمدة في هذه الطبعة لكتاب السنن

- ‌النسخة الأولى:

- ‌تراجم الرواة الواردة أسماؤهم في أسانيد الحافظ ابن حجر في روايات "السنن

- ‌أولاً: إسناده لرواية أبي علي اللؤلؤي، عن أبي داود السجستاني:

- ‌ثانياً: إسنادُ الحافظ لِرواية أبي بكر ابن داسه، عن أبى داود السجستاني:

- ‌ثالثاً: إسناد الحافظ لرواية أبي سعيد ابن الأعرابي، عن الإمام أبي داود:

- ‌رابعاً: إسنادُ الحافِظِ لِروايةِ أبي الحسن علي بن عبدٍ، المعروف بابنِ العبد، عن أبي داود:

- ‌خامساً: إسنادُ الحافظ لرواية أبي عيسى إسحاق بنِ موسى بن سعيد الرملي وراق أبي داود، عن أبي داود:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌سند النسخة كما جاء في اللوحة الأولى:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌وسند هذه النسخة كما جاء في اللوحة الأولى منها:

- ‌وهناك تراجم الرجال الذين وردت أسماؤهم في سند النسخة، ثم في السماعين اللذين في اللوحة الأخيرة منها:

- ‌ترجمة الرجال الواردة أسماؤهم في السماعين المثبتين في اللوحة الأخيرة:

- ‌أولاً: السماع الأول:

- ‌ثانياً: السماع الثاني:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌وجاء في اللوحة التي قبل لوحةِ العنوان ما نَصُّه:

- ‌وهاك تراجم الرجالِ الذين ورَدَت أسماؤُهم في هذه النسخة:

- ‌النسخة السادسة:

- ‌وإليك تراجمَ شيوخ الناسخ الذين ذكرناهم قبلُ في هذه النسخة:

- ‌عملنا في الكتاب

الفصل: ‌ شرطه في الكتاب:

والتزم رحمه الله ترتيب كتابه على الموضوعات الفقهية على طريقة سلفه سفيان الثوري في "جامعه"، فجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع في مكان واحد وأطلق لفظة (كتاب) على العنوان العام الجامع لأحاديث متعددة ولأبوابٍ كثيرة من جنس واحدٍ كالطهارة والصلاة والبيوع، وأطلق لفظة (باب) على الأحاديث التي تدل على مسألة خاصة بعينها.

*‌

‌ شرطه في الكتاب:

وقد أبان الإمامُ أبو داود رحمه الله عن شرطه في أحاديث "السنن" في "رسالته"، ويتلخص ذلك في عدة أمور:

أولاً: عدمُ الروايةِ عن متروكِ الحديثِ فما دونَ -والمتروك هو المجمع على ضعفه ولا يعتد به في المتابعات والشواهد- وفي ذلك يقول: وليس في كتاب "السُّنن" الذي صنفتُه عن رجلٍ متروكِ الحديثِ شيء.

ثانياً: الأحاديثُ التي أوردها في "السُّنن" أكثرُها مشاهيرُ، يعرفها أهلُ الحديثِ، فقد قال: والأحاديثُ التي وضعتُها في كتابِ "السنن" أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث.

ثالثاً: ذكر أحاديث ليست بمتصلةٍ، وهي مرسلة أو مدلسة، وذلك عندما لا يكون في الباب حديث صحيح أو حسن يغني عنها، قال: وإن من الأحاديث ما ليسَ بمتصلٍ، وهو مرسل ومدلس، وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل.

ص: 46

وإنما دعاه إلى تدوين هذا النوع في كتابه، أنه كان يذهبُ مذهب شيخه الإمام أحمد بن حنبل في الاحتجاج بالحديث الضعيف ضعفاً خفيفاً إذا لم يوجد في الصحيح ما يُغني عنه، ولم يوجد ما يخالفه مما هو أصحُّ منه، وهذا هو السبب الذي حفزه إلى تأليف كتاب "المراسيل" وقد ضمنه "أربعة وأربعين وخمس مئة حديث".

قال الإمام أبو بكر الأثرم صاحبُ الإمام أحمد: كان أبو عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- ربما كان الحديثُ عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي إسناده شيء، فيأخُذُ به إذا لم يجئ خلافُه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهَجَري، وربما أخذ بالحديث المرسل إذا لم يجئ خلافه

(1)

.

وذكر الإمامُ ابنُ قيم الجوزية -وهو بصدد بيان الأصول التى اعتمدها الإمام أحمد وبنى عليها مذهبه، فقال-: الأصلُ الرابع- يعني عند الإمام أحمد- الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعُه، وهو الذي رجّحه على القياس، وليس المرادُ بالضعيف عنده الباطلُ، ولا المنكرُ، ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعملُ به، بل الحديثُ الضعيف عنده قسيمُ الصحيح، وقسمٌ مِن أقسامِ الحسن، ولم يكن يُقسِّم الحديثَ إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتبُ، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ولا قولُ صاحب، ولا إجماعٌ

(1)

ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" 1/ 313.

ص: 47

على خلافه، كان العملُ بهِ عنده أولى مِنَ القياس، وليس أحدٌ من الأئمة إلا وهو موافقُه على هذا الأصل من حيث الجملة

(1)

.

رابعاً: أنَّه عندما يُورِدُ حديثاً شديد الضعف يُبين ذلك، فقد قال: وما كان في كتابي من حديث فيه وهْنٌ شديد فقد بينته.

وقد ذكروا أن هذا البيان مدوَّن أكثره في "السنن" برواية ابن العبد.

خامساً: أن ما سكت عنه فهو صالح، وذلك في قوله: وما لم أذكُر فيه شيئاً فهو صالح. وقد اختلف أهلُ العلم في المراد من قوله: فهو صالح.

فقد قال ابنُ عبد البر: كُلُّ ما سكت عليه أبو داود، فهو صحيح عنده، لا سيما إن كان لا يذكر في الباب غيره

(2)

.

وقال الحافظ الذهبي: قد وفَّى أبو داود رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده، وبيّن ما ضعفه شديد، ووهْنُه غير محتمل، وكاسَرَ (غضَّ من طرفه) عما ضعفُه خفيفٌ محتملٌ، فلا يلزمُ مِن سكوته -والحالةُ هذه- عن الحديث أن يكون حسناً عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حَدِّ الحسن باصطلاحنا المولَّدِ الحادث الذي هو في عُرف السلفِ يعودُ إلى قسم مِن أقسام الصحيح، الذي يجب العملُ به عند جمهورِ العلماء، أو الذي يرغبُ عنه أبو عبد الله البخاري، ويُمشِّيه مسلمٌ، وبالعكس، فهو داخل في أدنى مراتب الصحة، فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج، ولبقي متجاذباً بين الضعيف والحسن،

(1)

"إعلام الموقعين" 1/ 61.

(2)

ابن حجر العسقلاني في "النكت على مقدمة ابن الصلاح" ص 143.

ص: 48

فكتابُ أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان، وذلك نحو مِنْ شطرِ الكتاب، ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين، ورغب عنه الآخرُ، ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيداً، وسالماً من علة وشذوذ، ثم يليه ما كان إسنادُه صالحاً، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين ليِّنَين فصاعداً يعضد كل منهما الآخر، ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه، فمثل هذا يمشيه أبو داود ويسكت عنه غالباً، ثم يليه ما كان بين الضعفِ من جهة راويه، فهذا لا يسكت عنه، بل يوهنه غالباً، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته، والله أعلم

(1)

.

وقال الحافظ البقاعي في "النكت الوفية" الورقة 72 ب-73أ: ليس بمسلم أن كل ما سكت عليه أبو داود يكون حسناً، بل هو وهم أتى من جهة أن أبا داود يريدُ بقوله:"صالح" الصلاحية الاصطلاحية، ومِن فهمِ أن" أصح" في قوله:"وبعضها أصح من بعض" تقتضي اشتراكاً في الصحة، وكذا قوله:"إنه يذكر في كل باب أصح ما عرف فيه" وليس الأمر في ذلك كذلك، أما من جهة قوله:"صالح" فلأنه يحتمل أن يريد صلاحيته للاحتجاج، فكذا يحتمل أن يريد صلاحيته للاعتبار، فإن أبا داود قال في "الرسالة" التي أرسلها إلى من سأله عن اصطلاحه في كتابه: "ذكرت فيه الصحيح، وما يشبهه ويقاربه، وما فيه وهن شديد بينته، وما لا فصالح، وبعضها أصح من بعض

(2)

.

(1)

"سير أعلام النبلاء" 13/ 214.

(2)

كلمة أبي داود هذه ليست في "رسالته" المعروفة، وإنما رواها عنه ابن داسه، رواها الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 57 بإسناده، وقد نبّه على ذلك الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله.

ص: 49

وقد اشتمل هذا الكلام على خمسة أنواع.

1 -

الأول: الصحيح، ويجوز أن يريد به الصحيح لذاته.

2 -

والثاني: مشبهُه، ويمكن أن يريد به الصحيح لغيره.

3 -

والثالث: مُقارِبُه، ويحتمل أن يريد به الحسن لذاته.

4 -

والرابعُ: الذي فيه وهن شديد.

5 -

وقوله: "وما لا" يُفهم منه أن الذي فيه وهن، ليس بشديد (أي: يسكت عنه ولا يبينه)، فهو قسم خامس.

فإن لم يعتضد كان صالحاً للاعتبار فقط، وإن اعتضد صار حسناً لغيره، أي: للهيئة المجموعة، وصلح للاحتجاج، وكان قسماً سادساً.

وعلى تقدير تسليم أن مراده "صالح" للاحتجاج، لا يستلزم الحكم بتحسين ما سكت عليه، فإنه يرى الاحتجاج بالضعيف إذا لم يوجد في الباب غيره،

اقتداء بأحمد رضي الله عنه

(1)

.

وقال العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثريُّ رحمه الله عند قول أبي داود في "رسالته": "وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح" أي: للاعتبار أو للحجة، وتعيين أحدِهما تابعٌ للقرينة القائمة كما هو شأن المشترك، وادعاء أنه صالح للحجة تقويل لأبي داود لم يقله، قال

(1)

نقله عن البقاعي الشيخُ عبد الفتاح أبو غدة في تحقيقه على "رسالة أبي داود" ضمن الرسائل الثلاث ص 42 - 43، وبنحو كلام البقاعي كلام الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" 1/ 78.

ص: 50