المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وقد أكثر الشيخان من تخريج أحاديثه في صحيحهما، فاتفقا على ستة أحاديث، وتفرد البخاري بحديثين - شذرات من إتحاف الأريب بأحكام مراتب تقريب التهذيب

[أحمد شحاتة السكندري]

فهرس الكتاب

- ‌«وَأَمَّا عَمَلُ الْمُعَاصِرِينَ، وَمَنْهَجُهُمُ الْمُتَعَجِّلُ فِي بَيَانِ مَرَاتِبِ الأَحَادِيثِ مِنَ الصِّحَةِ وَالضَّعْفِ

- ‌فَإنَّ «تَقْرِيبَ التَّهْذِيبِ» لِلْحَافِظِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيِّ، هُوَ زُبْدَةُ مَا تَوَصَّلَ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ

- ‌وَنَصُّ أَحْكَامِهِ فِي مُقَدِّمَةِ التَّقْرِيبِ: «وَبِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرْتُ انْحَصَرَ لِيَ الْكَلامُ عَلَى أَحْوَالِهِمْ

- ‌فَمِنَ الْوَاضِحِ اللائِحِ: أَنَّ الْحَافِظَ اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ أَحْكَامِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِلرُّوَاةِ، وَلَمْ يُرِدْ قَطُّ بَيَانَ دَرَجَةِ أَحَادِيثِهِمْ

- ‌إِنَّ الْحُكْمَ عَلَى دَرَجَةِ حَدِيثِ الرَّاوِي لا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِ أَوْ جَرْحِهِ فَقَطْ

- ‌وَأَمَّا عَمَلُ الْمُعَاصِرِينَ، وَمَنْهَجُهُمُ الْمُتَعَجِّلُ الْمَذْكُورُ آنِفَاً، فَأَكْثَرُ مُبَايَنَةً، وَأَوْسَعُ خِلافَاً مِنْ ذَا

- ‌وَقَدْ تَكَلَّفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيَانَ مَا لَمْ يُرِدِ الْحَافِظُ بَيَانَهُ، فَسَدَّدَ كُلٌّ سَهْمَاً لَكِنْ فِي غَيْرِ مَرْمَاهُ

- ‌وَمِمَّنْ أَغَارَ عَلَى أَحْكَامِ التَّقْرِيبِ مِنْ رُفَعَاءِ الشُّيُوخِ وَعُقَلائِهِمْ، فَصَرَفَهَا عَنْ مَقَاصِدِهَا وَغَايَاتِهَا، وَتَصَرَّفَ بِالْجَوْرِ فِي تَأوِيلِ دِلالاتِهَا:

- ‌وَهَذَا الاقْتِضَاءُ الثَّالِثُ هُوَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى: التَّأَسُّفِ مِمَّا فِي هَذَا الْحُكْمِ مِنَ الْجَوْرِ وَالتَّعَسُّفِ

- ‌ إنَّ الْحُكْمَ الصَّحِيحِ عَلَى أَحَادِيثِ رِجَالِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ لَيْسَ بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ يَجِبُ النَّظَرُ فِي حَدِيثِ كُلِّ رَاوٍ عَلَى حِدَّةٍ

- ‌ومن التَّمْثِيلِ عَلَى عُجَالَةٍ لِهِذَا الصِّنْفِ مِنْ رُوَاةِ الصَّحِيحِ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ

- ‌فَهَذِهِ السُّبَاعِيَّاتُ السِّتُّ، بِعِدَّةِ أَوْصَافِ رِجَالِ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ:

- ‌وَمِنْ أَوْضَحِ الْبَرَاهِينِ عَلَى خَطَأِ هَذَا الْحُكْمِ، لِجَوْرِهِ، وَوُعُورَةِ مَسْلَكِهِ، وَمُخَالَفَتِهِ لِلاسْتِقْرَاءِ وَالتَّتَبُّعِ

- ‌وَأَمَا شَبِيهُ هَذَا التَّمْثِيلِ بِرُوَاةِ الصَّحِيحِ مِنَ الْمَرْتَبَةِ التَّالِيَةِ، وَهِيَ السَّادِسَةُ مِنْ مَرَاتِبِ تَقْرِيبِ الْحَافِظِ الْجِهْبَذِ

- ‌فَمِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخامِسَةِ:

- ‌[1] مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ الْيَامِيُّ كُوفِيٌّصَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ، وَأَنْكَرُوا سَمَاعَهُ مِنْ أَبِيهِ لِصِغَرِهِ [

- ‌أَخْرَجَا لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ، تَفَرَّدَ الْبُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ مِنْهَا، وَمُسْلِمٌ بِالثَّلاثَةِ الأُخْرَى

- ‌[2] حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْحَارِثِيُّ مَوْلاهُمْ الْكَوفِي

- ‌ وَقَدْ أَكْثَرَ الشَّيْخَانِ مِنْ تَخْرِيْجِ أَحَادِيثِهِ فِي صَحِيحِهِمَا، فَاتَّفَقَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَحَادِيثَ

- ‌[3] شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمَرٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْمَدَنِيُّصَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م د تم س ق]

- ‌ وَقَدْ أَكْثَرَ الشَّيْخَانِ مِنْ تَخْرِيْجِ أَحَادِيثِهِ فِي صَحِيحِهِمَا، فَاتَّفَقَا عَلَى سِتَّةِ أَحَادِيثَ، وَتَفَرَّدَ الْبُخَارِيُّ بِحَدِيثَيْنِ

- ‌[4] الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيْرٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلاهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ الْكُوفِيُّصَدُوقٌ رُمِيَ بِرَأْي الْخَوَارِجِ [

- ‌وَهَذَا حُكْمٌ مُقَارِبٌ سَدِيدٌ، وَهُوَ بِمَعْنَي: صَدُوقٌ ثَبْتٌ لَمْ تَثْبُتْ تُهْمَتُهُ، بَلْ هُوَ بَرِئٌ مِمَّا رَمَاهُ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنَ الإِبَاضِيَّةِ

- ‌وَمِنْ الْمَرْتَبَةِ السَّادِسَةِ:

- ‌[1] طَلْقُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ أَبُو غِيَاثٍ الْكُوفِيُّ تَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ مُخَضْرَمٌ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّانِيَةِ [بخ م س]

- ‌[2] عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِىُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ م خد س ق]

- ‌[3] مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ الْمَدَنِىُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ م خد س ق]

- ‌[4] جَعْفَرُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عِكْرِمَةَ السُّوَائِيُّ أَبُو ثَوْرٍ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م ق]

- ‌[5] مُسْلِمُ بْنُ قَرَظَةَ الأَشْجَعِيُّ الشَّامِيُّ ابْنُ أَخِي عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م]

- ‌[6] مِصْدَعٌ أبُو يَحْيَى الأَعْرَجُ الْمُعَرْقَبِ مَوْلَى مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م]

- ‌[7] يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ الْمُؤَذِّنُ مَقْبُولٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ [خ]

- ‌وَأَمَا بَاقِي التَّعَقُّبِ وَالْبَيَانِ، فَانْظُرْهُ فِي كِتَابِنَا:«إتْحَافُ الأرِيبِ بِأحْكامِ مَرَاتِبِ تَقْرِيبِ التَّهْذِيبِ»

الفصل: ‌ وقد أكثر الشيخان من تخريج أحاديثه في صحيحهما، فاتفقا على ستة أحاديث، وتفرد البخاري بحديثين

[3] شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمَرٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْمَدَنِيُّ

صَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م د تم س ق]

وَهَذَا حُكْمٌ مُقَارِبٌ وَسَطٌ، فَمَعَ تَوْثِيقِ ابْنِ سَعْدٍ وَأبِي دَاوُدَ وَالْعِجْلِيِّ إِيَّاهُ، وَقَوْلِ ابْنِ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيِّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، فَإِنَّ ابْنَ حِبَّانَ وَصَفَهُ بِالْخَطَأِ، وَبَيَّنَ الْحَافِظُ مَوَاضِعَ مِنْ أَخْطَائِهِ فِي حَدِيثِ الإِسْرَاءِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ الْجَمَاعَةُ، وَتَجَنَّبَ الشَّيْخَانِ مَا أَخْطَأَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِهِ.

وَقَدْ بَسَطَ أَقْوَالَهُمْ فِي «تَهْذِيبِهِ» بِقَوْلِهِ: «قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيْرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ فَلا بَأْسَ بِرِوَايَاتِهِ. وَقَالَ الآجُرِّيُّ عَنْ أَبِي دَاوُد: ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضَاً: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَارُودِ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لا يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ السَّاجِيُّ: كَانَ يَرَى الْقَدَرَ» .

قُلْتُ:‌

‌ وَقَدْ أَكْثَرَ الشَّيْخَانِ مِنْ تَخْرِيْجِ أَحَادِيثِهِ فِي صَحِيحِهِمَا، فَاتَّفَقَا عَلَى سِتَّةِ أَحَادِيثَ، وَتَفَرَّدَ الْبُخَارِيُّ بِحَدِيثَيْنِ

، وَتَفَرَّدَ مُسْلِمٌ بِخَمْسَةِ أَحَادِيثَ، فَجُمْلَةُ أَحَادِيثِهِ فِيهِمَا: ثَلاثَةَ عَشَرَ حَدِيثَاً، وَبِالْمُكَرَّرِ: سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثَاً.

ص: 32

[1]

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (كِتَابِ الأَذَانِ /ح667) : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَمُسْلِمٌ فِي (كِتَابِ الصَّلاةِ /ح721) : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاةً وَلا أَتَمَّ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وزاد سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ: وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ.

[2]

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (كِتَابِ /ح 958) : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُسْلِمٌ فِي (كِتَابِ صَلاةِ الاسْتِسْقَاءِ /ح1493) : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمَاً، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، قَالَ أَنَسٌ: وَلا وَاللهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلا قَزَعَةً، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتَّاً، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمَاً، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ، وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، قَالَ: فَأَقْلَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ. قَالَ شَرِيكٌ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي.

ص: 33

[3]

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (كِتَابِ التَّوْحِيدِ /6963) : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ ، فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى، فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ، فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَاّهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ، فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوَّاً إِيْمَانَاً وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ، يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَضَرَبَ بَابَاً مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَنْ هَذَا؟ ، فَقَالَ: جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ ، قَالَ: مَعِيَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: فَمَرْحَبَاً بِهِ وَأَهْلاً، فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ، لا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ، وَقَالَ: مَرْحَبَاً وَأَهْلاً بِابْنِي، نِعْمَ الابْنُ أَنْتَ، فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ، فَقَالَ: مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ ، قَالَ: هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا، ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ، عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَضَرَبَ يَدَهُ، فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ، قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ ، قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الأُولَى: مَنْ هَذَا؟ ، قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ ، قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ ، قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: مَرْحَبَاً بِهِ وَأَهْلاً، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتِ الأُولَى وَالثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ، فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ، وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلامِ اللهِ، فَقَالَ مُوسَى: رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ، ثُمَّ عَلا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لا يَعْلَمُهُ إِلَاّ اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلاةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى، فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ ، قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَعَلا بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ: يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا، فَإِنَّ أُمَّتِي لا تَسْتَطِيعُ هَذَا، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى، فَاحْتَبَسَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ، حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الْخَمْسِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاللهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْمِي عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا، فَضَعُفُوا، فَتَرَكُوهُ، فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادَاً وَقُلُوبَاً وَأَبْدَانَاً وَأَبْصَارَاً وَأَسْمَاعَاً، فَارْجِعْ، فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ، وَلا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ، فَخَفِّفْ عَنَّا، فَقَالَ الْجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: إِنَّهُ لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ كَمَا فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، قَالَ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتَ؟ ، فَقَالَ: خَفَّفَ عَنَّا، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، قَالَ مُوسَى: قَدْ وَاللهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضَاً، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا مُوسَى؛ قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللهِ، قَالَ: وَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ.

وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي (كِتَابِ الإِيْمَانِ /ح236) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ: أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وَقَدَّمَ فِيهِ شَيْئَاً وَأَخَّرَ، وَزَادَ وَنَقَصَ.

ص: 34

[4]

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (كِتَابِ تَفْسِيْرِ الْقُرْآنِ /ح4175) : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيَّ قَالا سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلا اللُّقْمَةُ، وَلا اللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِي قَوْلَهُ «لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافَاً» .

وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي (كِتَابِ الزَّكَاةِ /ح1723) : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِمِثْلِهِ.

[5]

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (كِتَابِ الْمَنَافِبِ /ح3398)، وَمُسْلِمٌ فِي (كِتَابِ الْفَضَائِلِ /ح4417) كِلاهُمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقُلْتُ لأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا، قَالَ: فَجَاءَ الْمَسْجِدَ، فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا، فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ، حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتَهُ، فَتَوَضَّأَ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ، وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، وَدَلَاّهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، فَقُلْتُ: لأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَفَعَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ ، فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ:«ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ فِي الْقُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ، وَيَلْحَقُنِي، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلانٍ خَيْرَاً يُرِيدُ أَخَاهُ يَأْتِ بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ ، فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ:«ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» ، فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلانٍ خَيْرَاً يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ ، فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:«ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ» ، فَجِئْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ، فَدَخَلَ، فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنَ الشَّقِّ الآخَرِ.

قَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ.

[6]

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (كِتَابِ التَّوْحِيدِ /ح6898) : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا، لأَنْظُرَ كَيْفَ صَلاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ، قَعَدَ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَرَأَ «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» إِلَى قَوْلِهِ «لأُولِي الأَلْبَابِ» ، ثُمَّ قَامَ، فَتَوَضَّأَ، وَاسْتَنَّ، ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ بِالصَّلاةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ.

وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي (كِتَابِ صَلاةِ الْمُسَافِرِينَ /ح1279) : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِمِثْلِهِ.

ص: 35

وَأَمَّا أَفْرَادُ الْبُخَارِيِّ:

[1]

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (كِتَابِ الْعِلْمِ /ح61) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قَدْ أَجَبْتُكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي سَائِلُكَ، فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ، فَقَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ، فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَك؛ آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ ، قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ السَّنَةِ؟ ، قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ.

[2]

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (كِتَابِ الرِّقَاقِ /ح6021) : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» .

ص: 36