المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إن الحكم الصحيح على أحاديث رجال هاتين المرتبتين ليس بدرجة واحدة، بل يجب النظر في حديث كل راو على حدة - شذرات من إتحاف الأريب بأحكام مراتب تقريب التهذيب

[أحمد شحاتة السكندري]

فهرس الكتاب

- ‌«وَأَمَّا عَمَلُ الْمُعَاصِرِينَ، وَمَنْهَجُهُمُ الْمُتَعَجِّلُ فِي بَيَانِ مَرَاتِبِ الأَحَادِيثِ مِنَ الصِّحَةِ وَالضَّعْفِ

- ‌فَإنَّ «تَقْرِيبَ التَّهْذِيبِ» لِلْحَافِظِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيِّ، هُوَ زُبْدَةُ مَا تَوَصَّلَ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ

- ‌وَنَصُّ أَحْكَامِهِ فِي مُقَدِّمَةِ التَّقْرِيبِ: «وَبِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرْتُ انْحَصَرَ لِيَ الْكَلامُ عَلَى أَحْوَالِهِمْ

- ‌فَمِنَ الْوَاضِحِ اللائِحِ: أَنَّ الْحَافِظَ اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ أَحْكَامِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِلرُّوَاةِ، وَلَمْ يُرِدْ قَطُّ بَيَانَ دَرَجَةِ أَحَادِيثِهِمْ

- ‌إِنَّ الْحُكْمَ عَلَى دَرَجَةِ حَدِيثِ الرَّاوِي لا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِ أَوْ جَرْحِهِ فَقَطْ

- ‌وَأَمَّا عَمَلُ الْمُعَاصِرِينَ، وَمَنْهَجُهُمُ الْمُتَعَجِّلُ الْمَذْكُورُ آنِفَاً، فَأَكْثَرُ مُبَايَنَةً، وَأَوْسَعُ خِلافَاً مِنْ ذَا

- ‌وَقَدْ تَكَلَّفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيَانَ مَا لَمْ يُرِدِ الْحَافِظُ بَيَانَهُ، فَسَدَّدَ كُلٌّ سَهْمَاً لَكِنْ فِي غَيْرِ مَرْمَاهُ

- ‌وَمِمَّنْ أَغَارَ عَلَى أَحْكَامِ التَّقْرِيبِ مِنْ رُفَعَاءِ الشُّيُوخِ وَعُقَلائِهِمْ، فَصَرَفَهَا عَنْ مَقَاصِدِهَا وَغَايَاتِهَا، وَتَصَرَّفَ بِالْجَوْرِ فِي تَأوِيلِ دِلالاتِهَا:

- ‌وَهَذَا الاقْتِضَاءُ الثَّالِثُ هُوَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى: التَّأَسُّفِ مِمَّا فِي هَذَا الْحُكْمِ مِنَ الْجَوْرِ وَالتَّعَسُّفِ

- ‌ إنَّ الْحُكْمَ الصَّحِيحِ عَلَى أَحَادِيثِ رِجَالِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ لَيْسَ بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ يَجِبُ النَّظَرُ فِي حَدِيثِ كُلِّ رَاوٍ عَلَى حِدَّةٍ

- ‌ومن التَّمْثِيلِ عَلَى عُجَالَةٍ لِهِذَا الصِّنْفِ مِنْ رُوَاةِ الصَّحِيحِ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ

- ‌فَهَذِهِ السُّبَاعِيَّاتُ السِّتُّ، بِعِدَّةِ أَوْصَافِ رِجَالِ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ:

- ‌وَمِنْ أَوْضَحِ الْبَرَاهِينِ عَلَى خَطَأِ هَذَا الْحُكْمِ، لِجَوْرِهِ، وَوُعُورَةِ مَسْلَكِهِ، وَمُخَالَفَتِهِ لِلاسْتِقْرَاءِ وَالتَّتَبُّعِ

- ‌وَأَمَا شَبِيهُ هَذَا التَّمْثِيلِ بِرُوَاةِ الصَّحِيحِ مِنَ الْمَرْتَبَةِ التَّالِيَةِ، وَهِيَ السَّادِسَةُ مِنْ مَرَاتِبِ تَقْرِيبِ الْحَافِظِ الْجِهْبَذِ

- ‌فَمِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخامِسَةِ:

- ‌[1] مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ الْيَامِيُّ كُوفِيٌّصَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ، وَأَنْكَرُوا سَمَاعَهُ مِنْ أَبِيهِ لِصِغَرِهِ [

- ‌أَخْرَجَا لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ، تَفَرَّدَ الْبُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ مِنْهَا، وَمُسْلِمٌ بِالثَّلاثَةِ الأُخْرَى

- ‌[2] حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْحَارِثِيُّ مَوْلاهُمْ الْكَوفِي

- ‌ وَقَدْ أَكْثَرَ الشَّيْخَانِ مِنْ تَخْرِيْجِ أَحَادِيثِهِ فِي صَحِيحِهِمَا، فَاتَّفَقَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَحَادِيثَ

- ‌[3] شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمَرٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْمَدَنِيُّصَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م د تم س ق]

- ‌ وَقَدْ أَكْثَرَ الشَّيْخَانِ مِنْ تَخْرِيْجِ أَحَادِيثِهِ فِي صَحِيحِهِمَا، فَاتَّفَقَا عَلَى سِتَّةِ أَحَادِيثَ، وَتَفَرَّدَ الْبُخَارِيُّ بِحَدِيثَيْنِ

- ‌[4] الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيْرٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلاهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ الْكُوفِيُّصَدُوقٌ رُمِيَ بِرَأْي الْخَوَارِجِ [

- ‌وَهَذَا حُكْمٌ مُقَارِبٌ سَدِيدٌ، وَهُوَ بِمَعْنَي: صَدُوقٌ ثَبْتٌ لَمْ تَثْبُتْ تُهْمَتُهُ، بَلْ هُوَ بَرِئٌ مِمَّا رَمَاهُ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنَ الإِبَاضِيَّةِ

- ‌وَمِنْ الْمَرْتَبَةِ السَّادِسَةِ:

- ‌[1] طَلْقُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ أَبُو غِيَاثٍ الْكُوفِيُّ تَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ مُخَضْرَمٌ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّانِيَةِ [بخ م س]

- ‌[2] عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِىُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ م خد س ق]

- ‌[3] مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ الْمَدَنِىُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ م خد س ق]

- ‌[4] جَعْفَرُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عِكْرِمَةَ السُّوَائِيُّ أَبُو ثَوْرٍ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م ق]

- ‌[5] مُسْلِمُ بْنُ قَرَظَةَ الأَشْجَعِيُّ الشَّامِيُّ ابْنُ أَخِي عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م]

- ‌[6] مِصْدَعٌ أبُو يَحْيَى الأَعْرَجُ الْمُعَرْقَبِ مَوْلَى مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م]

- ‌[7] يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ الْمُؤَذِّنُ مَقْبُولٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ [خ]

- ‌وَأَمَا بَاقِي التَّعَقُّبِ وَالْبَيَانِ، فَانْظُرْهُ فِي كِتَابِنَا:«إتْحَافُ الأرِيبِ بِأحْكامِ مَرَاتِبِ تَقْرِيبِ التَّهْذِيبِ»

الفصل: ‌ إن الحكم الصحيح على أحاديث رجال هاتين المرتبتين ليس بدرجة واحدة، بل يجب النظر في حديث كل راو على حدة

‌وَهَذَا الاقْتِضَاءُ الثَّالِثُ هُوَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى: التَّأَسُّفِ مِمَّا فِي هَذَا الْحُكْمِ مِنَ الْجَوْرِ وَالتَّعَسُّفِ

، وَالإِشْفَاقِ عَلَى الشَّيْخِ رحمه الله مِمَّا قَابَلَ بِهِ أَحْكَامَ التَّقْرِيبِ الْعَادِلَةِ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَالشِّقَاقِ، وَالإِذْعَانِ لِمَا أُمِرْنَا بِهِ مِنْ إِزْهَاقِ الْجَوْرِ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ.

فَأَقُولُ بِلا ارْتِيَابْ، وَاللهُ وَحْدَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابْ:

‌ إنَّ الْحُكْمَ الصَّحِيحِ عَلَى أَحَادِيثِ رِجَالِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ لَيْسَ بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ يَجِبُ النَّظَرُ فِي حَدِيثِ كُلِّ رَاوٍ عَلَى حِدَّةٍ

، لِيُحْكَمَ عَلَى حَدِيثِهِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ، صِحَّةً أَوْ حُسْنَاً أَوْ ضَعْفَاً. فَهَذِهِ ثَلاثَةُ أَحْكَامٍ مُتَبَايِنَةٍ مُتَفَاوِتَةٍ، وَلَيْسَتْ حُكْمَاً وَاحِدَاً مُتَعَسِّفَاً كَمَا ادَّعَاهُ الشَّيْخُ شَاكِرُ رحمه الله. فَلا يَغِيبَنَّ عَنْكَ هَذَا الْبَيَانُ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْكَاشِفَةِ عَنْ خَطَأِ هَذِهِ الأُطْرُوحَةِ، وَعَسَفِ هَذِهِ الأَحْكَامِ.

فَأَمَّا الْحُكْمُ الأَوَّلُ مِنَ الثَّلاثَةِ الأَحْكَامِ؛ أَعْنِي الصِّحَةَ، فَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ وَأَرْفَعُ دَرَجَاتِهِ، وَهُوَ الْمُجْمَعُ عَلَى تَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ، قَدْ كَفَانَا الْحَافِظُ تَكَلُّفَ مُؤْنَتِهِ، وَتَعَسُّفَ مَشَقَّتِهِ، وَذَلِكَ بِإِضَافَتِهِ حَرْفَيْنِ مُفْرَدَيْنِ [خ م] فِي خَاتِمَةِ تَرْجَمَةِ رَاوِي الصَّحِيحِ مِنْ رِجَالِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ، وَبِعِبَارَةٍ أَدَقِّ: احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِهِمَا.

ص: 8