الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعْتِقَادُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ مِنْ جَمَاعَةِ السَّلَفِ
318 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامِ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِسْطَامٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَرَأَهَا عَلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ ، فَقَالَ لَهُ: قُلْتَ أَعَزَّكَ اللَّهُ: " السُّنَّةُ اللَّازِمَةُ الَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً لَمْ يَقُلْهَا أَوْ يُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا: الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ،
⦗ص: 186⦘
ثُمَّ تَصْدِيقٌ بِالْأَحَادِيثِ وَالْإِيمَانُ بِهَا ، لَا يُقَالُ لِمَ وَلَا كَيْفَ ، إِنَّمَا هُوَ التَّصْدِيقُ بِهَا وَالْإِيمَانُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَفْسِيرَ الْحَدِيثِ وَيَبْلُغْهُ عَقْلُهُ فَقَدْ كُفِيَ ذَلِكَ ، وَأُحْكِمَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ ". مِثْلُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " حَدَّثَنَا الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ. وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ الثِّقَاتِ. وَلَا يُخَاصِمُ أَحَدًا وَلَا يُنَاظِرُ ، وَلَا يَتَعَلَّمُ الْجَدَلَ ، وَالْكَلَامُ فِي الْقَدَرِ وَغَيْرِهِ مِنَ السُّنَّةِ مَكْرُوهٌ ، وَلَا يَكُونُ صَاحِبُهُ وَإِنْ أَصَابَ السُّنَّةَ بِكَلَامِهِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ حَتَّى يَدَعَ الْجَدَلَ وَيُسَلِّمَ وَيُؤْمِنَ بِالْإِيمَانِ. وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ، وَلَا تَضْعُفْ أَنْ تَقُولَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ، فَإِنَّ كَلَامَ اللَّهِ عز وجل لَيْسَ بِبَائِنٍ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ مَخْلُوقٌ ، يُؤْمِنُ بِهِ وَلَا يُنَاظِرُ فِيهِ أَحَدًا. وَالْإِيمَانُ بِالْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يُوزَنُ الْعَبْدُ وَلَا يَزِنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ، يُوزَنُ أَعْمَالُ الْعِبَادِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ ، الْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ وَتَرْكُ مُجَادَلَتِهِ. وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُكَلِّمُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُحَاسِبُهُمْ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ ، الْإِيمَانُ بِذَلِكَ وَالتَّصْدِيقُ. وَالْإِيمَانُ بِالْحَوْضِ أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَوْضًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتُهُ ، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ عَلَى مَا
⦗ص: 187⦘
جَاءَ فِي الْأَثَرِ وَوُصِفَ ، ثُمَّ الْإِيمَانُ بِذَلِكَ. وَالْإِيمَانُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُفْتَنُ فِي قُبُورِهَا ، وَتُسْأَلُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ عز وجل وَكَمَا أَرَادَ ، الْإِيمَانُ بِذَلِكَ وَالتَّصْدِيقُ. وَالْإِيمَانُ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَإِخْرَاجِ قَوْمٍ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا احْتَرَقُوا وَصَارُوا فَحْمًا ، فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى نَهْرٍ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ وَكَمَا شَاءَ ، إِنَّمَا هُوَ الْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ. وَالْإِيمَانُ بِأَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ فِيهِ ، الْإِيمَانُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ وَأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ يَنْزِلُ فَيَقْتُلُهُ بِبَابِ لُدٍّ. وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ عَلَى سُنَّةٍ وَإِصَابَةٍ وَنِيَّةٍ. وَالْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، وَأَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا. وَتَرْكُ الصَّلَاةِ كُفْرٌ ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ إِلَّا الصَّلَاةَ ، مَنْ تَرَكَهَا فَهُوَ كَافِرٌ وَقَدَ حَلَّ قَتْلُهُ. وَخَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ كَمَا قَدَّمَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ. ثُمَّ مِنْ بَعْدِ الثَّلَاثَةِ أَصْحَابُ الشُّورَى الْخَمْسَةُ: عَلِيٌّ ، وَطَلْحَةُ ، وَالزُّبَيْرُ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ ، كُلُّهُمْ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ وَكُلُّهُمْ إِمَامٌ ، كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمْ كُلُّهُمْ ،
⦗ص: 188⦘
مَنْ صَحِبَهُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ سَاعَةً أَوْ رَآهُ أَوْ وَفَدَ إِلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ ، لَهُ مِنَ الصُّحْبَةِ عَلَى قَدْرِ مَا صَحِبَهُ ، فَأَدْنَاهُمْ صُحْبَةً هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْهُ وَلَوْ لَقُوا اللَّهَ عز وجل بِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ كَانَ الَّذِي صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَآهُ بِعَيْنَيْهِ وَآمَنَ بِهِ وَلَوْ سَاعَةً أَفْضَلَ بِصُحْبَتِهِ مِنَ التَّابِعِينَ كُلِّهِمْ وَلَوْ عَمِلُوا كُلَّ أَعْمَالِ الْخَيْرِ. ثُمَّ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِلْأَئِمَّةِ وَأُمَرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ ، وَمَنْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ بِإِجْمَاعِ النَّاسِ وَرِضَاهُمْ ، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةً إِلَّا وَعَلَيْهِ إِمَامٌ ، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. وَالْغَزْوُ مَعَ الْأُمَرَاءِ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ ، لَا يُتْرَكُ. وَقِسْمَةُ الْفَيْءِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ لِلْأَئِمَّةِ مَاضِيَةٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَطْعَنَ عَلَيْهِمْ وَلَا يُنَازِعَهُمْ ، وَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ قَدْ بَرِئَ مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ وَأَجْزَأَتْ عَنْهُ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا. وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَهُ وَخَلْفَ مَنْ وَلَّاهُ جَائِزَةٌ قَائِمَةٌ رَكْعَتَانِ مَنْ أَعَادَهَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ تَارِكٌ لِلْإِيمَانِ مُخَالِفٌ ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ إِذَا لَمْ يَرَ الْجُمُعَةَ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ مَنْ كَانُوا بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلُّوا خَلْفَهُمْ لَا يَكُونُ فِي صَدْرِهِ حَرَجٌ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ خَرَجَ عَلَى إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْخِلَافَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ بِرِضًا كَانَتْ أَوْ بِغَلَبَةٍ فَهُوَ شَاقٌّ هَذَا الْخَارِجُ عَلَيْهِ الْعَصَا ، وَخَالَفَ الْآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَإِنْ مَاتَ الْخَارِجُ
⦗ص: 189⦘
عَلَيْهِ مَاتَ مِيتَةَ جَاهِلِيَّةٍ. وَلَا يَحِلُّ قِتَالُ السُّلْطَانِ وَلَا الْخُرُوجُ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ، فَمَنْ عَمِلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ. وَيَحِلُّ قِتَالُ الْخَوَارِجِ وَاللُّصُوصِ إِذَا عَرَضُوا لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ أَوْ مَا دُونَ نَفْسِهِ ، فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَدْفَعَ عَنْهُ فِي مَقَامِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ إِذَا فَارَقُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ وَلَا يَتْبَعَ آثَارَهُمْ ، وَقَدْ سَلِمَ مِنْهُمْ ، ذَلِكَ إِلَى الْأَئِمَّةِ ، إِنَّمَا هُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَقَامِهِ وَيَنْوِي بِجُهْدِهِ أَنْ لَا يَقْتُلَ أَحَدًا ، فَإِنْ أَتَى عَلَى يَدِهِ فِي دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْمَعْرَكَةِ فَأَبْعَدَ اللَّهُ الْمَقْتُولَ ، وَإِنْ قُتِلَ هُوَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ وَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ رَجَوْنَا لَهُ الشَّهَادَةَ كَمَا فِي الْأَثَرِ وَجَمِيعِ الْآثَارِ ، إِنَّمَا أُمِرَ بِقِتَالِهِ ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ ، وَلَا يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَكِنَّهُ يَدْفَعُهُ إِلَى مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَهُ فَيَكُونُ هُوَ يَحْكُمُ فِيهِ. وَلَا يَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِعَمَلٍ عَمِلَهُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ ، نَرْجُو لِلصَّالِحِ وَنُخَافُ عَلَى الطَّالِحِ الْمُذْنِبِ ، وَنَرْجُو لَهُ رَحْمَةَ اللَّهِ عز وجل. وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِذَنْبٍ يَجِبُ لَهُ بِذَنْبِهِ النَّارُ تَائِبًا مِنْهُ غَيْرَ مُصِرٍّ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ
⦗ص: 190⦘
. وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَقَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ ذَلِكَ الذَّنْبِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَمَنْ لَقِيَهُ مُصِرًّا غَيْرَ تَائِبٍ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي اسْتُوجِبَتْ بِهَا الْعُقُوبَةُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ عز وجل ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ، وَمَنْ لَقِيَهُ مُشْرِكًا عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ. وَالرَّجْمُ عَلَى مَنْ زَنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمَ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ. وَمَنْ تَنَقَّصَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَبْغَضَهُ لِحَدَثٍ كَانَ مِنْهُ أَوْ ذَكَرَ مَسَاوِئَهُ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ حَتَّى يَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا ، فَيَكُونَ قَلْبُهُ لَهُمْ سَلِيمًا. وَالنِّفَاقُ هُوَ الْكُفْرُ ، أَنْ يَكْفُرَ بِاللَّهِ عز وجل وَيَعْبُدَ غَيْرَهُ فِي السِّرِّ ، وَيُظْهِرَ الْإِيمَانَ فِي الْعَلَانِيَةِ مِثْلَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَ مِنْهُمُ الظَّاهِرَ ، فَمَنْ أَظْهَرَالْكُفْرَ قُتِلَ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ:«ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ» جَاءَتْ عَلَى التَّغْلِيظِ ، نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ ، وَلَا نُفَسِّرُهَا ، مِثْلُ:«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» ، وَمِثْلُ:«إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» ، وَمِثْلُ:«سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» ، وَمِثْلُ:«مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» ،
⦗ص: 191⦘
وَمِثْلُ: «كُفْرٌ بِاللَّهِ تَبَرُّءٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ» ، وَنَحْوُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَمِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِمَّا صَحَّ وَحُفِظَ ، فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَفْسِيرُهُ فَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهِ وَلَا يُجَادَلُ فِيهِ وَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ لَنَا مِنْهُ وَلَا نُفَسِّرُ الْأَحَادِيثَ إِلَّا عَلَى مَا جَاءَتْ ، وَلَا نَرُدُّهَا. وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا قَصْرًا ، وَرَأَيْتُ الْكَوْثَرَ ، وَاطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا كَذَا ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا كَذَا» ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَمْ يُخْلَقَا فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالْأَثَرِ ، وَلَا أَحْسِبُهُ يُؤْمِنُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَقَوْلُهُ:«أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ كُلُّهَا نُؤْمِنُ بِهَا. وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُوَحِّدًا مُصَلِّيًا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرْنَا لَهُ ، لَا نَحْجُبُ الِاسْتِغْفَارَ وَلَا نَدَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِذَنْبٍ صَغِيرٍ أَمْ كَبِيرٍ ، وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ عز وجل. وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَيَدْعُو لَهُ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ فَارْجُ خَيْرَهُ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْبِدَعِ
⦗ص: 192⦘
. وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُحِبُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَيَذْكُرُ مَحَاسِنَهُ وَيَنْشُرُهَا فَاعْلَمْ أَنَّ وَرَاءَ ذَلِكَ خَيْرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْتَمِدُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، وَابْنِ عَوْنٍ ، وَيُونُسَ وَالتَّيْمِيِّ وَيُحِبُّهُمْ وَيُكْثِرُ ذِكْرَهُمْ وَالِاقْتِدَاءَ بِهِمْ فَارْجُ خَيْرَهُ. ثُمَّ مِنْ بَعْدِ هَؤُلَاءِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِحْنَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ. وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَعْتَمِدُ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ ، وَابْنِ أَبْجَرَ ، وَابْنِ حَيَّانَ التَّيْمِيِّ ، وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ ، وَسُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ ، وَزَائِدَةَ فَارْجُهُ. وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، وَابْنُ أَبِي عُتْبَةَ ، وَالْمُحَارِبِيُّ فَارْجُهُ. وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَبَا حَنِيفَةَ وَرَأْيَهُ وَالنَّظَرَ فِيهِ فَلَا تَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ وَإِلَى مَنْ يَذْهَبُ مَذْهَبَهُ مِمَّنْ يَغْلُو فِي أَمْرِهِ وَيَتَّخِذُهُ إِمَامًا