المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سياق ما روي من المأثور عن الصحابة وما نقل عن أئمة المسلمين من إقامة حدود الله في القدرية من القتل والنكال والصلب - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - جـ ٤

[اللالكائي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولَئِكَ {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [

- ‌قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [

- ‌قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ أَوَّلَ شِرْكٍ يَظْهَرُ فِي الْإِسْلَامِ الْقَدَرُ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ فِي الْقَدَرِ وَالْجِدَالِ فِيهِ وَالْأَمْرِ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهُ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي مُجَانَبَةِ أَهْلِ الْقَدَرِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَمَنْ كَفَّرَهُمْ وَلَعَنَهُمْ وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ وَمَا فُعِلَ مِنَ الْإِجْمَاعِ فِي آيَاتِ الْقَدَرِ وَذَلِكَ حِينَ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ جُمْهُورُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ حَتَّى قَدِمَ دِمَشْقَ فَوَقَعَ بِالشَّامِ طَاعُونٌ، فَخَافَ عُمَرُ أَنْ يَقْدُمَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ مَعَهُ

- ‌قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه

- ‌قَوْلُ عُمَرَ

- ‌قَوْلُ عَلِيٍّ

- ‌قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ

- ‌قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ

- ‌قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ

- ‌أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَعُبَادَةُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ

- ‌الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌قَوْلُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

- ‌قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

- ‌أَبُو الدَّرْدَاءِ

- ‌عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ

- ‌سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ

- ‌قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌قَوْلُ عَائِشَةَ

- ‌مَا نُقِلَ عَنِ التَّابِعِينَ

- ‌قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه

- ‌قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ

- ‌مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ

- ‌وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ

- ‌كَعْبُ الْأَحْبَارِ

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ

- ‌قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه

- ‌قَوْلُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ

- ‌زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ

- ‌قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ

- ‌سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ

- ‌الشَّعْبِيُّ

- ‌قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ

- ‌سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

- ‌قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

- ‌قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ

- ‌طَاوُسٌ

- ‌قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ

- ‌عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌قَوْلُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ رضي الله عنه

- ‌قَوْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ

- ‌قَوْلُ زُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَيَامِيِّ

- ‌قَوْلُ إِيَاسَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي النَّثْرِ وَالنَّظْمِ وَالشِّعْرِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الْقَدَرِيَّ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَلَمْ يُقَدِّرْهَا عَلَيْهِمْ وَيُكَذِّبُ بِخَلْقِ اللَّهِ لَهَا وَيَنْسِبُ الْفِعَالَ إِلَى نَفْسِهِ دُونَهُ

- ‌قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَتْبَاعِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ لَهُ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ مِنَ الْمَأْثُورِ فِي كُفْرِ الْقَدَرِيَّةِ وَقَتْلِهِمْ، وَمَنْ رَأَى اسْتِتَابَتَهُمْ، وَمَنْ لَمْ يَرَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ كَلَامَ الْقَدَرِيَّةَ كُفْرٌ، وَرُوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَعَنَهُمْ وَتَبْرَأَ مِنْهُمْ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ يَتَبَرَّأَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ أَنْكَرَ الْقَدَرَ فَأَقَرَّ بِهِ: وَاللَّهِ لَوْ قُلْتَ

- ‌قَوْلُ عَلِيٍّ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ مِنَ الْمَأْثُورِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَمَا نُقِلَ عَنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ إِقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ فِي الْقَدَرِيَّةِ مِنَ الْقَتْلِ وَالنَّكَالِ وَالصَّلْبِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ مِمَّا أَرَى اللَّهُ الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ مِنَ الْآيَاتِ فِي دَارِ الدُّنْيَا فِي أَنْفُسِهِمْ

- ‌مَا ذُكِرَ مِنْ مَخَازِي مَشَايِخِ الْقَدَرِيَّةِ، وَفَضَائِحِ الْمُعْتَزِلَةِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ الرُّؤْيَا السُّوءِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ قَدْ مَضَى فِيمَا قَبْلُ قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فِي الرُّؤْيَا مَا رَوَاهُ ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ الْبُنَانِيُّ الزَّاهِدُ، وَعَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْقَدَرِ مَتَى حَدَثَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَفَشَتْ

- ‌بَابُ جُمَّاعِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَابْتِدَاءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ وَفَضَائِلِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَتَى كَانَتْ، وَبِمَا عُرِفَتْ مِنَ الْعَلَامَاتِ

- ‌سِيَاقُ مَا رَوَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ، وَصِفَتِهِ، وَأَنَّهُ بُعِثَ وَأُنْزِلَ إِلَيْهِ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ مِنْ فَضَائِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ فَمِنْهَا أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَهِيَ الْقُرْآنُ وَبُعِثَ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ، وَنُصِرَ بِأَنْ يُرْعَبُ عَدُوُّهُ مِنْهُ عَلَى مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَخُتِمَ بِهِ النَّبِيُّونَ فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَأُعْطِيَ الشَّفَاعَةَ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، وَخَرْقِ اللَّهِ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ؛ لِوُضُوحِ دَلَالَتِهِ وَإِثْبَاتِ نُبُوَّتِهِ، وَنَفْيِ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ فِي أَمْرِهِ

- ‌طُرُقُ حَدِيثِ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ

- ‌رِوَايَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ

- ‌رِوَايَةُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ

- ‌طُرُقُ حَدِيثِ حَنِينِ الْجِذْعِ

- ‌رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ

- ‌رِوَايَةُ أَنَسٍ

- ‌رِوَايَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ

- ‌رِوَايَةُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

- ‌رِوَايَةُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌حَدِيثُ جَرَيَانِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِإِذْنِ اللَّهِ حَتَّى تَوَضَّأَ مِنْهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ وَشَرِبُوا مِنْهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ

- ‌حَدِيثُ تَسْبِيحِ الْحَصَا فِي يَدِهِ وَيَدِ أَصْحَابِهِ

- ‌بَابُ جُمَّاعِ الْكَلَامِ فِي الْإِيمَانِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ دَعَائِمَ الْإِيمَانِ وَقَوَاعِدَهُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ

- ‌قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنهما

- ‌عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ

- ‌قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ

- ‌ابْنُ عَبَّاسٍ

- ‌قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ

- ‌جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ الْإِيمَانَ تَلَفُّظٌ بِاللِّسَانِ، وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ

- ‌وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَمُعَاذٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌وَمِنَ التَّابِعِينَ عَنِ الْحَسَنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالُوا: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ، وَعَمَلٌ»

- ‌وَبِهِ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، وَنَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ

- ‌ابْنُ عَبَّاسٍ

- ‌قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ

الفصل: ‌سياق ما روي من المأثور عن الصحابة وما نقل عن أئمة المسلمين من إقامة حدود الله في القدرية من القتل والنكال والصلب

‌سِيَاقُ مَا رُوِيَ مِنَ الْمَأْثُورِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَمَا نُقِلَ عَنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ إِقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ فِي الْقَدَرِيَّةِ مِنَ الْقَتْلِ وَالنَّكَالِ وَالصَّلْبِ

ص: 787

1322 -

أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: كُنَّا نَطُوفُ مَعَ طَاوُسٍ فَمَرَرْنَا بِمَعَبْدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: فَقِيلَ لِطَاوَسٍ: هَذَا مَعْبَدٌ الَّذِي يَقُولُ بِالْقَدَرِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ طَاوُسٌ: أَنْتَ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ بِمَا لَا تَعْلَمُ؟ قَالَ: فَقَالَ: يُكْذَبُ عَلَيَّ، قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ طَاوُسٌ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ الَّذِينَ يَقُولُونَ فِي الْقَدَرِ؟ فَقَالَ: أَرُونِي بَعْضَهُمْ، قَالَ صَانِعٌ: مَاذَا؟ قَالَ: أُدْخِلُ يَدَيَّ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ أَدَقُّ عُنُقَهُ وَقَدْ مَضَى عَنْهُ، أُدْخِلُ يَدَيَّ فِي عَيْنَيْهِ فَأَقْلَعُهَا وَلَا نَصُونُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُفْعَلُ بِالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا بِالْكُفَّارِ

ص: 787

1323 -

أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ

⦗ص: 788⦘

: ثنا أَبُو مُوسَى، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا غَيْلَانُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ فِي الْقَدَرِ، فَقَالَ: يَكْذِبُونَ عَلَيَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ سُورَةَ يس قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ: {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 2] قَالَ غَيْلَانُ: لَا وَاللَّهِ لَكَأَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أَقْرَأْهَا قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، اشْهَدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي تَائِبٌ مِنْ قُولِي بِالْقَدَرِ، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقًا فَتُبْ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَاجْعَلْهُ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ

ص: 787

1324 -

أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُوسَى، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لِي قَالَ: مَرَّ التَّيْمِيُّ بِمَنْزِلِ ابْنِ عَوْنٍ فَحَدَّثَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: أَنَا رَأَيْتُهُ مَصْلُوبًا بِدِمَشْقَ

ص: 788

1325 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَدْ دَعَا غَيْلَانَ لِشَيْءٍ بَلَغَهُ فِي الْقَدَرِ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ يَا غَيْلَانُ مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ؟ قَالَ: يُكْذَبُ عَلَيَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُقَالُ عَلَيَّ مَا لَا أَقُولُ، قَالَ: مَا تَقُولُ فِي الْعِلْمِ؟ قَالَ: نَفَذَ الْعِلْمُ، قَالَ: أَنْتَ مَخْصُومٌ اذْهَبِ الْآنَ، فَقُلْ مَا شِئْتَ يَا غَيْلَانُ إِنَّكَ إِنْ قَرَأْتَ بِالْعِلْمِ خُصِمْتَ وَإِنْ جَحَدْتَهُ كَفَرْتَ، وَإِنَّكَ إِنْ تُقِرَّ بِهِ فَتُخْصَمَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجْحَدَ فَتَكْفُرَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَتَقْرَأُ يَاسِينَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: فَقَرَأَ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِلَى قَوْلِهِ: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 7] قَالَ: قِفْ، كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: كَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: زِدْ، فَقَرَأَ {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} [يس: 9]

⦗ص: 790⦘

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: قُلْ {سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 9] قَالَ: كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: كَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَاتِ قَطُّ، وَإِنِّي أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا كُنْتُ أَتَكَلَّمُ فِيهِ أَبَدًا، قَالَ: اذْهَبْ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا بِمَا قَالَ فَأَذِقْهُ حَرَّ السِّلَاحِ، قَالَ: فَلَمْ يَتَكَلَّمْ زَمَنَ عُمَرَ فَلَمَّا كَانَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَ رَجُلًا لَا يَهْتَمُّ بِهَذَا وَلَا يَنْظُرُ فِيهِ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ غَيْلَانُ فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: لَهُ أَلَيْسَ قَدْ كُنْتَ عَاهَدْتَ اللَّهَ لِعُمَرَ لَا تَتَكَلَّمُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا أَبَدًا؟ قَالَ: أَقِلْنِي فَوَاللَّهِ لَا أَعُودُ، قَالَ: لَا أَقَالَنِي اللَّهُ إِنْ أَقَلْتُكَ، هَلْ تَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَأِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَرَأَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قَالَ: قِفْ، عَلَى مَا اسْتَعَنْتَهُ، عَلَى أَمْرٍ بِيَدِهِ لَا تَسْتَطِيعُهُ، أَوْ عَلَى أَمْرٍ فِي يَدِكَ أَوْ بِيَدِكَ؟

⦗ص: 791⦘

اذْهَبَا فَاقْطَعَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَاضْرِبَا عُنُقَهُ وَاصْلُبَاهُ

ص: 789

1326 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله وَقَدْ أُدْخِلَ عَلَيْهِ غَيْلَانُ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا غَيْلَانُ أَرَانِي أُبَلَّغُ عَنْكَ، وَيْحَكَ يَا غَيْلَانُ، أَرَانِي أُبَلَّغُ عَنْكَ؟ أَيَا غَيْلَانُ أَحَقًّا مَا أُبَلَّغُ عَنْكَ؟ فَسَكَتَ، فَقَالَ: هَاتِ فَإِنَّكَ آمِنٌ، فَإِنْ يَكُ الَّذِي تَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ حَقًّا، فَأَحَقُّ مِنْ دَعَا إِلَيْهِ النَّاسَ نَحْنُ، هَاتِ فَسَكَتْ طَوِيلًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكَ فَإِنَّكَ آمِنٌ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَجَلَسَ فَتَكَلَّمَ بِلِسَانٍ ذَلْقٍ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ إِلَّا بِالْعَدْلِ، وَلَمْ يُكَلِّفْ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهَ نَفْسًا إِلَّا مَا أَتَاهَا، وَلَمْ يُكَلِّفِ الْمُسَافِرَ صَلَاةَ الْمُقِيمِ، وَلَمْ يُكَلِّفِ اللَّهُ الْمَرِيضَ عَمَلَ الصَّحِيحِ، وَلَمْ يُكَلِّفِ الْفَقِيرَ مِثْلَ صَدَقَةِ الْغَنِيِّ، وَلَمْ يُكَلِّفِ النَّاسَ إِلَّا مَا جَعَلَ إِلَيْهِ السَّبِيلَ وَأَعْطَاهُمُ الْمَشِيئَةَ، فَقَالَ:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، وَقَالَ:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلَامٍ كَثِيرٍ قَالَ لَهُ عُمَرُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ

⦗ص: 792⦘

: يَا غَيْلَانُ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 2] : أَنْتَ تَزْعُمُ يَا غَيْلَانَ - ذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا سَقَطَ مِنَ الْكِتَابِ - فَسَكَتَ غَيْلَانُ لَا يُجِيبُهُ وَجَعَلَ عُمَرُ يَسْأَلُهُ وَغَيْلَانُ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ مَرَّةً وَإِلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ وَقَدْ جَعَلْتُ لَكَ الْأَمَانَ؟ فَقَالَ غَيْلَانُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ادْعُ اللَّهَ لِي بِالْمَغْفِرَةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ صَادِقًا فَوَفِّقْهُ وَسَدِّدْهُ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا أَعْطَانِي بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْصَفْتُهَ وَجَعَلْتُ لَهُ الْأَمَانَ فَسَلِّطْ عَلَيْهِ مِنْ يُمَثِّلُ بِهِ، قَالَ: فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ بَعْدَ أَنْ قُطِعَ لِسَانُهُ وَصُلِبَ

ص: 791

1327 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَمِيرَ

⦗ص: 793⦘

الْمُؤْمِنِينَ بَلَغَنِي أَنَّهُ دَخَلَكَ مِنْ قِبَلِ غَيْلَانَ وَصَالِحٍ فَأُقِرُّ بِاللَّهِ لَقَتْلُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ أَلْفَيْنِ مِنَ التُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ

ص: 792

1328 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْأَشْعَرِيُّ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي هِشَامًا قَدْ قَطَعَ يَدَ غَيْلَانَ وَرِجْلَيْهِ وَصَلَبَهُ، قَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلَ، قَالَ عُبَادَةُ: أَصَابَ وَاللَّهِ فِيهِ الْقَضِيَّةَ وَالسُّنَّةَ، وَلَأَكْتُبَنَّ إِلَيْهِ فَلَأُحَسِّنَنَّ لَهُ

ص: 793

1329 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ اللَّجْلَاجِ، يَقُولُ لِغَيْلَانَ: وَيْحَكَ يَا غَيْلَانُ أَلَمْ يَأْخُذْكَ فِي شَبِيبَتِكَ تَرَامِي النِّسَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتُّفَاحِ، ثُمَّ صِرْتَ حَارِثِيًّا تَحْجُبُ امْرَأَةً وَتَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ تَحَوَّلْتَ مِنْ ذَلِكَ فَصِرْتَ قَدَرِيًّا زِنْدِيقًا

ص: 793

1330 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الْأَزَجِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَرْجَرَائِيُّ إِجَازَةً، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ النَّحْوِيُّ الْكَاتِبُ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَلَغَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ رَجُلًا قَدْ ظَهَرَ يَقُولُ بِالْقَدَرِ وَقَدْ أَغْوَى خَلْقًا كَثِيرًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ هِشَامٌ فَأَحْضَرَهُ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلْقِ الشَّرِّ قَالَ: بِذَلِكَ أَقُولُ، فَأَحْضِرْ مَنْ شِئْتَ يُحَاجِّنِي فِيهِ، فَإِنْ غَلَبْتُهُ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ عَلِمْتَ أَنِّي عَلَى الْحَقِّ، وَإِنْ هُوَ غَلَبَنِي بِالْحُجَّةِ فَاضْرِبْ عُنُقِي، قَالَ: فَبَعَثَ هِشَامٌ إِلَى الْأَوْزَاعِيِّ فَأَحْضَرَهُ لِمُنَاظَرَتِهِ فَقَالَ لَهُ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ شِئْتَ سَأَلْتُكَ عَنْ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ شِئْتَ عَنْ ثَلَاثٍ، وَإِنْ شِئْتَ عَنْ أَرْبَعٍ؟ فَقَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ عز وجل، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَضَى عَلَيَّ مَا نَهَى؟ قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي فِي هَذَا شَيْءٌ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَالَ دُونَ مَا أَمَرَ؟ قَالَ: هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى

⦗ص: 795⦘

، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ اثْنَتَانِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: هَلْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَ عَلَى مَا حَرَّمَ؟ قَالَ: هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ ثَلَاثٌ، قَدْ حَلَّ بِهَا ضَرْبُ عُنُقِهِ، فَأَمَرَ بِهِ هِشَامٌ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: يَا أَبَا عَمْرٍو فَسِّرْ لَنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ، فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَأَلْتُهُ: هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَضَى عَلَيَّ مَا نَهَى؟ نَهَى آدَمَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ فَأَكَلَهَا، وَسَأَلْتُهُ: هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَالَ دُونَ مَا أَمَرَ؟ أَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ ثُمَّ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّجُودِ، وَسَأَلْتُهُ: هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَ عَلَى مَا حَرَّمَ؟ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ثُمَّ أَعَانَنَا عَلَى أَكْلِهِ فِي وَقْتِ الِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ، قَالَ هِشَامٌ: وَالرَّابِعَةُ مَا هِيَ يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَالَ: كُنْتُ أَقُولُ: مَشِيئَتُكَ مَعَ اللَّهِ أَمْ دُونَ اللَّهِ؟ فَإِنْ قَالَ: مَعَ اللَّهِ فَقَدِ اتَّخَذَ مَعَ اللَّهِ شَرِيكًا، أَوْ قَالَ: دُونَ اللَّهِ فَقَدِ انْفَرَدَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، فَأَيُّهُمَا أَجَابَنِي فَقَدَ حَلَّ ضَرْبُ عُنُقِهِ بِهَا، قَالَ هِشَامٌ: حَيَاةُ الْخَلْقِ وَقَوَامُ الدِّينِ بِالْعُلَمَاءِ

ص: 794

1331 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ،

⦗ص: 796⦘

أَخْبَرَنَا إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ: أَرْسَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ بِكِتَابٍ يَسْأَلُ أَبَا ثَوْرٍ فَأَجَابَ سَأَلْتُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَنِ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ هُمْ؟ فَالْقَدَرِيَّةُ مِنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ أَفَاعِيلَ الْعِبَادِ، وَإِنَّ الْمَعَاصِيَ لَمْ يُقَدِّرْهَا عَلَى الْعِبَادِ، وَلَمْ يَخْلُقْهَا، فَهَؤُلَاءِ قَدَرِيَّةٌ لَا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ، وَلَا يُعَادُ مَرِيضُهُمْ، وَلَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ، وَيُسْتَتَابُونَ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ شَيْئًا لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ مِنْ أَفَاعِيلِ الْعِبَادِ كَانَ بِذَلِكَ ضَالًّا، وَذَلِكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَخْلُقُ فِعْلَهُ، وَالْأَشْيَاءُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ إِمَّا عَرَضٌ وَإِمَّا جِسْمٌ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَخْلُقُ جِسْمًا أَوْ عَرَضًا فَقَدْ كَفَرَ

ص: 795

1332 -

سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ الْأَخْبَارِيَّ يَقُولُ: قَرَأْتُ فِي أَخْبَارِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ زُبْيَةَ الْمَدَنِيِّ وَكَانَ اسْتَصْحَبَهُ لَمَّا وَلِيَ دِمَشْقَ أَنَّهُ كَانَ سَبَبَ وُرُودِهِ الْعِرَاقَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ أَشْخَصَ مِنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثِينَ شَيْخًا مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي الْقَدَرِ وَاشْتَهَرَ بِهِ

⦗ص: 797⦘

، قَالَ: فَكُنْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا مَثَلْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ ضَرَبَهُمْ بِالسِّيَاطِ أَجْمَعِينَ وَأَخَّرَنِي، فَلَمَّا قَدِمْتُ، قَالَ: أَرَاكَ صَبِيًّا أَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ تَتِمُّ بِهِ الْعِدَّةُ؟ قُلْتُ: جَمَاعَةٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: إِذَنْ إِنَّمَا قُرِّبْتَ إِلَيْهِمْ لِأَنَّكَ مِنْ مِثْلِهِمْ، ثُمَّ دَعَا بِالسِّيَاطِ، فَلَمَّا ضُرِبْتُ سَوْطًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَشَدْتُكَ اللَّهَ إِلَّا أَدْنَيْتَنِي إِلَيْكَ أُكَلِّمُكَ وَلَكَ رَأْيُكَ، فَقَدَّمَنِي، فَقُلْتُ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَطَنَ أَبِي فِيهَا وَهُوَ مِنْ وَادِي الْقُرَى وَكَانَ تَاجِرًا ذَا مَالٍ، فَعَلَّمَنِي الْقُرْآنَ، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَغْدُوَ إِلَى حَلَقَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَأَرُوحَ إِلَى رَبِيعَةِ الرَّأْيِ فَعَنَّ لِي شَيْخٌ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ قَطُّ، فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ قَدْ بَلَغْتَ مِنَ الْعِلْمِ وَمَا أَرَاكَ اسْتَبْصَرْتَ فِي دِينِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا عَمِّ؟ فَقَالَ: هَلْ رَأَيْتَ مُقْعَدًا قَطُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا كَلَّفَهُ صُعُودَ نَخْلَةٍ مَا كُنْتَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: جَاهِلٌ، قَالَ: فَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى قُصُورِهِ عَنْ صُعُودِهَا؟

⦗ص: 798⦘

قُلْتُ: ظَالِمٌ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ هَذَا حُكْمُكَ عَلَى إِنْسَانٍ فَكَيْفَ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي عِدْلِهِ، أَتَقُولُ: إِنَّهُ يُكَلِّفُ عِبَادَهُ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِمْ ثُمَّ يُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] . فَتَعِدُنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمُقْعَدِ؟ قَالَ ذُبَيَّةُ: فَضَحِكَ الْمَهْدِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ أَمَرَ فَطَرَحَ ثِيَابِي عَلَيَّ، فَلَمَّا لَبِسْتُ أَدْنَانِي، ثُمَّ قَالَ: أَجَبْنِي وَأَنْتَ آمِنٌ: لَوْ أَنَّكَ فِي سَفَرٍ فَرَأَيْتَ عَلِيلًا فِي بَرِيَّةٍ فَاسْتَطْعَمَ رَجُلًا فَلَمْ يُطْعِمْهُ وَتَرَكَهُ وَمَضَى مَا كُنْتَ قَائِلًا؟ قُلْتُ: ظَالِمٌ، قَالَ: فَهَلْ عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَانَ فِي بَرِيَّةٍ عَلِيلًا عَادِمًا لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؟ قُلْتُ: كَثِيرًا، قَالَ: فَإِنْ دَعَا رَبَّهُ أَنْ يُنَجِّيَهُ هَلْ كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ تَقُولُ إِنْ دَعَا رَبَّهُ أَنْ يُطْعِمَهُ وَيَرْوِيهِ فَلَمْ يُجِبْ دُعَاءَهُ وَمَاتَ: إِنَّ اللَّهَ ظَلَمَهُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَكَيْفَ تَقُولُ لِمَنْ أَقْعَدَكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى لَا عَلَيْهِ، وَالتَّجْوِيرُ يَجِبُ عَلَيَّ مِنَ

⦗ص: 799⦘

الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ لَا لَهُ يَا ذُبَيَّةَ، إِنَّ الْإِيمَانَ إِذَا سَكَنَ الْقَلْبَ قَبْلَ الِاحْتِجَاجِ لَمْ يُخْرِجْهُ الِاحْتِجَاجُ، وَإِذَا سَكَنَ الِاحْتِجَاجُ قَبْلَ الْإِيمَانِ كَانَ مُنْتَقِلًا مَتَى حَاجَّهُ مَنْ هُوَ أَحَجُّ مِنْهُ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَاللَّهِ ثَلَجَ بِحِجَاجِكَ صَدْرِي وَأَنَا تَائِبٌ، فَأَمَرَ لِي بِجَائِزَةٍ وَكِسْوَةٍ وَخَلَّى سَبِيلِي

1333 -

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ الْحَافِظُ رحمه الله: وَاسْتَتَابَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ حَرَسَ اللَّهُ مُهْجَتَهُ، وَأَمَدَّ بِالتَّوْفِيقِ أُمُورَهُ، وَوَفَّقَهُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ بِمَا يُرْضِي مُلَيْكَهُ. فُقَهَاءُ الْمُعْتَزِلَةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، فَأَظْهَرُوا الرُّجُوعَ وَتَبَرَّءُوا مِنَ الِاعْتِزَالِ، ثُمَّ نَهَاهُمْ عَنِ الْكَلَامِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْمُنَاظَرَةِ فِي الِاعْتِزَالِ وَالرَّفْضِ وَالْمَقَالَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَأَخَذَ خُطُوطَهُمْ بِذَلِكَ وَأَنَّهُمْ مَهْمَا خَالَفُوهُ حَلَّ بِهِمْ مِنَ النَّكَالِ وَالْعُقُوبَةِ مَا يَتَّعِظُ بِهِ أَمْثَالُهُمْ، وَامْتَثَلَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ وَأَمِينُ الْمِلَّةِ أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودٌ أَعَزَّ اللَّهُ نُصْرَتَهُ، أَمَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرَ بِاللَّهِ وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ فِي أَعْمَالِهِ الَّتِي اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهَا مِنْ خُرَسَانَ وَغَيْرِهَا فِي قَتْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وِالْإِسْمَاعِلِيَّةِ وَالْقَرَامِطَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْمُشَبِّهَةِ وَصَلْبِهِمْ وَحَبْسِهِمْ وَنفْيِهِمْ وَالْأَمْرِ بِاللَّعْنِ عَلَيْهِمْ عَلَى مَنَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وِإِبْعَادِ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَطَرْدِهِمْ عَنْ دِيَارِهِمْ، وَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فِي الْآفَاقِ، وَجَرَى ذَلِكَ عَلَى يَدَيِ الْحَاجِبِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ رحمه الله فِي جَمَادِ الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، تَمَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ

⦗ص: 800⦘

وَثَبَّتَهُ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

ص: 796

1334 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَاللَّهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، قَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ نَتَعَلَّمُ، فَأَغْفَى إِغْفَاءَةً، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ السَّاعَةَ، كَأَنَّ إِنْسَانًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَمَعَهُ حَبْلٌ، فَوَضَعَهُ فِي عُنُقِ حِمَارٍ فَأَخْرَجَهُ، فَمَا لَبِثْنَا أَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ رَجُلٌ وَمَعَهُ حَبْلٌ حَتَّى وَضَعَهُ فِي عُنُقِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَأَخْرَجَهُ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَجَلَدَهُ، قَالَ ابْنُ أَبِي الزُّبَيْرِ: مِنْ أَجْلِ الْقَدَرِ

ص: 800

1335 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ ، نا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ اللَّوْفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثني حُمَيْدُ بْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ مَجْلُودًا فِي الْقَدَرِ، جَلَدَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ خَالُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

ص: 800

1336 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ

⦗ص: 801⦘

أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، قَالَ: سَأَلْتُ مُصْعَبَ الزُّبَيْرِيَّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثُونَا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَدَرِيًّا؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ زَمَنُ الْمَهْدِيِّ أَخَذُوا الْقَدَرِيَّةَ وَضَرَبُوهُمْ وَنَفُوهُمْ، فَجَاءَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ فَجَلَسُوا إِلَيْهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ مِنَ الضَّرْبِ، فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّمَا جَلَسُوا إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى الْقَدَرَ، فَقَدْ حَدَّثَنِي مِنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ مَا تَكَلَّمَ فِيهِ قَطُّ

ص: 800

1337 -

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلَاعِيُّ كَانَ يَرَى الْقَدَرَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ أَخْرَجُوهُ وَنَفَوْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى الْقَدَرَ، قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَتَى الْمَدِينَةَ فَقِيلَ لِمَالِكٍ: قَدْ قَدِمَ ثَوْرٌ، فَقَالَ: لَا تَأْتُوهُ، فَقَالَ: لَا يُجْتَمَعُ عِنْدَ رَجُلٍ مُبْتَدِعٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 801

1338 -

ذَكَرَ بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّعْرَانِيُّ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَغْدَادِيُّ صَاحِبُ تَارِيخِ حِمْصَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ حِمْصَ وَقَدْ أَخْرَجُوا ثَوْرَ بْنَ يَزِيدَ وَأَحْرَقُوا دَارَهُ لَكَلَامِهِ فِي الْقَدَرِ

ص: 801