المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * أسماء الأفعال والأصوات * أنواع اسم الفعل * ينقسم اسم - شرح ألفية ابن مالك للحازمي - جـ ١٠٣

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * أسماء الأفعال والأصوات * أنواع اسم الفعل * ينقسم اسم

‌عناصر الدرس

* أسماء الأفعال والأصوات

* أنواع اسم الفعل

* ينقسم اسم الفعل إلى منقول ومرتجل

* عمل اسم الفعل ، وحكمه مع معمولاته

* متى يحكم على اسم الفعل بكونه معرفة أو نكرة؟

* حد أسماء الأصوات وأنواعه

* الحكم الإعرابي لأسماء الأفعال والأصوات.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قال الناظم - رحمه الله تعالى -: أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ وَالأَصْوَاتِ.

أي: سيَذكر في هذا الباب ما يَتعلَّق بأسماء الأفعال، وما يتعلَّق بالأصوات، هنا عطف: الأصوات على الأفعال، أي: وأسماء الأصوات، وقيل: ليست أسماءً، بل ليست كلمات لعدم صِدْق حدِّ الكلمة عليها، لأنها ليست دَالةً بالوضع على معنى، يعني: لم يضعها الواضع، وإنما حُكِي فيها ما لا يعقل كما سيأتي.

لأنها ليست دالةً بالوضع على معنىً، لتوقف الدَّلالة على عِلْم المخَاطَب بما وضِعَت له، والمخَاطَب بالأصوات هو: ما لا يعقل.

إذاً قيل: أنها ليست أسماء، بل لا يَصْدُق عليها حد الكلمات، وإنما هي مُجرَّد أصوات، وأجاب القائل بأنها أسماء: بأن الدَّلالة كَوْن اللفظ بحيث متى أُطلِق فُهِم منه .. حينئذٍ العَالِم يفهم منه بالوضع معناه، وهذا الذي أُريد، لكن قد يُقال: بأنه ليس هذا حقيقة لغوية، وإنما هو حقيقة عُرْفية، بمعنى: أنه إذا أطلَقه انصرف إلى المعنى الذي أراده، فإذا قال:(غاق .. غاق) حينئذٍ أراد حكاية صوت الغُرَاب، هذا لم يضعه العرب، وإنما حُكي مُحاكاةً للغراب.

حينئذٍ: إذا ما يَعْرِف أن الغُرَاب يقول هذا الصوت وأنه يُحْكى له، من أين يعْلَم المخَاطَب؟ لا بُدَّ أنه يسبقه علم سابق، حتى يَعْرِف أن هذا اللفظ إنما يُخاطَب به الغراب، (جئ .. جئ) للبعير أو الذي يُراد أن يشرب الماء، حينئذٍ نقول: لا بُدَّ أن يَعرِف أولاً المخَاطَب أن هذا اللفظ اسْتُعمِل في مثل هذا المعنى، ثُم بعد ذلك يفهم المدلول، ولذلك لا يُرجَع إلى لسان العرب في مثل هذا الأمور.

إذاً: أسماء الأصوات مختلفٌ فيه: هل هي أسماء أم لا؟ لكن المشهور عند النُّحاة: أنها أسماءٌ أُجْرِيَت مُجرَى أسماء الأفعال، ولذلك عَقَد هذا الباب جمعاً بين النوعين: أسماء الأفعال وأسماء الأصوات، والأصوات جمع صوت كما سبق وهو صفةٌ مسموعة وعَرَضٌ مسموع، وكل ما يُسْمع، سواءٌ كان مما يعقل أو ما لا يعقل، قلنا: عام يشمل ما يعقل وما لا يعقل.

أَسْمَاءُ الأَفْعَال سبق ذكرها في باب المُعْرَب والمبني، حيث بيَّن أنها مبنيةٌ:

وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ بِلَا تَأَثُّرٍ ..

قلنا: المُراد به أسْمَاءُ الأفْعَال، فَقَدَّم الحكم على العلم بالمحكوم عليه، لأن المراد هناك: تعْدَاد الأسباب التي إن وُجِدت حينئذٍ انتقل الاسم من كونه مُعرَباً إلى كونه مبنياً، ولم يتعرَّض لبيان حقيقة أسماء الأفعال هناك، لأن المقصود هو بيان الأسباب التي من أجلها يُبْنى الاسم، وبيَّن أن من الأسماء ما يعمل في غيره ولا يعمل غيره فيه، بل لا يدخل عليه عامل البتَّة، إذا كان عاملاً لفظياً هذا محل وفاق، والعامل المعنوي هذا محل خلاف، والصحيح أيضاً لا يدخل على أسماء الأفعال، ولذلك هي لا محل لها من الإعراب كما هو مذهب جمهور البصريين والنحاة.

ص: 1

عرَّفه ابن مالك هنا بأنها: ما ناب عن فعلٍ، وأسماء الأفعال لو قيل بِعدِّها وتمييز بعضها عن بعض .. اسم الفعل الأمر عن اسم الفعل المضارع .. اسم الفعل الماضي لكان أولى، لأنها معدودة يُمكن حَصْرها كما هو الشأن في ألفاظ التوكِيد المعنوي، قلنا الأصل: أنها لا تُحَد، وإذا كانت لا تُحَد يأتي السؤال: لماذا لا تُحَد؟ نقول: لأنها ألفاظ محصورة، ليست خارجة عن الأصل، هنا الذي هو خارجٌ عن الأصل، فَلمَّا كانت ألفاظاً معدودة محصورة حينئذٍ لا يَحسن حدُّها والاشتغال بالحد.

كذلك أسماء الأفعال هي محصورة، وهي مُقسَّمة على ثلاثة أقسام: منها ما هو سماعي، ومنها ما هو قياسي، ولا يُعْرَف القياس إلا ما سَبَق معنا في:

وَالأَمْرُ هَكَذَا مِنَ الثُّلَاثِي ..

يعني: ما كان على وزن (فَعَال) هذا مَقيس، وما عداه لا يُعْتَبَر مقيساً، فإذا بُيِّن المقيس فيقال: ما عداه مسموعٌ، يعني: يُحْفَظ في لسان العرب ولا يقاس عليه غيره خلافاً للكِسَائي حيث جَوَّز القياس كما سيأتي.

أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ وَالأَصْوَاتِ.

قال:

مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ كَشَتَّانَ وَصَهْ

هُوَ اسْمُ فِعْلٍ وَكَذَا أَوَّهْ وَمَهْ

وَمَا بِمَعْنَى افَعَلْ كَآمِينَ كَثُرْ

وَغَيْرُهُ كَوَيْ وَهَيْهَاتَ نَزُرْ

(نَزَرْ .. نَزُرْ) ونَزُرْ أحسن.

(مَا نَابَ عَنْ فِعْل كَشَتَّانَ وَصَهْ) هذا الشطْر بيَّن فيه حدَّ أسماء الأفعال، (مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ) يعني: في العمل، وهل ناب عنه في المعنى؟ هذا سيأتي تفصيله في محله، لكن المشهور هنا الذي يعنينا كـ (عمل) ويتعلَّق به نظر النحويّ من حيث البناء والإعراب: أنه ناب عنه في العمل.

فاسم الفِعْل يَعمل عَمل الفعل الذي ناب عنه مُطلقاً، إن كان لازماً فيرفع .. إن كان مُتعدياً فينصب .. إن كان مُتعدياً بِحرف كذلك يتعدى بِحرف، إذاً: هذا الذي يعنينا، وأمَّا كونها نائبةً عن لفظ الفعل، أو معنى الفعل، أو عن المصدَر كما سيأتي، هذه مسألة أخرى مُنْفكة عن مسألة العمل، ولذلك يُعيِّن النحويّ في الحد: كون هذه الألفاظ .. الأسماء نابت عن الفعل في العمل، ولذلك سبق:(وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ) يعني: في العمل .. في كونها عاملةٌ ولا يعمل فيها غيرها.

(مَا نَابَ عنِ فعلٍ في العَمَل ولم يَتَأَثَّر بالعَوَامِل ولم يكن فضلة) هذا تعريف ابن مالك في التسهيل.

(مَا) اسمٌ موصول بمعنى: الذي، و (نَابَ) فعلٌ ماضي، والفاعل ضمير مستتر يعود على (مَا) والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، لكن هو يُعْرَب: فعل ماضي، يعني: يَرِد اعتراض في الحد، قال مثلاً:(كلمةٌ دَلَّت على معنىً في نفسها ولم تقترن بزمن)(دَلَّ) فعل ماضي، يأتي اعتراض: هل دَلَّ بمعنى أنه دَلَّ في الماضي والآن لا يدل؟ لأن الفعل الماضي يَدلُّ على انقطاع، هذا الأصل: حصل ووقع وانتهى، إذاً: دَلَّت في الزمن الماضي، والآن وقت الكلام لم تَدُل مثل:(قام زيد) قبل الكلام، قبل أن تتكلَّم حَصَل القيام والآن لا يوصف بكونه قائماً إلا بدليل.

ص: 2

حينئذٍ في الحدود نقول الأفعال منزوعة الزمن، بمعنى: أنها لا تَدلُّ على فعلٍ ماضٍ قد انقطع حدثه، هذا يُجاب به من أجل الاعتراض فحسب، لأن الحَدَّ ليس له وقت، لا يُوصف بكونه يقع في الزمن الماضي، أو الحال، أو المستقبل لا، منْزُوع الزمن .. ليس له وقت، كلَّما نَطَق الناطق منذ أن وجدت اللغة إلى يومنا فالفعل الماضي يَصدُق عليه حد الماضي، والمضارع يَصدُق عليه حد المضارع، وكذلك الأمر، حينئذٍ (دَلَّ) .. (دَلَّت) نقول: هذا ليس المراد به الزمن الماضي.

وهنا مثله، لكن الإعراب يبقى على ظاهره، فتقول: فعل ماضي مبني على الفتح إلى آخره، والفاعل إلى آخره، وأمَّا من حيث التعليل والاعتراض فيُجاب بما ذكرنا، حينئذٍ يكون استعمالاً للفظ في غير معناه الزمني، أمَّا دلالته المعنوية هذه حاصلة، وأمَّا المعنى من حيث والزمن ومُتعلَّق الزمن هذا الذي نُزِع منه كما هو الشأن في (كان الاستمرارية).

على كلٍ (نَابَ) الجملة هنا من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، (مَا) أحسن ما تُفسَّر به دون أن نعمِّم من أجل الإخراجات كما فعل الأشْمُوني وغيره نقول:(مَا) هنا بمعنى: اسم، لماذا؟ لأنه هو حَكَم أنها أسماء، قال:(أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ) فيكفي أنه قال في الترجمة: (أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ وَالأَصْوَاتِ) إذاً: هو يريد أن يعرِّف اسماً، لا يريد أن يعرِّف كلمة أو لفظاً، ثُم نقول: اللفظ دخل فيه الجملة، ودخلت فيه المركَّبات، ونحتاج إلى احترازات، لا نقول:(مَا) هنا اسمٌ موصولٌ بمعنى: الذي، أي: اسمٌ.

لماذا قلنا: اسمٌ حدَّدناه، والأصل فيه أنها مُبهم؟ لكونه في الترجمة قال:(أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ) ويكفي من أن نقول: أنه جنسٌ ونحتاج إلى إخراج الأفعال والحروف، هذا كله اعتراض وكلامٌ وارد لو عمَّمنا (مَا)، حينئذٍ نقول:(مَا) اسمٌ بدليل الترجمة.

(نَابَ عَنْ فِعْلٍ) قلنا: (مَا) هذا جنسٌ يشمل كل اسمٍ، سواءٌ ناب عن فعلٍ أو لا.

(نَابَ عَنْ فِعْلٍ) هنا خَرَج ما لا ينوب عن الفعل، وهو الأصل في الاسم: أن لا يكون نائباً عن غيره.

(نَابَ عَنْ فِعْلٍ) قال النحاة: يشمَّل ثلاثة أنواع مما ينوب عن الفعل:

- وهو اسم الفعل الذي نريد حَده.

- والمصدر.

- واسم الفاعل، دخلت هذه لأنها تنوب عن الفعل.

قوله: (كَشَتَّانَ وَصَهْ .. كَشَتَّانَ .. نَابَ عَنْ فِعْلٍ كَشَتَّانَ)(شَتَّانَ) جار مجرور مُتعلِّق بِمحذوف حال من فاعل ناب .. من الضمير المستتر الذي يعود على (مَا) حينئذٍ صار وصفاً للفاعل، وإذا كان كذلك صار داخلاً في الحد، لم نفصله ونقول (وذلك شتَّان) إذا قلنا (وذلك شتَّان) حينئذٍ انتهى الحد عن قوله (نَابَ عَنْ فِعْل) وإذا قلنا: جار مجرور مُتعلِّق بمحذوف صفة أو حال من فاعل (نَابَ) حينئذٍ نقول: هذا داخلٌ في الحد وليس خارجاً عنه، والصحيح: أنه داخلٌ في الحد، لأن قوله:(كَشَتَّانَ) أخرج به المصدر واسم الفاعل، لأننا قلنا (اسْمُ) هذا عام يشمل ما ناب عن الفعل، وما لم ينُبْ عن الفعل.

ص: 3

(نَابَ عَنْ الفِعْل) أخرج الاسم الذي لا ينوب عن الفعل، دخل معنا: أسماء الأفعال، والفاعلين، والمصادر، نريد إخراج المصادر، وأسماء الفاعلين نقول:(كَشَتَّانَ) في كونه عاملاً، ولا يعمل فيه غيره، وليس بفضلة.

إذاً: (كَشَتَّانَ) أخرج به اسم الفاعل والمصدر، أي:(كَشَتَّانَ) في كونه غير معمولٍ ولا فضلة، فأخرج المصدر واسم الفاعل، فتعيَّن أن يكون الحد صادقاً على أسماء الأفعال.

إذاً: كل اسمٍ ناب عن فعلٍ (كَشَتَّانَ وَصَهْ) هذا معطوف على (شَتَّانَ) فهو اسم فعلٍ، هناك قال في (التسهيل) كذلك نقله الأشْمُوني كما هو:"مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ في العمل، ولم يتأثر بالعوامل، ولم يكن فضلة" هذا زاده الأشْمُوني بين قوله (عَنْ فِعْل كَشَتَّانَ) وهذا فيه خلل لأنه جعل (كَشَتَّانَ) داخلاً في الحد، فإذا كان داخلاً في الحد حينئذٍ لا يُقال هذا قبل (شَتَّانَ) وإنما يذكره بعده، أو يُذْكَر تتميماً للحد. (كَشَتَّانَ) إذا قيل بأنه داخلٌ في الحد فحينئذٍ بماذا نُفَسِّر مثل (شَتَّانَ)؟ في كونه عاملاً، ولا يعمل فيه غيره، وفي كونه ليس فضلةً، إذاً: داخل في الحد.

" .. في العمل ولم يتأثَّر بالعوامل ولم يكن فضلة، فقوله: (مَا نَابَ عَنْ فِعْل) جنس يشمل اسم الفعل وغيره مما ينوب عن الفعل، وقوله: (لم يتأثَّر بالعوامل) فصلٌ مُخْرِجٌ للمصدر الواقع بدلاً من اللفظ بالفعل واسم الفاعل ونحوها"(المصدر) سبق معنا مراراً: أنه ينوب مناب الفعل (ضرباً زيداً) يعني (اضرب زيداًَ) هنا جاء المصدر بدلاً عن فعله، فحينئذٍ يصير الفعل المحذوف عاملاً في (ضرباً) إذاً: تأثَّر بعاملٍ أو لا؟ تأثَّر بالعامل، (زيداً) هذا معمولٌ لـ (ضرباً) وقيل: معمول للفعل المحذوف.

إذاً قوله: "ولم يتأثَّر بالعوامل" فصلٌ مُخرجٌ للمصدر الواقع بدلاً من اللفظ بالفعل، وكذلك اسم الفاعل ونحوهما، نحو:(ضرباً زيداً) و (أقَائِمٌ الزَيْدَان)، سبق معنا مراراً أن:(أقَائِمٌ الزَيْدَان) في قوة (أيَقُومُ الزَيْدَان) و (أمَضْرُوبٌ الْعَبْدُ) في قوة: (أيُضْرَبُ الْعَبْدُ) لأنه عمل هنا لكونه في معنى الفعل، وكأنه رفع فاعلاً، ولذلك ما بعده يكون فاعلاً -بل رفع فاعلاً-، حينئذٍ كأن القائم هنا أُقِيم مُقام الفعل، بل نَصَّ ابن هشام في (شرح القطر) على أن:(أقَائِمٌ الزَيْدَان) في قوة قولك: (يَقُومُ الزَّيْدَان) و (أمَضْرُوب الْعَبْد) في قوة قولك: (أيُضْرَبُ العَبْدُ) إذاً: هو في معنى الفعل، كأنه بدَّلٌ عنه.

و (أقَائِمٌ الزَّيْدَان) ونحوهما مما يعمل عمل الفعل، فإن العوامل اللفظية والمعنَويَّة تدخل عليها لا شك بهذا، (ضَرْبَاً زَيْدَاً) هذا منصوب بعامل لفظي وإن كان محذوفاً، و (قَائِمٌ) وإن كان يعمل عمل الفعل، قد عمل فيه العامل المعنوي وهو الابتداء، فتقول:(ضَرَبْتُ زَيْدَاً قَائماً)(قَائماً) رفع ضميراً مستتراً أو (جَاءَ زَيْدٌ راكباً على الفَرَس) مثلاً و (على الفرس) هذا معمُول لـ (راكِبَاً) و (راكباً) معمولٌ لـ (جاء زيدٌ) حينئذٍ يكون معمولاً لعامل لفظي أو لعامل معنوي.

ص: 4

تدخُل عليها فَتَعمل فيها، فـ (ضَرْباً) منصوبٌ بما ناب عنه وهو (اضرب) و (قائمٌ) مرفوعٌ بالابتداء، وقد يكون بعامل، وقد يكون بـ (إنَّ) وقد يكون بـ (كان) ونحوها، إذاً: ما ناب عن فعلٍ نقول: في العمل، ولم يتأثَّر بالعوامل، ولم يكن فضلة، قوله (ولم يكن فضلة) قيل: لإخراج الحروف، وعليه قوله (كَشَتَّانَ) تَتْميمٌ للحد، إذا قيل: الحروف، معناه: عمَّمْنا .. (ولم يكن فضلة) احتاجه ابن مالك - رحمه الله تعالى - لماذا؟ لأنه لم يأخذ الاسم جنساً في الحدِّ بل عمَّمَ، نحن نقول: نرتاح مباشرة ولا نحتاج أن نقول (فضلة).

(مَا) اسمٌ، إذاً: خَرَج الحرف .. لم يدخل معنا، (مَا) كلمةٌ، إذاً: دَخَل معنا الحرف ونحتاج إلى إخراجه، (ولم يكن فضلة) قال: أخْرَج الحرف كـ (إنَّ وأخواتها) هذه تنوب مناب الفعل: (إنَّ وأنَّ) كما سَبَق أنها عملت، لأنها أشبهت الفعل في المعنى، وكذلك أشبهته في اللفظ .. في اللفظ والمعنى، إذاً: هي مثل (شَتَّانَ) ومثل (صَهْ) قامت مَقَام الفعل، لكن هناك نقول: قامت مقام الفعل وهي حروف ولا تُسَمَّى أسماء أفعال، إذاً: نريد إخراجها فنقول (مَا) اسمٌ، وإذا عمَّمنا نَحتاج أن نقول:(ولم يكن فضلة) لإخراج الحروف، وعليه فقوله:(شَتَّانَ) تتميمٌ للحدِّ.

مَا نَابَ عَنْ فِعْل كَشَتَّانَ وَصَهْ

هُوَ اسْمُ فِعْلٍ

قال السيُوطي في شرحه على الجمع: أسْمَاءُ الأفْعَال هي أسْمَاءٌ قامت مقامها، أي: مقام الأفعال" (أسْمَاءٌ) إذاً صَدَّر بالأسماء وهذا أولى. أسماءٌ قامت مقامها، أي: مقام الأفعال في العمل، غير متصرِّفة لا تصرُّف الأفعال ولا تصرُّف الأسماء كما سيأتي، وبهذا القيْد خَرَجت الصفات والمصادر، فإنها وإن قَامَت مَقَام الأفعال في العمل، إلا أنها تتصرَّف تصرُّف الأسماء فتقع مبتدئة، وفاعلاً ومفعولاً، وأمَّا أسماء الأفعال، فهذه كما سيأتي لا مَحل لها من الإعراب، فلا تَتصرَّف تصرُّف الأفعال في كونها تأتي بصيغة الماضي والمضارع والأمر، ولا تَتصرَّف تصرُّف الأسماء في كونها تأتي مبتدأً، وفاعلاً، وخبراً، ونحو ذلك.

(هُوَ اسْمُ فِعْلٍ)(هُوَ) ما هو؟ يعني: مَا صدق عليه الحد السابق، (هُوَ) هذا مبتدأ ثاني و (اسْمُ فِعْلٍ) خبر مبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول الذي هو (مَا).

إذاً: ما ناب عن فعلٍ في العمل (كَشَتَّانَ) ولم يتأثَّر بالعوامل، ولا نحتاج أن نقول (ولم يكن فضلةً) لأننا أخرجنا الحروف بقولنا:(مَا) اسمٌ وليست صادقةً على الكلمة.

(هُوَ اسْمُ فِعْلٍ) حَكَمنا عليه بكونه (اسْمُ فِعْلٍ) حينئذٍ نقول: ما الفائدة في كون هذه الألفاظ تكون قائمةً مَقَام الأفعال وليست هي بأفعال؟ قيل: فائدة وضعه، وعدم الاستغناء بمسماه، لأن مُسمَّى اسم الفعل هو الفعل وليس هو الزمن والحدث، يعني: كما قلنا في اسم المصدر، ما مُسمَّاه؟ المصدر، إذاً: مُسمَّاه لفظٌ، ثُمَّ دلالة اسم الفعل على الحدث .. اسم المصدر يَدُل على الحدث، والمصدر يَدُل على الحدث، ما الفرق؟ المصدر يَدُل مباشرةً، موضوعه مُسمَّاه: الحدث، واسم المصدر مُسمَّاه هو: لفظ المصدر، ولفظ المصدر مُسمَّاه: الحدث، إذاً: دَلَّ على الحدث بواسطة المصدر.

ص: 5

كذلك هنا اسم الفعل أُقِيم مُقَام الفعل، حينئذٍ صار اسماً مُسمَّاه الفعل، ومُسمَّى الفعل هو الحدث والزمان، فـ (صَهْ) اسمٌ، مُسمَّاه: اسْكُت، (اسْكُت) مسماه: طلب السكوت وهو الحدث في الزمن المستقبل.

إذاً: كالقول في المصدر، حينئذٍ: أُقيِمت هذه الأسماء مُقَام الأفعال، ما الفائدة .. لماذا نقول: صَهْ، ما نقول: مباشرة: اسْكُت؟ قالوا: فيها فائدة، فائدة وضْعِه وعدم الاستغناء بِمسمَّاه الذي هو الفعل: قَصْد المبالغة، فإن القائل (أُفّ) مثلاً كأنه قال (أتَضَجَّرُ كثيراً جداً) إذاً: أفاد المبالغة، ليس المراد (أتضجَّر) فحسب، نقول:(أُفٍّ) اسم فعلٍ، مُسمَّاه (أتضجَّر) هل مدلوله مُجرَّد مدلول (أتَضَجَّر) فحسب؟ لا، لا يَدُل على الحَدَث فحسب، وإنما يَدُل على حدثٍ مؤكَّد، كأنه قال:(أتَضَجَّر كثيراً جداً) إذاً: أفاد المبالغة، فإذا أرَدْتَ (التضجُّر) الذي ليس بالكثير، تقول:(أتضجَّر من هذا الأمر) وإذا أردت المبالغة في هذا ما تأتي بـ (أتضجَّر) وإنما تقول: (أُفٍّ) يعني: بلغ السيل الزبى! (أتضجَّر من هذا الشيء كثيراً جداً).

والقائل: (هَيْهَاتَ) فإنه قال: (بَعُدَ جداً) .. بَدَل أن تقول (بَعُدَ) هذا ما يحتمل أنه كثير، لأن الحدث يصدق على أقلِّه هذا الأصل، أقل ما يصدق عليه أنه (بُعْد) فتقول:(هَيْهَاتَ) وأمَّا إذا أرَدْتَ البُعْد البعيد جداً فتقول: (هَيْهَاتَ) تأتي باسم الفعل.

إذاً: ثَمَّ فائدة من وضع هذه الألفاظ .. أسماء الأفعال، حينئذٍ تَدُل على المسمى وهو الفعل لكن مع زيادة تأكيدٍ، هذه الفائدة من وضع هذه الألفاظ.

وهذه الألفاظ أسماءٌ حقيقةً على الصحيح، أسماء وليست بأفعال، ثَمَّ خلافٌ بينهم.

وهذه الألفاظ أسماءٌ حقيقةً على الصحيح، وهو قول جمهور البصريين، وقيل: أفعالٌ اسْتُعْمِلت استعمال الأسماء، وذهب الكوفيون: إلى أنها أفعالٌ حقيقة لدلالتها على الحَدَث والزَّمان، إذاً ثلاثة أقوال:

- أسماء حقيقةً، يعني: اسم مثل: زيد وعمرو وخالد.

- والقول الثاني: أفعالٌ اسْتُعْمِلت استعمال الأسماء.

- والقول الثالث: أنها أفعالٌ حقيقة، مقابل قول البصريين، وهو قول الكوفيين.

ما الفرق بين القول الأول والثاني .. أو الثاني والثالث .. أفعالٌ اسْتُعْملت استعمال الأسماء .. كيف أفعال ويُسْتَعمل استعمال الأسماء، الفعل والاسم ما يجتمعان!

الظاهر والله أعلم أن مرادهم من حيث المعنى: هي أسماء في اللفظ، لكن المراد بها ما يُراد بالفعل، ولذلك قيل أن أسماء الأفعال: لفظٌ الفعل، وقيل: أسماءٌ مُسمَّاها معنى الفعل، يعني: اسمٌ مدلوله مدلول الفعل .. المعنى، وقيل: اسمٌ مدلوله لفظ الفعل نفسه، وفرقٌ بين أن يقال: مدلوله لفظ الفعل الذي هو (اسْكُت) وبين أن يُقال: مدلوله معنى الفعل الذي هو (طلب السكوت) وهذا دَالٌّ على حدثٍ وزمن، حينئذٍ: كأن اللفظ وُضِع وَضع الأسماء ولكن معناه معنى الأفعال، ولذلك سيأتي أن: أسماء الأفعال قيل كلها مَعَارف، وإن كان الصحيح التفصيل فيها، لكن منها ما يدخل عليه التنوين كـ (صَهْ) و (أُفٍّ) ونحوها.

ص: 6

إذاً القول الثاني: أنها أفعال اسْتُعْمِلت استعمال الأسماء، أفعالٌ من حيث المعنى لا من حيث اللفظ، لا يُمكن أن يُقال: اللفظ نفسه فعلٌ، ثُمَّ نقول: استُعمِل استعمال الأسماء هذا جمعٌ بين نقيضين! وإنما نقول: هذا يُحمل على القول الآخر الذي يُفَسَّر بأن اللفظ وُضِع وهو اسمٌ لكن لمعنى الفعل، فهو مُساوٍ له في المدلول (صَهْ واسكت) في اللفظ متغايران، (صَهْ) اسمٌ و (اسكت) فعلٌ، ومعناهما مُتَّحد، وهذا ضعيف، لماذا؟ لأن معنى الاسم مُغاير لمعنى الفعل، كلمةٌ دلَّت على معنى في نفسها واقترنت .. ، وتلك لم تقترن، إذاً: كيف يقال: بأن المعنى مُتَّحد؟ هذا ضعيف، على كلٍّ الصواب هو الأول.

وذهب الكوفيون: إلى أنها أفعالٌ حقيقةً، لدلالتها على الحدث والزمان، والدليل على أنها أسماء – القول الراجح -: أن منها ما هو على حرفين أصالةً مثل (صَهْ) ولا يَتصل بها ضمائر الرفع البارزة، ولذلك (صَهْ) يُستعمل للواحد، والمثنَّى، والجمع، والمذكَّر، والمؤنَّث، تقول للرجل (صَهْ) وللمرأة (صَهْ) وللاثنين (صَهْ) وللجماعة (صَهْ) وللألْف (صَهْ) .. كلمة واحدة (صَهْ)، لا تحلقها الضمائر البارزة، بخلاف (اضرب .. اضربا .. اضربوا .. اضربن .. اضربي) هذه تلحقها الضمائر البارزة، إذاً:(صَهْ) أسماء الأفعال لا يتصل بها ضمائر الرفع البارزة.

ومنها: مَا يُخالف أوزان الأفعال نحو: (نَزَالِ .. فعال) ليس في الفعل ما هو على وزن (فَعَالِ) إذاً: جاء منها ما ليس له نضير في الأفعال، وهذا يدل على أنها ليست أفعالاً، وأن الطَّلَبي منها لا تَلْحقُه نون التوكيد .. (صَهْ) لا تَلحقُه نون التوكيد، مع أن الفعل الطَّلبي تلحقه نون التوكيد كما سيأتينا إن شاء الله.

إذاً: الطَّلبيُّ من أسماءِ الأفعال لا تلحقه نون التوكيد، والفعل الطَّلبي تلحقه نون التوكيد، حينئذٍ لمَّا فُرِّق بينهما مع أن كلاً منهما طَّلبيٌّ دَلَّ على أن ما لا تلحقه نون التوكيد مع كونه طَلبياً ليس بفعلٍ، ومنها ما يُنوَّن (صَهٍ) هذا التنوين تنوين تنكير، وهو من علامات الأسماء، بل كما سيأتي أن بعضهم قال: كُلها معارف.

إذاً: الصحيح أنها أسماء أفعال، ليست بأفعالٍ اسْتُعْملت استعمال الأسماء، وليست بأفعالٍ حقيقةً تَدُل على الزمان والحَدَث، وأمَّا دلالتها .. تَدُل على أي شيء؟ فعلى الصحيح أن مدلولها لفظ الفعل، لا الحَدَث ولا والزمان، وليس المراد أنها لا تَدُل على الحدث والزمان مُطلقاً، لا، وإنما لا تَدُلُّ مباشرةً، لأنها لو دلَّت مباشرةً على الحدث والزمان لكانت فعلاً، لأن هذا مدلول الفعل، حينئذٍ إذا قيل (صَهْ) مدلوله (اسكت) ومدلول (اسكت) الحدث والزمان، إذاً: دَلَّ على الحدث والزمان لكن بواسطة لفظ الفعل، فمُسمَّى (صَهْ) لفظٌ، كما سبق معنا مراراً: أن مُسمَّى اللفظ قد يكون لفظاً، كما أنه يكون معنىً، ويكون زمناً، حينئذٍ:(صَهْ) مدلوله (اسكت) و (اسكت) مدلوله الحدث والزمن.

ص: 7

إذاً: مدلول أسماء الأفعال على الصحيح لفظ الفعل لا الحدث والزمان، بل تَدُل على ما يَدُل على الحدث والزمان، (تَدُل على .. على) ما يَدُل على الحدث والزمان وهو لفظ الفعل، أي: من حيث هو دَالٌ على المعنى الموضوع هو له، لا من حيث كونه مُطلق لفظٍ، يعني: إذا قيل (صَهْ) يَدُل على (اسكت) إذاً: مدلوله لفظ، أيُّ لفظ أو لفظٌ خاص؟ لفظٌ خاص، يعني:(صَهْ) مدلوله (اسكت) و (اسكت) هذا لفظٌ، حينئذٍ مدلول (صَهْ) لفظٌ هل هو مُطَلق اللفظ أو لفظٌ خاصٌ دالٌ على طلبٍ وهو السكوت في الزمن المستقبل؟ لا شك أنه الثاني.

أي: من حيث هو دالٌ على المعنى الموضوع هو له، لا من حيث كونه مُطلق لفظ، فـ (آمين) مثلاً مُسمىً به الفعل الذي هو (استجب)، إذاً (آمين) نقول هذا اسم فعلٍ، ما مدلوله؟ (استجب)، إذاً: اللفظ، لا من حيث كونه لفظاً (استجب) .. لا من حيث كونه لفظاً من الألفاظ، بل من حيث كونه لفظاً دالاً على طلب الاستجابة .. بهذا القيْد هذا واضح، ما أظن أنَّ أحداً يخالف فيه.

وقيل: أنها تَدُل على الحدث والزمان كالفعل، وهذا الخلاف مبني على الخلاف السابق .. فرعٌ عنه، فمن قال هناك أسماء، قال هنا: لا تدل على الحدث والزمن .. من قال: هناك أفعال لا بُدَّ أنها تَدُل على الحدث والزمان.

قيل: أنها تَدُل على الحدث والزمان كالفعل، فهي أسماء بمعنى: الأفعال، لكن بالمادة لكن بأصل الصيغة، يعني: ما ذَكَرتُه سابقاً أن بعضهم يرى أن أسماء الأفعال مدلولها معنى الفعل، وقيل: مدلولها المصادر، يعني:(صَهْ) مدلوله (السكوت) و (السكوت) يستلزم زماناً وفاعلاً، أي: النائبة عن أفعالها، وعليه فقولهم (أسماء الأفعال) أي: اللغوية التي هي المصادر.

يعني: إذا قيل (أسماء الأفعال) أيُّ أفعالٍ؟ الاصطلاحية على القول الأول وهو الصحيح، إذا قيل: بأن مدلول أسماء الأفعال هي المصادر، حينئذٍ أسماء الأفعال، يعني: اللغوية التي هي المصادر.

وقيل: ما سَبَق استعماله في ظرفٍ أو مصدرٍ باقٍ على اسميَّته كـ (رويداً زيداً) و (دونك زيداً) وما عداه فعلٌ كـ (نَزَال) و (صَهْ) يعني: بَعَّض الباب .. قسَّمه، قال: منه ما هو اسمٌ، ومنه ما هو فعلٍ، ما كان منقولاً عن ظرفٍ أو مصدر، (رويداً) هذا منقول (دونك) ظرف، حينئذٍ قال:(اسمٌ) وما ليس منقولاً بل هو مُرْتَجل كـ (صَهْ) و (أُف) قال: هو فعلٌ، وهذا ما يستقيم.

وقيل: هي قسمٌ برأسه يُسمَّى (خالفة الفعل) أي: خليفته ونائبه في الدلالة على معناه، وهذا ما زاداه في القسمة الرباعية السابقة معنا (اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ وخالفةٌ) قلنا: زاده (جعفر بن صابر) وهو قولٌ شاذ خالف الإجماع، ولذلك أظن الصبَّان قال:"وزاد من لا يُعتَدُّ بخلافه - أو لا يُعْتَدُّ به" كلام مثل هذا القبيل، على كلٍّ: لم يُلتَفَتوا إليه أصالةً.

فالقسمة ثلاثية (وخالفة) هذا راجع إمَّا إلى كونه فعلاً أو اسماً، والصحيح أنه اسمٌ، إذاً: عرفنا أنها أسماء حقيقةً، وعرفنا أن مدلولها هو لفظ الفعل لا الزمان والحدث، وإنما تدل على الزمان والحدث بواسطة الفعل.

ص: 8

ثُمَّ المبحث الثاني: جمهور النحاة على أن أسماء الأفعال لا موضع لها من الإعراب، وذهب المازِنِي: إلى أنها في موضع نصبٍ بِمضمَر، يعني: فعلٍ مُضْمر، وهذا ضعيف، ونُقِل عن سيبويه القولان، وقيل: في موضع رفعٍ بالابتداء، وأغناها مرفوعها عن الخبر كما في:(أقَائِمٌ الزيدان)، (هَيْهَاتَ العقيق) (هَيْهَاتَ) مبتدأ و (العقيقُ) فاعل سدَّ مَسَد الخبر مثل:(أقَائِمٌ الزيدان) والصواب أنها لا محل لها من الإعراب وهو قول جمهور النحاة.

مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ كَشَتَّانَ وَصَهْ

هُوَ اسْمُ فِعْلٍ وَكَذَا أَوَّهْ وَمَهْ

(وَكَذَا) هذا خبر مُقدَّم، (أَوَّهْ وَمَهْ) .. (شَتَّانَ) اسم فعل ماضي (وَصَهْ) اسم فعل أمر، (شَتَّانَ) بمعنى: افترق، (شَتَّانَ زيدٌ وعمروٌ) (وَصَهْ) بمعنى: اسكت (أَوَّهْ) بمعنى: أتوجَّه (وَمَهْ) بمعنى: اكفف، (أَوَّهْ) هذا اسم فعل مضارع (وَمَهْ) مثل (صَهْ) يعني: اسم فعل أمر.

(وَكَذَا أَوَّهْ وَمَهْ) كأنه ذَكَر لك في هذا البيت أربعة أفعال، اثنين منها اسم فعل أمر وهو (صَهْ) و (وَمَهْ) و (شَتَّانَ) اسم فعل ماضي و (أَوَّهْ) اسم فعل مضارع، وعليه تَعرِف أن هذه الأسماء تنقسم إلى ثلاثة أقسام، ولذلك سبق هناك:

واَلأَمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلّ

فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ

كل ما لا يقبل علامة قسمٍ من الأقسام الثلاثية السابقة فاحكم عليه بأنه اسمٌ لذلك الفعل، فما لا يقبل علامة فعل الأمر مع دلالته على الطَّلب احكم عليه بأنه اسم فعل أمر، وكذلك الماضي، وكذلك المضارع، وعليه تَعرِف أن أسماء الأفعال تنقسم إلى ثلاثة أقسام.

قال هنا:

وَمَا بِمَعْنَى افْعَل كَآمِينَ كَثُرْ ..

يعني: القِسْم الذي هو اسم فعل أمر، وهو الذي بمعنى: افعل، دالٌ على الطَّلب (كَثُرَ) يعني: كثير في هذه الأفعال، أكثر أسماء الأفعال أسماء فعل أمرٍ، ويكفي كما قال المكُودِي:"ويكفي في الدلالَّة على كثرته أن نوعاً منه مَقِيساً" وهو ما كان على وزن (فعال) مَقِيس، يعني: ائتي به على وزن (فَعَال).

وأمَّا اسم فعل الماضي، واسم فعل المضارع كله مَسْمُوع، وهذا استدلال جيِّد في الدلالة على أن اسم فعل الأمر أكثر بكثير من اسمي فعل الماضي والمضارع، والدليل على هذا: أنَّ ما كان من اسم فعل الماضي والمضارع كله مسموع .. منقول عن العرب، ليس قياسياً، وأمَّا اسم فعل الأمر فمنه القياسي، وهو ما كان من الثلاثي بالشروط السابقة التي ذكرناها، على وزن (فَعَال)، ومنه ما هو مسموع كـ (صَهْ)(وَمَهْ) ونحوهما.

ص: 9

(وَمَا بِمَعْنَى)(وَمَا) مبتدأ (بِمَعْنَى افْعَلْ) مُتعلِّق بمحذوف صلة الموصول، (كَآمِينَ) وذلك كـ:(آمين)، آمِينَ هذا فيه لغتان:(آمِينَ) بالمد بمعنى: (استجب) و (أمين) على وزن (فعيل) وكلتاهما مسموعتان، إلا أن (آمِينَ) قيل إنه أعجمي، لأنه على وزن (فاعيل) وليس عندنا في لسان العرب ما هو على وزن (فاعيل) ولذلك أُوِّل بأن (آمِينَ) أُشبِعت فتحة الهمزة مدة فصارت (آمين)، أُشبعت الحركة ألفاً فصارت مدةً (آمين)، إذاً الأصل:(أمين) ثُمَّ مُدَّت الهمزة فصارت (آمِينَ)، على كلٍّ قيل: وزنه (فاعيل)، وإذا سُلِّم بهذا صار أعجمياً، إلا إذا قيل بأنه فرعٌ لا أصل، والوزن يتعلَّق بالأصل لا بالفرع.

(وَمَا بِمَعْنَى .. كَآمِينَ) نقول: هذا (كَثُرْ) يعني: كثير في لسان العرب، وكفى بكثرته أن منه نوعاً مَقِيساً وهو (فَعَالٍ) من الثلاثي، أي: ورَدَ اسم الفعل بمعنى الأمر كثير .. وروده كثير.

(وَغَيرُهُ) وهو ما كان بمعنى: الماضي والمضارع (كَوَيْ) بمعنى: أَعْجَبُ، هذا اسم فعل مضارع.

(وَهَيهَاتَ) هذا مقابل لـ (شَتَّانَ) اسم فعل ماضي، (نَزُرْ) يعني: قلَّ.

إذاً: أشار بهذا البيت إلى أن القسمة ثلاثية، بمعنى: افْعَل .. بمعنى: فَعَلَ .. بمعنى: يَفْعُلُ، ما كان بمعنى: افْعَل، كثير بدليل أن منه ما هو مقيس على وزن (فَعَال) وما كان بمعنى: فَعَلَ، وما كان بمعنى: يَفْعُلُ، فهو قليل، فهو مسموعٌ لا يُقاس عليه.

قال الشارح هنا: "أسْمَاءُ الأفْعَال ألفاظٌ تقوم مقام الأفعال" والقول بأنها ألفاظ، هذا محل إشكال، الصواب أن يُقال:(أسْمَاءٌ تقوم مَقَام الأفعال) لأنه يدخل معنا حروف، منها ما هو قائمٌ مقام الفعل "في الدلالة على معناها وفي عملها" في الدلالة على معنى الفعل مُباشرةً، إن كان مباشرة هذا محل إشكال، وإن كان بواسطة فلا إشكال، حينئذٍ نقول:(أسْمَاءُ الأفْعَال) تَدُل على الحدث والزمان، وليس الأمر كذلك، بل هي تَدُل على لفظ الفعل، إذاً قوله:"في الدلالة على معناها" هذا يحتاج إلى تقييد .. استفصال.

"وفي عملها وتكون بمعنى الأمر" فعل الأمر "وهو الكثير فيها كـ (مَهْ) بمعنى: اكفف، و (آمِينَ) بمعنى: استجب، وتكون بمعنى الماضي (كَشَتَّانَ) بمعنى: افترق، تقول:(شَتَّانَ زَيْدٌ وعَمْرُوٌ)، و (هَيْهَاتَ) بمعنى: بَعُدَ، تقول (هَيْهَاتَ العَقِيقُ) ومعناه: بَعُدَ، وبمعنى المضارع كـ (أَوَّهْ) أتوجَّع، و (وَيْ) بمعنى: أعجب، وهذا تلحقه كاف الخطاب كما قال أهل العلم، ومنه:((وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ)) [القصص:82] بمعنى: أَتَعَجَّب.

"وكلاهما غير مقيس" ما هو كلاهما؟ الماضي والمضارع، مفهومه: أن الأمر كُلَّه مقيس، وليس الأمر كذلك، بل منه ما هو مقيس وهو ما كان على وزن (فَعَالِ) كَـ:(نَزَال)، (ودَرَاَك) قلنا: هذا شاذ لأنه من الرباعي (أدرك)، ومنه ما هو مسموعٌ كـ (صَهْ)(وَمَهْ).

إذاً: (وَغَيرُهُ كَوَي وَهَيهَاتَ نَزُرْ)(غَيرُهُ) أي: غير ما هو من هذه الأسماء، بمعنى:(افعل) أو بمعنى: فعل الأمر (قَلَّ) وذلك ما هو بمعنى الماضي والمضارع.

ص: 10

وقد سَبَق في الأسماء الملازمة للنداء أنه ينقاس استعمال (فَعَالِ) اسم فعل مبنياً على الكسر من كل فعلٍ ثلاثي تام، مُتَصرِّفاً تام التصرُّف، هذه الشروط الأربعة، فتقول:(ضَرَابِ زَيْدَاً)، إذاً: ما سُمِع (ضَرَابِ) لكن لك أن تقيسه، أي: اضْرِبْ و (نَزَال) أي: انْزِلْ و (كَتَابِ) أي: اكْتُبْ، ولم يَذْكره المصنف هنا استغناءً بذكره هناك، أحال على ما سبق.

وَالفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيكَا

وَهَكَذَا دُونَكَ مَعْ إِلَيْكَا

كَذَا رُوَيدَ بَلْهَ نَاصِبَينِ

وَيَعْمَلَانِ الخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ

إذاً: عَرَفْنا حد اسم الفعل، وعرفنا أنواعه الثلاثة.

السيُوطي له كلام جيِّد هنا يقول: "هي أسماءٌ قامت مَقَام الأفعال في العمل، غير مُتصرِّفةٍ، لا تَصرُّف الأفعال ولا تَصرُّف الأسماء" انظر! تعريف السيُوطي دقيق، يعني: هي مُلازِمة لحالة واحدة، جامدة، لا تَتَصرَّف تَصرُّف الأفعال ولا تَصرُّف الأسماء، ما المُراد بِتصرُّف الأفعال؟ إذ لا تَختلف أبنيتُها لاختلاف الزمان، (فَعَلَ .. يَفْعِلُ .. افْعَل) الفعل يَتصرَّف من حيث دلالته على الزمن، يأتي على صيغة (فَعَلَ .. فَعُلَ .. فَعِلَ) ويأتي على صيغة (يَفْعُلُ) وعلى (افعل) إذاً: يَتصرَّف، صِيَغُه ليست واحدة.

وإذا أُرِيد التعدية قيل: (أَفْعَلَ وافْتَعَلَ وتفَعَّلَ واسْتَفْعَلَ) إذاً: يَتصرَّف في الدلالة على المعنى وفي الدلالة على الزمن، هذا تصرُّف الفعل، إذاً: أسماء الأفعال لا تَتَصرَّف تَصرُّف الأفعال إذ لا تَختلف أبْنيتُها لاختلاف الزمان.

لا تَصرُّف الأفعال ولا تصُّرف الأسماء، إذ لا يُسْنَد إليها، بمعنى: أنها لا تكون فاعلاً، ولا مبتدأً، ولا مفعولاً، هل تكون هي مُسندة؟ نعم، لأنه تَرَفع فاعلاً:(هَيْهَاتَ العقيق) إذاً: رفعت فاعلاً، إذاً: هي مُسندة لكن لا يُسْنَد إليها. لا يُسْنَد إليها فتكون مبتدأة، أو فاعلة، ولا يُخْبَر عنها فتكون مفعولاً بها أو مجرورة، إذاً: لا تُجر، ولا تكون فاعلاً، ولا مفعولاً به، ولا مبتدأً، ولا خبراً.

ولكن هذا لا يلزم منه ألا تكون مُسندة بأن تعمل في غيرها، إنما لا يدخل عليها عاملٌ يقتضي رفعها على أنها فاعل ولو كانت اسماً، حينئذٍ لا يلزم أن تكون في محلٍّ هي فاعل، لأنه يستلزم أن يَتقدَّم عليها عامل، إذاً: يعمل فيها، فقلنا: ضابط أسماء الأفعال: ألا يعمل فيها شيءٌ البتَّة، لا عاملٌ لفظي وهذا محل وفاق، ولا عاملٌ معنوي، فلو قلنا: هي مبتدأ إذاً لا بُدَّ أن يَتقدَّم عليها عامل الابتداء وهو معنوي، إذا قلنا: مفعول، أو فاعل، أو خبر، لا بُدَّ أن يَتقدَّم عليه عاملٌ لفظي: فعل فيرفع الفاعل، أو مبتدأ فيرفع الخبر، وهذا كُله ممتنع.

وبهذا القيد خرجت الصفات والمصادر، فإنها وإن قامت مَقَام الأفعال في العمل إلا أنها تَتَصرَّف تصرُّف الأسماء فتقع مبتدأً وفاعلاً ومفعولاً .. إلى آخره، بِهذا القَيد: كونها لا تَتَصرَّف تَصرُّف الأفعال ولا الأسماء أخرج المصادر وأسماء الفاعلين، وهذا أولى مِمَّا ذكره الناظم رحمه الله تعالى.

وأمَّا قول زُهير:

دُعِيَتْ نَزَالِ وَلُجَّ فِي الذُّعْرِ ..

ص: 11

(دُعِيَتْ) هذا مُغيَّر الصيغة، والتاء هنا تاء التأنيث، و (نَزَالِ) نائب فاعل، (دُعِيَتْ نَزَالِ) كأنه قال: جاءت نَزَالِ، أسْنَد إليها .. صارت نائب فاعل، فهو من الإسناد اللفظي، ليس المقصود المعنى، إنما (دُعِيَ نَزَالِ) يعني: قِيْل نَزال في الحرب، فحكى اللفظ كما هو، فقُصِد لفظه لا معناه، يعني: إسنادٌ لفظي.

ثُمَ قال السيُوطي: "والقول في الحد هي أسماء أحسن من قول التسهيل - التسهيل لابن مالك -: هي ألفاظٌ" وهي التي أخذها ابن عقيل هنا، "هي ألفاظٌ إلى آخره، لأنه يدخل فيه (إن وأخواتها) فإنها ألفاظٌ كذلك قَامَت مَقَام أفعالٍ، فَعمِلت غَيرَ مُتصرِّفةٍ تَصرُّف الأسماء، ولا تَصرُّف الأفعال"، إذاً: يصدق على (إن وأخواتها) أنها غير مُتصرِّفة لا تَصرُّف الأسماء ولا الأفعال، فإذا قلنا: ألفاظٌ دخلت معنا، وإذا قلنا أسماء خرجت، لأنها حروف ليست بأسماء، "فعملت غير مُتصرِّفةٍ تَصرُّف الأسماء ولا تصرُّف الأفعال، وهي حروفٌ لا أسماء وأفعال، ولذا احتاج إلى إخراجها فزاد في (الكافية) قوله: {ولا فضلة} الذي ذكره الأشْمُوني هناك: لإخراج الحروف، لأن الحرف أبداً فَضْلةٌ في الكلام".

وعرَّفه ابن هشام في (التوضيح) بقوله: "ما ناب عن الفعل معنىً واستعمالاً" اسم الفعل: ما ناب عن الفعل معنىً واستعمالاً، يعني: أُدِّي به معنى الفعل، و (استعمالاً) بمعنى كونه: يعمل عمل الفعل، "والمراد بالاستعمال: كَونُه عاملاً غير معمولٍ، فخرجت المصادر والصفات، فإن العوامل تدخل عليها" على الصفات والمصادر.

ثُمَ قال رحمه الله:

وَالفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا

وَهَكَذَا دُونَكَ مَعْ إِلَيْكَا

كَذَا رُوَيْدَ بَلْهَ نَاصِبَيْنِ

وَيَعْمَلَانِ الخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ

أشار بهذين البيتين إلى أن أسماء الأفعال على ضربين:

أحدهما: مُرْتَجَل.

والثاني: منقول.

وما المراد بالمُرْتَجَل؟ ابتداءً هكذا وُضِع: (اسم فعل)، والمنقول: سَبَق له استعمال: إمَّا ظرف، أو جار ومجرور، أو مصدر، يعني: أن اسم الفعل على ضربين -نوعين-:

أحدهما: ما وضِعَ من أول الأمر كذلك، يعني: اسم فعلٍ، وهذا يُعَبَّر عنه بالمُرْتَجَل:

وَمِنْهُ مَنْقُولٌ كَفَضْلٍ وَأَسَدْ

وَذُو ارْتِجَالٍ كَسُعَادَ وَأُدَدْ

وقوله هنا كالقول هناك.

أحدهما: ما وضِعَ من أول الأمر كذلك، يعني: اسم فعلٍ مُرْتَجل.

والثاني: منقولٌ، يعني: ما نُقِل عن غيره، وهذا نوعان:

الأول: منقولٌ عن ظرفٍ، أو جار ومجرور، يعني: أصله ظَرف فنُقِل إلى اسم الفعل، أو جار مجرور ونُقِل إلى اسم الفعل، نحو:(عليك نفسَك) يعني: الزم نفسك أصل: (عليك) جار ومجرور: على والكاف .. (عليك) فنقلت إلى اسم الفعل، يعني: ضُمِّنت المعنى.

ومنه: ((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ)) [المائدة:105](أنفسكم) مفعولٌ به لـ (عليكم) أي (الزموا شأن أنفسكم).

إذاً: (عليك) نقول: هذا جار ومجرور في الأصل، نُقِل إلى اسم فعل أمر فصار معناه: الزم، ومنه قوله تعالى:((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ)) أي (الزموا شأن أنفسكم).

ص: 12

(ودونَك زيداً) دُوْنَ ودُوْنُ .. قبلُ وبعدُ، مثلها، أصلها: ظرف مكان فنُقِلت إلى اسم فعل أمر، (ودونَك زيداً) دونك بمعنى: خذ، و (مكانك) بمعنى: اثبت مكانك، و (أمامك) بمعنى: تَقدَّم، و (ورائك) بمعنى: تأخَّر، و (إليك) بمعنى: تَنَحَّ، ولذلك تعدَّى بـ (عن) .. إليك عنِّي، يعني: تَنَحَّ عنِّي، إذاً: هذه ألفاظ: إمَّا جار ومجرور نُقِل إلى اسم الفعل، وإمَّا ظرفٌ في الأصل فنُقِل إلى اسم الفعل.

قال في (شرح الكافية): "وهذا النوع لا يُسْتَعْمَل إلا مُتَّصِلاً بضمير المخاطب"(عليك .. دونك .. أمامك)"لا يُسْتَعْمَل إلا مُتَّصِلاً بضمير المخاطب"، وسيأتي محل الضمير: رفعٌ .. نصبٌ .. خفضٌ، على ثلاثة أقوال.

قال في (شرح الكافية): "ولا يُقاس على هذه الظروف غيره" لا يقاس .. مسموع (عليك ودونك) .. ما نُقِل من الظروف، والجار والمجرور، كله سماعي، ولذلك هناك في المكُودِي قال:"وهذا النوع مسموع، والمسموع منه أحد عشر لفظاً" فهو المذكورة هنا، ثلاثة في البيت و (عِنْدك) و (لَدَيْك) و (ورَائَك) و (أمَامَك) و (مَكانَك) و (بَعدَك) هذه كلها مسموعة تُحفظ ولا يُقاس عليها.

إذاً قال في (شرح الكافية): "ولا يُقاس على هذا الظروف غيره، إلا أن الكِسَائي" ذهب إلى القياس .. ذَهَب إلى أنه يَصِح القياس، "إلا أن الكِسَائي يقيس على ما سُمِع ما لم يُسْمَع، بشرط: كونه على أكثر من حرفٍ، احترازاً من نحو: (بك) و (لك) " على كلٍّ مذهب الكِسَائي ضعيف، والصواب: أنها سماعي، ومَا ذَهَب إليه من جواز القياس، وإذا قَيَّده بشرطٍ حينئذٍ نقول: هذا التقييد دليل التضعيف، لا بُدَّ من ثَبَتٍ يَدُل عل أنه قياسي.

"بشرط كونه على أكثر من حرفٍ احترازاً من نحو: (بك) و (لك)، ولا يُستعمل هذا النوع إلا مُتَّصِلاً بضمير المخَاطَب، وشذَّ قولهم: عليه رجلاً" اتصل بضمير الغَيْبة، والقياس المحفوظ: أنه يَتصل بضمير الخطاب، (عليك) أمَّا:(عليه رجلاً) يعني: يلزم رجلاً فهذا ضعيف، يُحفظ ولا يُقاس عليه. إذاً: عَرَفنا أنه لا بُدَّ من ضمير الخطاب، اخْتُلِف في مَحل هذا الضمير: ما إعرابه .. ما مَحله؟

واخْتُلِف في الضمير المُتصل بهذه الكلمات، فَموضعه: رفعٌ عند الفَراء على الفاعلية وهو ضعيف، يَرُده أن الكاف ليس من ضمائر الرفع (عليك) الكاف هذه: إمَّا ضمير نصب، أو ضمير خفض، والقول: بأنها في محل رفع فاعل، نقول: هذا ضعيف.

ونصبٌ عند الكِسَائي على المفعولية والفاعل مُستتر، ويرد هذا القول قولهم:(مَكَانَك وأمَامَك) هذا لازم، (مَكَانَك) لازم، فكيف الكاف تكون في محل نصب وهنا لازم؟ وكذلك (أمامك) لازم؟ إذاً: لا يتعدَّى إلى مفعول به، فكيف يقول الكِسَائي بأنه في محل نصب؟

ص: 13

(وجرٌ عند البصريين) وهذا هو المرجَّح، أنه في محل جَر وهو الصحيح. على الأصل بالإضافة في نحو:(دُونَكَ) وبالحرف نحو: (عَليْكَ) على الأصل قبل النقل، (دَونَكَ) قبل أن تَجعله اسم فعل (الكاف) هنا في مَحل جَر بالمضاف، إذاً: مِثْلُه بعد النقل، (عليك نفسك) قبل النقل (الكاف) هنا مَجرور مَحلاً بـ (على)، إذاً: مثلُه بعد النقل، إذاً: الصواب أن مَحل هذا الكاف – الضمير-: الجر، إمَّا بالإضافة وإمَّا بالحرف، على حسب الداخل عليه، إن كانت في الظروف فهو الظرف، وإن كانت في الحروف فهو الحرف.

روى الأخْفَش عن فصحاء العرب: (عليَّ عبدِ اللهِ زيداً) " بِجرِّ عبدِ الله، (عليَّ عبدِ اللهِ) على أنه عَطْف بيان، يَدُل على أن الياء هنا في محل ولو كان شاذاً، (عليَّ) لم يكن بالكاف، لكن نقول: هذه تَدُل على الأصول، يعني: تَفْضَح الأصول من أين أُخِذَت، (عليَّ عبدِ الله) هذا بَدَل أو عطف بيان من الياء، وجَرَّه بالكسرة، فَدَل على أن مَحل الياء خفضٌ بحرف الجَر .. خفضٌ بالحرف، قبل النقل.

فتبيَّن أن الضمير مجرور الموضع لا مرفوعه ولا منصوبه، تبيَّن بهذا النقل الذي حكاه الأخْفَش (عليَّ عبدِ اللهِ زيداً) بِجر عبدِ الله .. تبيَّن أن الضمير مَجرور الموضع لا مَرفُوعه ولا مَنصُوبه.

ومع ذلك قال النحاة: فمع كل واحدٍ من هذه الأسماء ضميرٌ مستترٌ مرفوع الموضع بمقتضى الفاعلية، فلك حينئذٍ في التوكيد ملحظان، قلنا: هذا الخطاب (الكاف) في مَحل جر، ومع القول: بأنه لا بُدَّ أن يتصل به ضمير خطاب فيه ضميرٌ مستتر مرفوعٌ على الفاعلية، حينئذٍ إذا أكَّدتَه فلك وجهان: إمَّا أن تَرفَع وإمَّا أن تخفض، إن رفعت فمراعاةً للضمير المستتر، وإن خفضت فمراعاةً للضمير الظاهر البارز. مع ذلك فمع كل واحدٍ من هذه الأسماء ضميرٌ مستترٌ مرفوع الموضع بمقتضى الفاعلية، فلك في التوكيد أن تقول:(عليكم كلَّكُم زيداً) و (عليكم كُلِّكُم زيداً) يجوز فيه الوجهان، بالجَرِّ تَوكِيدٌ للموجود المجرور (الكاف) وبالرفع توكيدٌ للمُسْتكِن المرفوع .. يَجوز فيه الوجهان.

هنا قال:

وَالفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا

وَهَكَذَا دُونَكَ مَعْ إِلَيْكَا

(وَالفِعْلُ) هذا مبتدأ أول، و (مِنْ أَسْمَائِهِ) هذا جار مجرور مُتعلِّق بمحذوف خبر المبتدأ الثاني، (عَلَيْكَا) الألف هذه للإطلاق و (عَلَيْكَ) قُصِد لفظه مبتدأ ثانٍ مُؤخَّر، والجملة من الخبر (مِنْ أَسْمَائِهِ) والمبتدأ المتأخِّر في محل رفع خبر المبتدأ الأول الذي هو (الفِعْلُ).

إذاً: (وَالفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا) جملة: (مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا) هذه مبتدأ وخبر في مَحل رفع خبر المبتدأ.

(وَالفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا) .. (وَهَكَذَا دُونَكَ) دونك هكذا، (دُونَكَ) مبتدأ (وَهَكَذَا) خبر مُقدَّم، (مَعْ إِلَيْكَا) ما إعراب (مَعْ) هنا؟ هذا حالٌ من (دُونَكَ) وهو مضاف و (إِلَيْكَا) مضاف إليه قُصِد لفظه، والألف هذه للإطلاق، أصلُها:(إليكَ) بالكاف مفتوحة، فأطلق الرَّوي من أجل الوزن (إلَيكَا) هذه الألف للإطلاق.

ص: 14

إذاً: أراد بهذا البيت أن يُبَيِّن لك أن من أسماء الأفعال ما هو منقولٌ ومَثَّل له بـ (عَلَيْكَ) و (دُونَكَ) و (إِلَيكَ) بِمثالٍ واحد للمنقول عن الظرف وهو (دُونَكَ) ومثالين منقول عن الجار والمجرور وهو (عَلَيْكَ) و (إِلَيكَا).

(كَذَا رُوَيدَ بَلْهَ نَاصِبَينِ) نقول: هذا إشارةٌ إلى النوع الثاني من المنقول، وهو المنقول من مَصدرٍ، قلنا: المنقول نوعان:

- منقولٌ عن ظرف وجار ومجرور.

- والنوع الثاني، وأشار إليه بالبيت الأول، وهو منقولٌ من مصدر، وهذا على قسمين:

- مصدر اسْتُعمل فِعْلُه .. مصدرٌ له فعلٌ مستعمل.

- ومصدرٌ أُهمِل فعله.

(كَذَا رُوَيدَ بَلهَ) وبَله (نَاصِبَينِ) هذا حال من الضمير المستكن في مُتعلِّق الخبر، (كَذَا) مِثُل (ذا) يعني السابق في كونه من أسماء الأفعال، (رُوَيدَ) بمعنى: أمْهِل، (بَلهَ) يعني: مع بَلهَ بمعنى: دعا.

حال كونهما، أو بشرط كونهما (نَاصِبَينِ) ما بعدهما، لكن بدون أن يُنَوَّن (رُوَيدَ) ولا (بَلهَ) وإنما يُذْكَرا هكذا دون تنوين، لماذا؟ لأن أسماء الأفعال كلَّها مبنيَّة، وإذا كانت كذلك حينئذٍ لا يَدخُلها التنوين في الأصل، إلا تنوين التنكير هذا خاصٌ باسم فعل الأمر على جهة القياس.

(كَذَا رُوَيدَ بَلهَ نَاصِبَينِ) ما بعدهما بدون تنوينهما وإلا كانا مصدرين، (وَيَعْمَلَانِ الخَفْضَ مَصْدَرَين)(وَيَعْمَلَانِ) الألف تعود على (رُوَيدَ) و (بَلهَ) لكن في اللفظ لا في المعنى، وهذا سبق معنا هنا، لماذا؟ لأن (رُوَيدَ) و (بَلهَ) اللذان عادا إليهما الضمير اسما فعلٍ، واللذان يعملان الخفض: مصدران، ليسا باسْمي فعلٍ، حينئذٍ رَجَع إلى اللفظ فقط، لا على كونهما اسْمي فعل وإنما على اللفظ .. لفظ (رُوَيدَ) ولفظ (بَله) فقط، هذان اللفظان يُسْتَعْملان اسْمي فعلٍ ويُسْتَعْملان مصدراً، وشتَّان بين المصدر واسم الفعل.

(وَيَعْمَلَانِ) الضمير في (يَعْمَلَانِ) عائدٌ على (رُوَيدَ) و (بَلهَ) في اللفظ لا في المعنى، (وَيَعْمَلَانِ الخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ) فُهِم: أنه يَجوز فيهما التنوين ونصب ما بعدهما، يعني: يَجوز فيهما إذا كانا مصدرين التنوين ونصب ما بعدهما، وعَدَم التنوين وخفض ما بعده، كما هو الشأن في المصدر (ضرباً زيداً .. ضرب زيدٍ) يَجوز فيه الوجهان، إذا كان مصدر جاز فيه الوجهان:

- التنوين ونصب ما بعده.

- وحذف التنوين وإضافته إلى ما بعده.

(وَيَعْمَلَانِ الخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ) أي: مُعْرَبين بالنصب دالَّين على الطَّلب أيضاً، لكن لا على أنهما اسْما فعلٍ، بل على أن كُلاًّ منهما بَدلٌ من اللفظ بفعله، نحو:(رُوَيدَ زَيدٍ) و (بَلْهَ عَمْرِوٍ) أي: إمهال زيدٍ، وترك عمرٍ، (رُوَيدَ زَيْدٍ) هذا مُضاف إلى المفعول، وكذا يُضاف إلى الفاعل (رُوَيدَ زَيْدٍ عَمْرَاً) يعني: مصدر .. يُعامل مُعاملة المصادر السابقة، قد يُضاف إلى الفاعل (رُوَيدَ زَيْدٍ) إمهال زيد، وقد يُضاف إلى المفعول، (رُوَيدَ زَيْدٍ) هذا مُضاف إلى المفعول، وقد يُضاف إلى الفاعل (رُوَيدَ زَيْدٍ عَمْرَاً)(عَمْرَاً) منصوبٌ بالمصدر.

ص: 15

إذاً: (كَذَا) مثل (ذا)(رُوَيدَ بَلْهَ نَاصِبَينِ) يعني: ما بعدهما، (وَيَعْمَلَانِ الخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ) هذا النوع الثاني قلنا: مما هو مصدرٌ في الأصل .. منقول عن المصدر، ثُمَّ ليس مُطَّرداً في كونه اسم فعلٍ، بل قد يَخرج عن كونه اسم فعل فيكون مصدراً.

(رُوَيدَاً) قيل أصله: (أرْوَد زيداً إرْوادَاً) بمعنى: أمهَلَه إمهَالاً، ثُمَّ صَغَّروا الإرواد تصغير ترخيمٍٍ وأقاموه مُقام فعله، واستعملوه تارةً مُضافاً إلى مفعوله فقالوا:(رُوَيدَ زَيْدٍ) مُضاف إلى المفعول ومصدر، وتارةً مُنوَّناً ناصباً للمفعول فقالوا:(رُوَيدَاً زَيدَاً) ثُمَّ إنهم نقلوه وسَمو به فعله فقالوا (رُوَيدَاً زَيْدَاً) وأمَّا (بَلهَ) فهو في الأصل: مَصْدر فعلٍ مُهْمَل.

إذاً: (رُوَيدَ) هذا مِثالٌ لمصدر له فعل في لسان العرب و (بَلْهَ) مِثالٌ لمصدر ليس له فعل بل هو مهمل. وأمَّا (بَلْهَ) فهو في الأصل مصدر فعلٍ مهمل مرادفٌ لـ (دع) و (اترك) فقيل (بَلْهَ زَيْدٍ) بالإضافة إلى مفعوله، كَما يُقال (ترك زيدٍ) ثُمَّ قيل (بَلهَ زَيْدَاً) بالنصب .. نصب المفعول وبناء (بَلهَ) على أنه اسم فعلٍ.

قال هنا الشارح: من أسْمَاءِ الأفْعَال ما هو في أصله (ظرفٌ)، وما هو (مجرورٌ بحرفٍ) نحو:(عَلَيِكَ زَيْدَاً) " هذا يَتعدَّى بنفسه (عَلَيِكَ زَيْدَاً) يعني: الزم زيداً، وقيل: بالباء (عَلَيِكَ بِزَيْدٍ)، و (إِلَيْكَ) أي: تَنَحَّ، إليك عني، يتعدى بـ:(عن)، و (دُونَكَ زَيْدَاًَ) أي: خذه .. خذ زيداً.

ومنها: ما يستعمل مصدراً واسم فعلٍ كـ (رُوَيدَ) و (بَلهَ)، وفُهِم منه أن الفتحة في (رُوَيدَ) و (بَلْهَ) فتحة بناء، لأن أسماء الأفعال كلها مبنية كما سبق، إذاً: مبنيٌ على الفتح لا محل له من الإعراب، وإذا كانا مصدرين صارت الفتحة فتحة إعراب، ولذلك قلنا:(يَعْمَلَانِ) الألف تعود .. الضمير على اللفظ فحسب، لا على المعنى، لأننا إذا أعدنا على اللفظ والمعنى صار تناقض عندنا، كيف هي مُعْرَبة مبنيَّة في وقتٍ واحد .. كيف هي اسم فعلٍ وهي مصدر في وقتٍ واحد؟ لا، إنما أُعِيد على اللفظ فحسب.

إذاً: (يَعْمَلَانِ الخَفْضَ مَصْدَرَينِ) حينئذٍ (رُوَيدَ) و (بَلهَ) الفتحة فتحة إعراب. وإذا كانا مصدرين ففتحتهما فتحة إعرابٍ، لأن المصادر مُعرَبة.

فإن جَرَّا ما بعدهما فهما مصدران (رُوَيدَ زَيْدٍ) أي: إِرْوادَ زَيْدٍ، أي: إمهاله، وهو منصوب بفعلٍ مضمر و (بَلهَ زَيْدٍ) أي: تركه، وإن انتصب ما بَعدهما فهما اسْما فعلٍ (رُوَيْدَ زَيْدَاً) أي: أمهل زيداً، و (بله عمراً) أي: اتركه.

وَمَا لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَلْ

لَهَا وَأَخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَلْ

ص: 16

يعني: هذه الأسماء تَعمل عَمَل الفعل الذي أُنِيبت عنه (مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ) إن كان فعلاً لازماً عملت عَمَل الفعل اللازم، وإن كان الفعل مُتَعديَّاً عَمِلَت عمل الفعل المُتعدِّي، ولذلك نقول:(هَيْهَاتَ العقيقُ) وتقول: (صَهْ) دون اسمٍ ظاهر، وتقول:(رُوَيدَاً زَيْدَاً)، (هَيْهَاتَ العقيقُ) رفع اسماً ظاهراً، و (صَهٍ) رفع ضميراً مستتراً واجب الاستتار، و (رُوَيدَاً زَيْدَاً) نصب مفعولاً به، لماذا اختلف العمل هنا؟ نقول: لأن هذه الأسماء تعمل عمل أفعالها المتعدِّي متعدِّي، واللازم لازم، والمتعدِّي بحرفٍ كذلك هو مُتعدٍّ بالحرف.

(وَمَا لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَل لَهَا): (مَا) هذا مبتدأ و (لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ) يعني: لفعلٍ تنوب عنه، (مَا) اسم فعلٍ لما تنوب عنه، (لِمَا) هذا مُتعلِّق بمحذوف صلة الموصول، يعني: للذي .. لفعلٍ تنوب عنه، (تَنُوبُ) يعني: أسماء الأفعال (عَنْهُ) عن الفعل (مِنْ عَمَلْ) مُتعلِّق بـ (مَا) يعني: مبين له، (لَهَا) هذا خبر المبتدأ، والذي (لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَل لَهَا) ثابت لها، فالضمير في (لَهَا) يعود على ماذا؟ (لَهَا) لأسماء الأفعال، (الذي تَنُوبُ عَنْهُ) (الذي) قلنا: أسماء أفعال، تنوب عليه من فعلٍ .. أسماء أفعال نابت عن فعلٍ، (مِنْ عَمَلٍ لَهَا) يعني: خبر المبتدأ، (لَهَا) لأسماء الأفعال، فيثبت لأسماء الأفعال ما ثبت للأفعال التي نابت عنها .. هذا تقدير البيت، ولذلك لو قيل (مَا) الأولى مبتدأ واقعة على العمل أجْوَد، (والعَمَل الذي لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ) وهو الفعل (لَهَا) يعني: ثابتٌ لأسماء الأفعال، هذا أجود: أن يكون "ما" مبتدأ واقعةً على العمل.

والعمل لما تنوب أسماء الأفعال عنه .. عن الفعل، (مِنْ عَمَل) هذا قلنا: مُبيِّن لـ (مَا) التي هي مبتدأ، وجَعَله المكُودِي (مِنْ عَمَل) مُتعلِّقاً بقوله:(تَنُوبُ) يَجوز، لكن الأولى أن يُجْعَل بياناً لـ (مَا)، (لَهَا) هذا خبر المبتدأ، أي: العمل الذي اسْتَقَرَّ للأفعال التي نابت عنها هذه الأسماء مُستقرٌّ لها، أي: لهذه الأسماء، فترفع الفاعل الظاهر نحو:(هَيْهَاتَ العقيقُ .. هَيْهَاتَ نَجْدٌ) حينئذٍ رَفَعَت اسْماً ظاهراً و (شَتَّانَ زَيْدٌ وعَمْرُوٌ).

(ومُضْمَراً) ترفع فاعلاً مُضْمَراً، يعني: ضميراً، نحو:(نَزَالِ وصَهَ)، (نَزَالِ) فيه ضمير مستتر واجب الاستتار، لأنه اسم فعل أمر، فكل اسم فعل أمر يَرفع فاعلاً ضمير مُستتر، ولا يرفع ظاهر البتة، لأنه أُقِيم مقام فعل الأمر، وفعل الأمر لا يرفع اسماً ظاهراً، هذا مثله .. الحكم ثابتٌ له (نَزَالِ)، وينصب منها المفعول ما ناب عن متعدٍّ .. ينصب من هذه الأسماء المفعول ما ناب عن متعدٍّ نحو:(دَرَاكِ زَيدَاً)(أدْرِك زَيداً) هذا الأصل، فـ (دَرَاكِ) فيه ضمير مستتر فاعل و (زَيدَاً) مفعولٌ به، لماذا نصب مفعولاً به؟ لأنه قَائِم مقام (أدْرِك) و (أدرك زيداً) هذا يتعدَّى إلى مفعولٍ به.

ص: 17

ويتعدَّى منها بِحرفٍ من حروف الجر ما هو بمعنى ما يتعدَّى بذلك الحرف، يعني: إذا كان أصله يتعدَّى بحرف كذلك اسم الفعل يتعدَّى بحرفٍ، ومن ثَمَّ عُدِّىَ (حَيَّهَل) بنفسه لمَّا ناب عن (ائت) في نحو:(حَيَّهَلَ الثَّرِيدْ) ائت الثريد .. يتعدى بنفسه، لمَّا ناب عن (ائت)، وبالباء، يعني: تَعدَّى (حَيَّهَلَ) بالباء لمَّا ناب عن عَجِّل (إذَا ذُكِرَ الصَّالِحُون فَحَيهَّلاً بِعُمَر) يعني: فَعَجِّلْ بِذِكرِ عُمَر، تَعدَّى بالباء، وبـ (على) لمَّا ناب عن (أقبل)(حَيَّهلَ على كذا)(حَيَّهلَ .. حيَّهَلاً) يجوز فيه وجهان، حيَّهلْ: ثلاثة أوجه، (حَيَّهلاً على كذا) تعدَّى بالباء، يعني: أقبل على كذا.

(وَمَا لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَل لَهَا) عرفنا فكَّ البيت، (وَمَا) هذا مبتدأ يصدق على العمل، (لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ)(لِمَا) جار مجرور مُتعلِّق بمحذوف صلة الموصول، و (تَنُوبُ) هذا صلة الموصول، أيُّ موصول .. كم موصول عندنا؟ اثنان: الأول مبتدأ، والثاني مجرور، (مَا) يحتاج إلى صلة موصول، أين صلتها؟ (لِمَا)، الموصول الثاني المجرور هو صلة (مَا) مُتعلِّق بمحذوف، (مَا) اسْتَقرَّ، (لِمَا)(مَا) الثانية هذه المجرورة تحتاج إلى صلة، أين صلتها؟ (تَنُوبُ .. لِمَا تَنُوبُ) ضمير (تَنُوبُ) يعود على ماذا؟ "ما" الثانية صلتها تنوب، أين العائد؟ هو الفاعل .. الضمير، تنوب هي، فـ (مَا) الثانية صادقةٌ على اسم الفعل (وَمَا) الأولى صادقٌ على العمل .. واقع على العمل، العمل (لِمَا) لاسم فعلٍ، تَنُوبُ أسماء الأفعال عنه .. عن الفعل (لَهَا)، ولذلك نَجعل من (عَمَلْ) هذا مُفَسِّرٌ لقوله (مَا) الأولى المبتدأ و (مَا) الثانية واقعة على اسم الفعل، يعني: والعمل لاسم فعلٍ تَنُوبُ عَنْهُ، يعني: تنوب هذه الأسماء .. أسماء الأفعال عن الفعل (لَهَا) لهذه الأسماء، فهو خبر المبتدأ.

لكن قيل: لا يبْرُز معها ضميرٌ بل يستكن فيها مُطلقاً، يعني: ظاهر كلام الناظم هنا (لِمَا لَهَا) يعني: لها من العمل ما ثبت لما نابت عنه، يُفْهَم منه الإطلاق، لكن نقول: يُستثنى. أنه لا يبْرز معها ضميرٌ، لأنك تقول:(اضرب .. اضربي .. اضربا .. اضربوا .. اضربن) و (ضَرَابي) ناب مناب (اضرب).

إذاً: ما ثَبَت للأصل وهو (اضْرِب) ثابتٌ لـ (ضَرَابي) هذا ظاهر اللفظ، لكن هل هذا على إطلاقه؟ ليس على إطلاقه، اسم الفعل لا يبْرُز معه الضمير البتَّة مُطلقاً، ولذلك (ضَرَابي) تستعمله في الواحد، والاثنين، والجمع المذَكَّر والمؤنَّث، تُخاطب الجماعة تقول: ضرابي .. تخاطب المؤنَّثة تقول: ضرابي .. تُخاطِب المثنَّى تقول: ضرابي، اللفظ واحد، لكن:(اضْرِب) يَختلف تقول: (اضرب .. اضربا .. اضربوا .. اضربن .. اضربي) اختلف، إذاً: هذا مِمَّا يُخالف اسم الفعل أصله الذي ناب عنه.

ص: 18

إذاً نُقيِّد قوله (وَمَا لِمَا) إلى آخره، تقول: لكن لا يبْرز معها ضميرٌ بل يَستَكِن فيها مُطلقاً، بِخلاف الفعل فتقول:(صَهْ) للواحد، والاثنين، والجمع، وللمؤَنَّث والمذكَّر بلفظٍ واحد، أيضاً مِمَّا يُسْتَثنى أن: هذه الأسماء لا تُضْمَر، يعني: لا تَعمَل محذوفةً، بِخلاف فعل الأمر، قَدْ يَعمل مَحذوفاً (ضَرْباً زَيْداً) قلنا:(ضَرْباً) منصوب بـ (اضْرِب) إذاً: عَمِل محذوفاً وأمثلته كثيرة، أمَّا أسماء الأفعال لا، فهي نائبةٌ منَاب فِعْل الأمر، لكنَّها لا تعمل محذوفةً.

ولا تُضْمَر، أي: لا تَعمَل مُضمَرةً، بأن تُحذَف ويبقى عَملُها في الأصَح، وجَوَّز ابن مالك أنها تُضمَر وتَعمَل محذوفةً، بِشرط: أن يكون ثَمَّ دليلٌ قائمٌ عليها.

مذهب ابن مالك: جواز إعمال اسم الفعل مُضمَراً، قال في (شرح الكافية):"إن إضمار اسم الفعل مُقدَّماً لدلالة متأخِّرٍ عليه جائزٌ عند سيبويه" يعني بشرط: أن يكون ثَمَّ متأخِّر مثله كما سيأتي في المثال، لأن معمول اسم الفعل لا يَتقدَّم عليه، فإذا وجِد مُقدَّماً عليه أضْمَرتَ.

قال ابن مالك في (شرح الكافية): "إن إضْمَار اسم الفعل مُقدَّماً لدلالة متأخِّرٍ عليه جائزٌ عند سيبويه، وخَرَّج عليه قول الشاعر:

يَا أَيُّهَا المَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا ..

قال: (دَلْوِي) هذا مَعمولٌ لاسم فعلٍ محذوف دَلَّ عليه المذكور، وهو (دُونَكَ) والتقدير: دونك دولي دونك، لماذا؟ لأن:(دُونَكَ دَلوِي) إمَّا أن تقول: بأن المعمول تَقدَّم على عامله وهو اسم فعلٍ وهذا لا يجوز (وَأخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَل) لا بُدَّ من تأخيره فلا يَتقدَّم عليه على الأصح، حينئذٍ إمَّا أن تقول: بأنه تَقدَّم عليه وهذا مُمْتنع، وإمَّا أن تُقدِّر له مثله. فجعل (دَلوِي) مفعولاً بـ (دُونَكَ) مُضْمَراً لدلالة ما بعده عليه، على كلٍّ المسألة فيها نِزِاع، لكن جماهير النحاة على أنه لا يعمل مُضمَراً.

(وَأَخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَل) يعني: معموله يجب أن يتأخَّر ولا يجوز أن يَتقدَّم، فلا يُقال:(زيداً دراك) مع كون الأصل الفعل الذي أقِيم الاسم مُقَامه يَجوز تَقدِيم المفعول عليه مُطلقاً، وحينئذٍ إذا أُقِيمت هذه الأسماء مُقامَها فالأصل: المساواة، لكن هذا يُستَثنَى، لأن هذه فرع، والفرع كما سبق معنا ضعيف، لا يُتَصرَّف في معموله تَصرُّف الأفعال، الفعل قِدِّم وأخِّر، بالشروط التي تُذْكَر في كل باب، وأمَّا ما كان فرعاً عن الفعل فلا، فيلتزم الترتيب الأصلي: تَقدِيم العامل على المعمول.

(وَأَخِّرْ مَا) أخِّر وجوباً، (وَأخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَل) (مَا) يعني: الذي .. اسم موصول في مَحل نصب مفعول به، أَخِّرْ الذي .. (لِذِي) ما إعراب (لِذِي)؟ (مَا) موصولة تَحتاج إلى جُملة الصِلة، أين جُملة الصِلة؟ لا بُدَّ أنها فعل، أو أنها جُملة اسمية، أو مُتعلِّق بِمحذوف، (لِذِي العَمَل) العمل كائنٌ (لِذِي) يعني: لذي الأسماء.

ص: 19

حينئذٍ نقول: (العَمَل) هذا مبتدأ مؤخَّر و (لِذِي) هذا جار مجرور مُتعلِّق بِمحذوف خَبَر مُقدَّم، والجمة الاسمية .. المبتدأ المؤخَّر والخبر المقدَّم لا مَحل لها من الإعراب صلة الموصول، و (ذِي) هذا اسم إشارة، والمراد به: الأسماء، يعني: لهذه الأسماء .. لذي الأسماء: لهذه الأسماء.

(وَأخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَل) الذي العمل فيه، يعني: الذي حَصَل فيه العمل، وهنا لا إيطاء في البيت؛ لأن قوله:(عَمَل) و (العَمَل) لم يتحدا تعريفاً وتنكيراً، فإذا اختلفا ولو اتحدا في الجملة لا يسمى إيطاءً.

(وَأخِّرْ مَا لِذِي) الأسماء فيه (العَمَل) يعني: الذي وقع العمل (فِيهِ) .. (فِيهِ) الضمير يعود على (مَا) .. أخِّرْه وجوباً، خلافاً للكِسَائي حيث جَوَّز أن يُتصرَّف فيها بِتقدُّم معمولها عليها إجراءً لها مُجرى أصولها، وجعل منه قوله:((كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)) [النساء:24] قال: (عَلَيْكُمْ) اسم فعل أمر (كِتَابَ) مفعولٌ به مُقدَّم لـ (عَلَيْكُمْ)، والجمهور على المنع والتأويل (الزموا كِتَابَ الله عَلَيْكُمْ) الزموا يعني: من باب الإغراء مثل (الصَّلاةَ جامعةً).

إذاً: أشار بهذا البيت إلى أنه يعمل اسم الفعل عمل فعله الذي ناب عنه، ثُمَّ استثنى مسألة واحدة وهي: أنه لا يَتقدَّم عليه معموله.

قال الشارح هنا: "أي يثبت لأسماء الأفعال من العمل ما يثبت لما تنوب عنه من الأفعال، فإن كان ذلك الفعل يرفع فقط كان اسم الفعل كذلك" إذا كان هذا الفعل الذي ناب عنه اسم الفعل يرفع فقط، يعني: لازم "كان اسم الفعل كذلك، (صَهْ) بمعنى: اسكت، و (مَهْ) بمعنى: اكْفُفْ، و (وهَيْهَاتَ زَيْدٌ) بمعنى: بَعُدَ زَيْدٌ، ففي (صَهْ) و (مَهْ) ضميران مُستتران كما في (اسكت واكفف)، و (زيد) مرفوعٌ بـ (هَيْهَاتَ) كما ارتفع بـ (بَعُدَ)، وإن كان ذلك الفعل يرفع وينصب كان اسم الفعل كذلك، كـ (دَرَاَكِ زَيْدَاً) أي: أدركه، و (ضَرَاَبِ عَمَرَاً) أي: اضربه، ففي (دَرَاَك) و (ضَرَاَبِ) ضميران مُستتران و (زيداً) و (عمراً) منصوبان بهما" هذا في الغالب، والحكم للغالب.

قال ابن مالك في (التسهيل): "وحكمها - يعني: أسماء الأفعال - غالباً في التعدِّي واللزوم حكم الأفعال" ما قال: مُطَّرِداًَ، قال: غالباً، لأنه سُمِع كلمتان قامتا مَقَام فعلين مُتعدِّيين ولم تَنْصِب، ولذلك قال: غالباً، لِئلا يُعْتَرَض، مثل ماذا؟ قال:"واحترز بقوله: غالباً، عن (آمين) فإنها نابت عن متعدٍّ ولم يُحْفَظْ لها مفعول"(آمين) استجب، هذه نابت مناب فعلٍ متعدِّ ولم يُحْفَظْ لها مفعول.

وكذا: (إيهِ) بمعنى: زدني، زاده السيُوطي في شرح (الجمع)، هذان الفعلان نابا عن متعدِّيين ولم يُسْمَع لهما مفعولٌ، حينئذٍ نقول: حُكم أسماء الأفعال في التَعدِّي واللزوم حكم الأفعال، مُطلقاً ونَستَثنِي هذين الفعلين، أو نقول: الحكم أغلبي، من أجل استثناء هذين الفعلين، وإذا قيل بأنه لا يوجد إلا هذين الفعلين فقط، لا نقول أغلبي، بل نقول: مُطَّرِد، ونقول: هذا سُمِع دون مفعولٍِ ويبقى استثناءً له.

ص: 20

"وأشار بقوله: (وَأَخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَل) إلى أن معمول اسم الفعل يَجب تأخيره عنه" يعني: أنها فارقت الأفعال في كونها لا يَتقدَّم عليها منصوبها كما يَتقدَّم في الفعل" فتقول: (دَرَاَكِ زَيْدَاً) ولا يجوز تَقديِمه عليه فلا تقول: (زَيْدَاً دَرَاَكِ) " لأنها فرعٌ في العمل عن الفعل فضعفت، مثل أفعال التعجُّب هناك.

"ولا يجوز تقديمه عليه" خلافاً للكِسَائي "فلا تقول: (زَيْدَاً دَرَاَكِ)، وهذا بِخلاف الفعل إذ يجوز: (زَيْدَاً أدرك) ".

وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ

مِنْهَا وَتَعْرِيفُ سِوَاهُ بَيِّنُ

وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ

مِنْهَا ..

إذاً: قد يُنَوَّنُ بعضها، حينئذٍ نَحكم بكونه نكرة، وهذا سبق في بيان أقسام التنوين: أنَّ تَنوِين التنكير هذا من إضافة الدَّال إلى المدلول، بمعنى: أنَّ التنوين دالٌّ على أن مدخوله نكرة، قلنا:(صَهٍ) نكرة و (صَهْ) معرفة، إذاً: يدخل التنوين هنا فرقاً بين النكرات والمعارف، وهذا خاصٌ ببابين اثنين لا ثالث لهما: أسماء الأفعال، و (سيبويه) .. عَلَم مَختوم بـ:(ويه)، أسماء الأفعال مُطلقاً ليس خاص باسم فعل الأمر .. أسماء الأفعال تدخل عليه تنوين التنكير.

وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ

مِنْهَا ..

أي: من أسماء الأفعال، إذاً: يَصِح دخول التنوين على اسم الفعل، لكن ليس على كل اسم فعلٍ بل هو سَماعي، وما لم يُسْمَع فالأصل فيه: عدم إدخاله.

(وَتَعْرِيفُ سِوَاهُ) أي: سوى المُنَوَّن، الضمير يعود على المصدر، (الَّذِي يُنَوَّنُ) أي: المُنَوَّن (وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ المُُنَوَّن)(وَتَعْرِيفُ سِوَاه) يعني: سوى المُنَوَّن (بَيِّنُ) واضحٌ ظاهرٌ.

قيل: عبارة الناظم هنا (وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ) ظاهر عبارته مُشْعِرة بأن التنوين وعَدم التنوين سماعي، وهذا واضح، لأنه لم يقل مثلاً: إذا أرَدْتَ التَنْكير فَنَوِّن، أو التعريف فلا تُنَوِّنْ، فَدَّل على أن مسألة التنوين وعدم التنوين إنما هي سماعي، ما نُقِل تنوينه في لسان العرب تَنْطِق به مُنَوَّناً، وما لم يُنْقَل تَنْوينُه البتَّة حينئذٍ ليس لك أن تُنَوِّن من عندك، لأن القضية سماعية.

قال في (شرح الكافية): "لمَّا كانت هذه الكلمات من قِبل المعنى: أفعالاً، ومن قبل اللفظ: أسماءً -إذاً: لها جهتان- جُعِل لها تعريفٌ وتنكير، فعلامة تعريف المعرفة: تَجرُّده من التَنْوين، وعلامة تنكير النكرة فيها: استعماله مُنَوَّناً، ولمَّا كان من الأسماء المحضة ما يُلازِم التعريف كالمضمرات" الأسماء المحضة التي ليست مُشْبِهة أو قائمة مَقَام الفعل سماها: أسماء مَحضة.

"ما يُلازِم التعريف كالمضمرات وأسماء الإشارات، وما يُلازم التنكير كـ (أحد) و (عِرِّيبْ) و (ديَّار)، وما يُعرَّف وقتاً ويُنَكَّرُ وقتاً كـ (رجل) و (فرس) "جعلوا هذه الأسماء أسماء الأفعال مثلها، غيْر أسماء الأفعال على ثلاثة أنواع:

- منها ما يُلازِم التعريف.

- ومنها ما يُلازِم التنكير، وهذان على خلاف الأصل.

ص: 21

- ومنها ما يكون في وقتٍ نكرة وفي وقتٍ معرفة، كـ (رجلٌ) هذا نكرة و (الرجل) هذا معرفة، أسماء الأفعال كذلك، منها ما يُلازِم التعريف، ومنها ما يُلازِم التنكير، ومنها ما قد يكون في وقتٍ نكرة وفي وقتٍ آخر معرفة.

"جعلوا هذه الأسماء كذلك فألزموا بعضاً التعريف كـ (نَزَاَلِ) و (بَلهَ) و (آمين) " هذه معرفة مُطلقاً، مثل المضمرات وأسماء الإشارات.

"وألزموا بعضاً التنكير كـ (واه) و (ويه) واستعملوا بعضاً بوجهين فَنُوِّنَ مَقصُوداً تنكيره كـ (صَهَ) وجُرِّدَ مَقصُوداً تعريفه كـ (صَهْ) و (صَهٍ) و (أُفْ) و (أُفٍّ) " إذاً: (صَهْ) بدون تنوين معرفة، و (صَهٍ) بالتنوين هذا نكرة.

وقيل: كلها معارف -كل أسماء الأفعال معارف- لا نكرة فيها البتَّة، وقيل: من قبيل تعريف الأشخاص، بمعنى: أن كل لفظٍ من هذه الأسماء وضِع لكل لفظٍ من هذه الأفعال، وقيل: هي أعلام وأجناس، إذاً: قيل كلها معارف، واختلفوا في وجه التعريف، فقيل: أعلام أشخاص، وقيل: أعلام أجناس.

قال الشارح: الدليل على أن ما سُمِّى بأسماء الأفعال أسماء: لحاق التنوين لها - هذا بعض الأسماء - فتقول في صَهْ: (صَهٍ) وفي حَيَّهَلْ: (حَيَّهَلاً) فيلحقها التنوين للدَّلالة على التنكير، فما نُوِّنَ منها كان نكرة، وما لم يُنَوَّنْ كان معرفة.

وَمَا بِهِ خُوطِبَ مَالَا يَعْقِلُ

مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الْفِعْلِ صَوْتاً يُجْعَلُ

كَذَا الَّذِي أَجْدَى حِكَايَةً كَقَبْ

وَالْزَمْ بِنَا النَّوْعَيْنِ فَهْوَ قَدْ وَجَبْ

هذا النوع الثاني، قال في التبويب:(أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ وَالأَصْوَاتِ) يعني: أسْمَاءُ الأصوات، وأسماء الأصوات هذا الذي يَتعلَّق بالنحو أنها مبنيَّة فحسب، لا حظَّ لها من الإعراب البتَّة، فهي مبنيَّة كما أن أسماء الأفعال مبنيَّة، وأمَّا عَدُّها والنظر في معانيها، قيل: هو من علم اللغة، يعني: يُرجع إلى المعاجم ونحوها، وإنما يذكرون بعض الأمثلة.

إذاً قال: (وَالزَمْ بِنَا النَّوعَينِ فَهْوَ قَدْ وَجَب)(بِنَا النَّوعَينِ) ظاهره أن المراد به ما عَنْوَنَ له في الباب.

أسمَاء الأفعَال مبنيَّة، وهذا سَبَق بيانه في أول الكتاب، وأسماء الأصوات كذلك مبنيَّة لمشابهتها الحروف المهملة في أنها: لا عاملةٌ ولا معمولة، فهي أحق بالبناء من أسماء الأفعال، يعني: هذه أولى، لأنها مُجرَّد حروف فقط، لم يوضع لها معنىً في لسان العرب، سُمِع للغراب (غاق .. غاق) قالوا مثله، حينئذٍ صارت حروف، لو نظرنا في لسان الواضع: هل وضع لهذه الألفاظ معنىً؟ ما وضع لها، وإنما مُجَرَّد حكاية فقط.

فهي أحق بالبناء من أسماء الأفعال، وهذه الأسماء لا ضمير فيها بِخلاف أسماء الأفعال، فهي من قبيل المفردات، وأسماء الأفعال من قبيل المُرَكَّبات.

إذاً: كلٌ منهما مبني: أسماء الأفعال، وأسماء الأصوات، أسماء الأفعال تتحمَّل ضميراً فهي مُرَكَّب يعني: فعل وفاعل، وأسماء الأصوات لا تتحمَّل ضميراً فهي مُفردة.

وَمَا بِهِ خُوطِبَ مَالَا يَعْقِلُ

مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الْفِعْلِ صَوْتاً يُجْعَلُ

ص: 22

قيل: أسماء الأصوات: ما وُضِع لخطاب ما لا يعقل .. ما لا يعقل من الحيوانات ونحوها كالجماد، قيل: واللَّيْل والنَّهَار، وهذه الأشياء؛ لكن هذه يأتي إخراجها.

ما وُضِع لخطاب ما لا يعقل، أو ما هو في حُكِم ما لا يعقل من صغار الآدميين، كالطفل (كُخْ .. كُخْ) قالوا: هذا اللفظ ليس له معنى في لسان العرب، وإنما خُوطِب به الصغير الذي لا يعقل تنزيلاً له مُنَزَّلة ما لا يعقل أصالةً.

أو ما هو في حُكِم ما لا يعقل من صغار الآدميين، أو لحكاية الأصوات، هذه ثلاث محال:

- خِطاب ما لا يعقل كالجمل والفرس.

- أو ما هو في حُكْم ما لا يعقل كصغار الآدميين.

- أو حكايةً لأصوات .. أصوات الغُراب ونحو ذلك، وهي نوعان:

- أحدهما: ما خُوطِب به ما لا يعقل إمَّا لِزَجْرِه كـ (عَدَسْ) للبغل، البغل يخاطب إذا أرادوا زجره قالوا: عدس، وإما لدعائه كـ (أَوْ) - مثل (أو) العاطفة – (أو) للفرس.

- والنوع الثاني: ما وضِع لحكاية صوت حيوان كـ (غاق) لصوت الغراب، أو غير حيوان نحو (قُبْ) لوقوع السَّيف، إذا وقع السَّيف يُظْهر صوتاً، تَحْكِيه:(قُبْ).

وَمَا بِهِ خُوطِبَ مَا لَا يَعْقِلُ ..

(مَا خُوطِبَ بِهِ مَا لَا يَعْقِلُ)(مَا) اسم موصول بمعنى: الذي، وهو مبتدأ (خُوطِبَ بِهِ) هذه الجملة لا محلَّ لها من الإعراب صِلَة الموصول، (مَا) اسمٌ موصول بمعنى: الذي، في محل رفع نائب فاعل لـ (خُوطِبَ)(خُوطِبَ الذي لا يعقل من الحيوان، وما عُطِف عليه في الحدِّ السابق).

(مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفِعْلِ) يعني: شيءٌ أشبه اسم الفعل، وهنا الشُرَّاح لم يعرفوا ما الذي احترز به ابن مالك:(مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفِعْلِ) لكن ابن هشام في (التوضيح) قال: "احترز به من قول القائل:

أَلَا أَيُّهَا اللَّيلُ الطَّوِيلُ أَلَا انْجَلِي ..

هنا خاطب ما لا يعقل وهو (اللَّيل) لكنه لم يكتف به، بل لا بُدَّ من شيءٍ يُتَمِّمُه، أمَّا اللفظ وحده:

أَلَا أَيُّهَا اللَّيلُ الطَّوِيلُ أَلَا انْجَلِي ..

قالوا: لا بُدَّ من تمامه:

يَا دَارَ مَيِّ عَلَى البِلَا ..

يَا دَارَ مَيَّةَ بِالعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ ..

قالوا: هنا لا يُكْتَفى به، لا بُدَّ من شيءٍ مُتَمِّمُ، لكن على كلٍّ هذا فيه احتمال.

(مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفِعْلِ) يعني: في صِحة الاكتفاء به، لأن هذا اللفظ قالوا لا يُكْتَفى به، لا بُدَّ من إتمامه، هذا إذا خَاطَب ما لا يعقل من غير الأصوات، (مِنْ مُشْبِهِ) هذا جار مجرور مُتعلِّق بمحذوف حالٌ من الضمير في (بِهِ) .. خُوطِبَ بِهِ حال كونه (مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفِعْلِ) يعني: كأن اسم الصوت أشبه اسم الفعل، أشبهه في أي شيء؟ لم يظهر وجه المشابهة بين النوعين، لكن قَدَّر الشُرَّاحُ هنا (مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفِعْلِ) يعني: في صحة الاكتفاء به، يعني: يُكْتَفى به فيقال: (غاق) اكتفينا، لا نحتاج إلى شيءٍ مُتَمِّم لهذا اللفظ بخلاف قول القائل:

أَلَا أَيُّهَا اللَّيلُ الطَّوِيلُ أَلَا انْجَلِي ..

ص: 23

لكن اعْتُرِض هنا بأنه قد يُكْتَفى به لكونه نداءً (أَلَا أَيُّهَا اللَّيلُ الطَّوِيلُ .. أَلَا يَا أَيُّهَا اللَّيلُ) اكتفى، لكن قيل بأن هذا لم يُشْبِه الفعل، لأنه لم يقف عليه وقف انتهاء من الكلام، فلا بُدَّ من شيءٍ يُتَمِّمه، على كلٍّ المقام يحتاج إلى تحرير.

(مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفِعْلِ يُجْعَلُ صَوتاً) مَا خُوطِبَ به مَا لَا يَعْقِلُ من حيوانٍ ونحوه (صَوتاً يُجْعَلُ) يعني: يُجْعَلُ اسم صوتٍ على حذف مضاف، (يُجْعَلُ) هو (صَوتاً)، (صَوتاً) هذا مفعولٌ ثاني، وأين الأول؟ الضمير (يُجْعَلُ) هو .. نائب الفاعل.

كَذَا الَّذِي أَجْدَى حِكَايَةً كَقَبْ ..

إذاً قوله: (وَمَا) اسم موصول عام شَمِل ما كان للزَّجْر كما ذكرناه، كـ (عَدَسْ)، وما كان للدُّعاء كـ (أَو) فإن كليهما يُخَاطب به ما لا يعقل.

كَذَا الَّذِي أَجْدَى حِكَايَةً كَقَبْ ..

(كَذَا) أي: مِثلُ ذا السابق في كونه اسم صوتٍ (الَّذِي) الذي كذا، (كَذَا) خبر و (الَّذِي) مبتدأ مؤخَّر، (أَجْدَى) يعني: أفاد، (حِكَايَةً) أفاد حكايةً، شَمِل قوله (حِكَايَةً) ما كان حكايةً لصوت حيوان كـ (غاق) ولصوت غير حيوان (كَقَبْ) وقوع السَّيف.

(كَذَا الَّذِي أَجْدَى حِكَايَةً) حِكَايَةً لأي شيء؟ قلنا: عام، إمَّا لصوت حيوان وإمَّا لصوت جمادٍ إذا وقع، (كَقَبْ) لوقوع السَّيف، يعني: تَحكي الصوت الذي تسمعه، لكن ثَمَّ ألفاظ محفوظة عند العرب لأشياء محدودة، إذا وقع السَّيف لا تأتي بلفظ من عندك تقول (قَبْ) ماذا قال السِّيف إذا وقع؟ (قَبْ)، (قَبْ) هذا اسم صوت مبنيٌّ على السكون لا محل له من الإعراب (كَقَبْ).

وَالزَمْ بِنَا النَّوعَينِ فَهْوَ قَدْ وَجَب ..

(وَالزَمْ بِنَا النَّوعَينِ) يعني: بناء النَّوعين، قصره للضرورة، والمقصود بالظاهر (النَّوعَينِ) ما هو؟ اسم الفعل واسم الصوت، هذا الظاهر، ويَحتمل وجهاً آخرَ وليس ببعيد: أنه قد بيَّن حُكم اسم الأفعال في الأول .. الأول هناك: وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ بِلَا تَأَثُّرٍ، إذاً: عرفنا لا يكون تكرار، فنجعل (بِنَا النَّوعَينِ): ما خُوطِب به ما لا يعقل والذي أفاد حكايةً، لأننا قلنا أسماء الأصوات نوعان: ما خُوطِب به ما لا يعقل، والثاني: ما وضِع لحكاية صوت حيوان.

إذاً: (وَالزَمْ بِنَا النَّوعَينِ) أي النوعين؟ المذكورين في هذين البيتين، لأن أسماء الأفعال انتهى البحث فيها:

وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ

مِنْهَا وَتَعْرِيفُ سِوَاهُ بَيِّنُ

كان في أسماء الأفعال، انتقل إلى النوع الثاني: أسماء الأصوات.

إذاً: (الزَمْ بِنَا النَّوْعَينِ) مُتعلِّق بنوعي أسماء الأصوات، وأمَّا أسماء الأفعال هذا انتهى منه، لكن الأشْمُوني على ما ذكَرْنَاَه أولاً، وكذلك ابن عقيل هنا.

(فَهْوَ قَدْ وَجَبْ) الفاء للتَّعليل، (فَهْوَ قَدْ وَجَب) هذا تتميم، (هْوَ) مبتدأ و (قَدْ وَجَب) خبره، تتميم .. لماذا نقول تتميم؟ لأن الوجوب معلوم من قوله (الزَمْ) واجب (الزَمْ بِنَا النَّوْعَينِ) إذاً: هما مبنيَّان.

إذاً: (قَدْ وَجَبْ) هذا يمكن الاستغناء عنه، فإذا أمكن الاستغناء عنه حينئذٍ نقول: هذا يُعْتَبر حَشْواً.

ص: 24

قال الشارح هنا: "أسماء الأصوات ألفاظٌ اسْتُعْمِلت كأسماء الأفعال في الاكتفاء بها"(هَيْهَاتَ العقيقُ) فقط "دالَّةً على خطاب مالا يعقل" إذاً: وجه المشابهة بين اسم الصوت واسم الفعل في الاكتفاء بها .. كونه يُكْتَفى به "دالَّةً على خطاب مالا يعقل، أو على حكاية صوتٍ من الأصوات، فالأول -خطاب ما لا يعقل-: كقولك (هَلا) " مثل (ألا) - قيل: تُنَوَّن وقيل: لا، يعني: تُنْطق مثل (ألا) .. (هلا)"لزَجْر الخيل و (عَدَسْ) لِزَجر البغل، والثاني كـ (قَبْ) لوقوع السَّيف و (غاق) للغراب" و (أَوْ) لدعاء الفرس كما ذكرناه.

وكذلك في قولهم في دعاء الإبل لتشرب: (جِيء .. جِيء) مهموزين، يعني: كأن الإبل تَفْهَم هذا الخطاب (جِيء .. جِيء) يعني: تعالي اشربي، سبحان الله! وفي دعاء الضَّأن:(حا .. حا) والمعز (عا .. عا) غير مهموزين في النوعين، والفِعْلُ منهما (حاحَيْتُ وعاعَيْتُ) والمصدر (حَيْحَاء وعَيْعَاء) هذه كُلُّها مُولَّدة، يعني: لم يسمع، ولذلك قال قائلهم:

يَا عَنْزُ هَذَا شَجَرٌ وَمَاءُ

عَاَعَيْتُ لَوْ يَنْفَعُنِي العَيْعَاءُ

عَدَسْ مَا لِعبَّادٍ عَلَيْكِ إِمَارَةٌ ..

إذاً: وأشار بقوله (وَالزَمْ بِنَا النَّوعَينِ) إلى أن أسماء الأفعال وأسماء الأصوات كلها مبنيَّة، إذاً: حَمَل قوله (بِنَا النَّوعَينِ) على الباب كلِّه، ولا مانع أن يُقال: بأنه بيَّن في الأول حكم أسماء الأفعال، وهنا بيَّن النوعين من أسماء الأصوات، وقد سبق في باب المُعْرَب والمبْنَى أن أسماء الأفعال مبنية لشبهها بالحرف في النيابة عن الفعل وعدم التأثُّر، حيث قال:(وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ بِلَا تَأَثُّرٍ) وأمَّا أسماء الأصوات فهي مبنية لشبهها بأسماء الأفعال، وقيل: لمشابهتها الحروف المهملة في أنها: لا عاملة ولا معمولة، مثل:((حم)) [غافر:1] .. ((الم)) [البقرة:1] ومثلها، إذاً: هي مبنيَّة فلا محل لها من الإعراب، وشَذَّ إعراب بعضها لوقوعه موقع الاسم المتَمكِّن كقوله:

إِذْ لَمَّتِي مِثْلُ جَنَاحِ غَاقِ ..

(مِثْلُ جَنَاحِ غَاقِ) مضاف إليه، لماذا أَعْرَبه هنا؟ أُعْرِب (غَاقِ) لوقوعه موقع (غُرْاب) لأنه يَدلُّ عليه .. خاصٌّ به، إذا قال:(غاق) فُهِم أنه يريد به الغراب. وتنكيرها بالتنوين كأسماء الأفعال، وأصل بنائها على السكون كـ (قَبْ) و (سَعْ) وما سَكَن وسطه من ثلاثي كُسِر على أصل التقاء الساكنين كـ (غاق) و (طَاقِ) لحكاية صوت الضرب، إذا وقع الشيء .. ضَرَبت (طَاقِ) تَحكيه بهذا اللفظ.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

!!!

ص: 25