الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* الضمير المتصل
* حكم الضميرمن حيث الإعراب والبناء
* ما يصلح من الضمائر لأكثر من موضع.
بسم الله الرحمن الرحيم
س: ذكرتم أن ثمة قواعد أربعة وذكرتم منها قاعدة واحدة هي: الأخص يستلزم إثبات الأعم، فهل بينتم هذه الثلاث القواعد؟
ج: نعم من حيث الإثبات والنفي، إثبات الأعم هل يستلزم إثبات الأخص؟
إثبات الأخص يسلتزم إثبات الأعم.
إذاً: الأعم لا يستلزم إثبات الأخص والعكس إثبات الأخص يسلتزم إثبات الأعم.
نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ما زال حديثنا في باب النكرة والمعرفة، عرّف الناظم رحمه الله تعالى النكرة:
نَكِرَةٌ قَابِلُ أَلْ مُؤَثِّرَا
…
أوْ وَاقِعٌ مَوْقِعَ مَا قَدْ ذُكِرَا
عرفنا أنها نوعان: منها ما يقبل أل المؤثرة للتعريف، والثاني ما يقع موقع ما يقبل أل المؤثرة للتعريف.
ثم قال:
وَغَيْرُهُ: أي: غير ما ذكر من النوعين، مَعْرِفَةٌ كَهُمْ وذلك كهم
وَغَيْرُهُ مَعْرِفَةٌ كَهُمْ وَذِي
…
وَهِنْدَ وَابْنِي وَالغُلَامِ وَالَّذِي
عدد لنا المعارف، حينئذ لما قابل المعرفة بالنكرة عرفنا أن المعرفة نوعان:
النوع الأول: ما لا يقبل أل البتة، ولا يقع موقع ما يقبلها كزيد وعمرو، هذا لا يقبل أل البتة، ولا يقع موقع ما يقبلها.
الثاني: ما يقبل أل ولكنها غير مؤثرة للتعريف، نحو: حارث وعباس، هذه سيذكرها في باب المعرف بأل.
كَهُمْ وَذِي: يعني وذلك كـ: هُمْ وَذِي وَهِنْدَ وَابْنِي وَالغُلامِ وَالَّذِي
وَغَيْرُهُ مَعْرِفَةٌ كَهُمْ وَذِي
…
وَهِنْدَ وَابْنِي وَالغُلَامِ وَالَّذِي
عدد لنا على جهة الإجمال هذه المعارف الستة وسيأتي تفصليها ولم يرتبها هنا؛ من أجل النظم.
ثم بدأ بالأول وهو أعرف المعارف: وهو الضمير عرفه: بأنه ما دل على غيبة أو حضور، ما دل على غيبة، ومثل له بـ: هو، أو دل على حضور وهذا تحته قسمان: ضمير المخاطب ومثل له: بأنت.
والثاني: ضمير المتكلم وتركه ويمثل له: بأنا.
إذاً الضمائر ثلاثة: ضمير متكلم، وضمير مخاطب، وضمير الغائب، وهذه على التوالي، يعني بعضها أعرف من بعض، فأعرفها الضمير -ضمير المتكلم- ثم المخاطب ثم الغائب.
الضمير ينقسم إلى أقسام باعتبارات متعددة: باعتبار ذاته، وباعتبار محله.
ينقسم: إلى بارز: وهو ما له صورة في اللفظ، ما له صورة في اللفظ كتاء قمتُ، وإلى مستتر، وهو بخلافه ليس له صورة في اللفظ وهذا كالضمير المستتر في نحو قم يا زيد، قم هذا فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت، أين هو؟ ليس له صورة في اللفظ، وأما قولهم: تقديره أنت فهذا من باب التقريب والتدريب فحسب وإلا ليس هو عينه إذ لو كان عينه لما كان مستتراً، ولما كان واجب الاستتار وهذا من باب التقريب فحسب.
إذاً الضمير ينقسم إلى بارز وهو ما له صورة في اللفظ يعني: ينطق به: قمت، قمنا، أنتم
…
إلى آخره.
ومستتر وهو بخلافه يعني ليس له صورة في اللفظ فلا ينطق به بل لا يمكن أن ينطق به.
البارز ينقسم إلى: متصل ومنفصل.
وبدأ الناظم رحمه الله تعالى بذكر المتصل: وهو الذي لا يستقل بنفسه، الضمير البارز ينقسم إلى قسمين: ضمير بارز متصل، وضمير بارز منفصل.
الضمير البارز المتصل: هو الذي لا يستقل بنفسه، يعني: لا بد وأن يكون متصل بعامله، كتاء قمت.
وأما الضمير المنفصل فهو الذي يستقل بنفسه: كأنا وأنت وهو، هذا منفصل؛ لأنه يستقيل بنفسه ولا يشترط أن يكون متصلاً بعامله.
بدأ بالمتصل فقال:
وَذُو اتِّصَالٍ مِنْهُ مَالَا يُبتَدَا
…
وَلَا يَلِي إِلَاّ اخْتِيَاراً أَبَدَا
كَالْيَاءِ وَالْكَافِ مِنِ ابْنِي أَكْرَمَكْ
…
وَالْيَاءِ والهَا مِنْ سَلِيهِ مَا مَلَكْ
وَذُو: وذو أي ضمير.
وَذُو اتِّصَالٍ: يعني المتصل.
مِنْهُ: من الضمير.
مَالَا: يستقل بنفسه.
هو الذي لا يستقل بنفسه، وهو الذي كذلك لا يصلح لأن يبتدأ به، لا يقع في أول الكلام وإنما يكون تالياً لعامله، قمت: التاء هذا لا يمكن أن يكون أول الجملة، وإنما يكون تابعاً لعامله متصلاً به؛ لأن الضمائر كلها معمولات فليست عاملة، فإذا كانت معمولات حينئذٍ الأصل تقدم العامل على المعمول، هذا من حيث النظر ومن حيث العمل، كذلك من حيث إمكان النطق وعدمه نقول: لم ينقل عن العرب أنهم بدءوا بضمير متصل بل لا بد أن يكون تابعاً لعامله ولا يبتدأ به في أول الكلام، لا يستقل بنفسه.
وَذُو اتِّصَالٍ: أي المتصل.
مِنْهُ: أي من الضمير ما كان لا يستقل بنفسه وهو الذي لا يصلح لئن يبتدأ به، به هذا لا بد من تقديره.
وَلَا يَلِي إِلا: يعني: ولا يصلح لئن يلي، أن يتبع أو يقع بعد إلا الاستثنائيه.
اخْتِيَاراً: يعني في ساعة الكلام، وأما في ضرورة الكلام كالشعر ونحوه فحينئذٍ لا بأس من أن يبتدأ بهذا النوع.
أبَدَا: يعني: دائماً وهذا ظرف زمان.
إذاً: الضمير المتصل: هو الذي لا يؤتى به في افتتاح النطق، لا يبتدأ به: أي لا يصلح أن يقع في افتتاح النطق، لا تفتح به الكلام، ولا يقع بعد إلا الاستثنائية، والمراد بالنفي هنا: ألا يستقل بنفسه ولا يقع بعد إلا الاستثنائية، إنما هو من جهة اللغة لا من جهة العقل، لغة لا عقلاً؛ لأنه يمكن أن يقال: ما أكرمت إلاك، العقل لا يمنع هذا: ما أكرمت إلاك، نقول: الكاف هنا وقعت بعد إلا اختياراً يعني: في ساعة الكلام وهذا من جهة العقل لا يمنعه بل يجوزه بل يمكن النطق به.
وأما من جهة اللغة ونقل ما ثبت عن العرب وما جاء في فصيح الكلام لا يوجد هذا النوع من الضمائر مفتتحاً به الكلام، ولا يقع بعد إلا الاستثنائية، فيحنئذٍ كل ضمير متصل لا يصح أن يقع في أول الكلام ولا يلي إلا اختياراً.
وَذُو اتِّصَالٍ مِنْهُ مَالَا يُبتَدَا
…
وَلَا يَلِي إِلَاّ اخْتِيَاراً أَبَدَا
وَلَا يَلِي إِلا: (إلا) هذا مفعول به.
وَلَا يَلِي: يعني: هو، إلا قصد لفظه، قصد لفظه صار مفعول به، يعني: هذا الضمير المتصل لا يمكن أن يقع تالياً وتابعاً لإلا الاستثنائية، فيقال في الأصل: أكرمك، ولا يقع بعد إلا بالاختيار فلا يقال: ما أكرمت إلاك، وقد جاء في الضرورة، ضرورة الشعر كما قال الشاعر:
أَعُوذُ بِرَبِّ الْعَرْشِ مِنْ فِئَةٍ بَغَتْ
…
عَلَيَّ فَمَالِي عَوْضُ إِلاّهُ نَاصِرُ
إلا هو: (إلا) تلاها ضمير متصل وهو الهاء.
فَمَالِي عَوْضُ إِلاّهُ نَاصِرُ
كذلك قوله:
ومَا عَلَيْنَا إِذَا مَاكُنْتِ جَارَتَنَا
…
ألَاّ يُجَاوِرَنَا إِلَاّكِ دَيَّارُ
إِلَاّكِ: والكاف هنا في محل نصب على الاستثناء؛ لتقدمه على المستثنى وهو ديار، حينئذ -هذا إن صحت الرواية- وإلا قيل روي:
ألَاّ يُجَاوِرَنَا سواك دَيَّارُ
أو:
ألَاّ يُجَاوِرَنَا حاشاك دَيَّارُ
على كل هذا منقول في البيت السابق وهو ثابت، وهذا البيت مشكوك فيه.
إذاً: وَذُو اتِّصَالٍ مِنْهُ مَالَا يبتدأ: يعني: لا يبتدأ به في أول الكلام لغةً لا عقلاً.
وَلَا يَلِي: يعني: لا يصلح أن يتلو أو يقع بعد إلا الاستثنائية.
اختياراً: هذا منصوب بنزع الخافض يعني: في الاختيار.
ويقصدون به -مصطلح النحاة-: هو ما يقابل الضرورة، يعني: في ضرورة الشعر قد يقدم ما حقه التأخير قد يفصل المتصل، ويصل المنفصل إلى آخره، والضرورات هذه منها ما هو قبيح ومنها ما هو جائز عندهم، ولكن المراد هنا: أن هذا النوع لا يقع الخلاف فيه على ما نقل في لسان العرب إلا في الشعر، وأما في النثر في السعة سعة الكلام والاختيار والإرادة دون ضرورة هذا ممنوع أبداً.
وذلك -الضمير المتصل الذي لا يستقل بنفسه- وذلك مثل ماذا؟ قال:
كَالْيَاء وَالْكَافِ مِنِ ابْنِي أكْرَمَكْ
ابْنِي: الياء هذه ضمير متصل لا يستقل بنفسه، لا يقع في أول الكلام، ولا يقع بعد إلا الاستثنائية.
أكْرَمَكْ: الكاف هذه ضمير متصل لا يستقل بنفسه لا يبتدأ به في أول الكلام، لا ينطق به في أول الكلام، لا يفتتح به في أول الكلام، ولا يقع بعد إلا الاستثنائية في الاختيار، أما في الشعر فهو على حسب الضرورة.
وَالْيَاءِ: كذلك.
مِنْ سَليهِ: سلي هذا فيه ضميران الياء الأولى، والثاني الهاء.
مَا مَلَكْ: الذي ملك، ليس فيه شاهد، إنما اجتمع النوعان: الياء والهاء في قوله: سليه، هذا نقول: ضمير متصل لا يستقل بنفسه ولا يفتتح به في الكلام ولا يقع بعد إلا في الاختيار وأما في الضرورة يعني ضرورة الشعر فله حكمها.
هنا قال: كَالْيَاء وَالْكَافِ، وَالْيَاءِ والهَا، عدد الأمثلة، لماذا عدد الأمثلة ويكفي مثال واحد؟! لأنه أراد أن يعرف لنا الضمير المتصل: وهو الذي لا يبتدأ به ولا يلي إلا، إذاً يكفي أن يقول: كالياء لماذا عدد الضمير؟ الظاهر -والله أعلم- أنه أشار بتعدد الأمثلة إلى أنواع الضمير الثلاثة: المتكلم، والمخاطب، والغائب، ومحالِّه الثلاثة: الرفع، والنصب، والجر، وهذا سيأتي تفصليها.
كَالْيَاء: هذا مثال للمنصوب.
وَالْكَافِ: هذا مثال للمخاطب، أكرمك في محل نصب، ضمير مخاطب منصوب.
ابْنِي: هذا ضمير متكلم مجرور.
إذاً فرق بينهما، مثّل لـ: ابني: ضمير متكلم مجرور، يعني: في محل جر.
أكرمك: الكاف هنا ضمير مخاطب منصوب يعني: في محل نصب.
والياء: من سَليهِ سلي، قومي، الياء هذه ياء المخاطبة ياء الفاعلة، فهي في محل رفع، إذاً: مثل لي: المرفوع بالياء.
والهاء (سَليهِ): في محل نصب مفعول به.
إذاً: أشار بتعدد الأمثلة لاختلاف أنواع الضمير المتصل فقد يكون ضميراً مرفوعاً في محل رفع، وقد يكون منصوباً، وقد يكون مجروراً.
وذلك كَالْيَاء: يعني: كالياء جار مجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، كالياء: قلنا مثال للمنصوب.
وَالْكَافِ مِنِ ابْنِي: يعني من قولك، لا بد من التقدير؛ لأنه أراد الجملة ولم يرد حكايتها، يعني: أراد أن يجعل هذه الجملة طبقاً للمثال الذي ذكره حينئذٍ لا نقول: قصد لفظه لا، إذا قيل قصد لفظه لم يكن فيه مثال امتنع المثال؛ لأن ابني أكرمك إذا قصد لفظه صار علماً فحينئذ صارت كلها كحروف زيد، يعني: لو صار علم، حينئذٍ نقول: لا، لا بد من التقدير من ابني يعني: من قولك: ابني أكرمك يعني: لزيدٍ مثلاً، ابني أكرمك، ابني هذا ضمير متكلم في محل جر، وأكرمك: الكاف هذا ضمير مخاطب منصوب، والياء مثال للمرفوع يعني: ضمير مخاطبة مرفوع، والهاء: للغائب.
من قولك أيضاً: سَليهِ، سلي: الياء هذه فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل نصب مفعول به.
مَا مَلَكْ: يعني: الذي ملك، سليه:(الهاء) مفعول أول، و (ما) مفعول ثاني.
مَا مَلَكْ: اسم موصول بمعنى: الذي، وملك: هذا فعل ماضي.
إذاً: أشار بهذين البيتين إلى أن النوع الأول من نوعي الضمير البارز: هو المتصل، وهو الذي لا يستقل بنفسه، لا يفتتح به النطق، ولا يقع بعد (إلا)، ثم قد يكون مرفوعاً، وقد يكون منصوباً، وقد يكون مجروراً، أي: في محل؛ لأن الضمائر مبنيات، والمبني إعرابه محلي، يعني: المانع من إظهار الإعراب هو جوهر الكلمة وليس الحرف الأخير في الكلمة كما هو الشأن في الإعراب التقديري، ثم فرق بين الإعراب التقديري، والإعراب المحلي، المحلي هذا يتعلق بالمبنيات، والجمل المحكية، والمصادر المنسبكة، ثلاث مواضع لها: المصادر المنسبكة كما سيأتينا، والجمل المحكية كما قلنا: لا حول ولا قوة إلا بالله، والذي معنا: المبنيات نقول: هذا إعراب محلي بمعنى: أن الكلمة بذاتها بجوهرها قام بها مانع ظهور الإعراب.
إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا
…
فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
قالت: فعل، حذامي هذا فاعل، وقال: هذا يطلب فاعلاً، حينئذٍ الأصل فيه أن يتسلط على لفظ حذامي، أن يتسلط عليه يعني: يرفعه ويُصَيِّر آخره مرفوعاً ورفعه ضمة، إذا قالت حذامُ مثل قالت هند.
فنقول: لما قام بالكلمة بناؤها بالسبب المقتضي للبناء، حينئذٍ صار مانعاً من إظهار ذلك الإعراب في لفظ حذامي، وانتقل إلى المحل، ولذلك نقول: قالت: فعل ماضي، وحذامي: فاعل مرفوع مبني على الكسر في محل رفع -هكذا تقول- لا بأس أن تقول: فاعل مرفوع لا ينكر، فاعل مرفوع، كل فاعل مرفوع لا شك، إما أن يكون مرفوعاً ظاهراً ملفوظاً به، وإما أن يكون مقدراً، وإما أن يكون محلاً، فإذا صرحت به في مثل هذا التركيب لا إشكال.
فاعل مرفوع مبني على الكسر في محل رفع فلا تعارض ولا تناقض بين أن يقال: مرفوع مبني على الكسر؛ لأن الرفع إنما تسلط على المحل، والكسر تسلط على اللفظ ففرق بينهما انفكت الجهة، فحينئذٍ نقول: المانع هو جوهر الكلمة، أما إذا قلت: قالت هدى، هدى نقول: فاعل ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، إذاً الكلمة نفسها قابله للإعراب، لكن قام بآخرها الذي هو محل لظهور الإعراب قام به مانع وهو: عدم قبول الحرف؛ لظهور تلك الحركات، والإعراب يكون في محلية المبني.
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: فالمضمرات كلها مبنيات حينئذٍ يكون إعرابها محلياً.
وَذُو اتِّصَالٍ مِنْهُ مَالَا يُبتَدَا
…
وَلَا يَلِي إِلَاّ اخْتِيَاراً أبَدَا
كَالْيَاءِ وَالْكَافِ مِنِ ابْنِي أَكْرَمَكْ
…
وَالْيَاءِ والهَا مِنْ سَلِيهِ مَا مَلَكْ
ومن المتصل المرفوع تاء الفاعل: قمتُ، قمتَ، قمتِ، التاء بأنواعها وأحوالها الثلاث ضماً وفتحاً وكسراً نقول بحركاتها الثلاث، هذا من المتصل المرفوع، وتوصل هذه التاء مضمومة بميم وألف للمخاطبين والمخاطبتين؛ لأنه قال: الضمير المتصل: هو الذي لا يستقل بنفسه، الأساس لو مثلاً بتاء الفاعل وهي أصل عمدة، كان أولى، فحينئذٍ نقول التاء هذه: ضربتُ، ضربتَ، ضربتِ، هذه الأصل أن تكون مضمومة إذا كان للمتكلم، مفتوحة للمخاطب، مكسورة للمخاطبة.
قد يكون المخاطب اثنين أو اثنتين حينئذٍِ يتصل بالفعل ألف الاثنين يعني حرف والميم، ولذلك قال: توصل هذه التاء مضمومة بميم وألف للمخاطبين والمخاطبتين، ضربتكما يا زيدان، ضربتكما يا هندان، التاء هذه وصلت بماذا؟ ضربتكما، الكاف، حرف خطاب، والميم، حرف عماد، والألف هذه حرف تثنية لماذا؟ لأن الأصل ضربتُك ثم تأتي بالألف هذه لا يمكن النطق بها، والألف لا يناسبها ما قبلها إلا أن يكون مفتوحاً حينئذٍ تحتاج إلى حرف تتكي عليه تعتمد عليه من أجل أن ينطق بها، فيفتح ما قبلها وينطق بها، حينئذٍ نقول: ضربتكما يا هندان، ضربتكما يا زيدان، وإنما ضمت التاء إجراءً للميم مجرى الواو؛ لتقاربهما في المخرج، وتوصل بميم ساكنة للمخاطبين، ضربتكم هذه ميم ساكنة للمخاطبين، ويجوز ضم الميم موصولة بواوٍ بل هو أكثر من التسكين إذا ولي الميم ضمير متصل، ضربتُمُوهُ، الواو هذه إشباع ليست بواو الجمع، ضربتموه، حينئذٍ نقول: وصلت هذه التاء وهي مضمومة بميم وهاء، حينئذٍ الأصل فيها أنها تاء المخاطب أو المتكلم؟ للمخاطب، لكن ضمت هنا للمناسبة، حينئذٍِ إذا قيل: بتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ، فعلتُ للمتكلم هذا ليس مطرداً، بل قد تضم للمخاطب، ضربتما، هذا الخطاب وقد تضم، إذاً لا بد من التفصيل.
بتَا فَعَلْتَ، فعلتُ تضم أصلاً في تاء الفاعل، لكنها قد تضم تاء المخاطب إذا أسند إلى حرف تثنية أو حرف جمع، ويجوز ضم الميم موصولة بواو بل هو أكثر من التسكين إذا ولي الميم ضمير متصل كضربتموه وشذ ضمها بلا وصل، وبنون مشددة للمخاطبات: ضربتهن، وأما الهاء فتضم ضربتُهُ، وقد تكسر سليهِ، تضم الهاء إلا إن وليت كسرة أو ياء ساكنة فيكسرها غير الحجازيين، غير الحجازيين يكسرونها، عليهِ عليهُ، الحجازيون يبقونها كما هي على أصلها؛ لأنها الأصل فيها أنها مضمومة قيل: هي جزء هو، عليهُ، ولذلك جاءت القراءة:((وَمَا أَنْسَانِيهُ)) [الكهف:63]، هذا الأصل، لكن الآن قد يظن الظان يقول: عليهِ كسرة، لما ضمت بـ:((وَمَا أَنْسَانِيهُ)) [الكهف:63]، نقول السؤال عكس:((أَنْسَانِيهُ)) [الكهف:63]، على الأًصل، وعليه هو الذي على؟؟؟، لما ثقل النطق بها بعد ياء ساكنة ويناسب الياء لينتقل منها من كسر -يعني: لأنها في قوة كسرتين- إلى كسر، نقول: نقلت الضمة من ضمة إلى كسرة في (عليهِ) علي: الياء هذه ساكنة، الانتقال من سكون ياءٍ أو من ياءٍ إلى كسر أخف من الانتقال من ياء إلى ضم، عليهِ عليهُ، أيهما أخف؟ حينئذٍ خففت الضمة فصارت كسرة ((عَلَيْهِ))، إذاً ((عَلَيْهِ)) ، فرع وليس بأصل، و ((عَلَيْهُ)) ، هذا هو الأصل، صارت الضمة كسرة لمناسبة الياء؛ لأن الياء عبارة عن كسرتين بقوة كسرتين، حينئذٍ ثقل الانتقال من كسر إلى ضمٍ، ولذلك فِعُل لا يوجد في اللغة، فِعُل الانتقال من كسر إلى ضم هذا ممتنع؛ للثقل، هنا كذلك ((عَلَيْهُ)) [الفاتحة:7] هذا هو الأصل، ((وَمَا أَنْسَانِيهُ)) [الكهف:63]، ((بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ)) [الفتح:10]، إذاً: على الأصل هذا لا يسأل عنه، إذاً الهاء نقول: الأصل فيها أنها تضم إلا إن وليت كسرة أو ياءً ساكنة، حينئذٍَ يكسرها غير الحجازيين، وأما الحجازيون فهم يضمونها وبها قرأ حفص:((وَمَا أَنْسَانِيهُ)) [الكهف:63]، والآية التي ذكرناها.
إذاً: كَالْيَاء وَالْكَافِ
…
وَالْيَاءِ والهَاء: هذه أمثلة للضمير المتصل، منها ما هو في محل نصب، ومنها ما هو في محل رفع وزدنا عليه تاء الفاعل.
ثم قال رحمه الله تعالى:
وَكُلُّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ
…
وَلَفْظُ مَاجُرَّ كَلَفظِ مَانُصِبْ
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: هل استفدنا معنى جديد أو حكم جديد من هذا الشطر؟
الحكم الذي دل عليه ما هو؟ الضمائر مبنية، هل هذا كـ: السماء فوقنا، والأرض تحتنا، والنار محرقة؟ مثله أم فيه شيء جديد؟
الظاهر -والله أعلم- ما فيه شيء جديد، يعتذروا لابن مالك.
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: فإن قيل هذا الحكم معلوم مما سبق كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا، أجبنا بأن ذاك الشطر دل على أن التاء ونا مبنية وهنا عمم الحكم، لكن نحن قررنا فيما سبق أنه أراد بذلك الشطر باب المضمرات.
على كلٍ:
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: قيل كان الأولى أن يقدم هذا البيت على تقسيم الضمير إلى المتصل وغيره، أو تأخيره عنه بالكلية؛ لأنه قال:
وَلَفْظُ مَاجُرَّ كَلْفظِ مَانُصِبْ
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ
ثم قال هناك:
وَذُو اتِّصَالٍ مِنْهُ مَالَا يبتدأ
إما أن يقدم حكم الضمائر قبل التقسيم وإما أن يؤخر هذا أو ذاك، أما أن تفصل بحكم الضمائر قبل إنهاء التقسيم أو تشرع فيه ثم تبين الحكم هذا خلاف الأولى، على كل المسألة قضية ترتيب.
وَكُلّ مُضْمَرٍ: متصلاً كان أو منفصلاً، مع أنه قدم حكم المتصل يعني: عرَّفه لنا وبين أقسامه ثم ذكر الحكم ثم قال: وَلَفْظُ مَاجُرَّ.
وَكُلّ مُضْمَرٍ: متصلاً كان أو منفصلاً.
لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: (له) جار ومجرور متعلق بقوله: يَجِبْ –باتفاق- أي: يلزم، وقيل: لا يلزم من الوجوب الحصول بالفعل، يعني: كما سبق معنا: وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا.
قالوا هنا: لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: يعني وجب ولزم، لكن لا يلزم أن يكون بالفعل، قد يقال بأنه علم مما سبق في قوله: كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا.
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: أي: يلزم، والوجوب هنا ليس وجوباً شرعياً، وإنما هو وجوب اصطلاحي وهذا الواجب ويندب والأولى إلى آخره قد يستعملها أرباب العلوم والفنون غير الشرعية، ومرادهم الأشياء التي يتفقون عليها، ولا يجوز العدول عنها، ولو فعلها لا يأثم؛ لأنه واجب اصطلاحي كما يقولون في المقدمات: يجب أن يأتي بأربعة أشياء اصطلاحاً: البسملة، والحمدلة، والتشهد، والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، لو تركها كلها في غير صلاة الجمعة مثلاً قلنا ما يلزمه شيء؛ لأنها ليست بواجبة، -المثال ليس في هذا المثال فيما لو ألّف وكتب- حينئذ لو تركها عمداً لا إثم عليه؛ لأنه خالف ما هو واجب اصطلاحاً عندهم يعاتب يقال: لم ترك كذا، ولو قال كذا، وكل من شرح لا بد أنه يوجد بعض المآخذ عليه، لكن لو أراد أن يكف عن عرضه لأتى بمثل هذه المسألة.
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: (كل) هذا مبتدأ أول، وهو مضاف و (مضمر) مضاف إليه، (له) جار ومجرور متعلق بقوله: يجب، (البناء) مبتدأ ثاني و (يجب) خبره والمبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر مبتدأ الأول.
السبب في بناء المضمرات، كما سبق هذا هو المشهور وهو أمر مختلف فيه كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ: أن الأصل في وضع الحرف أن يكون على حرف أو حرفين –هذا الأصل فيه_ فإذا وجد في الأسماء ما هو على صورة الحرف الواحد كـ: باء الجر أو حرفين مطلقاً ولو لم يكن الثاني حرف لين خلافاً للشاطبي والصواب أنه على جهة الإطلاق –لم- بل- قد- هذه ليست ثانيها حرف لين، فالتقييد بحرف لين هذا من باب التحكم، هذا هو المشهور؛ أنها للشبه الوضعي.
ولكن في التسهيل ذكر أربعة أسباب، -وذكرنا أيضاً فيما سبق أنه قد يجتمع في المبني الواحد عدة أسباب ولكن يشتهر واحد منها فيعبر به عنها ويسكت عن الباقي- ذكر في التسهيل ببنائها أربعة أسباب: أولاً: مشابهة الحرف في الوضع؛ لأن أكثر هذه الضمائر على حرف أو حرفين، وحمل الباقي على الأكثر؛ لأنه إذا قيل ضربت ضربنا على حرف وعلى حرفين، ولم بني؟ قال: حمل الأقل على الأكثر؛ طرداً للباب على وتيرة واحدة، لئلا يفصل فيقال: المبنيات منها ما معرب ومنها ما هو مبني، هذا لوجود الشبه وهذا للانتفاء، ويمكن أن يقال بأنه: إذا كان ثم عدة أسباب قد يوجد في بعضها سبب، ويوجد في بعضها الآخر سبب وموجب آخر، لو قالوا بهذا أولى من أن يقال بأنه طرداً للباب.
إذاً: السبب الأول وهو المشهور وهو الذي قدمه الناظم كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا، مشابهة الحرف في الوضع؛ لأن أكثرها على حرف أو حرفين وحمل الباقي على الأكثر.
الثاني: مشابهته في الافتقار؛ لأن المضمر لا تتم دلالته على مسماه إلا بضميمة من مشاهدة أو غيرها.
ضربته: -فقط- هذا لا يفهم منه المراد، ضربته لا بد أن يأتي بمرجع الضمير، لذلك الغائب لا بد أن يتقدم عليه ما يفسره لفظاً أو حكماً أو معنىً؛ هذه تركناها عمداً؛ لأنها ستأتي معنا في الفاعل، لا بد أن يتقدم عليه ما يفسره لفظاً: زيد ضربته، لو قال: ضربته فحسب هكذا، هل تعرف من الذي وقع عليه الضرب؟ الجواب: لا، إذاً: لا بد من مفسر، وهذا المفسر لا بد أن يتقدم، لا يعود الضمير على متأخرٍ إلا فيما استثني من المسائل الست، حينئذٍ نقول: زيد ضربته، هنا تقدم المفسر على الضمير لفظاً؛ لفظاً، لأنك لفظت به، معنىً يقصدون به إذا عاد الضمير على أحد جزئي الفعل:((اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)) [المائدة:8]، اعْدِلُوا هُوَ: هُوَ نقول: الضمير من علامات الأسماء، إذا رجع إلى كلمة دل على أنها اسم، هذه قاعدة مطردة، وبذلك استدللنا على أن: أل الموصولة اسم، ومهما ((مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ)) الضمير يعود على مهما؛ عرفنا أن مهما هذه اسم وليست بحرف خلاف لمن قال بحرفيتها.
حينئذٍ نقول: ((اعْدِلُوا)) [المائدة:8]، هذه جملة فعلية فعل وفاعل، ((هُو)) [البقرة:15]، أي: العدل، إذاً رجع الضمير إلى أحد جزئي الفعل، هل مرجع الضمير هنا ملفوظ به؟ العدل هل هو ملفوظ به أو مفهوم معنى؟ مفهوم معنى؛ إذاً عاد الضمير ومرجع الضمير على شيء مفهوم.
أما الحكم: فهذا يعنون به المسائل الست الذي تأتي معنا في باب الفاعل بإذن الله وهي: عود الضمير على متأخرٍ: ربه فتية، هنا الضمير الأصل فيه -في لسان العرب- أن يعود على متقدم، لكن لما عاد على متأخرٍ؛ لسببٍ يأتي في محله، حينئذٍ قيل رجع إليه حكماً.
إذاً هو مفتقر إلى ما يفسره، لا بد من شيء يفسره، إما لفظي وإما حكمي وإما معنوي.
السبب الثالث الذي ذكره في التسهيل: مشابهته له في الجمود، يعني: أشبه الضمير الحرف في الجمود فلا يتصرف في لفظه بوجه من الوجوه، حتى بالتصغير ولا بأن يوصف أو يوصف به، وهو الذي ذكره ابن عقيل هنا قال: المضمرات كلها مبنية لشبهها بالحروف في الجمود ولذلك لا تصغر ولا تثنى ولا تجمع، وهذا خالف ما ذكره السبب السابق كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا.
الرابع: الاستغناء عن الإعراب باختلاف صيغه لاختلاف معانيه يعني: الضمائر تختلف معانيها، قد يكون الضمير لا يكون إلا في محل رفع، وقد يكون لا يأتي إلا في محل جر أو نصب، حينئذٍ اكتُفي بصيغته التي ينطق بها -من كافٍ أو تاءٍ أو نحوِ ذلك- اكتُفي بها عن أن يكون له شيء من الإعراب الظاهر، الاستغناء: ضمائر استغنت عن الإعراب، استغنت عن الإعراب باختلاف صيغه لاختلاف معانيه، فالصيغة هي التي تدل على أنه في محل رفع أو في محل نصب أو في محل جر.
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ
انتهى كلامه إلى هنا.
ثم قال:
وَلَفْظُ مَاجُرَّ كَلِفظِ مَانُصِبْ
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ وَجَرٍّ نَا صَلَحْ
…
............................................
…
كَاعْرِفْ بِنَا فَإنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
وَأَلِفٌ وَالوَاوُ وَالنُّونُ لِمَا
…
غاَبَ وَغَيْرِهِ كَقَامَا واعْلَمَا
أراد بهذه الأبيات أن يقسم لنا الضمير المتصل،- لا زال الحديث في الضمير المتصل- ولكن فصل بينه وبين ما سبق بقوله: وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ
ولذلك أعله الصبان بقوله: لو قدمه أو أخره وهذا صحيح.
وَلَفْظُ مَاجُرَّ كَلْفظِ مَانُصِبْ.
قلنا: أراد تقسيم الضمير المتصل بحسب مواقع الإعراب إلى ثلاثة أقسام نذكرها ثم نأتي للأبيات.
ينقسم الضمير المتصل بحسب مواقع الإعراب إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يختص بمحل الرفع، يعني: لا يأتي في محل نصب ولا في محل جر.
هل يأتي في محل جزم؟ لا لأنه اسم والجزم ليس له مدخل في الاسم.
ما يختص بمحل الرفع وهو خمسة ضمائر:
التاء: كـ: قمت، وهذا مختص بالرفع، إذا رأيت التاء قمت تعرف أنها فاعل بالصيغة نفسها.
الثاني الألف: كـ: قام.
الثالث الواو: كـ: قاموا.
الرابع النون: كـ: قمن.
وهذه أشار إليها بقوله: وَأَلِفٌ وَالوَاوُ وَالنُّونُ
ذكر ثلاثة وبقي عليه اثنان وهما: التاء وياء المخاطبة كـ: قومي، هذه خمسة، الثلاثة التي ذكرها الناظم:
وَأَلِفٌ: ألف الاثنين: كـ: قاما.
وَالوَاوُ: كـ: قوموا.
وَالنُّونُ: كـ: قمن-نون النسوة-.
بقي عليه اثنان: التاء كـ: قمت.
وياء المخاطبة كـ: قومي.
هذه خمسة مختصة بمحل الرفع.
الثاني: ما هو مشترك بين محل النصب والجر، وهو الذي أشار إليه بقوله:
وَلَفْظُ مَاجُرَّ كَلْفظِ مَانُصِبْ
اشترك بينهما، يأتي في محل نصب تارة، ويأتي في محل جر تارة أخرى، وهو ثلاثة يعني: لا يأتي في محل رفع، ما هو مشترك بين محل النصب والجر فقط وهو ثلاثة:
ياء المتكلم: ((رَبِّي أَكْرَمَنِ)) [الفجر:15]، رَبِّي: الياء هذه ياء متكلم، اسم أم حرف؟ اسم باتفاق إلا أحد الدكاترة يقول حرف، لا خلاف بين أهل النحو أنها اسم ضمير، وبعض الدكاترة يقول حرف.
((رَبِّي أَكْرَمَنِ))
((رَبِي)) رَب: مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، رب مضاف، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه، إذاً الياء هذه في محل جر مضاف إليه.
((رَبِّي أَكْرَمَنِ)) [الفجر:15]، أكرم: فعل ماضي مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والنون للوقاية، والياء في محل نصب، أكرمني –أنا- وقع عليه الإكرام إذاً الياء جاءت في محل جر وجاءت في محل نصب ليس في وقت واحد وإنما في محلين، وكاف الخطاب، هذه تأتي في محل نصب أو في محل جر.
((مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)) [الضحى:3]، ((وَدَّعَكَ)) [الضحى:3]: ودّع فعل ماضي، والفاعل أنت، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
((مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ)) [الضحى:3]، رَبُّكَ: رب فاعل وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
إذاً: الكاف جاءت في محل نصب وجاءت في محل جر.
وهاء الغائب نحو: ((قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ)) [الكهف:37]، ((قَالَ لَهُ))، في محل جر، (له) على الأصل، الهاء ضمير مبني على الضم في محل جر واللام مفتوحة هنا -هي لام الجر- لكن تفتح إذا سبقت الهاء.
((صَاحِبُهُ))،في محل جر أيضاً، لكن الأول جر بحرف الجر، والثاني بالمضاف.
((وَهُوَ يُحَاوِرُهُ))، يحاورُ: فعل مضارع، والفاعل هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
إذاً ما هو مشترك بين محل النصب والجر ثلاثة:
الياء ياء المتكلم، وكاف الخطاب، وهاء الغائب.
الثالث والأخير: ما هو مشترك بين الثلاثة وهو نا خاصة، ولذلك قال:
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ وَجَرٍّ نَا صَلَحْ
…
كَاعْرِفْ بِنَا فَإنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
((رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا)) [آل عمران:193]((رَبَّنَا)) ربَّ: منادى منصوب حذفت ياء النداء؟؟؟
وحذف ياء يجوز في النداء
((إِنَّنَا))، إنَّ: حرف توكيد ونصب، نا: اسمها في محل نصب.
((إِنَّنَا سَمِعْنَا)): سمع: فعل ماضي، ونا ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع، ((رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا))، ربنا: منادى منصوب حذفت ياء النداء.
وحَذفُ يَا يجوزُ في النّدَاءِ
…
كقولِهم ربِّ استجِبْ دُعائي
وهذا كثير في القرآن، إذاً: قسَّم لنا الضمير المتصل بحسب مواقع الإعراب إلى ثلاثة أقسام، وأشار إلى الأول بقوله: وَلَفْظُ مَاجُرَّ كَلْفظِ مَانُصِبْ
وَلَفْظُ مَاجُرَّ: من الضمائر المتصلة.
كَلْفظِ مَانُصِبْ: -منها يعني- ولو مع اختلاف الحركة نحو: به وضربته، بهن هذا مجرور وضربته، هذا منصوب، اللفظ واحد؛ لأنه يتكلم عن اللفظ.
وَلَفْظُ مَاجُرَّ: يعني لفظ الذي جر من الضمائر المتصلة كلفظ، طيب اللفظ واللفظ قد تختلف الحركة هل لها اعتبار أو لا؟ ليس لها اعتبار، المقصود أنه هاء وهاء، كاف وكاف مثلاً، وأما الحركة فليس لها اعتبار، ولذلك نقول:
وَلَفْظُ مَاجُرَّ: الإضافة هنا؛ للبيان يعني: بيانية، والمراد: الجر محلاً، والنصب محلاً، فلا يرد أن المضمرات واجبة البناء، والجر والنصب والرفع أنواع للإعراب، يعني: يتساهلون في مثل هذا الموضع فيقال: مرفوع، مراد به في محل رفع، منصوب مراد به في محل نصب،. ولذلك قال: وَلَفْظُ مَاجُرَّ، هو لا يجر في اللفظ وإنما يجر محلاً، حينئذٍ لا اعتراض على المصنف.
وَلَفْظُ مَاجُرَّ من الضمائر المتصلة كَلْفظِ مَانُصِبْ منها ولو مع اختلاف الحركة نحو به وضربته، وذلك ثلاثة ألفاظ: ياء المتكلم، وكاف الخطاب، وهاء الغائب، كما ذكرناه سابقاً.
فما يشترك فيه الجر والنصب كل ضمير نصب أو جر متصل، نحو أكرمتك، أو مررت بك.
أكرمتك، أكرمت فعل وفعال، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
ومررت بك: مررت فعل وفاعل، بك، الباء حرف جر والكاف ضمير في محل جر.
وإنه وله: الهاء في محل نصب، وله في محل جر، فالكاف في: أكرمتك في موضع نصب، وفي: بك في موضع جر، والهاء في إنه في: موضع نصب، وفي له فيك موضع جر، هذا النوع الأول.
وَلَفْظُ مَاجُرَّ: وَلَفْظُ الذي جر، لفظ: هذا مبتدأ وهو مضاف وما مضاف إليه، وجر صلة موصول.
كَلْفظِ مثل لفظ، (ما) الذي نصب، كائنٌ كلفظ يعني خبر للمبتدأ، هذا أحسن.
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ وَجَرٍّ نَا صَلَحْ
…
كَاعْرِفْ بِنَا فَإنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ وَجَرٍّ: جرٍ، ما قال: والجرِّ، هنا عطف النكرة على المعرفة، فدل على أنها جائزة، كما أنه قد يعطف المعرفة على النكرة، عطف نكرة على معرفة فدل على أنه جائز عنده -عند الناظم رحمه الله؛ لأنه قال: لِلرَّفْعِ، هذا جار ومجرور متعلق بقوله: صلح، وَالنَّصبِ هذا معطوف على الرفع، وهو من عطف معرفة على معرفة.
وَجَرٍّ: بالكسر بالتنوين وليس وجرنا لا، وَجَرٍّ نَا، جر ٍهذا معطوف على الرفع لا تقل على النصب لماذا؟ لأن العطف بالواو يكون على الأول، قاعدة: إذا عطفت بالواو أو أو يكون على الأول، جاء زيد وعمرو وخالد وبكر وحمزة، حمزة هذا معطوف على الأول زيد ولو ذكرت عشرة؛ لأن الواو لمطلق الجمع فحسب، وكذلك أو.
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ وَجَرٍّ نَا صَلَحْ: نا الظاهر أنه مبتدأ قد قصد لفظه.
صَلَحْ: صَلَحَ صَلُحَ: يجوز فيه الوجهان، بفتح اللام وضمها، والفتح أوفق هنا؛ من أجل القافية فحسب؛ لعدم اختلاف ما قبل الروي عليه صَلَحَ: نقول: الجملة من صلَح وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ.
نَا صَلَحَ، نا صلُح، (نا) مبتدأ وصلَح أو صلُح خبره لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ: هذا كله تابع ومتعلق بصلح.
إذاً: نا يأتي في محل رفع ويأتي في محل نصب ويأتي في محل جر، ولا يشاركه غيره البتة -خاص منفرد لوحده- نا لا يأتي منصوباً مجروراً مرفوعاً إلا نا في محل.
كَاعْرِفْ بِنَا فَإنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
كَاعْرِفْ بِنَا، كَاعْرِفْ يعني اعترف بقدرنا.
بِنَا: الباء حرف جر، ونَا: هذا مثال للمجرور، يعني: الباء حرف جر، ونَا اسم مجرور بالباء مبني على السكون في محل جر.
كَاعْرِفْ بِنَا: هذا للجر.
فَإنَّنَا في محل نصب، والرفع نِلْنَا، بعضهم يدغم النون.
واحرِصْ عَلَى السُّكونِ في جَعلنَا، ((وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا)) [النبأ:10]، ((وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)) [النبأ:11].
نِلْنَا إذاً اللام هذه ساكنة أصلها نال.
الْمِنَحْ: جمع منحة بالكسر وهي العطية.
بِنَا فَإنَّنَا نِلْنَا: أولاً ذكر الرفع ثم النصب ثم الجر ثم عكس في المثال، مثّل للجر أولاً، ثم للذي قبله –للنصب-، ثم للذي بدأ به وهو الرفع، هذا يسمى لف ونشر غير مرتب –مشوش-.
ومما يستعمل للرفع والنصب والجر: الياء، هكذا قال ابن عقيل لكنه مردود، مما يستعمل للرفع والنصب والجر، يعني: يشارك (نا) في كونه يقع في المحال الثلاث الياء، فمثال الرفع: اضربي، ومثال النصب نحو: أكرمني، ومثال الجر نحو: مر بي، لكن هذا سيأتي أنها لا تشبه نا.
وذُكر كذلك (هم) أنها تأتي في المحال الثلاثة رفعاً ونصباً وجراً، وهو باطل، فمثال الرفع: هم قائمون، ومثال النصب: أكرمتهم، ومثال الجر: لهم. وإنما لم يذكر المصنف الياء، وهم؛ لأنهما لا يشبهان (نا) من كل وجه؛ لأن (نا) تكون للرفع والنصب والجر والمعنى واحد، ولذلك نقيد (نا) أنها تكون مشتركة بين المحال الثلاث مع اتحاد المعنى والاتصال لا يشاركها غيرها البتة، لا بد أن يتحد المعنى، المعنى واحد ثم هي ضمير متصل.
(الياء وهم) لا يشبهان (نا) من كل وجه؛ لأن (نا) تكون للرفع والنصب والجر والمعنى واحد وهو ضمير متصل، -وهذا الذي معنا هذا الذي نريد: أن تكون ضميراً متصلاً ومع هذا أن لا يختلف المعنى، هذا لا يوجد إلا في (نا) - في الأحوال الثلاثة بخلاف الياء فإنها وإن استعمل للرفع والنصب والجر وكانت ضميراً متصلاً في الأحوال الثلاثة لم تكن بمعنى واحداً في الأحوال الثلاثة؛ لأنها في حالة الرفع، للمخاطبة، وفي حالتي النصب والجر للمتكلم نحو لي وإني، إذا فرق بينهما من جهة المعنى، وإن كانت ضميراً متصلاً في الأحوال الثلاثة؛ لأنها ياء لا تنفك لا يستقل بنفسه إلا أن المعنى مختلف، في حالة الرفع: نحو اضربي هي، ضمير متصل مثل: نا، لكن المعنى هنا يخالف لي وإني؛ لأننا لو أردنا مثالاً للياء:((رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا)) [آل عمران:193]، في الجميع هي متصلة، وفي الجميع هي بمعنىً واحد، اضربي لي إني نقول: لا هنا يختلف، اضربي هذا للمخاطبة، إني، لي هذا للمتكلم، كذلك هم؛ لأنها وإن كانت بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة، فليست مثل نا؛ لأنها في حالة الرفع ضمير منفصل:{هم القوم لا يشقى بهم} ، هم نقول: هذا ضمير منفصل، وفي حالتي النصب والجر ضمير متصل: مررت بهم، وضربتهم، وهذا غلامهم، هذا ضمير متصل.
إذاً: فرق بين الياء وهم ونا، نا نقول مشترِكة بين الثلاث مع اتحاد المعنى والاتصال، وأما الياء فهي متصلة في الأحوال الثلاث إلا المعنى اختلف بين حالتي الرفع والنصب والجر، وهم كذلك في حالة الرفع ضمير منفصل، وفي حالتي النصب والجر هي ضمير متصل، ففرق بين نا وهذين النوعين.
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ وَجَرٍّ نَا صَلَحْ
…
كَاعْرِفْ بِنَا فَإنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
وَأَلِفٌ وَالوَاوُ وَالنُّونُ لِمَا
…
غاَبَ وَغَيْرِهِ كَقَامَا واعْلَمَا
هذا أراد به أن يبين ما اختص بالرفع فقلنا: هو خمسة:
الألف: قُوْمَا.
والواو: قوموا.
والنون: قمن.
بقي اثنان:
ياء المخاطبة: اضربي.
وتاء الفاعل.
خمسة احفظها!
وَأَلِفٌ: أي مسمى ألف ليست الألف نفسها وإنما المراد مسمى الألف.
وَأَلِفٌ كـ: قوما، -سيمثل له- والواو، أي: مسمى الواو، والنون، ضمائر رفع بارزة إذا اتصلت بالأفعال، هذه الثلاثة ضمائر رفع بارزة، ضمائر رفع؛ لأنها لا تقع إلا في محل رفع وهذا اختصاص بها، بارزة؛ لأنه يصدق عليها أن لها صورة في اللفظ وهذا واضح، إذا اتصلت بالأفعال، احترازاً مما إذا اتصلت بنحو: الضاربان والضاربون، حينئذٍ هي حرف والضمير مستتر، الضمير ليس بارزاً وإنما هو ما يقابله وهو مستتر.
الزيدان الضاربان عمروً.
أو جاء الضاربان عمروً،
الضاربان نقول: هذا فيه ألف الاثنين لكنه حرف، لأنه اتصل باسم ولم يتصل بفعل على اللغة المشهورة خلاف لغة أكلوني البراغيث.
كذلك جاء الضاربون زيداً.
الضاربون نقول: الواو هنا حرف دالٌ على الجمعية وليس هو بضمير؛ لأن الضمير إنما يتصل بعامله وهو الفعل، قاموا نقول: الواو هنا ضمير، وأما الضاربون: الواو هذه علامة إعراب وليست بضمير، بل هي علامة إعراب.
والفاعل في الضارب – ضاربان- والضاربون نقول: هذا مستتر وجوباً.
لِمَا، وألف: وما عطف عليه مبتدأ، لِمَا هذه كائنة لِمَا خبر، متعلق بمحذوف، لِمَا يعني: للذي غاب وغيره، يعني: يستعمل في شأن من؟ للغائب والمتكلم والحاضر، أو فيه تفصيل؟
لِمَا غاَبَ، للغائب، الزيدان قاما، الزيدون قاموا، النسوة قمن، هذا كله غائب.
وَغَيْرِهِ ما المراد بالغير هنا؟ أوردوا عليه أنه يشمل المخاطب والمتكلم لكنه أراد به المخاطب، إنما تكون للغائب والمخاطب.
وهنا قال: الألف والواو والنون من ضمائر رفع المتصلة وتكون للغائب وللمخاطب، فمثال الغائب: الزيدان قاما، والزيدون قاموا، والهندات قمن.
ومثال المخاطب: اعلما، واعلموا، واعلمن.
ويدخل تحت قول المصنف: وَغَيْرِهِ، المخاطب والمتكلم وليس هذا بدليل، يعني: المتكلم بوارد معنا وإنما هو الغائب والمخاطب، ولا يقال بأنه يدخل ولم يدفع هذا الوهم بل دفعه بالمثال؛ لأنه باستقراء الألفية من أولها إلى آخرها المصنف رحمه الله تعالى يعطي الأحكام بالأمثلة.
وحينئذٍ قوله: كَقَامَا هذا مثال؛ لدفع التوهم الذي يمكن أن يدخل تحت قوله غيره، كأنه قال: غاب ومخاطبٍ، لما غاب ومخاطبٍ، أما المتكلم فليس بوارد، وإن كان اللفظ من حيث هو لو لم يأتي بمثال لسلم الاعتراض عليه، سلم الاعتراض عليه، وقيل هذا يحتمل، حينئذٍ عمم والحكم خاص، والصواب: أنه مثل بمثال يدل على أن مراده بـ: غَيْرِهِ، المخاطب.
ويدخل تحت قول المصنف: وَغَيْرِهِ، المخاطب والمتكلم، وليس هذا بجيد؛ لأن هذه الثلاثة لا تكون للمتكلم أصلاً بل إنما تكون للغائب أو المخاطب نقول: وقد دفع الناظم رحمه الله هذا التوهم بالمثال إذ قال: كَقَامَا واعْلَمَا، فمثّل للأول: بقاما وبين مراده بغيره نحو: واعلما.
وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مَايَسْتَتِرُ
…
كافْعَلْ أُوَافِقْ نَغْتَبِطْ إِذْ تَشْكُرُ
وهذا على المشهور بفتح الكاف.
وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مَايَسْتَتِرُ
…
كَافْعَلْ أُوَافِقْ نَغْتَبِطْ إِذْ تَشْكُرُ
الضمير المنفصل، عرفنا أن الضمير البارز نوعان: متصل ومنفصل.
الضمير المتصل نوعان: وهو بارز: وهو ما له وجود في اللفظ.
قلنا: الضمير ينقسم إلى بارز ومستتر، والبارز ينقسم إلى متصل ومنفصل، والضمير المتصل نوعان، هذا شروع في النوع الثاني من نوعي الضمير وهو: المستتر، لكن قبل ذلك نقول: الضمير المتصل نوعان: بارز: وهو ما له وجود في اللفظ ولو بالقوة، بارز: وهو ما له وجود في اللفظ يعني: له صورة ينطق به ولو بالقوة؛ ليدخل الضمير المحذوف؛ لأن الضمائر إما أن يكون مذكوراً وإما أن يكون محذوفاً وإما أن يكون مستتراً، والقسمة ثنائية.
المحذوف نجعله في البارز؛ لأنه في قوة الملفوظ؟؟؟، كما ذكرنا الصوت هناك، أدخلنا الضمائر المستترة، حينئذٍ نقول –هنا-: المحذوف في قوة الملفوظ، في قوة الذي له صورة وينطق به؛ لأنه إذا حذف حينئذٍ نقول: هل يمكن أن ينطق به أو لا؟ يمكن، وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ، زيداً ضربت ضربته الأصل نويت أنه ضربته فحذفتُ الضمير نقول: هذا محذوف؛ هل هو مستتر؟ لا ليس مستتراً لماذا؟ لأني لو أردت أن أنطق به لأمكنني ذلك حينئذٍ أقول: ضربته، رددته إلى أصله، إذاً البارز له وجود في اللفظ ولو بالقوة، فيدخل الضمير المحذوف فإن له وجوداً في اللفظ بالقوة؛ لإمكان النطق به بخلاف المستتر، الذي يريد المصنف الآن أن يبينه، مستتراً من الاستتار وهو الخفاء والاختفاء، اختفاء ولذلك قيل الضمير الأصل في إطلاقه أنه على المستتر هذا الأصل، وأما إطلاقه على البارز الذي له صورة هذا من باب التوسع فحسب وإلا الأصل ليس له، لما نقول: أنا، هذا الضمير، ضمير مأخوذ من الضمور أو من الخفاء هذا ليس بخفي: أنا، ونحن، وأنت، هذا ليس بخفي، إنما الخفي: قم هذا الذي اختفى حينئذٍ نسميه ضميراً مستتراً، بخلاف المستتر فإنه لا وجود له في اللفظ لا بالفعل ولا بالقوة؛ لعدم إمكان النطق به بل هو أمر عقلي.
ومستتر: وهو ما ليس كذلك وهو نوعان: الضمير المتصل نوعان: بارز، ومستتر.
والمستتر نوعان: مستتر وجوباً، ومستتر جوازاً.
وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مَايَسْتَتِرُ
…
كَافْعَلْ أُوَافِقْ نَغْتَبِطْ إِذْ تَشْكُرُ
وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ (مَا): الذي يستتر من ضمير الرفع أو من بعض ضمير الرفع ما يستتر، يجوز فيه الوجهان.
مِنْ ضَمِيرِ: جار ومجرور، متعلق بمحذوف خبر مقدم.
وَضَمِيرِ: مضاف، والرفع مضاف إليه.
وَمَا: اسم موصول مبتدأ مؤخر مبني على السكون في محل رفع.
مَايَسْتَتِر: فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً وتقديره يعود إلى ما والجملة لا محل لها صلة ما.
وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مَايَسْتَتِرُ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
…