الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال العراقي -رحمه الله تعالى-:
المعلل:
وسم ما بعلة مشمول
…
معللا ولا تقل: معلول
وهي عبارة عن أسباب طرت
…
فيها غموض وخفاء أثرت
تدرك بالخلاف والتفرد
…
مع قرائن تضم يهتدي
جهبذها إلى اطلاعه على
…
تصويب إرسال لما قد وصلا
أو وقف ما يرفع، أو متن دخل
…
في غيره، أو وهم واهم حصل
ظن فأمضى، أو وقف فأحجما
…
مع كونه ظاهره أن سلما
وهي تجيء غالبا في السند
…
تقدح في المتن بقطع مسند
أو وقف مرفوع، وقد لا تقدح
…
: كـ ((البيعان بالخيار)) صرحوا
بوهم يعلى بن عبيد أبدلا
…
عمراً بعبد الله حين نقلا
وعلة المتن كنفي البسملة
…
إذ ظن راو نفيها فنقله
وصح أن أنساً يقول: لا
…
أحفظ شيئا فيه حين سئلا
وكثر التعليل بالإرسال
…
للوصل إن يقوَ على اتصال
وقد يعلون بكل قدح
…
فسق، وغفلة، ونوع جرح
ومنهم من يطلق اسم العلة
…
لغير قادح كوصل ثقة
يقول: معلول صحيح كالذي
…
يقول: صح مع شذوذ احتذي
والنسخ سمى الترمذي عله
…
فإن يرد في عمل فاجنح له
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "وهي" يعني العلة الخفية "تجيء غالباً في السند" يعني موضع العلة الغالب فيها أنها تكون في سند الحديث، وقد تجيء في متنه، وقد تجيء في السند والمتن معاً، وهي يعني العلة الخفية غالباً في السند، وقليلاً في المتن، فالأحاديث المعلة متونها أقل بكثير من الأحاديث التي أعلت في أسانيدها.
فالتي في السند إذا كانت العلة في السند كما هو الغالب، العلل تقدح في المتن، تقدح في قبول المتن؛ لأن المتن يتبع السند، والتي في المتن إذا كانت العلة تقدح في السند، العلة الغالبة في السند، العلة الخفية وجودها في سند الحديث، لا بد أن يكون لها أثر في متنه، وإذا كانت في متنه فقد تؤثر في السند، وقد لا تؤثر؛ إلا أن ضعف المروي عموماً يؤثر في الراوي، كما أن ضعف الراوي يؤثر في المروي، إذا كان الخبر لم يرو إلا من طريق واحدة، أما إذا كانت له طرق فلا تلازم بين ضعف السند وضعف المتن، لا تلازم بين ضعف السند وضعف المتن، فقد يضعف السند، ويصح المتن لوروده من طرق أخرى، يضعف السند، ويصح المتن لوروده من طرق أخرى، وقد يضعف المتن والرواة ثقات حفاظ لا سيما إذا لم يكثر مثل هذا الضعف في متون أحاديثهم ومروياتهم؛ لأن الخطأ من الراوي القليل النادر لا يؤثر فيه، فلا تلازم كما قال أهل العلم بين السند والمتن من هذه الحيثية، من هذه الحيثية، وإلا فالأصل التلازم والترابط؛ هذا الأصل، لكن من هذه الحيثية بحيث يروى الخبر من طرق أخرى يصح بها، ولو ضعفت رواته في بعض الأسانيد، وهي تجيء غالباً، يعني العلة تجيء غالباً في السند، وقليلاً في المتن، فالتي في السند "تقدح في المتن" تقدح في قبول المتن "بقطع مسند" يعني مسند متصل "أو وقف مرفوع" بقطع مسند، بقطع سند متصل، فالمسند هنا يراد به السند المتصل، وقد يراد به المرفوع، فالمسند –أحياناً- يقابل به الموقوف، لكن هنا يراد به السند بدليل القطع، فالقطع إنما يكون في الأسانيد "أو وقف مرفوع" وغير ذلك من موانع القبول، هذه العلة الخفية التي لم يطلع عليها إلا الواحد من الجموع تقدح في المسند الذي ظاهره الاتصال، ظاهره الاتصال، وكم من سند يحكم عليه بعض أهل العلم بالاتصال، ويحكم عليه بعض الجهابذة الحفاظ بالانقطاع، وأن الراوي الملازم الحافظ الضابط الملازم لهذا الشيخ لم يسمعه من هذا الشيخ؛ يعني من يشك في رواية نافع عن ابن عمر؟ نعم، ما يشك فيها، فإذا جاءنا في سند مالك عن نافع عن ابن عمر لا نتردد في قبوله، لكن قد يقول بعض الحفاظ إن نافعاً لم يسمع هذا الحديث من ابن عمر، فهذه علة خفية قدحت في
هذا المسند الظاهر إسناده واتصاله.
أو وقف مرفوع، أو وقف مرفوع، ذكرنا مثال في المرفوع المخرج في صحيح البخاري، وهو حديث ابن عمر الذي يرويه عن النبي عليه الصلاة والسلام: أنه يرفع يديه إذا قام من الركعتين، وحكم الإمام أحمد بوقفه، من يجرؤ أن يحكم بوقفه مع أنه مرفوع في صحيح البخاري؟ يعني الإمام أحمد، إمام بلا إشكال ولا منازع، وله أن يحكم بمثل هذا الحكم، وهذا الذي ترجح عنده بالقرائن، وقد يكون ترجيحه عند الإمام أحمد بعلة لا يستطيع التعبير عنها؛ لأن هذه العلل الخفية صرح جمع من الأئمة أن بعضها لا يستطاع أن يعلل، أحكام لا يستطاع أن تعلل، فالذي في نفسه شيء كما يدور بين المثقفين والمتعلمين في هذه الأوقات؛ أنه لا يمكن أن يقتنع بشيء حتى يراه كالشمس، حتى يراه كالشمس، لا يمكن أن يقتنع، مناظرة، مجادلة، محاورة؛ لا يقتنع إلا كالشمس، فأين هو من هذا الباب؟ الذي يأتي إلى الإمام، ويقول لك: الحديث صحيح، أو يقول: الحديث ضعيف؛ طيب ما الدليل على أنه ضعيف؟ قال: لا؛ هكذا الحكم، وثبت هذا عن الأئمة أن هناك أحكاماً لا يستطاع تعليلها، طيب كيف نقلد إمام ما أبدى لنا وجه لتضعيفه؟ يقول: اذهب إلى فلان، واسأله عن الحديث؛ يسأله عن الحديث يقول: ضعيف فيه علة، ما هذه العلة؟ الله أعلم، ويذهب إلى ثالث، ويقول له مثل هذا الكلام، ويتواطئون على مثل هذا الكلام؛ لكن التعليل الله أعلم، ولذا هذا الباب وهذا النوع من أنواع علوم الحديث أشبه ما يكون بالإلهام، وليس في مثل هذا الكلام فتح لباب دعاوى الإلهام؛ لأن من الناس من يسهل عليه بأن يحكم، ويصحح، ويضعف، ويقول: هذا إلهام، لكن متى يصل إلى هذه المنزلة؟ هل بالإمكان أن طالب علم مبتدئ، أو متوسط يصل إلى هذه المرحلة، ويقول: إلهام؛ يدعي أنه يوحى إليه، وهذا مهيع واسع، ومضيعة حصلت لبعض المنتسبين إلى العلم ممن فيه رائحة تصوف؛ تجده يقول: ألقي علي، أو ألقي في روعي، أو جاءني في المنام من يقول: الحديث صحيح، الحديث ضعيف، لكن هذا الكلام مقبول وإلا مردود؟ مردود، مِن مَن ينتسب إلى العلم من المكثرين في هذا الباب؛ كالسيوطي مثلاً، يزعم أنه يرى النبي عليه الصلاة والسلام يقظة، ويصحح له ويضعف، أما رؤية النبي عليه الصلاة والسلام-
في اليقظة هذه مستحيلة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قد مات: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [(30) سورة الزمر]، من شك في موته؛ الموت الذي فيه مفارقة الروح للبدن؛ هذا مكذب للقرآن، لكن حياته عليه الصلاة والسلام، وحياة الأنبياء أكمل من حياة الشهداء، لكنها حياة برزخية لا تضاهي حياة الأحياء الذين أرواحهم في أبدانهم، يصححون، وبعضهم يرى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام، ويسأله عن أحاديث، ويجيبه، ويسأله عن أحكام ويجيبه، النبي عليه الصلاة والسلام من رآه في المنام فقد رآه بالفعل؛ لأن الشيطان لا يتلبس به، فهل نقبل مثل هذا التصحيح، ومثل هذا التضعيف، ونقبل مثل هذه الأحكام المنقولة عنه عليه الصلاة والسلام في المنام نجزم بأنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام؛ لأن الشيطان لا يتلبس به، فهل يقبل النقل عنه عليه الصلاة والسلام في المنام؟ أما ما يخالف ما ثبت عنه، فالدين كمل بموته عليه الصلاة والسلام فلا حكم يقبل في مثل هذه الحالة، والتصحيح والتضعيف من شرطه أن يكون الناقل حافظاً ضابطاً، والنائم ليست هذه صفته، تخلف فيه شرط الحفظ والضبط والإتقان؛ لأن من شرط الراوي أن يكون يقظاً، أو يقُظاً كما قالوا بضم القاف، والنائم لا يمكن أن يكون على هيئته التامة كاليقظة أبداً، بدليل أنه يرى الرؤيا وإذا قام يقصها نسي أكثرها، لا سيما إذا كانت ذات فصول ومراحل، فلا يقبل مثل هذا الكلام البتة، وقد فتح بعض المتصوفة هذا الباب على مصراعيه ولبسوا على الناس، ثم تدرجوا إلى أن وصلوا إلى حد يجتمعون فيه على حد زعمهم مع النبي عليه الصلاة والسلام متى أرادوا، ولا شك أن هذا ضلال، ووسيلة إلى تعطيل الدين، والتلبيس على المسلمين -نسأل الله السلامة والعافية-، وفي تراجم من يدعى فيهم الولاية وفي طبقاتهم أشياء لا تخطر على البال، وتبدأ من أشياء يسيرة يدعيها الشخص لنفسه، أو تدعى له، ثم بعد ذلك يستدرج إلى أن يدعي لنفسه ما ليس بواقع، وبعضهم كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله في السير: يجوع نفسه أياماً يصل بعضهم إلى الأربعين -إن ثبت- إن لم يأكل خفية بعد، إن ثبت أنه يمكن أن يعيش الإنسان مدة أربعين يوم بدون
أكل؛ يفعلون هذا فيما يدعونه، ثم بعد ذلك يزعمون المكاشفات، والتجليات، والحافظ الذهبي يقول: هذه هلوسة، سببها الجوع، سببها الجوع، وهذا صحيح، أذكر مرة خرجنا مسافرين ومعنا الأكل، الأكل جاهز، وبعد صيام أفطرنا، وخرجنا، وقلنا نأكل هذا الأكل في الطريق، صاحب السيارة يقول: ننتظر ننتظر، ننتظر، فقال واحد معنا من الركاب من الإخوان: لماذا هؤلاء الجماعة يصلون إلى جهة الشرق؟ قلت: كيف يصلون إلى جهة الشرق؟ ماذا يقصد بذلك؟ فيه آلات البنزين هذه التي يعبأ منها مصفوفة إلى جهة الشرق مثلاً؛ يقول: إنهم يصلون إلى جهة، سببه إيش؟ الجوع، سببه الجوع، والإشكال أنهم يبنون على هذا أحكام، ويحكمون على غيرهم من خلال هذه التجليات، وهذه المكاشفات، وتدعى فيهم الولاية وينسب لهم أشياء لا تخطر على عاقل، فمنهم من دخل في هذا الباب وصحح وضعف، ووهم الأئمة بمثل هذه المكاشفات، وهذا لا شك أنه ضلال، نسأل الله السلامة والعافية.
"أو وقف مرفوع" يعني وغير ذلك من موانع القبول "وقد لا تقدح" وقد لا تقدح في المتن بأن يتعدد السند، ويقوى الاتصال من جهة أخرى، أو تكون هذه العلة مؤثرة بالنسبة لضبط الراوي لكن لا أثر لها في واقع الخبر، مؤثرة في ضبط الراوي لكن لا أثر لها في الخبر، يرد في السند مثلاً من الأسماء المهملة سفيان أو حماد؛ مثلاً، ولا يستطاع تمييزه، ولا يوصل إلى حقيقته؛ هل هو سفيان الثوري، أو سفيان بن عيينة، أو حماد بن سلمة، أو حماد بن زيد؟ ويسأل الراوي، ويقال أيهما؟ فلا يدري، الراوي عنه، يقال: من تريد بسفيان؟ يقول: نسيت، لا شك أن هذا فيه خلل في ضبطه، لكنها لا تؤثر في الحديث؛ لأنه سواءٌ كان سفيان الثوري، أو ابن عيينة؛ أينما دار فهو على ثقة، ونقول مثله في حماد.
والطريق لتمييز السفيانين والحمادين أشار إليها الحافظ الذهبي رحمه الله في أواخر الجزء السابع من السير، الجزء السابع من السير، وعلى كل حال إذا حصل مثل هذا الاختلاف الذي لا يوصل إلى حقيقته، وفي رواة البخاري من هذا النوع كثير، حدثنا محمد، ولا نستطيع أن نميز من محمد؛ لكن جميع المحمدين في صحيح البخاري كلهم ثقات؛ فأينما دار فهو على ثقة؟ فعدم تعيين الراوي، وإهماله من قبل من روى عنه، ونسيانه ممن بعده، أو من الراوي عنه؛ قد يحدث عن سفيان مثلاً، وبعد أربعين سنة قال: -والله- أي سفيان؟ يقول: نسيت، نحن رأينا في كتب أهل العلم أقوال منسوبة إلى سفيان، سفيان في مراتب العلم مثلاً نسبها القرطبي إلى الثوري، وابن حجر قال: قال سفيان بن عيينة مثل هذا لا شك أنه مؤثر؛ لأنه هو مصدر القول، هو مصدر القول، ومن بركة العلم كما يقول العلماء إضافة القول إلى قائله، أما إذا كان ينقله عن غيره، وليس بمصدر للقول، والخلاف بين الاثنين غير مؤثر؛ فإن هذا لا يضر، وهذا هو الموجود في الأحاديث، أما إذا كان القول منسوب إليه، وهو مصدره؛ فلا بد من تعيينه، أو يلقى على الشك والتردد، فيقال: قال سفيان، ولا ندري أهو ابن عيينة أو الثوري؟ فالمراتب التي يتتدرج فيها في التعلم؛ الست التي ذكرت عن سفيان هي في الأصل سفيان مهمل، وقال الحافظ ابن حجر: قال سفيان بن عيينة، والقرطبي يقول: قال سفيان الثوري، وهذا الأمر –أيضاً- حينما ينسب إلى هؤلاء أمره أسهل من جهة أنه كلام غير ملزم؛ كلام منسوب إلى متأخر، فليس بحجة وليس بملزم، لكنه مفيد لطالب العلم، فهو من هذه الحيثية أسهل، ومن جهة أنه هو مصدر الكلام، ولا بد من معرفة القائل لينسب إليه كلامه، ويتحمل تبعات هذا الكلام، فإن تعيينه أشد حاجة من حاجة تعيينه إذا ورد في إسناد؛ لأنه أينما دار فقد دار على ثقة.
أو ووقف مرفوع وقد لا تقدح
…
كـ: ((البعيان بالخيار)) صرحوا
الكاف هذه جارة؛ جارة وإلا غير جارة؟ تجر مدخولة، وإلا ما تجر؟ تجر؛ هي من حروف الجر، والبيعان؛ مجرور وإلا مرفوع؟ مرفوع على إيش؟ الحكاية، فالناظم يحكي ما جاء في الحديث:((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) فهو يحكي ما في الحديث "كالبيعان بالخيار" كحديث: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) المروي عن عبد الله بن دينار، المروي عن عبد الله بن دينار "صرحوا" يعني النقاد صرحوا بوهم راويه، "صرحوا بوهم" راويه "يعلى بن عبيد" الطنافسي إذ "أبدلا" أبدلا ونقلا؛ الألف هذه ألف إيش؟ التثنية:
وهي كل اثنين النحو التزما
…
فمسلم مع البخاري هما
نعم، ألف الإطلاق؛ الأصل يعلى بن عبيد أبدل، باللام بدون ألف؛ ألف الإطلاق "بوهم" راويه "يعلى بن عبيد" الطنافسي إذ "أبدلا" هذه ألف الإطلاق، وليست ألف التثنية، فلا نقول: أبدلا المراد بهما البخاري ومسلم على ما جاء في الخطبة في المقدمة:
وهي كل اثنين النحو التزما
…
فمسلم مع البخاري هما
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه ألف إطلاق، والضمير يعود إلى واحد، وهو يعلى بن عبيد "أبدلا عمراً" وهو ابن دينار "بعبد الله" بن دينار، أبدل عمرو بعبد الله، الآن الحديث معروف بعبد الله بن دينار من روايته، ويعلى بن عبيد أبدل عمراً بعبد الله، الباء هذه داخلة على إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
المتروك، إذا قلت: أبدلت هذا الكتاب بهذا الكتاب؛ فأيهما المأخوذ، وأيهما المتروك؟ أبدلت صحيح مسلم بصحيح البخاري؛ نعم أيهما المأخوذ؟ إذا قلت: أبدلت صحيح مسلم بصحيح البخاري؛ المأخوذ أيش؟
طالب:. . . . . . . . .
والمتروك؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل هذا هو الصحيح لغةً، أو من باب القياس على ما عندنا؟ لأننا قلنا: إن الباء دخلت على المتروك، فإذا قلنا بصحيح البخاري نظرنا هذه المسألة بهذا المثال قلنا: إن المأخوذ صحيح مسلم، المتروك صحيح البخاري، مع أنه في الأصل العكس، فرق بين التبديل والإبدال عندهم، هنا الباء داخلة على المتروك؛ لأن الواقع يشهد بذلك، الحديث حديث مروي من طريق عبد الله بن دينار، جعل عمرو بن دينار بدلاً من عبد الله بن دينار يعلى بن عبيد، والباء هنا داخلة على المتروك؛ لأن الواقع هو هذا، تشبيهاً للإبدال بالتبديل، أو بالتبدل، وهو خلاف ما عليه أئمة اللغة من أنها تدخل على المأخوذ في الإبدال مطلقاً، إذا قلت: أبدلت صحيح مسلم بصحيح البخاري؛ معناه أنني دفعت صحيح مسلم، وأخذت صحيح البخاري، وهو خلاف ما عليه أئمة اللغة من أنها تدخل على المأخوذ في الإبدال مطلقاً، وفي التبديل، وعلى المتروك في الاستبدال والتبدل، وعلى المتروك في الاستبدال:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} فالمتروك الذي دخلت عليه الباء، ولو كان العكس لما ذموا، لمدحوا لاستحقوا المدح لا الذم "بعبد الله" يعني بن دينار "حين نقلا" هل هذه العلة مؤثرة، وإلا غير مؤثرة؟ غير مؤثرة لماذا؟ لأن كلاً من عمرو وعبد الله ثقة، فهي في الحقيقة غير مؤثرة، لكن كونها صدرت من هذا الراوي، وأبدل واحداً بواحد هذا خطأ؛ يعني يحسب عليه، لو كثر الإبدال عنده في أسماء الرواة؛ ولو لم تؤثر على الخبر لقدحت فيه، يعني إذا كثر الخطأ عند الراوي، ولو لم يكن هذا الخطأ مؤثراً؛ لقدح في ضبطه، لكنه لما صار قليلاً، خطأ؛ يعني يقبل القليل، ومن يعرو من الخطأ والنسيان، ومالك نجم السنن حفظت عليه بعض الأوهام:
ومالك سمى ابن عثمان عمر
…
. . . . . . . . .
والحفاظ كلهم على أنه عمرو بن عثمان؛ على ما تقدم في المنكر:
نحو كل البلح بالتمر الخبر
…
ومالك سمى ابن عثمان عمر
قلت: فماذا بل حديث نزعه
…
خاتمه عند الخلاء ووضعه
على ما تقدم في المنكر، ثم بعد هذا ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- العلة في المتن؛ لأنه قال:
وهي تجيء غالباً في السند
…
. . . . . . . . .
وقليلاً في المتن، ذكر للمتن مثالاً:
وعلة المتن كنفي البسملة
…
. . . . . . . . .
وعلة المتن القادحة فيه؛ كحديث نفي البسملة، نفي قراءة البسملة في الصلاة المروي عن أنس في صحيح مسلم، نفي البسملة:"صليت خلف أبي بكر وعمر وعثمان .. "، قبل ذلك قال:"صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فكلهم يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين"، في رواية في بعض روايات الخبر:"لا يذكرون: بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة، ولا في آخرها" هذه العلة لا شك أنها خلاف الواقع، منشأ هذه العلة أن الراوي توهم من قول أنس:"يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" أنهم لا يذكرونها، إذا كانت القراءة تبدأ بلفظ:"الحمد لله رب العالمين"، فمقتضاه أنها لا تذكر البسملة، هو توهم هذا، ونقله على حسب وهمه، نقله على حسب وهمه:
وعلة المتن كنفي البسملة
…
إذ ظن راو نفيها فنقله
"إذ ظن راو نفيها فنقله" ففهم من قول أنس: "كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين"، "يستفتحون الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين" فتوهم وظن أنهم لا يذكرون "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول القراءة، ولا في آخرها "فنقله" نقل ما توهم، وننسبه إلى أنس، وقد أخطأ في وهمه، وفي ظنه؛ لأن معنى "يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" أنهم يستفتحون القراءة بهذه السورة، بهذه السورة، وليس فيه تعرض للبسملة؛ لا بنفي ولا إثبات، هذا عند من يقول: بأن البسملة ليست بآية من الفاتحة، أما من يقول: إن البسملة آية من الفاتحة، فجعل الحمد لله رب العالمين اسم السورة بما فيها البسملة، أقول يا الإخوان: نفي البسملة المصرح به من قبل الراوي الذي فهم الحديث على غير وجهه، فنفى البسملة، قال:"لا يذكرون بسم الله"، هذه علة المتن التي فيها نفي الذكر، والتنصيص على البسملة، أنس في حديثه يقول:"كانوا يستفتحون الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين" ليس فيها تعرض لنفي بسملة ولا إثبات، وكل على مذهبه، من يقول أن البسملة آية من الفاتحة هذا ما عنده مشكلة، ولما وصف أنس رضي الله عنه قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"كانت قراءته مداً"؛ فقرأ: "بسم الله الرحمن الرحيم"، لما سئل عن قراءته، قال:"كانت قراءته مداً بسم الله الرحمن الرحيم، يمد بسم الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم، فدل على أنه يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، على أن المسألة: السؤال هل هو عن القراءة داخل الصلاة، أو خارج الصلاة؟ المسألة يطول بحثها المقصود أن الراوي فهم من حديث: "يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، فصار يحدث به، يحدث على ضوء ما فهم، وهذه آفة دخلت على هذا الراوي، ودخلت على كثير من طلاب العلم، تجده يفهم من شيخه أو عن شيخ في حال من الأحوال لظرف من الظروف؛ يفهم منه أنه لا يصلي تحية المسجد مثلاً، دخل مرة وهو مستعجل أو كذا، أو فعل، أو نسي مثلاً؛ فصار ينقل عنه: إن الشيخ فلان مداوم على عدم تحية المسجد، لا سيما في أوقات النهي مثلاً، فهو غلب، أو
فهم أنه لا يصلي؛ يعني توقع هذا منه لظرف من الظروف حصل منه، فصار ينقله بإطلاق، فتبعاً لهذا الوهم صار يشيعه بين الناس، وكم من قول أو فعل ألصق بشخص وهو منه بريء؛ بناء على فهم من نقله، على فهم من نقله.
"إذ ظن راو نفيها" أي البسملة "فنقله" تصريحاً.
وصح أن أنساً يقول: "لا
…
أحفظ شيئاً فيه" حين سألا
الألف هذه للإطلاق، سأله أبو سلمة سعيد بن يزيد: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين، أو ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فذكر أنه لا يحفظ شيئاً، وهذا السؤال متأخر جداً؛ يعني بعدما كبرت سنه، ونسي رضي الله عنه وأرضاه، وإلا الرواية الثابتة عنه:"أنهم كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" ومن مقتضى قراءة الحمد أنهم يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم؛ لإجماع الصحابة على ذكرها في أوائل السور، فلا تقرأ السورة تبعاً لهذا الاتفاق إلا أن تقرأ معها البسملة، وهذا قول جمهور أهل العلم، قول الجمهور، وأما بالنسبة للمالكية فلا يرون في الصلاة لا استفتاح ولا استعاذة ولا بسملة، كما هو معروف، الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-، وهو الذي يسعى جاهداً لصيانة الصحيح وجه هذه الرواية على وجه مقبول، فحمل نفي الذكر على نفي السماع، حمل نفي الذكر على نفي السماع، فصحح هذه الرواية، وقال: كون أنس يقول: لا يذكرون؛ يعني أنه لم يسمع، ونفي السماع سببه نفي الجهر، نفي السماع سببه نفي الجهر، فمقتضى الرواية أنهم لا يجهرون، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم جهراً، لا في أول القراءة، ولا في آخرها، ولا شك أن مثل هذا مبالغة في نفي ما أريد نفيه، إذ البسملة في أول القراءة لا في آخرها، وقد يقول قائل: إن المراد بالقراءة في آخرها للسورة التي تليها، وقد يقول قائل: عن هذا من باب المبالغة في النفي كما جاء في حديث: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) يعني ما قال أحد، ولا العرب في الجاهلية قالوا: إن الشمس تنكسف لحياة أحد، وإنما تنكسف لموته قالوا، فمن باب المبالغة في النفي قيل:((لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)).
وصح أن أنس يقول لا
…
أحفظ شيئاً فيه حين سألا
وكثر التعليل بالإرسال
…
. . . . . . . . .
لما قدم أن العلة الأصل فيها أن تكون خفية:
وهي عبارة عن أسباب طرت
…
فيها غموض وخفاء أثرت
فالعلة هي السبب الخفي الغامض الذي يقدح في الحديث الذي ظاهره السلامة منها، لكنهم لا يقتصرون في كتب العلل، وفي تعليل الأخبار لا يقتصرون على الغامض، الغامض هو الأصل في هذا الباب، لكن قد يعللون بالظاهر، والعلة من حيث معناها الأصلي تشمل الظاهرة، وتشمل الخفية، تشمل الظاهرة، وتشمل الخفية، نظير العلل التي تكون في الأبدان، منها الجرح الظاهر، والكسر الظاهر، ومنها العلل الخفية الباطنية التي قد لا يصل إليها كثير من الأطباء؛ كلها علل، كلها تقدح في صحة هذا الشخص، والعلل الظاهرة، والخفية كلها تقدح في صحة المروي، لكنهم في الأصل في هذا الباب الذي يعظم العلماء من شأنه إنما يقصدون به العلل الخفية، ويجعلون الحد والتعريف للعلل قاصر على الخفية، وهنا يقول: كثر التعليل بالإرسال الظاهر، فبعد أن قدم أن العلة تكون خفية بين أنها قد تكون ظاهرة، فقال:"كثر" يعني من الأئمة المتقدمين لا سيما من صنف في العلل تجدون في كتب العلل، العلل الظاهرة كما تجدون العلل الخفية، "وكثر التعليل بالإرسال للوصل" وأيضاً كثر التعليل بالوقف للرفع "إن يقوَ على الاتصال" إن يقوى الإرسال والوقف حيث يرجح على ضده؛ "إن يقوَ" يعني على ضده من الاتصال والرفع، إذا كان أقوى من ضده، بأن دلت القرائن على رجحانه، أو كون رواته أكثر، أو أحفظ، أو أكثر ملازمة لشيوخ "إن يقوَ على اتصال" فهم يعلون بالإرسال.
وقد يعلون الحديث بكل قدح:
وقد يعلون بكل قدح
…
. . . . . . . . .
يعلون الحديث بكل قدح، يعني ظاهر "فسق" في راويه "وغفلة" منه "ونوع جرح":
وقد يعلون بكل قدح
…
فسق وغفلة ونوع جرح
كسوء حفظ، وفحش غلط، ومخالفة ثقات، وما أشبه ذلك، يعلون بالعلل القادحة، وإن كانت ظاهرة، مثل فسق الراوي، فتجدون في كتب العلل تضعيف حديث؛ لأن فلان فاسق، راويه فاسق، يزاول معصية، ويعلونه بأنه فيه غفلة، أن راويه فيه غفلة، وهذه العلل الظاهرة موجودة في كتب العلل كوجود العلل الخفية، لكن الأصل في هذه الباب هو العلل الخفية:
ومنهم من يطلق اسم العلة
…
لغير قادح كوصل ثقة
يطلقون اسم العلة، يعني الأصل أن تطلق على الخفية، ثم توسعوا، فأطلقوها على الظاهرة، ثم توسعوا على غير القادح؛ توسعاً، وهذا موجود في كلام أبي يعلى الخليلي في الإرشاد، أطلق العلة لغير قادح، يعني على غير قادح، وزعم أن من الصحيح ما هو صحيح معلول، صحيح معلول:
. . . . . . . . .
…
لغير قادح كوصل ثقة
ضابط حيث "يقول: " الخليلي في الإرشاد "معلول صحيح" ومعلول متفق عليه، وصحيح متفق عليه، وصحيح مختلف فيه "معلول صحيح كالذي يقول" وهو الحاكم "صح مع شذوذ" يعني من الصحيح ما هو شاذ، من الصحيح ما هو معلول، يعني بعلة غير قادحة، ومن الصحيح ما هو شاذ، وإن كان مرجوحاً، وإن كان مرجوحاً، وقد تقدم في حد الصحيح أن العلة التي أشير إليها في الحد هي العلة القادحة، فدل على أن العلة غير القادحة لا تنافي الصحة:
. . . . . . . . .
…
وعلة قادحة فتوذي
كما أشار الحافظ العراقي في أول الألفية، ومن الصحيح ما هو صحيح شاذ، يعني الأحاديث الصحاح فيها ما هو صحيح، وما هو أصح، الصحاح فيها ما هو صحيح، وما هو أصح، فمثلاً حديث قصة جمل جابر حينما اشتراه النبي عليه الصلاة والسلام، أوردها البخاري في عشرين موضع من صحيحه، واستنبط منها أحكام، وجاء في هذه المواضع اشتراط الحُملان، وعدم اشتراطه، وجاء فيه –أيضاً-، جاء فيها كون الثمن أوقية، وكون الثمن أقل، وكونه أكثر، والقصة واحدة، وهذه كلها مروية بأسانيد صحيحة، رجح كون الثمن أوقية، رجح اشتراط الحُملان، فما رجحه هو الأرجح، وما خرجه صحيح، فإذا قلنا بأن ضابط الشاذ ما يخالف فيه الثقة من هو أوثق منه، نعم هذه مخالفة لثقة من ثقة لمن هو أوثق منه، فعندنا حديث الأوثق هو الأرجح، وحديث الثقة راجح صحيح، إذن نقول: حديث الثقة سالم من الشذوذ، وحديث -الحديث المرجح- سالم من الشذوذ، وحديث الثقة الذي صحح، وخرج في الصحيح نعم، صحيح لكنه شاذ لوجود المخالفة، فمن الصحيح ما هو معلول في كلام أبي يعلى الخليلي، وفي الصحيح ما هو صحيح شاذ في كلام الحاكم، وكل هذا مخرج في الصحيح.
وعلى كل حال الشذوذ علة، وكون الخبر مرجوح؛ مانع، إما من قبول الخبر عند من يرد الشاذ مطلقاً، أو مانع من العمل به، مانع من العمل به عند من يقول إن الشاذ نوع من الصحيح، لكن كونه شاذاً مانع من العمل به، ولا يعني أنه ما ثبت عن راويه، عن راويه، مثلاً في الصحيح من حديث ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج ميمونة، وهو محرم، تزوج ميمونة، وهو محرم، وفي الصحيح من حديث ميمونة أنه تزوجها، وهو حلال، ومن حديث أبي رافع أن النبي تزوج ميمونة، وهو حلال، وهو السفير بينهما، وصاحبة القصة أدرى من غيرها، وإن كان ابن أختها، لكن هي أعرف بقصتها، والسفير بينهما الواسطة أعرف من غيره بهذه القصة، إذن المرجح أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج ميمونة، وهو حلال، وهو إيش؟ حلال، وحديث ابن عباس هل نقول أنه ضعيف، وهو مخرج في الصحيح؟ لا، ليس بضعيف، لكنه مرجوح، لكنه مرجوح، وثابت عن ابن عباس، ما أحد ينفي ثبوته عن ابن عباس، لكن وهم ابن عباس في هذا، فصحته لا إشكال فيها، يعني ثبوته عن ابن عباس لا إشكال فيها، لكن مخالفة ابن عباس لغيرها شذوذ، والشذوذ مانع، إما من القبول -عند من يرد الشاذ مطلقاً-، أو من العمل -عند من يقول أن الشاذ منه ما هو صحيح-، يعني نظير ما يقال في المنسوخ، نظير ما يقال في المنسوخ، النسخ على ما قال هنا:
والنسخ سمى الترمذي علة
…
. . . . . . . . .
نأتي إليه، يقول:"كوصل ثقة"، يقول إيش؟
يقول معلول صحيح كالذي
…
يقول صح مع شذوذ احتذي
احتذي: أي اقتدي، واخذ به، وقبل من قبل من شذ به "والنسخ" مفعول مقدم "سمى الترمذي علة" يعني من علل الحديث:
والنسخ سمى الترمذي علة
…
فإن يرد في عمل فاجنح له
يعني وافقه، النسخ علة، لكن هل هي علة قادحة في صحة الخبر، كون الحديث منسوخاً؟ علة تقدح في صحته؟ لا، إنما تقدح في العمل به، ولذا قال:
والنسخ سمى الترمذي علة
…
فإن يرد في عمل فاجنح له