الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمرجح أن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقاً، يعني الضعيف الباقي على ضعفه، وليس له ما يشهد له، بعضهم يرى أن الحديث الضعيف تلقي بالقبول مثلاً، فيعمل به للتلقي بالقبول، وهذه جادة معروفة عند أهل العلم، بعضهم يقول: إذا كان الضعيف مندرجاً تحت أصل عام، وهذا من شروط الجمهور في قبوله، أو يندرج تحت قاعدة كلية؛ فإنه يعمل به، وعلى كل حال هذا القول، والتوسع فيه جعل كثير ممن ينتسب إلى العلم لا يعنى بالصحيحين، وغيرهما، بل يعنى بأحاديث تسند، وتدعم ما يذهب إليه من أقوال، فلو كان معوله على الأحاديث الصحيحة، أو على الأقل الأحاديث المقبولة من صحيحة، وحسنة، ولا يتشاغل بالضعيف؛ لا شك أنه لن يقع في مخالفة بإذن الله -جل وعلا-، ولن يصده ذلك عن تحصيل الدين على وجهه كما أنزل، وما أوتيت الأمة في كثير من تصرفات المبتدعة إلا من قبل الأحاديث الضعيفة، ومع الأسف أن الأحاديث الضعيفة تملأ كتب التفسير، وتملأ كتب الفقه، وتجدهم يستدلون بالضعيف، فضلاً عن كتب التواريخ، والأدب، والكتب غير المتخصصة، ففيها من ذلك الشيء الكثير، بل فيها بعض الموضوعات.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الإمام العراقي -رحمه الله تعالى-:
معرفة من تقبل روايته، ومن ترد
أجمع جمهور أئمة الأثر
…
والفقه في قبول ناقل الخبر
بأن يكون ضابطاً معدلاً
…
أي يقُظاً ولم يكن مغفلاً
يحفظ إن حدث حفظاً يحوي
…
كتابه إن كان منه يروي
يعلم ما في اللفظ من إحاله
…
إن يرو بالمعنى وفي العدالة
بأن يكون مسلماً ذا عقل
…
قد بلغ الحلم سليم الفعل
من فسق أو خرم مروءة ومن
…
زكَّاه عدلان فعدل مؤتمن
وصحح اكتفاؤهم بالواحد
…
جرحاً وتعديلاً خلاف الشاهد
وصححوا استغناء ذي الشهرة عن
…
تزكية كمالك نجم السنن
ولابن عبد البر كل من عني
…
بحمله العلم ولم يوهن
فإنه عدل بقول المصطفى:
…
((يحمل هذا العلم)) لكن خولفا
ومن يوافق غالباً ذا الضبط
…
فضابط أو نادراً فمخطي
وصححوا قبول تعديل بلا
…
ذكر لأسباب له أن تثقلا
ولم يرو قبول جرح أبهما
…
للخلف في أسبابه وربما
استفسر الجرح فلم يقدح كما
…
فسره شعبة بالركض فما
هذا الذي عليه حفاظ الأثر
…
كشيخي الصحيح مع أهل النظر
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "معرفة من تقبل روايته، ومن ترد" معرفة من تقبل روايته، ومن ترد، يعني وما يتبع ذلك، وفيه ثلاثة عشر فصلاً، فيه ثلاثة عشر فصلاً:
الأول، الفصل الأول: أشار إليه الناظم بقوله -رحمه الله تعالى-:
أجمع جمهور أئمة الأثر
…
والفقه في قبول ناقل الخبر
"أجمع جمهور" بين هاتين الكلمتين تنافر معنوي، تنافر معنوي، وإن كانت هي عبارة ابن الصلاح أصل النظم، لكن التنافر المعنوي موجود، فالإجماع الأصل فيه أنه قول الكل، والجمهور قول الأكثر، الإجماع قول الكل، والجمهور قول الأكثر، فكيف يقول:"أجمع جمهور"؟! فيجمع بين هاتين اللفظتين المتنافرتين، لا شك أنه تساهل في التعبير، وتجوز فيه، وإلا إذا قصد الإجماع الذي هو قول الكل امتنع كونه قول الأكثر، وإذا قصد أن الجمهور يقولون بهذا امتنع حكاية الإجماع، فالجمع بينهما تنافر معنوي، بلا شك؛ لأن مفاد الإجماع غير مفاد قول الجمهور، والعكس.
وليس الناظم، وقبله ابن الصلاح ممن يرى أن الإجماع قول الأكثر، كما أشرنا إلى قول ابن جرير سابقاً، فإنهما مع الجمهور، مع جماهير أهل العلم في كون الإجماع قول الكل:
أجمع جمهور أئمة الأثر
…
. . . . . . . . .
يعني من أهل الحديث "والفقه" يعني اتفق أهل الأثر، وأهل النظر، اتفقوا "في قبول ناقل الخبر" أي على قبوله، على قبول ناقل الخبر، أي الراوي له، الآثر له "في قبول ناقل الخبر" المحتج به، يعني قبول ناقل الخبر الذي يحتج به؛ لأن الخبر أعم من أن يكون محتجاً به، أو غير محتج به، لكن القبول خاص بالمحتج به، القبول للاحتجاج أخص من كلمة خبر، الخبر يعم المقبول، وغير المقبول، والقبول قد يكون الاحتجاج به لذاته، وهو المراد هنا، وقد يكون القبول لا لذاته بل لما يشهد له كالحسن لغيره، لا تنطبق هذه الشروط على راويه؛ لأنه في الأصل ضعيف، ضعيف تعددت طرقه، وجبر بعضها بعضاً، فقبل لا لذاته، ولا لأن الشروط المذكورة اكتملت في راويه، إنما هذه الشروط لرواة الخبر المحتج به، المقبول، وهو أعم من أن يكون صحيحاً ليتناول الحسن –أيضاً-؛ لأنه مقبول.
بأن يكون ضابطاً معدلاً
…
. . . . . . . . .
"بأن يكون" أي بشرط أن يكون راويه "ضابطاً معدلاً" ضابطاً لما يرويه، معدلاً من قِبَل أئمة الحديث، فالضبط والعدالة شرطان لا بد منهما لقبول خبر الراوي، لا يكفي الضبط وحده؛ لأنه قد يكون ضابطاً، والعدالة مجروحة؛ فلا يؤمن حينئذٍ أن يكذب، ولا تكفي العدالة وحدها؛ لأنه قد يكون عدلاً مرضياً في دينه، لكنه قد يخطئ مع عدالته، وديانته، ولذا لا بد من اجتماع الأمرين، وإذا اجتمع العدالة مع الضبط صار الراوي ثقة، فالثقة من الرواة من يجمع بين شرطي القبول اللذان هما العدالة مع الضبط.
وهذا تقدم في تعريف الصحيح:
بأن يكون ضابطاً معدلاً
…
. . . . . . . . .
ثم شرح الأخير، ثم عرج على الأول على سبيل اللف، والنشر المشوش، يعني غير المرتب، أو مرتب؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم على سبيل اللف، والنشر المرتب؛ لأنه قدم الضبط، ثم ثنَّى بالعدالة، ثم فصل، ونشر ما يتعلق بالضبط، ثم ثنَّى بما يتعلق على سبيل التفصيل بالعدالة.
بأن يكون ضابطاً معدلاً
…
أي يقُظاً. . . . . . . . .
بضم القاف، وكسرها، كما قال الجوهري في صحاحه، أي أن يكون في الضبط، أي بأن يكون في الضبط يقُظاً، يعني متيقظاً لما يتحمل؛ فلا يخل بشيء مما يسمع، وأيضاً- متيقظاً عند الأداء، فإذا أخذ عن الشيوخ في حال التحمل لا بد أن يكون يقُظاً، يعني متيقظاً منتبهاً، لا غافلاً، ولا ساهياً، ولا لاهياً، وكذلك الحال عند الأداء للآخذين عنه أن يكون متيقظاً "ولم يكن مغفلاً" ولم يكن مغفلاً لا يميز الصواب من الخطأ "ولم يكن مغفلاً" يعني لا يميز الصواب من الخطأ، ولا يلقَن فيتلقن؛ لأن هذا هو مغفل، بعض الناس عنده غفلة، يقبل التلقين، فإذا قيل له: إن هذا الحديث من حديثك، ووثق بالقائل حدث به، قيل له: هذا حديثك عن فلان، فإذا وثق به حدث عنه، وتوجد –أيضاً- مثل هذه الغفلة، وقبول التلقين في الشهود، يعني في حياة الناس العامة قديماً، وحديثاً، فبالإمكان أن تكسب شخصاً يشهد لك شهادة زور، وهو من خيار عباد الله، وينفر عن شهادة الزور أشد النفرة، لكنه يشهد إذا لُقِّن، يعني يأتي إليك زائراً، فتقول له: أبشرك بأننا اشترينا هذه الأرض، وتصف له مكانها فيعرفه، ويقول: هذه أرض طيبة، وموقعها ممتاز على شوارع، وتصلح للاستثمار، وينتهي الحديث عند هذا، ثم تزوره، في المرة الأولى زارك، وفي المرة الثانية تزوره أنت، ثم تقول له: هذه الأرض دفعنا نصف قيمتها الآن، ثم بعد ذلك مرة ثالثة: والله أنا متردد في أن أنشئ عليها عمارة سكنية، أو تجارية، أو أسكنها، أو أبيع ما أدري –والله- إلى الآن ما بعد قررت شيئاً، ثم تأتي مرة ثالثة، أو رابعة، وتقول له: هذه الأرض ثيمت بكذا لكني عازم على استثمارها، وقد دفعنا بقية الثمن، ثم عشر زيارات، ثم تقول له: الآن نريد الإفراغ دفعنا القيمة، ومن خلال ما كررت عليه من الكلام تقرر في نفسه بما لا مجال فيه للشك أن الأرض لك، ثم تطلب منه الشهادة، ويذهب معك إلى المحكمة، ويشهد؛ لأنه مغفل يقبل التلقين، لكن لو قلت له من أول مرة: أنا عندي أرض تشهد عليها، ما قِبَل؛ لأنه رجل صالح، لكنه بهذا التلقين التدريجي قبل، فقر في نفسه أنك صادق، وأنت كل ما دار، والحاصل، ومن كثر ما تكرر عليه مثل هذا الكلام يزداد بك ثقة، ويقتنع بملكك للأرض، هذا
هو معنى التلقين.
فتجد بعض الناس إذا قيل له: هذا حديثك عن فلان، ثم مرة ثانية، أو ثالثة، المرة الرابعة يحدث به عن فلان، هذا مغفل لا تقبل روايته.
وأن يكون مع ذلك "يحفظ" يعني متيقظ حال التحمل، وحال الأداء، وأن يكون غير مغفل، وهذا توضيح لليقظة وأن يكون –أيضاً- يحفظ، حافظته تسعفه يحفظ ما سمعه بأن يثبته في حفظه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء "يحفظ إن حدث حفظاً" يعني حفظ صدر "يحفظ إن حدث حفظاً" أي من حفظه في صدره عن ظهر قلبه:
. . . . . . . . . يحوي
…
كتابه إن كان منه يروي
"يحوي كتابه" يصونه عن تطرق التغيير إليه، وتكون صيانته، وحفظه له بنفسه، بنفسه يتولاه بنفسه، أو بثقة يعني طرأ عليه سفر، أو شيء يشغله عن حفظه بنفسه يودعه عند ثقة، وكم من شخص وقع الخلل في كتابه؛ لأنه يفرط فيه، فيعيره إلى غير ثقة، أو يحفظه غير ثقة، أو يكون له ولد يعبث بالكتب، أو ربيب، أو نسيب، صهر، أو ما أشبه ذلك، وهذا حصل لبعض الرواة، حصل لبعض الرواة أن أدخل في كتبهم ما ليس منها من قبل من يدخل على بيته دون استئذان، ويقلب النظر في كتبه، وقد يزيد، وقد ينقص، هذا ليس بضابط، الذي يهمل الكتاب الذي يروي منه إذا كان يعتمد عليه، إذا كان يعتمد على الرواية من الكتاب، وهذا هو النوع الثاني من أنواع الضبط، كما تقدم بيانه، وهو ضبط الكتاب.
إذا كان يحفظ عن ظهر قلب، وضبطه ضبط صدر، فلا بد أن يكون يحفظ بحيث يتمكن من الأداء، والاستحضار في أي وقت شاء، وإن كان ضبطه ضبط كتاب، يحدث من كتابه، فهذا، ولو لم يضبط، ولو لم يضبط في صدره، ولا يحفظ عن ظهر قلب، وإنما يتقن كتابه، بأن يعنى به أثناء الرواية، والكتابة، ثم بعد ذلك يحفظه، ويصونه عن أن يتطرق إليه خلل بزيادة، أو نقصان "إن كان منه يروي" يعني إن كان من كتابه يروي، وضبط الصدر هو الأصل، وضبط الكتاب معتبر عند عامة أهل العلم، ومنهم من شدد، فقال: لا يقبل إلا ضبط الصدر؛ لأنه الأصل، لكن المقرر عند أهل العلم لا سيما أهل الحديث أن ضبط الكتاب إن لم يكن أتقن من ضبط الصدر، فإنه ليس بدونه؛ لأن الحفظ خوَّان، قد يحاول يستذكر، فلا يذكر، أما ضبط الكتاب فهو يستحضره متى ما أراده يفتح الكتاب، وينظر فيه، ويحدث منه:
. . . . . . . . . يحوي
…
كتابه إن كان منه يروي
وأن يكون إضافة إلى ذلك إن كان يروي باللفظ لا بد أن يكون كما تقدم، وإن كان يروي بالمعنى، فلا بد بأن يكون، فلا بد من أن يكون:
يعلم ما في اللفظ من إحالة
…
. . . . . . . . .
يعلم ما في اللفظ من إحالة، بحيث يأمن من تغيير ما يرويه "إن يروي بالمعنى" إن يروي الخبر بالمعنى، إن كان يروي باللفظ، فلا بد أن يؤديه بحروفه كما سمعه، وإن كان يروي بالمعنى لا بد أن يكون ممن يعلم ما في اللفظ من إحالة، بحيث يأمن من تغيير ما يرويه، بعض الناس إذا روى بالمعنى خلط، وخبَّط في الحقائق، خبط، وخلط في الحقائق، فيرد عليه في اللفظ حقيقة شرعية، ثم يحيلها إلى حقيقة عرفية، أو لغوية، وهي غير مرادة في هذا السياق، لا بد أن يعرف ما يحيل المعاني، واللفظة الواحدة عند من يريد الرواية بالمعنى قد تحتمل معاني في لغة العرب، فلا بد أن يكون من تجوز له الرواية بالمعنى أن يعرف المعنى المراد في هذا السياق، المعنى المراد في هذا السياق، وقد يكون للفظة الواحدة أكثر من حقيقة شرعية، فمثلاً إذا روى حديث:((من وجد ماله عند رجل قد؛ أفلس فهو أحق به))، لو فسر هذا الإفلاس بحديث:((المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال))، يقول: هذا الرجل مفلس، قد تكون عنده الأرصدة، والأموال، يعني غني من كبار الأغنياء، لكن يقول: هذا ليس هو المفلس في الحقيقة الشرعية، المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال -وترى مثل هذه النغمة لا بد أن تغير؛ لأنها أشد من نغمة جرس الدواب الذي جاء منعه، فلا بد من تغييرها، وإن نازع من نازع أنها ليست موسيقى، إلا موسيقى يا أخي، هذه أشد من جرس الدواب الذي جاء المنع منه، فلا بد أن تغير، والحكم بيننا، وبينهم، نعم لا نعرف موسيقى، لكن قد ينازعون أنكم لا تعرفون تقولون: هذه موسيقى، لا، عندنا نصوص شرعية نحتكم إليها، جرس الدواب ممنوع، والذي نعتقده أن هذه أشد من جرس الدواب، فتمنع-.
هذا الذي روى هذا الحديث: ((من وجد ماله عند رجل قد أفلس))، وأراد أن يرويه بالمعنى، وقد سمع بحديث:((أتدرون من المفلس؟ ))، قالوا: من لا درهم له، ولا متاع، قال:((لا، المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال، يأتي، وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا)) يقول: هذا هو المفلس يا أخي، فإذا كان من هذا النوع، إذا وجد ماله عند رجل موصوف بهذا الفلس الذي هو ظلم الناس، يقول: أنا أحق بمالي، طيب مالك أنت بعته، وهذه قيمته، قال: لا، لا هذا مفلس، وأنا أحق به، مثل هذا يعلم ما يحيل المعاني؟ لا، فمثل هذا لا يجوز له أن يروي بالمعنى.
المحروم، إذا أراد أن يفسر المحروم، ويفهم المحروم في النص على حقيقته العرفية التي مفادها أنه هو الرجل الذي عنده الأموال الطائلة، لكنه مقتِّر على نفسه، في العرف يسمى محروم، ولا شك أن مثل هذا حرمان، فيقول: مثل هذا تصرف له الزكاة، فيروي، ينزل المحروم على هذا، وقد يرويه بالمعنى، فيزيد الطين بلة، فمثل هذا الذي لا يعرف ما يحيل المعاني لا يجوز له أن يروي الحديث بالمعنى:
يعلم ما في اللفظ من إحالة
…
إن يروي بالمعنى. . . . . . . . .
يعني لا باللفظ، انتهينا من الشرط الأول، وهو الضبط "وفي العدالة" الشرط الثاني، أحد شقي التوثيق "وفي العدالة" بأن يكون في العدالة، والعدالة كما عرفها أهل العلم: ملكة تحمل صاحبها على ملازمة التقوى، والمروءة، ملكة تحمل على ملازمة التقوى، والمروءة، والملكة هي الصفة الثابتة الراسخة، ليست الصفة التي تطرأ، وتزول، بل هي الثابتة، الراسخة التي لا تتغير، وليس معنى هذا أنه يكون معصوماً ملازماً للتقوى، بمعنى أنه لا يعصي، ولا يترك مأموراً، لا، قد يعصي، قد يزل، ويتوب من ذلك، ويندم عليه، ليس بمعصوم، العصمة ليست مفترضة، ولا مشترطة في الرواة، وأنتم ترون بعض الناس، يعني يعيش سبعين سنة، ثمانين سنة بين الناس، وهو يحكم له بأنه رجل تقي، لكن لا يعني هذا أنه معصوم، لكن حاله مستقيمة على الجادة في الجملة، قد تحصل منه المعصية، قد تجده في مجلس، قد يذكر أحداً بما لا يرضى، ويقع في عرضه، لكنه في الجملة مطيع لله -جل وعلا-، فحصل منه هذه الهفوة، وإذا تذكر ندم، ولذا لا يقال: إن هذه الملكة، وهي الصفة الثابتة الراسخة، التي لا تتغير، ليس معناها أنه لا يخطئ، بمعنى أنه لا يعصي، لا يترك مأموراً، أو لا يرتكب محظوراً، قد يحصل منه شيء من هذا، لكنه في جملته ماثل مستقيم "وفي العدالة بأن يكون" يعني متصفاًً بأوصاف:
بأن يكون مسلماً ذا عقل
…
. . . . . . . . .
"مسلماً ذا عقل" والإسلام شرط مجمع عليه، فلا تصح رواية، ولا تجوز رواية الكافر بحال، والمقصود بذلك حال الأداء، أما في حال التحمل، فقد يتحمل الخبر، وهو كافر، أما إذا أدى، فإنه لا يقبل خبره إلا إذا كان مسلماً بالإجماع، في حال التحمل قد يتحمل، وهو كافر، جبير بن مطعم سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ في صلاة المغرب بالطور، في صلاة المغرب بالطور، وهو كافر جاء في فداء أسرى بدر، لكنه أدى هذه السنة بعد أن أسلم، وتلقاها الناس منه، وحملوها عنه، وأخرجت في الصحيح؛ لأن هذه الشروط شروط الأداء "بأن يكون مسلماً" فلا يقبل الكافر، سواءٌ كان الكافر أصلياً، أو قد ارتكب بدعة مكفرة، على ما سيأتي في رواية المبتدع، فلا بد أن يكون مسلماً ذا عقل، فالكافر لا تصح روايته، وكذلك المجنون لا تصح روايته، لا تصح روايته، لا بد أن يكون ذا عقل، والعقل هو مناط التكليف؛ لأن المجنون غير مكلف، فلا يؤمن أن يكذب، فلا يؤمن أن يكذب على من ينسب الخبر إليه، فلا بد أن يكون مسلماً عاقلاً "قد بلغ الحلم" قد بلغ الحلم، يعني بلغ سن التكليف، والتكليف يكون بالإنزال، ويكون ببلوغ، بتمام الخمس عشرة سنة، ويكون بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، وهذا مشترك.