المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الحافظ أبو بكر الإسماعيلي له حفيد عمره سبع سنين جيء - شرح اختصار علوم الحديث - عبد الكريم الخضير - جـ ٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: الحافظ أبو بكر الإسماعيلي له حفيد عمره سبع سنين جيء

الحافظ أبو بكر الإسماعيلي له حفيد عمره سبع سنين جيء به يحفظ القرآن، ويعرف الفرائض، وأفتى في مسألة أخطأ فيها بعض القضاة، قد يوجد، لكن هذا نادر، ويوجد الآن من عمره سبع، ثمان، تسع ويحفظ الصحيحين، يوجد هذا، هذا ليس بمستحيل، لكنه نادر، فينبغي أن نعتني بأولادنا بعد أن نقدم أنفسنا، ونعتني بما يليق بنا، وما نستطيعه، أما الإنسان الذي لا يستطيع، ومع الوقت كل شيء بإذن الله يستطاع، مع الوقت والنية الصالحة، يعني شخص ينظر إلى البيهقي هذا لا يمكن قراءته ولا نظر، بعض الناس يقول هذا الكلام، من يبي يقرأ هذا، أولاً: الورقة مثل الصك أكثر من ذراع طولها، وعشرة مجلدات كبار، مثل ما يقولون العوام:. . . . . . . . .، نعم يقولون هذا، لكن يا أخي ما الذي يمنعك من أن تحفظ كل يوم حديث واحد، يعني عشر سنوات حافظ كثير من متون السنن، عشر سنوات تمضي بسرعة، أحداث الكويت لها إحدى عشر سنة كأنها أمس، فمع الوقت بإمكانه، شخص يقول: لا أستطيع حفظ القرآن، حاولت جاهدت عجزت، نقول: ما هو بصحيح، تجلس تبي تحفظ جزء بيوم، أو ورقة بيوم، انزل خليها آية، آية واحدة وعشرين سنة وأنت حافظ، نعم، من يعجز عن حفظ آية، لكن يأتي الإنسان بحماس شديد ويبي يلتهم العلم كله، ثم يتركه كله، ما يستطيع.

‌أنواع التحمل:

أنواع التحمل: تحمل الحديث الذي هو تلقيه وأخذه عن الشيوخ ثمانية أنواع، ويسمونها أقسام، والقسم والنوع والصنف والضرب، الضرب والقسم والنوع والصنف ألفاظ متقاربة، بعضهم يجعلها أنواع، وبعضهم يجعلها أقسام، ولا مشاحة في الاصطلاح.

سم.

وأنواع تحمل الحديث ثمانية: الأول السماع، بأن يكون من لفظ المسمِع حفظاً أو من كتاب، قال القاضي عياض: فلا خلاف حينئذٍ أن يقول السامع: حدثنا وأخبرنا وأنبانا وسمعت، وقال لنا، وذكر لنا فلان، وقال الخطيب: أرفع العبارات سمعتُ، ثم حدثنا، وحدثني، قال: وقد كان جماعة من أهل العلم لا يكادون يخبرون عما سمعوه من الشيخ إلا بقولهم: أخبرنا، منهم حماد بن سلمة وابن المبارك وهشيم، ويزيد بن هارون وعبد الرزاق، ويحيى بن يحيى التميمي، وإسحاق بن راهويه، وآخرون كثيرون.

ص: 24

قال ابن الصلاح: وينبغي أن يكون حدثنا وأخبرنا أعلى من سمعت؛ لأنه قد لا يقصده بالإسماع بخلاف ذلك، والله أعلم.

قلتُ: بل الذي ينبغي أن يكون أعلى العبارات على هذا أن يقول: حدثني، فإنه إذا قال: حدثنا أو أخبرنا قد لا يكون قصده الشيخ بذلك أيضاً؛ لاحتمال أن يكون في جمعٍ كثير، والله أعلم.

نعم، أعلى أقسام التحمل السماع من لفظ الشيخ، وهو الأصل في الرواية، الأصل أن الشيخ يقرأ الأحاديث سواءٌ كان من حفظه أو من كتابه كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يتكلم ابتداءً بالسنة، والصحابة يتلقون عنه، والتلاميذ يسمعون من شيوخهم، هذا هو الأصل في الرواية، وهو أعلى أنواع التحمل، وتارةً يكون من لفظ المسمع حفظاً أو من كتابٍ، وتارةً يكون إلقاء، وحيناً يكون إملاء، والإملاء أعلى أنواع -أو أقسام- السماع لما يترتب عليه من تحرز الشيخ المملي، وتحرز الطالب الذي يكتب.

"قال القاضي عياض: فلا خلاف حينئذٍ أن يقول السامع: حدثنا، أو أخبرنا، أو أنبأنا، وسمعت، وقال لنا، وذكر لنا" هذا كله مطابق للواقع؛ لأنه إذا قال: حدثنا نعم الشيخ حدثه، إذا قال: أخبرنا الشيخ أخبره إلى آخره.

ص: 25

"وقال الخطيب: أرفع العبارات سمعتُ، ثم حدثنا، وحدثني، قال: وقد كان جماعة من أهل العلم لا يكادون يخبرون عما سمعوا من الشيخ إلا بقولهم: أخبرنا" لا فرق بين أن يقول: سمعت وحدثنا وأخبرنا، يعني من حيث اللغة والأصل، فمن سمعتَ منه فقد حدثك، ومن حدثك فقد أخبرك، وهي ألفاظ مترادفة في الجملة {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة]{وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر] المقصود أن هذه ألفاظ متقاربة في الأصل، لكن من حيث الاصطلاح أهل العلم اختلفوا في ذلك، فمنهم من لا يفرق، ويرى أن هذه العبارات تصلح لكل طريقٍ من طرق التحمل، سواءً كان من لفظ الشيخ أو عرض قراءة على الشيخ، وبعضهم يطلقها في الإجازة والمناولة وغيرها من طرق التحمل، فيتسامحوا في ذلك ويتجوزوا، والإمام البخاري ممن لا يفرق بين صيغ الأداء، فلا يمنع أن يروي بصيغة: حدثنا أو أخبرنا ولو كان طريق التحمل السماع أو العرض، بينما مسلم يتحرى الدقة في ذلك، وتجده يعيد الراوي لمجرد اختلاف صيغة الأداء، حدثنا فلان وفلان وفلان قال فلان: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا، أو العكس، فهو يهتم بهذا اهتماماً بالغاً، كما أنه يعتني بصاحب اللفظ فيقول: واللفظ لفلان، والإمام البخاري يتوسع في ذلك، ويتجوز فلا يهتم بمثل ذلك بقدر ما يهتم بالفائدة العظمى من إيراد مثل هذه الأحاديث، وهو الاستنباط.

ص: 26

"قال الخطيب: أرفع العبارات سمعتُ، ثم حدثنا أو حدثني"(سمعتُ) لا شك أنها تنبئ عن أن طريقة التحمل السماع، ولا يحتمل غيره، سمعتُ لا تحتمل أن تكون طريقة التحمل العرض؛ لأنه في حال العرض ما سمع الشيخ يقول شيء، وإن تجوز بعضهم وأطلق السماع في التحمل في حال العرض، لكن سمعتُ ما تحتمل إلا السماع هذا الأصل فيها، ثم حدثنا وحدثني، حدثنا إذا كان معه غيره، وحدثني إذا قصده بالتحديث وحده، فحدثني أقوى من حدثنا، لكن إذا روى بطريق السماع، ثم نسي فيما بعد هل كان معه غيره أو لا؟ أو كان منفرداً في حال التحديث هل يقول: حدثني أو حدثنا؟ بعضهم، يقول: يقول: حدثني، لماذا؟ لأنه متقين، وجوده متيقن، ووجود غيره مشكوك فيه، وبعضهم يقول: لا، يقول: حدثنا؛ لأن حدثني أقوى، فلا يأتي بالصيغة القوية مع احتمال أن طريقة تحمله أدنى من ذلك، والأمر يسير، والخطب سهل.

قال: "وقد كان جماعة من أهل العلم لا يكادون يخبرون عما سمعوه من الشيخ إلا بقولهم: أخبرنا، ومنهم حماد بن سلمة وابن المبارك وهشيم ويزيد بن هارون وعبد الرزاق ويحيى بن يحيى التميمي وإسحاق بن راهويه وآخرون كثيرون" لا يكادون يخبرون عما سمعوه إلا بلفظ الإخبار، ولا يروون بلفظ التحديث، وعلى وجه الخصوص إسحاق بن راهويه، فيميز به عن غيره إذا جاء مهملاً، إذا قال مسلم: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا فلان، إسحاق ابن من؟ إذا قال: أخبرنا فالذي يغلب على الظن أنه إسحاق؛ لأنه لا يروي إلا بصيغة الإخبار، أما غيره وجد منهم بعض التصريح بالتحديث، لكن الغالب عليهم الرواية بالإخبار.

ص: 27

"قال ابن الصلاح: "وينبغي أن يكون حدثنا وأخبرنا أعلى من سمعتُ" لأن سمعتُ قد لا يكون مقصوداً بالسماع، يسمع مع غيره والشيخ لا يقصده بخلاف ذلك، بخلاف حدثنا، حدثنا يعني قصده بالإخبار، وأخبرنا كذلك، لكن هل القصد بالإخبار مقصود في الرواية؟ له أثر في الرواية؟ يعني كون الشيخ يقصدك بالتحديث أو تكون موجود مع مئات تسمع الشيخ وتروي عنه هل له أثر؟ يعني كون الشيخ قصدك بالسماع، قال: تعال عندي لك حديث، اروِ عني هذا الحديث، فيحدثه به، أو تسمع هذا الحديث منه مع جملة من الناس، هناك فرق؟ نعم ما يظهر فرق، نعم الشيخ له بك عناية، لكن ما دام سمعت من لفظه تؤدي عنه.

الإمام النسائي -رحمه الله تعالى-، وهو من أهل الورع التام في هذا الباب، يروي عن شيخه الحارث بن مسكين بدون صيغة، لا يقول: حدثنا ولا أخبرنا، لماذا؟ يروي عن الحارث بن مسكين يقول: الحارث بن مسكين بدون أخبرنا ولا حدثنا، فيما قرئ عليه وأنا أسمع، الحارث بن مسكين منعه من السماع، وطرده من الحلقة، النسائي يسمع، جلس خلف اسطوانة وصار يسمع، والحارث بن مسكين ثقة إمام عنده، فلكونه ثقة روى عنه، ولكونه لم يقصده بالسماع أو بالتسميع ما نسب إليه الرواية، ما قال: حدثنا ولا أخبرنا، بل أورد الإسناد من غير صيغة، فقال: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع.

القسم الثاني، سم.

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 28

سماع الأشرطة والهاتف أو الإذاعة مثلاً، هل يروي عن الشيخ؟ نعم يروي عن الشيخ بهذا إذا كان لا يشك في صوته، إذا كان لا يساوره أدنى شك، لكن الأحوط أن يبين ويميز؛ لئلا يقع في التشبع بما لم يعطَ، قد يكون المتحدث في بلدٍ آخر، فيظن السامع أنه سمع منه في بلده، وأنه رحل لطلب العلم، يبين يقول: سمعته في الإذاعة، سمعته في شريط، يعني كما تصح الرواية في الوجادة، أن يجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه، فيقول: وجدتُ بخط شيخي فلان، كما يقول عبد الله بن أحمد كثيراً:"وجدتُ بخط أبي" عليه أن يبين، يقول: سمعت من الشيخ الفلاني في الإذاعة مثلاً، أو في شرط، أو في الهاتف، أو ما أشبه ذلك، إذا كان لا يشك فيه؛ لأن الاحتمال وإن كان ضعيف، وإن كان الاحتمال ضعيفاً أن يلتبس عليه الصوت، فيظنه فلان وهو في الحقيقة ليس بفلان، فإذا قيل: إنه سمعه من شريط أو في الإذاعة السامع لهذا الخبر يجد في نفسه ريبة، ما هو مثل ما لو قال: سمعته بنفسي، ورأيته بعيني، وسمعته .. ، والسماع من وراء حجاب له حكم ذلك، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الوجادة إذا كان

، بالنسبة للأشرطة؟ الأشرطة ما دام ما حضر، وقد يكون ما لقيه في بلدٍ بعيد، وقد يكون ما أدركه، ما أدرك عصره فهي أشبه ما تكون بالوجادة، نعم.

ص: 29

قال: الثاني: القراءة على الشيخ حفظاً أو من كتاب، وهو العرض عند الجمهور، والرواية بها سائغة عند العلماء إلا عند شذاذ لا يعتد بخلافهم، ومستند العلماء حديث ضمام بن ثعلبة، وهو في الصحيح، وهي دون السماع من لفظ الشيخ، وعن مالكٍ وأبي حنيفة وابن أبي ذئب أنها أقوى، وقيل: هما سواء، ويعزى ذلك إلى أهل الحجاز والكوفة وإلى مالكٍ أيضاً وأشياخه من أهل المدينة وإلى اختيار البخاري، والصحيح الأول وعليه علماء المشرق، فإذا حدث بها يقول: قرأتُ، أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به، أو أخبرنا، أو حدثنا قراءة عليه، وهذا واضح، فإن أطلق ذلك جاز عند مالكٍ والبخاري ويحيى بن سعيد القطان والزهري وسفيان بن عيينة ومعظم الحجازيين والكوفيين، حتى إن منهم من سوغ سمعتُ أيضاً، ومنع من ذلك أحمد والنسائي وابن المبارك ويحيى بن يحيى التميمي، والثالث: أنه يجوز أخبرنا، ولا يجوز حدثنا، وبه قال الشافعي ومسلم والنسائي أيضاً وجمهور المشارقة، بل نقل ذلك عن أكثر المحدثين، وقد قيل: إن أول من فرق بينهما ابن وهب، قال الشيخ أبو عمرو: وقد سبقه إلى ذلك ابن جريج والأوزاعي، قال: وهو الشائع الغالب على أهل الحديث.

القسم الثاني من أقسام التحمل: القراءة على الشيخ، تعرف عند المشارقة بالعرض، العرض على الشيخ، السماع: الشيخ يتكلم والطالب يستمع، وهنا العكس: الطالب يقرأ والشيخ يستمع، فإذا عرض الطالب الكتاب أو ما حفظه من مرويات الشيخ على الشيخ جازت الرواية عند جماهير العلماء، بل نقل أكثر من واحد الاتفاق على جواز الرواية بالعرض، وشذ من قال بمنعها.

ص: 30

مستند من أجاز الرواية بالعرض حديث ضمام بن ثعلبة، الذي سمع عن النبي عليه الصلاة والسلام بواسطة، سمع من النبي بواسطة، ثم جاء يعرض ما سمعه على النبي عليه الصلاة والسلام، وهو في الصحيح، في صحيح البخاري في كتاب العلم، "وهي دون السماع من لفظ الشيخ" عند الأكثر، والجمهور السماع من لفظ الشيخ هو بالدرجة العليا، وهو أعلى درجات التحمل، يليه العرض، ويروى عن مالك وأبي حنيفة أن العرض على الشيخ أقوى، وقيل: هما سواء، عرفنا أن قول الأكثر السماع من لفظ الشيخ أقوى من العرض، وهو الأصل في الرواية، لكن ما حجةُ من يرى أن العرض أقوى من السماع؟ حجته يقول: الشيخ إذا أخطأ في حال السماع من يرد عليه؟ ما في أحد يرد عليه، إذا كان الشيخ يلقي فأخطأ من يرد عليه؟ يرد عليه الطلاب؟ لا، لكن إذا أخطأ الطالب في القراءة، في العرض على الشيخ فإن الشيخ لن يتردد في الرد عليه، من هذه الحيثية رجح العرض على القراءة، وقال جمعٌ من أهل العلم: هما سواء، سواءٌ قرأت على الشيخ أو قرأ عليك لا فرق.

والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يغضب حينما يقال له: اقرأ علينا الموطأ، يقول: لا، اقرأ أنت، منهم من صحب الإمام مالك سبعة عشر سنة يقول: ما سمعته يقرأ على أحد، الناس يقرؤون عليه، وغضب على شخصٍ قال: أريد أن أسمع منك، فقال: اقرأ أنت، اعرض أنت، تقنع بالعرض في القرآن ولا تقنع بالعرض في الحديث والقرآن أعظم؟! فرأي الإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنهما سواء على أقل تقدير، وإلا له قولٌ آخر بترجيح العرض على السماع.

فإذا روى بطريق العرض وحدث يقول: قرأت، أو قُرئ على فلان، إذا كان تولى القراءة بنفسه يقول: قرأت على فلان، يبين الواقع، أو قرئ على فلان وأنا أسمع، وهل يشترط في العرض أن يقر الشيخ فيقول: إذا قيل له: حدثك فلان عن فلان عن فلان ثم يذكر السند، فيقول: نعم أو لا يشترط؟ منهم من اشترط ذلك، ومنهم من قال: يكفي سكوته.

ص: 31

"أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به، أو أخبرنا أو حدثنا قراءةً عليه" يعني إذا جاء بما يبين الواقع لا بأس أن يؤدي بأي صيغة، ولو قال: سمعتُ فلاناً قراءةً عليه، أو فيما قرئ عليه لا بأس، حدثني فلان أو حدثنا فلان فيما قرئ عليه، أخبرنا فلان قراءةً عليه، أو فيما قرئ عليه، كل هذا بيان للواقع، وهذا لا بأس به، لكن هل يقول: سمعتُ أو حدثنا من غير بيانٍ للواقع؟ الأكثر على منع ذلك، بل يقول: أخبرنا، هذا الذي استقر عليه الاصطلاح، وإن كان الإمام البخاري ومعه جمعٌ من أهل العلم لا يرون التفريق بين حدثنا وأخبرنا، ويجيزون الرواية بأي صيغة ولو كان الطريق العرض على الشيخ، فيجيزون حدثنا وأخبرنا على حدٍ سواء.

يقول: "فإذا أطلق ذلك جاز عند مالك" حدثنا وأخبرنا من دون قراءة عليه أو فيما قرئ عليه، "جاز ذلك عند مالك والبخاري ويحيى بن سعيد القطان والزهري وسفيان بن عيينة، ومعظم الحجازيين والكوفيين، حتى إن منهم من سوغ سمعتُ أيضاً، ومنع من ذلك أحمد والنسائي -نعم الإمام أحمد يفرق بين صيغ الأداء، وهو على الاصطلاح الجاري عند مسلم وغيره- وابن المبارك، ويحيى بن يحيى التميمي" نعرف يحيى بن يحيى التميمي يلتبس كثيراً بيحيى بن يحيى الليثي راوي الموطأ، وهو غيره، هذا ثقة من رجال الصحاح، ويكثر عنه مسلم، وذاك ورد في كتب الرجال للتمييز، لم يروِ عنه أحدٌ من الكتب الستة، من أصحاب الكتب الستة.

طالب:. . . . . . . . .

الليثي.

طالب: الليثي لم يروِ. . . . . . . . .

ما روى عنه أحدٌ من أصحاب الكتب الستة، أورده ابن حجر للتمييز، ويلتبس بيحيى بن يحيى التميمي.

طالب:. . . . . . . . .

اللي يروي عنه مسلم وغيره، نعم.

القول الثالث: يجوز أن يقول: "أخبرنا، ولا يجوز حدثنا" وهذا الذي جرى عليه الاصطلاح عند المتأخرين، "وبه قال الشافعي ومسلم والنسائي أيضاً وجمهور المشارقة، بل نقل ذلك عن أكثر المحدثين، وقيل: إن أول من فرق بينهما ابن وهب" قيل، لكن الحافظ ابن حجر في فتح الباري صرح أن أول من فرق بينهما بمصر ابن وهب، بهذا القيد بمصر، وإلا سبقه ذلك ابن جريج والأوزاعي وغيرهم، نعم.

ص: 32

قال: فرعٌ: إذا قرئ على الشيخ من نسخة وهو يحفظ ذلك فجيدٌ قوي، وإن لم يحفظ والنسخة بيد موثوقٍ به فكذلك على الصحيح المختار الراجح، ومنع من ذلك مانعون، وهو عسر، فإن لم تكن نسخة إلا التي بيد القارئ وهو موثوق به فصحيح أيضاً.

نعم، "إذا قرأ الشيخ من نسخة" أو قرئ على الشيخ من نسخة "وهو يحفظ" ما في هذه النسخة "فجيدٌ قوي" يعني الأصل الحفظ، لكن إذا كان الشيخ لا يحفظ، "والنسخة بيد موثوقٍ به" يعني بجانب الشيخ، "فكذلك على الصحيح المختار

، ومنع من ذلك مانعون" من الأصوليين وغيرهم، "وهو عسر" افترض أن الشيخ كف بصره، فجعل النسخة بيد شخصٍ بجانبه، أو ضعف بصره، ما يستطيع أن ينظر في هذه النسخة، معناه تعطل الرواية عنه، إذا لم يحفظ، لا شك أن في ذلك عسر، "فإن لم تكن نسخة إلا التي بيد القارئ" الشيخ ما عنده شيء، احتاج وباع النسخة، ولا يوجد نسخة إلا التي بيد القارئ، فإن كان القارئ ثقة، والنسخة مقابلة على نسخة الشيخ، فالرواية بهذه القراءة صحيحة أيضاً، نعم.

فرعٌ: ولا يشترط أن يقر الشيخ بما قرئ عليه نطقاً، بل يكفي سكوته وإقراره عليه عند الجمهور، وقال آخرون من الظاهرية وغيرهم: لا بد من استنطاقه بذلك، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، وسليم الرازي، قال ابن الصباغ: إن لم يتلفظ لم تجز الرواية، ويجوز العمل بما سُمع عليه.

يقول الحافظ رحمه الله: "فرعٌ: ولا يشترط أن يقر الشيخ بما قرئ عليه نطقاً" لا يلزم أن يقول: نعم إذا قيل له: حدثك فلان عن فلان عن فلان لا يلزم أن يقول: نعم، بل إذا سكت يكفي، "بل يكفي سكوته وإقراره عند الجمهور" من المحدثين والفقهاء وغيرهم، "وقال آخرون من الظاهرية وغيرهم لا بد من استنطاقه بذلك" لا بد أن يقول: نعم، بناءً على أنه لا ينسب لساكت قول، لكن سماعه للخبر، ونسبة الخبر إليه، والمسألة مفترضةٌ في محدث ثقة، هذه مسألة مفترضة في مثل هذا، نعم، المسألة مفترضة في ثقة، فلا يسكت مجاملة، ولا يسكت تكثر ولا تزيد، هذا الحديث من مروياته وليس من مروياته؛ لأن المسألة مفترضة في شيخٍ ثقة، أما إذا كان غير ثقة فالشيخ من الأصل لا تقبل الرواية عنه من الأصل، إن كان غير ثقة وهو بعد عصر التدوين، سواءٌ قال: نعم أو لم يقل سيان، على ما قدمنا "وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، وسليم الرازي" سليم بن أيوب من أئمة الشافعية

ص: 33