المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجوب الإحسان عند القتل والذبح ومعناه - شرح الأربعين النووية - العباد - جـ ٢٠

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[20]

- ‌شرح حديث: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)

- ‌وجوب الإحسان عند القتل والذبح ومعناه

- ‌معنى الإحسان في القصاص والحدود

- ‌إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى حد الشفرة وإراحة الذبيحة

- ‌كلام ابن رجب رحمه الله في شرحه لهذا الحديث

- ‌الأسئلة

- ‌التوبة وتكفير الكبائر

- ‌حكم التمثيل بالكفار إذا مثلوا بالمسلمين

- ‌الفرق بين القتل حداً وتعزيراً

- ‌حكم فصل الرأس عن الجسم عند ذبح البهيمة

- ‌الفرق بين القتل والذبح

- ‌حكم من ذبح ونسي التسمية

- ‌قتل القاتل بمثل ما قتل به

- ‌القصاص بالسيف

- ‌القتل بالرصاص ليس تعذيباً بالنار

- ‌حكم ذبح الأعسر بيده الشمال

- ‌جواز القتل بالسيف وبالرمي

- ‌ذبح خالد القسري للجعد بن درهم

- ‌حكم ذبح الشاة المصدومة إذا كان فيها حياة

- ‌حكم توجيه الذبيحة إلى القبلة

- ‌حكم القتل بإعطاء القاتل حقنة حتى يموت

- ‌توجيه تعذيب علي رضي الله عنه من غلوا فيه بالنار

- ‌حكم معاملة الناس بالأخلاق الحسنة

- ‌درجة لفظ: (إن الله محسن فأحسنوا)

- ‌من الإحسان عدم حد السكين أمام الذبيحة وعدم ذبح أختها أمامها

- ‌شرط تكفير الصغائر بالحسنات

- ‌كيفية التعاون على اجتناب المعاصي

- ‌الحكم على حديث: (ما أصر من استغفر)

- ‌معنى أثر: (لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار)

- ‌الصغائر تكفر بفعل الحسنات

- ‌حكم من سن سنة سيئة ثم تاب منها

- ‌حصول المقصود بالقصاص بالحقنة القاتلة

- ‌حكم قتل نساء الكفار إذا كانوا يقتلون نساء المسلمين

- ‌حكم الاستمناء

- ‌حكم مصافحة النساء الأجنبيات

- ‌حكم شرب الدخان

- ‌معنى حديث: (من قال أستغفر الله غفر له)

- ‌من شرب الخمر ثم تاب فهل يحرم منها في الجنة

- ‌حكم قطع رأس الطير باليد من دون ذبح

- ‌الفرق بين التوبة والاستغفار

الفصل: ‌وجوب الإحسان عند القتل والذبح ومعناه

‌وجوب الإحسان عند القتل والذبح ومعناه

هذا الحديث فيه أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإحسان يكون في كل شيء، وأنه ليس خاصاً ببعض الأمور أو الأحوال وإنما هو عام، فهو يشمل أولاً إحسان العبد عمله لله عز وجل؛ فلا بد أن يكون فيه محسناً، ويكون الإحسان أيضاً في من يستحق القتل؛ وذلك بأن يقتل القتلة التي فيها خروج روح المقتول بسهولة من غير تعذيب أو تمثيل، وسواء كان ذلك في قتال الكفار، أو قتل القاتل قصاصاً، أو حداً، فإنه يراعى في ذلك أن يكون القتل على وجه يريح المقتول، دون أن يناله شيء من الإيذاء قبل قتله، إما بالتمثيل أو عدم قتله القتلة المريحة له، بأن يكون هناك تعذيب له في قتله.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) يفيد العموم، وأن الإحسان عام وليس خاصاً في شيء دون شيء، و (كتب) هنا بمعنى: شرع وأوجب؛ لأن الكتابة تنقسم إلى: كونية قدرية، ودينية شرعية، وهي هنا من قبيل الكتابة الدينية الشرعية، مثل قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة:178]، وقوله:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة:180]، وقوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183]، فهذا كله من قبيل الكتابة الشرعية وليس من قبيل الكتابة الكونية القدرية.

ومعنى ذلك أن الواجب عند القتل سواء كان قصاصاً أو حداً أن يقتل القتلة التي فيها سهولة خروج الروح، وسهولة قتله بدون أن يناله شيء من الضرر أو الإيذاء أو التمثيل الذي قد يكون عند القتل.

ولما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)، مثل بمثال يتعلق بالقتل والذبح، وأن ذلك كله يجب أن يكون على وجه فيه راحة للمقتول أو للذبيحة من الحيوان، فهو توضيح لتلك القاعدة العامة بمثال من أمثلتها، كما تقدم في حديث:(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، أنه مثل لذلك بالهجرة فقال:(فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).

وهنا لما ذكر هذه القاعدة العامة، وهي أن الإحسان يكون في كل شيء، وليس خاصاً بشيء دون شيء، بين أن مما يدخل في ذلك إزهاق الروح، سواء كان قتلاً لإنسان أو ذبحاً لحيوان فإنه يجب فيه الإحسان، ويكون ذلك على وجه الإحسان للمقتول وللذبيحة، ولهذا جاء عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في وصيته للغزاة في سبيل الله عز وجل كما في حديث بريدة بن الحصيب في صحيح مسلم (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: اغزوا باسم الله قاتلوا من كفر بالله، ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليداً ولا وليدة)، فقوله:(ولا تمثلوا)، يعني: أنه لا يحصل منهم القتل الذي فيه إيذاء وتشويه للإنسان، وإنما إذا قتل فإنه لا يمثل به.

ص: 3