المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) - شرح الأربعين النووية - العباد - جـ ٣٤

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[34]

- ‌شرح حديث: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان)

- ‌شرح حديث: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)

- ‌شرح حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)

- ‌الأسئلة

- ‌معنى حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)

- ‌ضابط الإكراه وما يسوغ للمكره

- ‌من صبر على الإكراه أقوى إيماناً ممن استسلم

- ‌حكم من أُكره على الزنا

- ‌حكم من أكره على قتل كافر

- ‌من فضائل ابن عمر

- ‌حكم من أكره على قول كلمة الكفر

- ‌حكم الحلف على التورية

- ‌حدّ الإكراه

- ‌حكم من أتلف شيئاً في حال الإكراه

- ‌حكم من ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام خطأً أو نسياناً

- ‌حكم من نسي التشهد الأول ولم يسجد للسهو

- ‌معنى (أو) في حديث: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)

- ‌حكم من أُكره على ترك الصلاة

- ‌درجة حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)

- ‌حكم تقوية الحديث بظاهر القرآن

- ‌حكم قتل الكافر المحارب

- ‌التوفيق بين حديث: (الحلف على نية المستحلف) وبين جواز الحلف على التورية

- ‌حكم من لم يحرم من ميقاته وأراد الإحرام من ميقات آخر

- ‌حكم العلاج بترديد أسماء الله الحسنى

- ‌معنى التردد في حديث: (وما ترددتُ في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن)

- ‌حكم ترك الجماعة بسبب قنوت الإمام في صلاة الفجر

- ‌حكم استماع الأناشيد الإسلامية كبديل عن الموسيقى في وليمة العرس

- ‌حكم السفر إلى بلاد الكفار لغرض التجارة

- ‌حكم صيام من احتجم أثناء صيامه

- ‌مسامحة من أخذ شيئاً للانتفاع به فأخلّ به أو أتلفه

- ‌حكم صلاة الظهر قبل صلاة الجمعة

- ‌كيفية الخروج من الخلاف والأخذ بالقول الأحوط

- ‌حكم تطبيق قاعدة الأخذ بالأحوط في الذهب المحلّق

- ‌حكم من رأى مخطئاً فأوصى صاحباً له بنصحه ولم يباشر نصحه بنفسه

- ‌حكم الدراسة في الجامعات المختلطة

- ‌شروط التكفير وموانعه

- ‌حكم الاجتماع للحديث العام في أبواب المساجد وممراتها بعد الصلوات

- ‌حكم مخالفة أنظمة المرور ودفع الغرامة من الربا

- ‌حكم القول بأن التوحيد ينقص

- ‌حكم تخميس الفيء

- ‌حكم المداومة على رفع اليدين في مواطن الإجابة

الفصل: ‌شرح حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)

‌شرح حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)

الحديث الحادي والأربعون: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به).

قوله: (لا يؤمن أحدكم) أي: لا يؤمن الإيمان الواجب، فهذا نفي لكمال الإيمان الواجب.

قوله: (حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) أي: حتى يكون متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الله عز وجل، فهذا هو المؤمن حقاً، وهو الذي يكون هواه تابعاً لما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فيعمل بالأعمال الصالحة التي يحبها الله، ويحب ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فتكون محابه تابعة لمحاب الله ورسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وأن يسير إلى الله عز وجل على هدى وعلى بصيرة.

قال الله عز وجل: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65] ويقول سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] فليس لأحد كلام مع كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليس هناك لأحد خيار مع ما أمر الله به ورسوله عليه الصلاة والسلام، بل على المسلم أن يستسلم وينقاد لكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، فيمتثل الأوامر، ويجتنب النواهي، ويصدق الأخبار، ويعبد الله وفقاً لما جاء به رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

إذاً: الحديث معناه ومؤداه هو الأمر بالاتباع، وأن الإنسان يكون متبعاً وسائراً على البيضاء التي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عليها، والتي لا يزيغ عنها إلا هالك كما جاء ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

والحديث قال فيه النووي: حديث صحيح رويناه في كتاب (الحجة) بإسناد صحيح، وكتاب الحجة هو كتاب (الحجة على تارك المحجة) لـ نصر المقدسي، وهو من كتب العقيدة على طريقة السلف، والحديث ضعفه الحافظ ابن رجب، وبيّن أسباب ضعفه، ولكن الحافظ ابن حجر في فتح الباري ذكر ما يدل على ثبوته، وذلك عندما ذكر عدة أقوال لبعض أهل العلم يذمون فيها الأخذ بالرأي، ثم قال: ويجمع ذلك كله قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) رواه الحارث بن أبي أسامة وغيره ورجاله ثقات، وصححه النووي في آخر الأربعين.

(فتح الباري: الجزء: (13)، صفحة:(289))، وذكر أن له شاهداً من حديث أبي هريرة.

ومعنى هذا الحديث مطابق لقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36].

قال الحافظ ابن رجب في شرح هذا الحديث: المعروف أن الهوى عند الإطلاق يراد به ما يكون مذموماً، وهو الذي فيه مخالفة الحق.

ثم ذكر بعد ذلك بعض الآيات في ذلك مثل قوله: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص:26]، وقال في سورة النازعات في آخرها:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40 - 41].

وقال أيضاً: ويطلق أيضاً على ما يحبه الإنسان ويميل إليه، ويشمل ذلك الميل إلى الحق وإلى الباطل.

ثم قال: ويطلق أيضاً على ما يكون حقاً.

ثم ذكر بعض الأدلة على ذلك، وقال: إن ما جاء في هذا الحديث هو من المحبة المحمودة، أي: الهوى الذي هو محمود وليس بمذموم.

فهذا هو الحديث الحادي والأربعون من الأربعين النووية، وهي أربعون، ولكن النووي زاد عليها حديثين: الحادي والأربعين والثاني والأربعين، فيكون ذكر الأربعين إنما هو للتغليب مع حذف الزيادة اليسيرة.

ص: 4