المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يتقى من فتنة المال - شرح السنة للبغوي - جـ ١٤

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَهِيَ الأَحْزَابُ

- ‌بَابُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌بَابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ

- ‌بَابُ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ

- ‌بَابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ

- ‌بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ

- ‌بَابُ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ

- ‌بَابُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ

- ‌بَابُ غَزْوَةِ الْفَتْحِ

- ‌بَابُ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ

- ‌بَابُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌بَابٌ فِي مَرَضِهِ وَوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ تَرِكَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ عُمُرِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ

- ‌35 - كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ

- ‌بَابُ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ

- ‌بَاب فِي بني تَمِيم

- ‌بَابُ خَيْرِ الْقُرُونِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ فِي فَضَائِلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلٍ أَبِي حَفْصٍ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌بَابُ فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبِي الْحَسَنِ الْهَاشِمِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ أَهْلِ الرَّسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ تَيْمٍ التَّيْمِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيِّ الْقُرَشِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَبِي الأَعْوَرِ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ الْفهْرِيُّ الْقُرَشِيُّ، مَاتَ فِي عَهْدِ عُمَرَ بِالشَّامِ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ ذِي الْجَنَاحَيْنِ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ شُرَاحِيلَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَابْنِهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حِبِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبِي الْعَبَّاسِ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ بِلالِ بْنِ رَبَاحٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَبِي الْيَقْظَانِ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ رضي الله عنه، قُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ رضي الله عنها تُكْنَى أُمَّ هِنْدٍ

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ رضي الله عنها

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ فَضْلِ الأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ سعد بْنِ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيِّ أَبِي عَمْرٍو

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَبِي الْمُنْذِرِ الأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ الأَنْصَارِيِّ أَبِي يَحْيَى الأَشْهَلِيِّ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ الأَنْصَارِيِّ الْحَارِثِيِّ رضي الله عنهما

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ أَبِي حَمْزَةَ النَّجَّارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامِ بْنِ الْحَارِثِ الْخَزْرَجِيِّ أَبِي يُوسُفَ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ فَضْلِ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ

- ‌بَابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ ذِكْرِ جُلَيْبِيبٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ مَنَاقِبِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخَيْرِ رضي الله عنه

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الْيَمَنِ وَذِكْرِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ فِي ذِكْرِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ ذِكْرِ الشَّامِ

- ‌بَابُ ظُهُورِ طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ وَدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ فَضْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى مَعَ هَذِهِ الأُمَّةِ

- ‌36 - كِتَابُ الرِّقَاقِ

- ‌بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ

- ‌بَابُ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى

- ‌بَابُ قَصْرِ الأَمَلِ

- ‌بَابُ التَّجَافِي عَنِ الدُّنْيَا

- ‌بَابُ الْقَنَاعَةِ بِالْقَلِيلِ مِنَ الدُّنْيَا

- ‌بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْفُقَرَاءِ

- ‌بَابُ كَيْفَ كَانَ عَيْشُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَيْشُ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ طُولِ الأَمَلِ وَالْحِرْصِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ طُولِ الْعُمُرِ لِلطَّاعَةِ وَتَمَنِّي الْمَالِ لِلْخَيْرِ

- ‌بَابُ النَّظَرِ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ

- ‌بَابُ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ

- ‌بَابُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ الاجْتِنَابِ عَنِ الشَّهَوَاتِ

- ‌بَابُ حِفْظِ اللِّسَانِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الإِنْسَانِ مَا لَا يَعْنِيهِ

- ‌بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ عَمِلَ لِلَّهِ فَحُمِدَ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا بِعَمَلِهِ

- ‌بَابُ إِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً أَوْ هَمَّ بِهَا

- ‌بَابُ التَّقْوَى

- ‌بَابُ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرِوفِ وَلا يَأْتِيهِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ الظَّالِمِ

- ‌بَابُ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ الرَّجَاءِ وَسَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ الْقَصْدِ فِي الْعَمَلِ وَالْعِلْمِ بِأَنْ لَا نَجَاةَ إِلا بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ تَغَيُّرِ النَّاسِ وَذَهَابُ الصَّالِحِينَ

- ‌بَاب خَوْفِ الْهَلاكِ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ

- ‌بَابُ إِذَا هَلَكُوا بِالْعَذَابِ بُعِثُوا عَلَى نِيَّاتِهِمْ

- ‌بَابُ فِتْنَةِ الشَّيْطَانِ

- ‌بَابٌ

الفصل: ‌باب ما يتقى من فتنة المال

تَكْفِيرًا لِخَطِيئَتِي، وَأُحِبُّ الْفَقْرَ تَوَاضُعًا لِرَبِّي.

4050 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو عُمَرَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، نَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَفِيدُ، نَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، نَا زَائِدَةُ، نَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ وَقِرْبَةٍ وَوِسَادَةٍ أَدَمٍ حَشْوُهَا إِذْخِرٌ»

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا، جَعَلَ فِيهِ ثَلاثَ خِصَالٍ:«فِقْهًا فِي الدِّينِ، وَزَهَادَةً فِي الدُّنْيَا، وَبَصِيرَةً بِعُيُوبِهِ» .

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصْلُحُ إِلا بِزُهْدٍ، ازْهَدْ وَنَمْ وَصَلِّ الْخَمْسَ.

‌بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ

لِقَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]، وَقَالَ سبحانه وتعالى:{وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ} [الزمر: 8]

ص: 251

أَيْ: أَعْطَاهُ وَمَلَّكَهُ، يُقَالُ: هُمْ خَوَلُ فُلانٍ، أَيْ: أَتْبَاعُهُ وَقَالَ سبحانه وتعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [الْإِسْرَاء: 83]، قِيلَ مَعْنَاهُ: امْتَنَعَ بقوته وَرِجَاله وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [اللَّيْل: 11]، قَالَ مُجَاهِدٌ: تَرَدَّى، أَيْ: مَاتَ، وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ} [الْهمزَة: 2] أَيْ: جَعَلَهُ عُدَّةً لِلدَّهْرِ، وَقَالَ سبحانه وتعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الْأَنْعَام: 123] أَيْ: جَعَلْنَا مُجْرِمِيهَا أَكَابِرَ، لأَنَّ الرِّيَاسَةَ وَالدَّعَةَ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى الْكفْر.

وَقَالَ سبحانه وتعالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] الْهَلُوعُ: مَا جَاءَ فِي الآيَةِ مِنَ التَّفْسِيرِ الَّذِي يَجْزَعُ وَيَفْزَعُ مِنَ الشَّرِّ، وَيَحْرِصُ وَيَشِحُّ عَلَى الْمَالِ، وَقِيلَ: لَا يَصْبِرُ عَلَى الْمَصَائِبِ، وَقَالَ سبحانه وتعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [آل عمرَان: 14]، إِلَى قَوْلِهِ: ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا سُورَة آل عمرَان آيَة 14 قَالَ عُمَرُ «اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَلا نَفْرَحَ بِمَا زَيَّنْتَهُ لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أُنْفِقَهُ فِي حَقِّهَا» ، قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «

ص: 252

إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَالُ مَالا لأَنَّهُ يُمِيلُ الْقُلُوبَ».

4051 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ، قَالَ: زَهْرَةُ الدُّنْيَا "، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَصَمَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ، قَالَ:«أَيْنَ السَّائِلُ؟» قَالَ: أَنَا، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَقَدْ حَمِدْنَاهُ حِينَ طَلَعَ لِذَلِكَ، قَالَ:«لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلا بِالْخَيْرِ إِنَّ هَذَا الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا، أَوْ يُلِمُّ، أَلا إِنَّ آكِلَةَ الْخَضِرَةَ تَأْكُلُ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنْ

ص: 253

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ

قَوْلُهُ: «خَضِرَةٌ» فَالْخَضِرَةُ: الْغَضَّةُ الْحَسَنَةُ يُرِيدُ أَنَّ صُورَةَ الدُّنْيَا وَمَتَاعَهَا حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ تُعْجِبُ النَّاظِرَ، وَكُلُّ شَيْءٍ غَضٌّ طَرِيٌّ فَهُوَ خَضِرَةٌ، وَأَصْلُهُ مِنْ خُضْرَةِ الشَّجَرِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذَا مَاتَ شَابًّا غَضًّا: قَدِ اخْتُضِرَ، وَيُقَالُ: خُذْ هَذَا الشَّيْءَ خَضِرًا مَضِرًا، فَالْخَضِرُ: الْحَسَنُ الْغَضُّ، وَالْمَضِرُ إِتْبَاعٌ، وَيُقَالُ: خُذْهُ بِلا ثَمَنٍ، وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا} [الْأَنْعَام: 99] أَيْ: وَرَقًا أَخْضَرَ، يُقَالُ: أَخْضَرُ خَضِرٌ، كَمَا يُقَالُ: أَعْوَرُ عَوِرٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ نَاعِمٍ، فَهُوَ خَضِرٌ.

وَقَوْلُهُ: «يَقْتُلُ حَبَطًا» ، قَالَ الأَصْمَعِيُّ: الْحَبَطُ: هُوَ أَنْ تَأْكُلَ الدَّابَّةُ فَتُكْثِرُ حَتَّى تَنْتَفِخَ لِذَلِكَ بَطْنُهَا وَتَمْرَضُ، يُقَالُ مِنْهُ: حَبِطَتْ تَحْبَطُ حَبَطًا، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ: «أَوْ يُلِمُّ» يَعْنِي يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ.

الأَزْهَرِيُّ: فِيهِ مَثَلانِ ضُرِبَ: أَحَدُهُمَا لِلْمُفْرِطِ فِي جَمْعِ الدُّنْيَا وَمَنْعِهَا مِنْ حَقِّهَا، وَضُرِبَ الآخَرُ: لِلْمُقْتَصِدِ فِي أَخْذِهَا وَالانْتِفَاعِ بِهَا.

فَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا» فَهُوَ مَثَلٌ لِلْمُفْرِطِ الَّذِي يَأْخُذُهَا بَغَيْرِ حَقٍّ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّبِيعَ يُنْبِتُ أَحْرَارَ الْعُشْبِ، فَتَسْتَكْثِرُ مِنْهَا الْمَاشِيَةُ حَتَّى تَنْتَفِخُ بُطُونُهَا لَمَّا قَدْ جَاوَزَتْ حَدَّ الاحْتِمَالِ، فَيَنْشَقُّ أَمْعَاؤُهَا فَتَهْلِكَ، كَذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ

ص: 254

حِلِّهَا، وَيَمْنَعُ ذَا الْحَقِّ حَقَّهُ، يَهْلِكُ فِي الآخِرَةِ بِدُخُولِ النَّارِ.

وَأَمَّا مَثَلُ الْمُقْتَصِدِ، فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«أَلا إِنَّ آكِلَةَ الْخَضِرَةِ» وَذَلِكَ أَنَّ الْخَضِرَ لَيْسَتْ مِنْ أَحْرَارِ الْبُقُولِ الَّتِي يُنْبِتُهَا الرَّبِيعُ فَتَسْتَكْثِرُ مِنْهَا الْمَاشِيَةُ، وَلَكِنَّهَا مِنْ كَلأِ الصَّيْفِ الَّتِي تَرْعَاهَا الْمَوَاشِي بَعْدَ هَيْجِ الْبُقُولِ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ غَيْرِ اسْتِكْثَارِ، فَضَرَبَ مَثَلا لِمَنْ يَقْتَصِدُ فِي أَخْذِ الدُّنْيَا وَلا يَحْمِلُهُ الْحَرْصِ عَلَى أَخْذِهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، فَهُوَ يَنْجُو مِنْ وَبَالِهَا.

وَقَوْلُهُ: «اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ» أَرَادَ أَنَّهَا إِذَا شَبِعَتْ بَرَكَتْ مُسْتَقْبِلَةً الشَّمْسَ تَجْتَرُّ وَتَسْتَمْرِئُ بِذَلِكَ مَا أَكَلَتْ، فَإِذَا ثَلَطَتْ زَالَ عَنْهَا الْحَبَطُ، وَإِنَّمَا تَحْبَطُ الْمَاشِيَةُ إِذَا كَانَتْ لَا تَثْلَطُ وَلا تَبُولُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَجَعَلَ مَا يَكُونُ مِنْ ثَلَطِهَا وَبَوْلِهَا مَثَلا لإِخْرَاجِ مَا يَكسبهُ مِنَ الْمَالِ فِي الْحُقُوقِ.

وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى الاقْتِصَادِ فِي الْمَالِ، وَالْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَتَرْكِ الإِمْسَاكِ لِلادِّخَارِ.

قَالَ الأَزْهَرِيُّ، فِي قَوْلِهِ:«أَلا إِنَّ آكِلَةَ الْخَضِرَةِ» ، قَالَ الْخَضِرُ هَهُنَا: ضَرْبٌ مِنَ الْجَنْبَةِ، وَاحِدُهَا خَضِرَةٌ وَالْجَنْبَةُ مِنَ الْكَلأِ: مَا لَهُ أَصْلٌ غَامِضٌ فِي الأَرْضِ كَالنَّصِيِّ وَالصِّلْيَانِ.

4052 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ

ص: 255

مَخْرَمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الأَنْصَارِيَّ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَتْ صَلاةُ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا صَلَّى بِهِمُ الْفَجْرَ انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ، وَقَالَ:«أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ جَاءَ بِشَيْءٍ» ، قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكُكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى،

ص: 256

عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

4053 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّحَّانُ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا عُبَيْدٌ ، حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلا أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَتْنَا الضَّبُعُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«غَيْرُ ذَلِكَ أَخْوَفُ عِنْدِي، أَنْ تُصَبَّ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا صَبًّا»

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الضَّبُعُ هِيَ السَّنَةُ الْمُجْدِبَةُ.

4054 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ

ص: 257

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» .

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ

4055 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، نَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1]، قَالَ:" يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ إِلا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ هَدَّابِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ

ص: 258

4056 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا الْحُمَيْدِيُّ، نَا سُفْيَانُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ، وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ

4057 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ بِالْكُوفَةِ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ بِالْمَوْصِلِ، نَا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، نَا أَبُو خَيْثَمَةَ، نَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّكُمْ مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ إِلا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ، قَالَ:«اعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ» ،

ص: 259

قَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ إِلا مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ» قَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ إِنَّمَا مَالُ أَحَدِكُمْ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَعْمَشِ

4058 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يُجَاءُ بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنُّه بَذَجٌ، فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَعْطَيْتُكَ وَخَوَّلْتُكَ، وَأَنْعَمْتُ عَلَيْكَ، فَمَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ جَمَعْتُهُ، وَثَمَّرْتُهُ، فَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ، فَارْجِعْنِي آتِكَ بِهِ كُلِّهِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَرِنِي مَا قَدَّمْتَ، فَيَقُولُ: رَبِّ جَمَعْتُهُ، وَثَمَّرْتُهُ، فَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ، فَارْجِعْنِي آتِكَ

ص: 260

بِهِ كُلِّهِ، فَإِذَا عَبْدٌ لَمْ يُقَدِّمْ خَيْرًا فَيُمْضَى بِهِ إِلَى النَّارِ ".

قَالَ أَبُو عِيسَى: وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْحَسَنِ، وَلَمْ يُسْنِدُوهُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ

الْبَذَجُ: وَلَدُ الضَّأْنِ، وَجَمْعُهُ بِذْجَانٌ، فَالْبَذَجُ مِنْ أَوْلادِ الضَّأْنِ، وَالْعَتُودُ مِنْ أَوْلادِ الْمعز، وَهُوَ مَا شَبَّ وَقَوِيَ.

4059 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ، نَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَالْقَطِيفَةِ، وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» .

لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، وَزَادَ لَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ، سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ، فَلا انْتَقَشَ،

ص: 261

طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةً قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ، كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ، لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ، لَمْ يُشَفَّعْ».

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

وَيُرْوَى «تَعِسَ فَلا انْتَعَشَ، وَشِيكَ فَلا انْتَقَشَ» ، قَوْلُهُ:«تَعِسَ» أَيِ: انْكَبَّ وَعَثَرَ، وَمَعْنَاهُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ، أَيْ: أَتْعَسَهُ اللَّهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{فَتَعْسًا لَهُمْ} [مُحَمَّد: 8] أَيْ: عِثَارًا وَسُقُوطًا، وَإِذَا سَقَطَ السَّاقِطُ بِهِ، فَأُرِيد بِهِ الاسْتِقَامَةُ قِيلَ: لعا لَهُ، وَإِذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الانْتِعَاشَ، قِيلَ: تَعْسًا لَهُ، قَوْلُهُ:«وَانْتَكَسَ» ، يُقَالُ: نَكَسْتُ الشَّيْءَ إِذَا قَلَبْتُهُ، وَالشَّيْءُ مَنْكُوسٌ، وَالانْتِعَاشُ: الارْتِفَاعُ، وَسُمِّيَ نَعْشُ الْجِنَازَةِ نَعْشًا لارْتِفَاعِهِ، قَوْلُهُ:«فَلا انْتَعَشَ» أَيْ لَا ارْتَفَعَ، وَيُقَالُ: انْتَعَشَ الْعَلِيلُ: إِذَا أَفَاقَ.

وَقَوْلُهُ: «شِيكَ فَلا انْتَقَشَ» أَيْ: لَا أَخْرَجَهُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي دَخَلَهُ، وَلا قَدِرَ عَلَى إِخْرَاجِهِ، وَنَقْشُ الشَّوْكَةِ: اسْتِخْرَاجُهَا، يُقَالُ: شَاكَهُ الشَّوْكُ يَشُوكُهُ: إِذَا أَصَابَهُ، وَشَاكَ يُشَاكُ: إِذَا دَخَلَ فِي الشَّوْكِ.

4060 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

ص: 262