الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّيْرَفِيُّ، نَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ، نَا أَبُو حُذَيْفَةَ، نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ، وَالْكَافِرُ عَلَى كُفْرِهِ»
بَابُ فِتْنَةِ الشَّيْطَانِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الْأَعْرَاف: 27]، وَقَوْلُهُ عز وجل:{فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الْأَعْرَاف: 22] أَيْ: قَرَّبَهُمَا إِلَى الْمَعْصِيَةِ بِغُرُورِهِ، وَقِيلَ: دَلاهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الأَرْضِ، وَقِيلَ: فَأَطْمَعَهُمَا، وَقِيلَ: فَجَرَّأَهُمَا، وَالأَصْلُ: دَلَّلَهُمَا مِنَ الدَّلِّ، وَهُوَ الْجُرْأَةِ.
وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ إِخْبَارًا عَنْ إِبْلِيسَ: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النِّسَاء: 119] قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: أَيْ دِينِ اللَّهِ يَعْنِي حُكْمَ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} [الْإِسْرَاء: 62] أَيْ: لأَقْتَادَنَّهُمْ إِلَى طَاعَتِي، يُقَالُ: احْتَنَكَ دَابَّتَهُ: إِذَا قَادَهَا، وَقِيلَ: لأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ بِالإِغْوَاءِ، يُقَالُ: احْتَنَكَ الْبَعِيرُ الصِّلْيَانَةَ: إِذَا اقْتَلَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا.
وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ} [الْإِسْرَاء: 64] أَيِ: اسْتَدْعِهِمُ اسْتِدْعَاءً تَسْتَخِفُّهُمْ بِهِ، وَقَوْلُهُ عز وجل:{وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الْإِسْرَاء: 64] جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ خَيْلَهُ كُلُّ رَاكِبٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَرجله: كُلُّ مَاشٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ عز وجل: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} [الْإِسْرَاء: 62]، قَوْلُهُ: أَرَأَيْتَكَ وَأَرَأَيْتَكُمْ: مَعْنَاهُ الاسْتِخْبَارُ، تَقُولُ: أَخْبِرُونِي، تَقُولُ: أَرَأَيْتَكَ وَأَرَأَيْتَكُمَا، وَأَرَأَيْتَكُمْ مَفْتُوحَةُ التَّاءِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، فَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى الرُّؤْيَةِ، قُلْتَ: أَرَأَيْتُ وَأَرَأَيْتُمَا وَأَرَأَيْتُمْ.
وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ} [
الْبَقَرَة: 169] أَيْ: بِمَا يَسُوءُكُمْ عَوَاقِبُهُ فِي مُنْقَلَبِكُمْ.
قَوْلُهُ تبارك وتعالى: {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} [الْأَنْعَام: 128] أَيِ: اسْتَنَفَعَ، وَاسْتِمْتَاعُ الإِنْسِ بِالْجِنِّ، اسْتِعَاذَتُهُمْ بِهِمْ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا سَافَرَ، فَنَزَلَ وَادِيًا قَالَ: أَعُوذُ بِرَبِّ الْوَادِي، وَاسْتِمْتَاعُ الْجِنِّ بِالإِنْسِ تَعْظِيمُهُمْ إِيَّاهُمْ حَيْثُ يَسْتَعِيذُونَ بِهِمْ، قَالَهُ الأَزْهَرِيُّ.
وَقَالَ سبحانه وتعالى: {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [الْبَقَرَة: 168] يَعْنِي: مَسَالِكَهُ وَمَذَاهِبَهُ، أَيْ: لَا تَسْلُكُوا الطُّرُقَ الَّتِي يَدْعُوكُمْ إِلَيْهَا الشَّيْطَانُ، وَوَاحِدُ الْخُطُوَاتِ: خُطْوَةٌ: وَهِيَ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ، وَالْخَطْوَةُ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، يُقَالُ: خَطَوْتُ خَطْوَةً، وَجَمْعَهَا خطوَات.
4208 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، وَقَامُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ
عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» .
فَقَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ
الشَّيْطَانُ مِنَ الشَّطْنِ: وَهُوَ الْبُعْدِ، وَيُقَالُ لِلْحَبْلِ الطَّوِيلِ: شَطْنٌ، سُمِّيَ بِهِ لِبُعْدِهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَطُولِهِ فِي الشَّرِّ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ:«يَبْلُغُ مَبْلَغَ الدَّمِ» ، وَيُرْوَى: يَجْرِي مَجْرَى الدَّمِ: أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ، لَا أَنْ يَدْخُلَ جَوْفَهُ، وَهُوَ مَثَلٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّحَرُّزِ عَنْ مَظَانِّ السُّوءِ، وَطَلَبِ السَّلامَةِ مِنَ النَّاسِ بِإِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ.
وَيُحْكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَافَ عَلَى الرَّجُلَيْنِ الْكُفْرَ، إِذْ لَوْ وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمَا رِيبَةٌ فِي أَمْرِهِ، لَكَفَرَا بِهِ، فَابْتَدَرَ إِلَيْهِمَا بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ شَفَقَةً عَلَيْهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
4209 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ، غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا» ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ:{وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمرَان: 36].
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ ، وَرَوَى سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صِيَاحُ الْمَوْلُودِ حِينَ يَقَعُ نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ»
4210 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَنَا جَدِّي
أَبُو سَهْلٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مِمَّا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، وَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنَّ كُلَّ مَا لِي نَحَلْتُهُ عِبَادِي، فَهُوَ لَهُمْ حَلالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، فَأَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، إِنَّهُمْ إِذَا يَثْلَغُوا رَأْسِي حَتَّى يَدعُوهُ خُبْزَةً، فَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَقَدْ أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يغسلهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ فِي الْمَنَامِ وَالْيَقَظَةِ، فَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ، وَأَنْفِقْ نُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَابْعَثْ جَيْشًا نَمْدُدْكَ بِخَمْسَةِ أَمْثَالِهِمْ، وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ.
ثُمَّ قَالَ: أَهْلُ الْجَنَّة ثَلاثَةٌ: إِمَامٌ مُقْسِطٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٌ، وَرَجُلٌ غَنِيٌّ عَفِيفٌ مُتَصَدِّقٌ، وَأَهْلُ
النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعٌ لَا يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ أَهْلا وَلا مَالا، وَرَجُلٌ لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلا ذَهَبَ بِهِ، وَالشِّنْظِيرُ الْفَاحِشُ، وَذَكَر الْبُخْلَ، وَالْكَذِبَ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ
قَوْلُهُ: «حُنَفَاءَ» جَمْعُ حَنِيفٌ مِنَ الْحَنَفِ، وَالْحَنَفُ: إِقْبَالُ إِحْدَى الْقَدَمَيْنِ عَلَى الأُخْرَى، فَالْحَنِيفُ: الصَّحِيحُ الْمَيْلِ إِلَى الإِسْلامِ، الثَّابِتُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الْحَنَفُ: الاسْتِقَامَةُ، وَقِيلَ لِلْمَائِلِ الرِّجْلِ: أَحْنَفُ تَفَاؤُلا بِالاسْتِقَامَةِ.
وَقَوْلُهُ: «فَاجْتَالَتْهُمْ» أَيِ: اسْتَخَفَّتْهُمْ فَجَالُوا مَعَهُ، يُقَالُ: اجْتَالَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ: إِذَا ذَهَبَ بِهِ وَسَاقَهُ، وَالْمَقْتُ: أَشَدُّ الْبُغْضِ، وَقَوْلُهُ:«يَثْلَغُوا رَأْسِي» أَيْ: يَشْدَخُوهُ كَمَا تُشْدَخُ الْخُبْزَةُ.
وَقَوْلُهُ: «أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ» أَيْ: لَا يَنْمَحِي أَبَدًا، بَل هُوَ مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ.
وَقَوْلُهُ: «تَقْرَؤُهُ فِي الْمَنَامِ وَالْيَقَظَةِ» ، أَيْ: تَجْمَعُهُ حِفْظًا وَأَنْتَ نَائِمٌ، كَمَا تَجْمَعُهُ وَأَنْتَ يَقْظَانُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: تَقْرَؤُهُ فِي يُسْرٍ وَسُهُولَةٍ
ظَاهِرًا، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الشَّيْءِ: هُوَ يَفْعَلُهُ نَائِمًا، كَمَا يُقَالُ: هُوَ يَسْبِقُهُ قَاعِدًا، وَالْقَاعِدُ لَا سَبْقَ لَهُ.
وَقَوْلُهُ: «لَا زَبْرَ لَهُ» أَيْ: لَا عَقْلَ لَهُ، وَالشِّنْظِيرُ: السَّيِّئُ الْخُلُقِ.
4211 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ» ، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَإِيَّايَ، إِلا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلا يَأْمُرُنِي إِلا بِخَيْرٍ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَقَالَ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ:«وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ» .
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: «فَأَسْلَمُ» مَعْنَاهُ: أَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ، وَالشَّيْطَانُ لَا يُسْلِمُ، وَقِيلَ: أَسْلَمَ أَيِ: اسْتَسْلَمَ، يَقُولُ: ذَلَّ.
4212 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا