الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ جَالِسٌ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخْشَى أَنْ يَنْقَلِبَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا» .
قَالَ الْحَسَنُ: مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ طُولِ الْحُزْنِ، وَقَالَ: مَا خَافَهُ إِلا مُؤْمِنٌ، وَلا أَمِنَهُ إِلا مُنَافِقٌ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: لَقَدْ مَضَى بَيْنَ أَيْدِيكُمْ أَقْوَامٌ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ أَنْفَقَ عَدَدَ هَذَا الْحَصَى، لَخَشِيَ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْ عِظَمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
وَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الْمُحَقَّرَاتِ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهَ وَقَدْ أَحَطْنَ بِهِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَفْرَقُ مِنْهَا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهَ آمِنًا» .
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ إِنْ عَمِلَ حَسَنَةً قَطُّ أَنْفَعَ لَهُ مِنْهَا، وَإِنَّهُ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ إِنْ عَمِلَ سَيِّئَةً قَطُّ أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْهَا.
وَكَانَ الْعَلاءُ بْنُ زِيَادٍ يَذْكُرُ النَّارَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟ قَالَ: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ وَاللَّهُ سبحانه وتعالى يَقُولُ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]، وَيَقُولُ:{وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غَافِر: 43] وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ لِمَنْ عَصَاهُ.
بَابُ الرَّجَاءِ وَسَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ عز وجل
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [
الْأَعْرَاف: 156]، وَقَوْلُهُ عز وجل:{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غَافِر: 7] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56].
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: «أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى، فَإِنْ عُصِيتُ فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ أَغْفِرَ» .
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ» .
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» .
4177 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: نَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ
قَوْلُهُ: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ» أَيْ: خَلَقَهُمْ، كَقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ} [فصلت: 12] أَيْ: خَلَقَهُنَّ.
4178 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِيُّ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفَقِيهُ، نَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، نَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ الْحِزَامِيِّ كِلاهُمَا، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: الْقَوْلُ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكِتَابِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ، إِمَّا الْقَضَاءَ الَّذِي قَضَاهُ وَأَوْجَبَهُ، كَقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] أَيْ: قَضَى اللَّهُ،
وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» أَيْ: فَعِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْقَ الْعَرْشِ لَا يَنْسَاهُ، وَلا يَنْسَخُهُ، وَلا يُبْدِلُهُ، كَقَوْلِهِ عز وجل، قَالَ:{عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} [طه: 52]، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْكِتَابِ: اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الْخَلْقِ، وَبَيَانُ أُمُورِهِمْ، وَذِكْرُ آجَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ، وَالأَقْضِيَةِ النَّافِذَةِ فِيهِمْ، وَمَآلُ عَوَاقِبِ أُمُورِهِمْ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «فَهُوَ عِنْدَهُ» أَيْ: فَذِكْرُهُ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ.
قُلْتُ: الأَوْلَى فِيهِ بِالْمَرْءِ وَفِي أَمْثَالِهَا إِمْرَارُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، كَمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا.
4179 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْكَرْكَانِيُّ الطُّوسِيُّ بِهَا، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، وَاحِدَةٌ بَيْنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِ فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا يَتَعَاطَفُ الْوُحُوشُ عَلَى أَوْلادِهَا، وَأَخَّرَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
4180 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، وَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
4181 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تحلب ثَدْيُهَا تَسْعَى إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا، وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلْنَا: لَا وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ:«اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ
4182 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ الْفَارِسِيُّ.
ح حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الأَصْبَهَانِيُّ بِالرِّيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصَابَ فِي الدُّنْيَا ذَنْبًا فَعُوقِبَ بِهِ فَاللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عُقُوبَتَهُ عَلَى عَبْدِهِ، وَمَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ
فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِي شَيْءٍ قَدْ عَفَا عَنْهُ»
4183 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ قَطُّ خَيْرًا لأَهْلِهِ: إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ، ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ، وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ اللَّهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَمْ فَعَلْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ، فَغَفَرَ لَهُ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ رَوْحٍ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِك
وَفِي رِوَايَةٍ: «لَمْ يَبْتَئِرْ خَيْرًا قَطُّ» ، يَعْنِي: لَمْ يُقَدِّمْ خَيْرًا، وَلَمْ يَدَّخِرْ، يُقَالُ: بَأَرْتُ
الشَّيْءَ وَابْتَأَرْتُهُ: إِذَا خَبَّأْتَهُ وَادَّخَرْتَهُ.
وَرَوَاه أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " أَنَّ رَجُلا كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالا، فَقَالَ لِبَنِيهِ: لَمَّا حُضِرَ ".
قَوْلُهُ: «رَغَسَهُ» ، أَيْ: أَكْثَرَ لَهُ مِنْهُ، وَبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَرَجُلٌ مَرْغُوسٌ، أَيْ: كَثِيرُ الْخَيْرِ، وَرَوَاهُ حُذَيْفَةُ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَ: كَانَ نَبَّاشًا.
4184 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ السُّكَّرِيُّ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ لِي الزُّهْرِيُّ: أَلا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ، فَقَالَ: إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَقَالَ: فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّهُ لِلأَرْضِ: أَدِّي مَا أَخَذْتِ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟
قَالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ، أَوْ قَالَ: مَخَافَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ "، قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ» ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: ذَلِكَ لِئَلا يَتَّكِلَ أَحَدٌ، وَلا يَيْأَسَ أَحَدٌ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَ مُحَمَّدٌ الْحَدِيثَ الأَوَّلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مَعْمَرٍ
قِيلَ فِي قَوْلِهِ: «لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي» مَعْنَاهُ: قَدَّرَ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّقْدِيرِ لَا مِنَ الْقُدْرَةِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى فِي قِصَّةِ يُونُسَ:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الْأَنْبِيَاء: 87]، قِيلَ: هُوَ مِنَ التَّقْدِيرِ، أَيْ: لَنْ نُقَدِّرَ عَلَيْهِ بَلاءً وَعُقَوبَةً، وَهُوَ مَا قَدَّرَ مِنْ كَوْنِهِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، يُقَالُ: قَدَرَ وَقَدَّرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَلَيْسَ مِنَ الْقُدْرَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ، مِنْ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الْفجْر: 16] أَيْ: فَضَيَّقَ.
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ فَلَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهُ فَلَعَلِّي أَفُوتُهُ» ، يُقَالُ: ضَلَّ الشَّيْءَ: إِذَا فَاتَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {
فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} [طه: 52] أَيْ: لَا يَفُوتُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَعَلَّ مَوْضِعِي يَخْفَى عَلَيْهِ.
فَإِن قِيلَ: كَيْفَ غَفَرَ لَهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلْبَعْثِ؟ قُلْنَا: لَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا لِلْبَعْثِ، وَلَكِنْ كَانَ يَفْعَلُهُ مِنْ خَشْيَةِ الْبَعْثِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ جَاهِلا ظَنَّ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ تُرِكَ فَلَمْ يُنْشَرْ وَلَمْ يُعَذَّبْ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ تُنَجِّيهِ مِمَّا يَخَافُهُ.
4185 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا، ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: أَلَهُ تَوْبَةٌ؟ قَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، وَجَعَلَ يَسْأَلُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي، وَأَوْحَى إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، وَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا، فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ، فَغُفِرَ لَهُ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ أَيْضًا
4187 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ التُّرَابِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَمَوِيُّ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ، نَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، نَا حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالُوا: نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلا يُبَالِي» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا يُعْرفُ إِلا مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ
4188 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، نَا ضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، فَنَادَانِي شَيْخٌ، فَقَالَ: يَا يَمَامِيُّ تَعَالَ، وَمَا أَعْرِفُهُ، فَقَالَ لَا تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَدًا، وَلا يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَمَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ ،
قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لِبَعْضِ أَهْلِهِ إِذَا غَضِبَ، أَوْ لِزَوْجَتِهِ، أَوْ لِخَادِمِهِ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ رَجُلَيْنِ كَانَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَحَابَّيْنِ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ، وَالآخَرُ كَأَنَّهُ يَقُولُ: مُذْنِبٌ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَقْصِرْ أَقْصِرْ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ، قَالَ: فَيَقُولُ خَلِّنِي وَرَبِّي، قَالَ: حَتَّى وَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ: أَقْصِرْ، فَقَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيْنَا رَقِيبًا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَدًا، وَلا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا، قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكًا، فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، وَقَالَ لِلآخَرِ: أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَحْظُرَ عَلَى عَبْدِي رَحْمَتِي، فَقَالَ: لَا يَا رَبِّ، قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ "، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ
4188 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ
الْحَجَّاجِ، نَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، نَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ جُنْدَبٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَ، أَنَّ رَجُلا قَالَ: " وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ، وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ:«مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنِّي لَا أَغْفِرُ لِفُلانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» ، أَوْ كَمَا قَالَ
4189 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخِرَقِيُّ ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ مَوْلَى حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُصُّ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ:" {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرَّحْمَن: 46] "، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" الثَّانِيَةَ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرَّحْمَن: 46] "، فَقُلْتُ الثَّانِيَةَ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الثَّالِثَةَ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرَّحْمَن: 46] فَقُلْتُ الثَّالِثَةَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاءِ»
4190 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالُ، أَنَا أَبُو مَسْعُودٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الْخَطِيبُ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، نَا أَبُو قِلابَةَ، نَا أَبُو عَاصِمٍ، نَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{إِلا اللَّمَمَ} [النَّجْم: 32]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمًّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ
قَوْلُهُ «جَمًّا» أَيْ: كَثِيرًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل:{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الْفجْر: 20] أَيْ: كَثِيرًا، قَوْلُهُ:«لَا أَلَمَّا» أَيْ: لَمْ يُلِمُّ بِمَعْصِيَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل:{إِلا اللَّمَمَ} [النَّجْم: 32] وَهُوَ أَنْ يُلِمَّ بِذَنْبٍ ثُمَّ لَا يُعَاوِدُهُ، وَ «لَا» مَعَ الْمَاضِي بِمَنْزِلَةِ «لَمْ» مَعَ الْمُسْتَقْبَلِ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [الْبَلَد: 11] أَيْ: لَمْ يَقْتَحِمْ،